الخرطوم – العرب: تصاعد النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بعد اندلاع أعمال العنف في أبريل 2023. ويدور قتال عنيف في العاصمة السودانية الخرطوم وأم درمان المجاورة وأماكن أخرى، بما في ذلك دارفور.

ويرى السنوسي آدم، الباحث في مشروع التقييم الأساسي للأمن البشري في مسح الأسلحة الصغيرة، أنه بينما تستمر جهود الوساطة في التعثر، فإن القوتين مسلحتان بما يكفي للحفاظ على صراع طويل الأمد ومن غير المرجح أن يتمكن أيّ منهما من الإطاحة بالآخر.



ويحتل السودان المرتبة الثانية بين جيرانه الإقليميين من حيث إجمالي تقديرات الأسلحة النارية، حيث يصل مجموع الأسلحة النارية بين المدنيين وقوات الأمن إلى أكثر من ثلاثة ملايين، فيما تأتي مصر، الجارة الشمالية للسودان، في المرتبة الأولى على قائمة حيازات الأسلحة النارية المقدرة لدول المنطقة.

وتقع الغالبية العظمى من هذه الأسلحة النارية في أيدي المدنيين، ما يسلط الضوء على الخطر الكبير المتمثل في تزايد العنف داخل السودان مع استمرار الصراع.

وتستخدم القوتان السودانيتان أساليب قتال متناقضة بشكل لافت للنظر. ويكمن تفوق الجيش في قوته الجوية وترسانته الثقيلة على الأرض، في ما تعتمد قوات الدعم السريع على وحدات متنقلة رشيقة ومجهزة في المقام الأول بأسلحة صغيرة وخفيفة. وفي حين أثر الاستيلاء على ساحة المعركة وفقدان مخازن الأسلحة على المجموعتين، فمن غير المرجح أن يعاني أيّ منهما من نقص شديد في الإمدادات.

ويبلغ تعداد الجيش السوداني ما يزيد عن 120 ألف جندي في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى آلاف آخرين في الاحتياط. ويأتي مجندوه في المقام الأول من أطراف البلاد، في حين تتألف قيادته إلى حد كبير من نخب من منطقة النيل الوسطى.

◙ الحاجة الأكثر أهمية تتمثل في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار حتى تتمكن المساعدات الطارئة من الوصول إلى الأشخاص الذين هم في أمسّ الحاجة إليها

وتتعزز قدرة الجيش بقوته الجوية وتدعمه الدبابات القتالية وغيرها من مركبات المشاة المدرعة. وفي الأسابيع الماضية، أفادت التقارير أن القوات المسلحة السودانية استولت على عدة قواعد تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

ومع ذلك، فقد اجتاحت قوت الدعم السريع أيضًا بعض مخازن الأسلحة التابعة للجيش ومنشآت تصنيع المعدات العسكرية، كما استولت قواتها على معدات عسكرية في ساحة المعركة. وتضم قوات الدعم السريع أكثر من 75 ألف مقاتل، ينحدر معظمهم من إقليم دارفور في أقصى غرب البلاد، كما تتلقى القوة دعما من مجندين إضافيين في شمال وشرق السودان.

ويعتمد مقاتلو قوات الدعم السريع في الخرطوم – التي شهدت قتالا أكثر استدامة وتركيزاً – على الأسلحة الصغيرة والمدافع الرشاشة الثقيلة للسيطرة على المطار والمباني الحكومية. وفي حين أن أياً من الطرفين غير معتاد على القتال داخل المراكز الحضرية، فإن مثل هذا الوضع يفضل القوات البرية “السريعة” الأكثر مرونة التابعة لقوات الدعم السريع.

وفي غياب وقف إطلاق النار، من المرجح أن تظل قوات الدعم السريع متحصنة في المدينة بسبب الحماية المادية التي توفرها، وتجنب المخاطرة بشن هجوم جوي للقوات المسلحة السودانية في المناطق المفتوحة.

ومع ذلك، فإن استخدام قوات الدعم السريع لمركبات المشاة والأسلحة المضادة للطائرات في المناطق السكنية المكتظة في الخرطوم قد أثار نيراناً جوية. وقد أدى ذلك إلى مقتل مقاتلين شبه عسكريين ومدنيين على حد سواء. ويمتلك مقاتلو قوات الدعم شبه العسكريين وفرة من البنادق من طراز AK وأسلحة أكثر تطوراً من العيار الثقيل.

ويرجح آدم أنه في ضوء توازن القوى العسكرية من الصعب تصور طريق لإسكات الأسلحة في السودان دون مشاركة ذات معنى من المجتمع المدني وإشراك القيادة السياسية المدنية.

وفي الوقت الحالي، تتمثل الحاجة الأكثر أهمية في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار حتى تتمكن المساعدات الطارئة من الوصول إلى الأشخاص الذين هم في أمسّ الحاجة إليها وعندها فقط يصبح من الممكن الاهتمام بالانتقال إلى ما هو أبعد من سياسات القوة الممزقة في السودان.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الأسلحة الناریة

إقرأ أيضاً:

السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟

قبل معارك منطقة «جبل موية» بولاية سنار جنوب شرقي السودان خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لم تكن «قوات الدعم السريع» قد خسرت معركة كبيرة منذ بداية الحرب في أبريل (نيسان) 2023.

اقرأ ايضاًفيديو.. اشتباكات ومواجهات عنيفة بين عائلات أسرى إسرائيليين ورجال الأمن

لكن خسائرها توالت بعد استعادة الجيش تلك المنطقة الاستراتيجية، وتراجعت مناطق سيطرتها تدريجياً في وسط وشرق البلاد، كما أصبح وجودها في العاصمة الخرطوم مهدداً. فهل تعني انتصارات الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وتراجعات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أن حرب «الجنرالَين» على وشك الانتهاء؟

يؤكد الجيش أنه حقق انتصارات كبيرة وألحق هزائم فادحة بـ«قوات الدعم السريع»، متوعداً باستمرار الحرب حتى القضاء عليها تماماً. من جانبها، تنفي «قوات الدعم السريع» تعرضها لهزائم، وتؤكد أنها انسحبت من المناطق التي دخلها الجيش من دون معارك، وذلك بسبب «تكتيكات قتالية جديدة»، مشيرة إلى عدم استطاعة الجيش توثيق الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد التي يتحدث عنها.

ولُحظ أن «قوات الدعم السريع» المنسحبة تتوجه إلى إقليمي دارفور وكردفان حيث الحاضنة الاجتماعية لتلك القوات، فيما يقول متحدثون باسمها إن «المناطق التي انسحبنا منها، انتزعناها من الجيش انتزاعاً في الأشهر الأولى من الحرب. احتفظنا بها لأكثر من عام ونصف العام، ثم تركناها برغبتنا، ونستطيع انتزاعها مرة أخرى متى ما أردنا ذلك». لكن مؤيدي الجيش يرون أن المعركة أوشكت على النهاية، بينما يؤكد مراقبون مستقلون أن «نهاية الحرب لا تزال بعيدة».

استراتيجية جديدة

ويقول المحلل السياسي، الجميل الفاضل، إن تقدم الجيش ليس سوى «جولة من جولات الحرب التي لا تبدو لها نهاية قريبة»، موضحاً أنه «من المتوقع أن تتخذ الحرب طابعاً أكثر عنفاً ودموية، لكن ليس في المناطق التي استردها الجيش، بل في مناطق رخوة في خاصرة الحاضنة الشعبية للجيش».

وأشار الفاضل إلى التصريح الأخير من قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو، الذي طالب فيه قواته بعدم التأثر بفقدان بعض المناطق مؤخراً، وأنه ينبغي عليهم التركيز على مناطق جديدة سيسيطرون عليها. وأضاف الفاضل: «يبدو أن (قوات الدعم السريع) ستتبع استراتيجية جديدة، تتخلى فيها عن تكتيك الانتشار الواسع في البلاد. كما أن هجمات المسيّرات خلال الفترة السابقة تشير إلى مناطق المعارك المرتقبة، فبينما تتراجع في الخرطوم، نشهد تقدمها في مناطق أخرى غرب البلاد بالاشتراك مع (قوات عبد العزيز الحلو)».

وتوقع عدد من المحللين أن تنتقل الحرب من العاصمة إلى أقاليم غرب البلاد، وأن «تتخذ شكلاً أعنف إذا تم تشكيل حكومة موازية في تلك المناطق، وإدخال أسلحة نوعية وإضافة إمكانات حربية جديدة، مما سيغير من خريطة الحرب على الأرض».

معارك العاصمة

ميدانياً، تدور معارك «كسر عظم» في مدن العاصمة المثلثة - الخرطوم وأم درمان وبحري - حيث يحقق الجيش تقدماً لافتاً، ففي منطقة شرق النيل بمدينة بحري، يقترب الجيش وحلفاؤه من جسر «المنشية» الرابط بين شرق النيل ووسط مدينة الخرطوم، بعد أن استعاد معظم منطقة «الحاج يوسف»؛ وهي من أهم معاقل «قوات الدعم السريع» منذ بداية الحرب.

غير أن حدة المواجهات انخفضت في الخرطوم وأم درمان مع بداية شهر رمضان المبارك، فقد تراجعت العمليات في معظم خطوط التماس بين الطرفين المتحاربين، وبقيت مناطق السيطرة كما هي دون تغيرات كبيرة. ويقول شهود إن الجيش ما زال يسيطر على أحياء في جنوب غربي الخرطوم حتى جسر «الحرية» والمنطقة الصناعية، بينما لا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على أحياء أخرى في جنوب الخرطوم؛ بما فيها القصر الرئاسي ومنطقة «جنوب الحزام»، ومقر القيادة الاستراتيجية التابعة للجيش و«مطار الخرطوم»، والجزء الشرقي من مقر القيادة العامة للجيش.

وفي أم درمان، وسع الجيش من مناطق سيطرته لتشمل بعض الأحياء الجنوبية والغربية من المدينة، خصوصاً منطقتَي أم بدة والفتيحاب، لكن المعارك على حدود المنطقتين تحوّلت إلى كر وفر، من دون تقدم لمصلحة أحدهما.

معارك الغرب

اقرأ ايضاًحماس وإسرائيل.. هل تستأنف المفاوضات أم الحرب؟

أما في شمال إقليم كردفان بوسط غربي البلاد، فقد حقق الجيش انتصارات باستعادة السيطرة على مدينتَي أم روابة والرهد، وتمكن من الوصول إلى أطراف مدينة الأُبيّض؛ كبرى مدن الإقليم، وفتح الطريق البرية الرابطة بينها وبين وسط البلاد. إلا إن الجيش مُني بهزيمة كبيرة حين حاول التقدم شرقاً باتجاه مدينة بارا، وأعلنت «قوات الدعم السريع» أنها «دحرت القوات المهاجمة وألحقت بها هزائم كبيرة في الأرواح والعتاد»، ولم يصدر تعليق من جانب الجيش.

وتأثرت العمليات العسكرية في ولاية النيل الأزرق بالتحالف الذي نشأ بين «قوات الدعم السريع» وقوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار عبد العزيز الحلو»، فقد استطاعت القوتان معاً السيطرة على عدد من مناطق الولاية المتاخمة لجمهورية جنوب السودان، وأصبحت القوات المشتركة بينهما تهدد حاضرة الولاية؛ مدينة الدمازين.

ووقّعت قوى سياسية وحركات مسلحة، على رأسها «حركة عبد العزيز الحلو»، مع «قوات الدعم السريع» في 22 فبراير (شباط) بالعاصمة الكينية نيروبي، ميثاقاً سياسياً يهدف إلى توحيد العمل السياسي والعسكري ضد الجيش وحلفائه من أنصار النظام السابق، بالإضافة إلى تشكيل حكومة في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»؛ لمنافسة الحكومة التي يقودها الجيش وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

Via SyndiGate.info


Copyright � Saudi Research and Publishing Co. All rights reserved.

عمر الزاغ

محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي. ‎

الأحدثترند السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟ قيادي في حماس: هذه الطريق الوحيد لنتنياهو لاستعادة أسراه إحالة روان بن حسين للقضاء بـ 3 تهم صادمة أردوغان: نتنياهو يماطل وإسرائيل غير ملتزمة.. وتطورات بشأن المفاوضات انفجار قرب مرفأ طرطوس.. وغارات إسرائيلية في محيط المدينة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟
  • الخارجية السودانية تندد بالمساعي الكينية لاحتضان حكومة موازية بقيادة “الدعم السريع”
  • ثالث دولة عربية تعلن رفضها دعوات تشكيل حكومة موازية فى السودان للدعم السريع
  • لماذا تحتضن نيروبي مشروع حكومة الدعم السريع؟
  • شهادات ميدانية: الدعم السريع ترتكب أعمال قتل ونهب بالفاشر
  • ثاني دولة عربية تعلن رفضها تشكيل حكومة سودانية موازية بقيادة الدعم السريع
  • الجيش السوداني يتقدم أكثر باتجاه العاصمة و مقتل 10 من مليشيات الدعم السريع
  • مقتل 10 من الدعم السريع والجيش يتقدم في محاور القتال شرقي الخرطوم
  • الجيش السوداني يقصف مواقع الدعم السريع في الخرطوم وشمالي الأبيّض
  • البرلمان البريطاني من ونستون تشرشل إلى سليمان صندل