اتفق مع قيادة تقدم لإتخاذهم موقف هو بمثابة " منزلة بين المنزلتين"، أو إختيارهم الوقوف بالمنطقة الرمادية، وهو الوصف الذي يطلقه بعض من ينتقد مواقف تقدم الغير منحازة لأي طرف من الأطراف فيما يتعلق بالحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع، وذلك رغم محاولات الفلول المتكررة بإتهامهم بالانحياز إلي قوات الدعم السريع.
إعتقادا جازما بأن الجيش تحت سيطرة التمكين الكيزاني يمثل الشر المطلق في معادلة الحرب والسلام في السودان.
ولكني لا أطلق احكام نهائية علي الدعم السريع بل اشير فقط إلي الموقف النظري المضطرب للدعم السريع واتحفظ مثل الكثير غيري علي تاريخ الدعم السريع اثناء خدمته البشير ، بيد أن السؤال المهم هنا الذي قد يتبادر إلي الذهن هو:
هل حدث تحول فعلا للدعم السريع ، وهل قيادته أقرب فعلا إلي الحرص علي وقف الحرب واقامة نظام مدني ؟
الاجابة وبكل تحفظ : يجوز.
لكن من عيوب قوات الدعم السريع أنها لم تحدث قطيعة كاملة مع ثقافة النهب التي ساعدت عليها الحياة الرعوية من جهة و " فقه الغنيمة" الذي أجازه برلمان الكيزان من جهة ثانية.
عدم القدرة علي احداث هذه القطيعة change of culture لصالح الانضباط العسكري وبلورة حس قومي ومهني ، هو ما أضاع علي قيادة الدعم السريع فرصه تاريخية في كسب افئدة المواطنين.
ويبدو أن الدعم السريع قد تبني الموقف النظري لما عرف ب " مشروع السودان الجديد " وضرورة القضاء علي دولة ٥٦ ، لكن ذلك المشروع يكتنفه الغموض ومشاكل الإفتقار إلي الحس والممارسة الديمقراطية، وقد زاد الأمر تعقيدا العلاقات والترابية العسكرية التي تسود المنظومه، وهي تجربة كنا قد شهدناها عند الحركة الشعبية التي إنتهت بتبني خيارات الإنفصال.
الواجهات الاعلامية للدعم السريع او ممثليها، تعتبر قيادات غير متجانسة في الحد الأدنى من مواقفها وتصوراتها ، فالربيع عبد المنعم في بريطانيا علي سبيل المثال ، أقرب إلي الإسلاميين منه إلي مشروع السودان الجديد ومن الواضح أن إنخراطه في العمل الإعلامي لصالح الدعم السريع يقوم علي خصائص "العنصرية المضادة discrimination Reverse"، أي علي "الهوية" وليس علي " حقوق المواطنة" وإن لم يصرح هو بذلك علانية. كما يجب أن لا يفوت علينا بغضه الشديد للقوي المدنية خاصة تقدم ومن قبلها قد ح ت!!
من ناحية ثانية فإن يوسف عزت الماهري يعتبر نقيض له. والماهري رجل مهذب ومطلع وشجاع مافي ذلك شك ، ولكن من خلال متابعته ومعرفتي المحدوده بانشطته وتجربته السياسية، فإن الرجل يميل إلي قيم العدالة الاجتماعية اكثر من ميله الي قضايا الحريات علي الرغم من أنه يمتاز علي الآخرين في قيادات العمل الإعلامي للدعامة،في أنه لا يحتقر العمل السياسي المدني مثل الربيع مثلا، ويبدو أنه يؤمن بالتواصل والحوار العقلاني في سبيل تحقيق المصلحة العامة في مواجهة القوة العسكرية والمال، وذلك وبعكس الربيع الذي ظل يستبطن ما معناه أن القوي المدنية مجرد " معارضة فنادق " وبالتالي فهو يعتقد، ضمنا، انه لا يحق لها المشاركة في صياغة مستقبل البلاد والذي يجب أن يترك لتقديرات الدعم السريع بعد دحرها لجيش الفلول.
اعتقد إن المواقف الحالية ل " تقدم " سليمة لأن خيار الاسترتيجية التفاوضية هو الأفضل في سعيها إلي وقف الحرب.
اواصل
طلعت محمد الطيب
talaat1706@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
د. منجى على بدر يكتب: الدعم النقدى والمواطن
تناولت معظم وسائل الإعلام وأصحاب الفكر والسياسة والاقتصاد، خلال الفترة الماضية، قضية تحويل الدعم العينى إلى دعم نقدى، واختلفت الآراء، وإن كان الميزان يميل لصالح تفضيل الدعم النقدى على الدعم العينى، ولكن لم نمنح الفرصة الكاملة للمواطن المصرى لكى يعبر عن رأيه، وهو المقصد والمبتغى لحسم النقاش حول الأفضلية للدعم النقدى أو العينى.
ودون الدخول فى تفاصيل سوف يرجِّح معظم الاقتصاديين الدعم النقدى، وكذا قطاعات من المجتمع، لأهميته فى المعاونة بسرعة الوصول للشمول المالى والرقمنة وزيادة وعى وتعامل المواطنين مع الجهاز المصرفى وقلة تكاليفه الإدارية وتجنب الفساد ومنح حرية اتخاذ القرار للمواطن، وأيضاً زيادة وعى المواطن بأهمية مرحلة الانطلاق التى يمر بها الاقتصاد المصرى حالياً لإعداد المواطن بشكل مناسب للتحديات المستقبلية، خاصة جوانبها التكنولوجية، ونرى أن التعايش مع متطلبات المستقبل يحتاج أدوات جديدة ترتكن على بنية تحتية متكاملة من كافة الوجوه.
إن القيمة التى سيتم تقديرها ستكون وفقاً لنصيب المواطن من الدعم المخصص للسلع التموينية ودعم الكهرباء والمواد البترولية، وهى خطوة تأخرت بسبب حجم فواقد الدعم العينى وعدم وصوله كاملاً للمستحقين، كما أن للتحول للدعم النقدى فوائد اقتصادية وللمواطن أيضاً، ويمثل الدعم النقدى أهمية كبيرة لتقليل الأعباء على الموازنة العامة للدولة.
ونشير لضرورة توعية المواطن بأهمية التحول للدعم النقدى وشرح فوائده وبيان عيوبه مع ضرورة توفير قاعدة بيانات دقيقة للمستحقين للدعم النقدى، ومن مزايا منظومة الدعم النقدى أنها تتضمن رفع وصاية الدولة على المواطن، ومنحه الحق فى اختيار السلع الخاصة باحتياجاته، إضافة إلى مواجهة الفساد فى تطبيق منظومة الدعم العينى، وأهمها وجود سعرين مختلفين للسلعة الواحدة.
إن توفير النقود للفقراء مطلب عادل ويلبّى احتياجاتهم التى لا يحق لأحد أن يفرض وصاية عليها أو يحدد لهم أولويات إنفاقهم، ولكن الدولة أيضاً يجب أن يكون لها أولويات فيما يتعلق بالأمن الغذائى للمجتمع وتحديد مستهدفاته، لينعكس إيجاباً على الصحة العامة للمواطنين، ويقلل من فاتورة الرعاية الصحية لاحقاً.
ونوضح أنه فى المرحلة الأولى للتحول للدعم النقدى يكون الدعم بصرف كوبونات لشراء ما يحتاجه المواطن من محلات تعطى فاتورة للمستهلك عند الشراء، ومن ثم ننشط قطاع الاقتصاد الرسمى من جهة ونشجع القطاع غير الرسمى على الانضمام للقطاع الرسمى من جهة أخرى.
ونؤكد أنه قبل اتخاذ قرار التحوُّل إلى الدعم النقدى، يجب أن يكون الهدف هو التحسين والتطوير لمنظومة الدعم وصولاً للعدالة الكاملة، وأن الأمن الغذائى هو عامل مهم من عوامل الأمن القومى، والدول التى تدعم المنتجات الغذائية فى العالم كثيرة، وهناك عدد من التجارب الآسيوية لدعم المنتج الغذائى الضرورى، وتمتلك الهند شبكة كبيرة من المنافذ التى تقدّم منتجات غذائية مدعّمة للمواطنين، لأن الغذاء المتوازن هو عنصر مهم للصحة العامة فى المجتمع، ووقاية ضد الأمراض للصغار والكبار وتحسين إنتاجية العامل فى الأجل الطويل.
كما نرى ضرورة توافر مجموعة من الضوابط لإنجاح التحول للدعم النقدى تتضمن تحديد فئة المستحقين للدعم ومَن سيحصل عليه هل الأسرة أم كل فرد على حدة؟ وتحديد قيمة الدعم، وهل سيتم ربط القيمة النقدية بمعدل التضخم؟ مع ضرورة تشكيل لجنة من الحكومة والمجتمع المدنى لمراجعة قيمة الدعم بشكل دورى، طبقاً لتطور أسعار السلع الأساسية فى الأسواق. وحول آليات حساب قيمة الدعم النقدى سيتم تقديرها وفقاً لنصيب الفرد من الدعم المخصص للسلع التموينية ودعم الكهرباء والمواد البترولية.
وقد يُرى دراسة تجارب الدول التى طبقت منظومة الدعم النقدى، حيث إن معظم الدول التى شهدت إصلاحات اقتصادية هيكلية طبقت الدعم النقدى، مثل تركيا والبرازيل والهند، ويمكن الاستعانة بخبرات مكاتب التمثيل التجارى فى هذا الشأن.
ونظراً لفوائد منظومة الدعم النقدى، فقد يُرى أن تعلن الحكومة فى أقرب فرصة عن ذلك بمنتهى الوضوح فى التحول للدعم النقدى بحيث تقوم وزارة التنمية المحلية بكل أدواتها وأجهزتها فى المدن والقرى بإعداد استقصاء رأى للمواطنين فى هذا الشأن، وكذا الأحزاب المصرية، ويتم رفع البيانات إلى الجهة التى ستدرس نتائج الاستقصاء على المستوى القومى تمهيداً للتنفيذ اعتباراً من الموازنة المقبلة 2025/2026 أو بداية من 1 يناير 2026 لتجنب مزايدات البعض فى الانتخابات البرلمانية فى نوفمبر المقبل.
* الوزير المفوض
وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة