السودان: إنقاذ ما لا يمكن إنقاذه
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
السودان: إنقاذ ما لا يمكن إنقاذه
ناصر السيد النور
لم تعد الأزمة السودانية التي خلقتها الحرب ـ المستمرة – تلقى اهتماماً يجدر بما وصلت إليه من كوارث مهولة، بدا وكأنها عصية على الحل، وفي الوقت نفسه يواصل طرفاها قوات الجيش والدعم السريع القتال، بكل ما تتيحه وسائل الحرب. والاهتمام المفترض هو ما يعول عليه ضحاياها بالمعنى الإنساني، في إنهاء معاناتهم الإنسانية كأكثر الأطراف تضررا من الحرب، أو بما تشكله من تهديد وخطر داهم، لا يتوافق ومنظومة الأمن الإقليمي والدولي هذا إذا حسن الظن بالوثوق بما تقوله ـ من دون أن تنفذه غالبا- مؤسسات معنية بالسلم والأمن الدوليين، ممثلة بالأمم المتحدة ومجلس أمنها الدولي، أو مؤسسة إقليمية من جامعة عربية واتحاد افريقي، بإمكانياتهما المحدودة، وموقفهما المتردد في التعامل مع أطراف الأزمة وضحاياها.
وما يلفت الانتباه مؤخراً، تكرار التحذيرات الصادرة عن كل الهيئات الدولية الإنسانية، بما سيؤول إليه الوضع في السودان، نتيجة لحرب وحشية، وما أحدثته من حالات إنسانية في النزوح واللجوء، وسقوط ضحايا دون حصر، ومؤخراً المجاعة الوشيكة. ويتزامن هذا مع وصف يبعث على الإحباط، باعتبارها أسوأ كارثة يشهدها العالم في الألفية الثالثة، وتقع الكارثة السودانية ضمن خريطة صراعات العالم، أو البؤر الملتهبة (غزة، وأوكرانيا) في موقع تتقاطع معه قوى الصراع الدولي، والوزن الاقتصادي والتأثير السياسي، وأخيراً الموقع الاستراتيجي.
وقد كتب حازم صاغية الكاتب اللبناني مؤخراً «ما من شكّ في أنّ بيننا عنصريّين تصدّهم عن الاهتمام بالسودان أفريقيّتُه، واللون الأسمر لبشرة سكانه. لكنْ في بيئات ثقافية قد لا يصح فيها هذا الوصف، يبدو التجاهل أعقد وأشدّ مواربة. ذاك أنّ أحوال السودان تشكّل فضيحة لوعي تلك البيئات، التي غالباً ما اعتبرت أنّ النزاعات والصراعات لا تستحقّ صفتها هذه، ناهيك عن الاهتمام بها، ما لم تكن نتاج اصطدام بطرف غربيّ وأجنبيّ، وأنّ الضحايا بالتالي لا يكونون ضحايا ما لم يقتلهم هذا الطرف بعينه». وهذا الوصف ربما يصدق وربما وافق واقع حال السياسات العربية، بل قبل ذلك النظرة العربية لدول الجامعة العربية التي تعاني في تعريف هويتها عربياً كدول في هامش المحيط العربي كالصومال وموريتانيا، إذ تُعامل من حيث موقعها الجغرافي من الخليج إلى المحيط، من دون اعتراف بالقواسم المشتركة، وأولها البعد الثقافي والعنصري. والواقع أن التأثير العربي في الأزمة السودانية لا ينكر وجوده، ولكنه على الجانب الذي لا يرغب فيه السودانيون. فقد اتهم سفير السودان هذا الأسبوع في جلسة مجلس الأمن، دولة الإمارات صراحة بدعم قوات الدعم السريع، وطالبها بالتوقف عن التدخل في دعم أحد طرفي الصراع، واعتبرها سفير الإمارات في رده على الاتهامات، سخيفة. فأدخلت الحرب العلاقات الدبلوماسية بين السودان ومحيطه العربي في أزمة ذات بعد آخر، من دون أن تصل إلى موقف الخطر لأسباب معلومة. والحرب بطبيعة الحال أصبحت جاذبة لتدخلات متفرقة مثلها مثل حروب أخرى.
أما الداخل الذي ترك ليواجه مصيره تفتك به معارك الطرفين، من دون تمييز في مستوى الدمار والخراب في وتيرة معارك متصاعدة، لا ينتظر منها نتيجة حاسمة، إلا في حدود ما تقتل من مدنيين. ومن دون تدخل مطلوب، إقليماً أو دولياً، ازدادت قوى الطرفين شراهة في حربها، وفي حجم الانتهاكات المرتكبة. وقد لا تنتظر الأزمة السودانية حلولا ما بعد الحرب، كإعادة الإعمار والمصالحة الوطنية، وما إليها مما يؤمل أن تعيد الأمور إلى نصابها، وهذه الرؤية الرغبوية، التي يأمل فيها السودانيون تبدو، مع واقع الظروف الحالية، بعيدة عن التحقق، وأعقد مما تسمح به الإمكانيات المتاحة. فما الذي يمكن أن ينقذ، خاصة أن الأزمة السودانية أصبحت مركبة تداخلت فيها المؤثرات ومجريات الأحداث، بما دفع بها بعيداً نحو المجهول، وتأخرت بالتالي معالجة جزئياتها، ما زاد من تعقيدها. فاقتصاد البلد الفقير قد أوصلته الحرب إلى ما يتعدى البيانات والأرقام الإحصائية، إلى مرحلة صفرية، مع انهيار في العملة وارتفاع في التضخم، وما انسحب جراء ذلك من تعطل الحياة والأنشطة الاقتصادية، وسكان يعانون شظف العيش، وبحاجة إلى مساعدات وكل ما يتأتى من الخارج في مواجهة مجاعة هي الأسوأ من نوعها أيضا وفق التقديرات الدولية. ولأن الحرب ألحقت ضرراً بليغاً بالبنية التحتية على رثاثتها، وتشمل المؤسسات الاقتصادية القائمة وخروج الاقتصاد السوداني عن مسار اقتصاد الدولة، التي فقدت أصولها وممتلكاتها، أسوة بممتلكات المواطنين؛ فإن ما ينتظر إصلاحه اقتصادياً سيحتاج إلى عقود، فإذا كان الانهيار الاقتصادي الذي يؤثر في سردية الحرب، ويعيد على ضوء نتائجه الفادحة المباشرة صياغة ملامح البلاد من جوانبها كافة، فإن السياسة التي قادت بطرق ممارستها من قبل الساسة للحرب نفسها وبعثت التشوهات السياسية في منظومة الحكم والدولة، ما يعني عملياً بروز نمط آخر لساسة وإدارة السياسة، وفق وضعية مغايرة مضادة لتقاليدها التاريخية ورموزها السياسية، ولأن الحرب أخطر ما أحدثه الانقسام المجتمعي في التصنيف الجهوي والقبلي لمنظومات الدولة الضاربة، كالجيش وبقية التحالفات العسكرية، تكون الأزمة السودانية قد دفعت إلى الوجود بلداً مقسماً وفق نتائج الحرب.
إزاء هذا الوضع السياسي الغامض والمربك يصعب التنبؤ بما يمكن أن تنقذه السياسة تسوية أو على فرضية إطار سياسي جامع، يستدعي أشكال الحلول والتوافقات السياسية على ما درج عليها ممارسو السياسية السودانية. فالعودة إلى الخريطة التقليدية للمكونات السياسية بأحزابها ونقاباتها وتكتلاتها في اليمين واليسار، خضعت لمناورات الحرب، وتغيرت قواعد اللعبة فيها بين سياسة حرب تعبر عنها حكومة عسكرية، تمثل طرفاً رئيسياً في الحرب، والمدنيين الذين يمثلون الجانب السياسي الرافض لاستمرار الحرب. وهنا تبدو المساحة متباعدة بين جميع الأطراف، ما يضع الواجهات السياسية في موقف حرج لغياب الإرادة الوطنية السياسية، خاصة أن المكونات السياسية المدنية تصنف بالذراع السياسي لقوات الدعم السريع. وهو تصنيف يلقي ظلالا سالبة عليها، على الرغم من الغرض والدعاية التي تقف وراءه، وهذه القوات التي يقاتلها الجيش زادت من حدة تعقيد المعادلة السياسية والعسكرية الاجتماعية في البلاد. ويزيد من مستوى الانهيار السياسي عدم التنسيق في المواقف، وأحياناً الموقف من الحرب نفسها، فلا تزال نتائج الحرب تحدد مستوى الاقتراب بين الموقف الوطني والحزبي والجهوي. ولعل الأخير يشكل أبرز التحديات التي يواجهها السياسي السوداني لارتباطاتها النفسية والاجتماعية. إذا كان حجم المخاطر التي أحدثتها الحرب الجارية في السودان منذ عام ونصف العام من دون توقف، جعلت من غير الممكن تصور ما سيكون عليه الوضع بعد مرحلة الحرب، إلا بالقدر الذي يحمل التمنيات أكثر من الواقع وحقائقه. فما تضرر لم يكن محصوراً بالدائرة العسكرية، حيث ميادين القتال ولغة السلاح، وإنما كارثة أقرب ما تكون إلى الفناء ألمت بشعب وأرض وكل ما ترمز إليه محددات الدولة التعريفية، في حدود ما يلامس الوجود الإنساني قبل القانوني والدستوري للكيان الذي بعثرته سياسات أخطأت بالتقدير، أو سبق الإصرار نتائج لم تكن في الحسبان مما يجعل من معالجتها أمراً غير وارد في المدى المنظور.
*نقلا عن “القدس العربي”
الوسومأقريقيا الجامعة العربية حرب السودانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أقريقيا الجامعة العربية حرب السودان
إقرأ أيضاً:
السودان ودولة الحرب العميقة
السودان ودولة الحرب العميقة
ناصر السيد النور
إن مفهوم الدولة العميقة الذي بات مصطلحا ومفهوما لا يقل غموضا لتفسير السياسيات والقرارات غير الرسمية للحكومات ويبدو قد توطنت عمليا في الشئون السياسية والحكومية حتى بات شبحا تعزى اليها القرارات السياسية الجريئة وغيرها من توجهات لا تفصح عنها أجهزة الدولة الرسمية في صناعة القرار. ولكن هذا المفهوم ساد وأصبح مرجعا ومستودعا تستعيد به الجماعات المتحكمة في الدولة سلطاتها وتحافظ عليها وسلاحا سريا تستخدمه في حال تهديد النظام القائم الذي يضمن استمرار التحكم بالتوجهات السياسية والمصالح لتلك المجموعات في النظم الديكتاتورية التي يعج بلاد المحيط العربي في العالم الثالث ونظمه الموروثة منها والعسكرية الجمهورية. وقد اجهضت أذرع الدولة العميقة مشروع ثورات الربيع العربي بمناوئتها المتجذرة للديمقراطية والحرية في البنية السلطوية السياسية والعسكرية للنظم العربية. ويعمم مفهوم الدولة العميقة حتى في الديمقراطيات الغربية الراسخة، كدولة تحمى قيما ونظما ايدولوجية قارة في مجتمعات النخبة!
تحولت الحرب في السودان من حرب يقودها طرفان صراعا على السلطة ومن ورائهما تحالفات متعددة تتفاوت في القوة والعدة والعتاد إلى حرب لمحاولة استعادة سلطة ونفوذ بما يكشف في الوقت ذاته عن واجهة خلفية تدخل إدارة وتوجيها للحرب. فمنذ ارهاصاتها التي سبقت تفجر الحرب في الخامس عشر من ابريل/نسيان 2023 ظل المشهد السياسي السوداني في مرحلة الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة ديسمبر/تموز 2019 في حالة سيولة تمكنت فيها أذرع النظام السابق حينها على تأكيد حضورها القوي في المشهد السياسي بعد ثلاثين عاما من الحكم المستمر. ولأن طبيعة النظام السابق (الإنقاذ) بخلفيتها الإسلامية قد تمكن عبر سياسة التمكين التي اتبعها في تأمين اركان نظامه من تكوين هياكل وواجهات في موازاة الدولة القائمة بما يشمل حزبا سياسيا (المؤتمر الوطني) وجماعات مسلحة (كتائب الظل) وكيانات عشائرية أخرى كقواعد قد يضطر للجوء اليها وقد كان. فمنذ أن أطاح الفريق البرهان قائد الجيش في انقلابه على الحكومة الانتقالية بمساندة قوات الدعم السريع في أكتوبر/تشرين الأول 2021 وهو ما مهد الطريق للعودة المفتوحة إلى السلطة ومؤسساتها للحزب السابق الحاكم. وبرزت عناصر النظام السابق من فجوة الدولة العميقة مستعيدة لسلطة يدعمها العسكريون والعناصر المدنية الموالية. وتحولت هذه العناصر بالتالي من قوة مختبئة تخشى الملاحقة إلى سلطة بكامل اطقمها وقياداتها إلى الواجهة السياسية تقوم بأدوار غامضة ولا تترد في الكشف عن خطابها ورؤيتها للحرب والتحشييد لها تحت مظلة الشعارات السابقة.
وكانت الحرب الجارية أكبر اختبار أمام الدولة العميقة وأدواتها حيث لم يعد من الممكن التخفي وراء السلطة القائمة فكل ما حملته الحرب من توجهات وشعارات تكشفت عن الواجهة الحقيقة للدولة العميقة ومدى تأثيرها في مجريات الأمور. والحرب لم تقتصر على ميدان المواجهات بين الطرفين الجيش والدعم السريع بل في المحاولة المستميتة لإقصاء المدنيين الواجهة التي تمثل الاتجاه الديمقراطي والحكومة الفترة الانتقالية أكثر ما استهدفته عناصر الدولة السابقة بعمقها التنفيذي وتحكمها بالقرار العسكري بالإضافة الى كتائبها الشعبية المقاتلة. فقد اعادت الحركة الإسلامية صراعها القديم محمولا على انتقام من الكيانات السياسية المدنية التي تسببت في انهيار سلطتها متدرعة بقوة تنظيمية عسكرية تدعم وجودها في السلطة والامساك بمفاصل الدولة مثلما بدأت. إلا أن هذه التوجهات التي تستند إلى شرعية بحكم التمدد الزمني في السلطة وبالطريقة التي ادارت بها سلطتها وما رافق ذلك من انتهاكات جسيمة وحروب على طول البلاد وعرضها وانهيارات على كافة الأصعدة. وإذا كان الهدف المبدئي للدولة العميقة هو استعادة السلطة والتمسك بمقاليد الحكم فلأنها تستند إلى بنية الدولة الصلبة لا على شعاراتها أو برامجها السياسية فإن التحكم بالأجهزة الأمنية المختلفة أولوية لدى عناصرها. فالعناصر المتحكمة بتسيير دفة الحرب من داخل الدولة العميقة لا تعمل من خلال مواقع أو مناصب لها صفة رسمية في أجهزة الدولة، ولكنها تعمل من خلال قنوات تنظيمية. فقد كشفت العقوبات التي فرضتها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوربي على شخصيات سودانية من خارج المنظومة الرسمية أثناء هذه الحرب لدورهم كما إشارات بيانات العقوبات في الحرب واعاقة مجهودات السلام وأكدت بالتالي على دورهم النافذ في الحرب. ومن بين هذه الشخصيات ما لها موقع بارز في حكومة البشير السابقة مثل شخصية صلاح عبد الله قوش أحد مهندسي القوة الأمنية ومن يزعم بدورهم في قيادة الحرب. فأن تفرض عقوبات من خارج الحدود على شخصيات سودانية معروفة بتوجهاتها السياسية والايدولوجية يزيد من ادانة دورها الخفي وتأثيرها المباشر على أخطر القضايا الوطنية كالحرب الجارية والمسئولية الأخلاقية والسياسية.
أن تكون ثمة دولة عميقة في السودان بتعقيدات تكويناته العرقية والجهوية والسلطوية فهذا يعني أن تنطوي على تناقضات تاريخية واجتماعية شكلت جزء من أسباب صراع الحرب الدائرة في سياق المنازعات القائمة بين الجماعات المناطقية بين مركز وهامش في اختلال ميزان ما يعرف بتوزيع الثروة والسلطة بين ولايات السودان وسكانه. فإذا كان عمق الدولة وجماعات الظل ونفوذها يتأسس على هذه التناقضات في بنية الدولة السودانية وتركيبتها الاجتماعية فإن عناصرها تعمل على الحفاظ على هذه المعادلة المختلة بدلا عن تفكيكها الذي سيؤدي إلى فقدان تلك الامتيازات. وهذه الامتيازات تمثلها كيانات ليست بالضرورة سياسية بل كيانات عشائرية وقبلية تتقاطع تاريخيا مع السلطة السياسية وهو ما برز بشكل لافت في المجموعات القبلية المسلحة بعيدا عن جيش الدولة. ومن المفارقة أن قوات الدعم السريع كانت إحدى الأدوات التي كونتها الدولة العميقة في السودان وقننت وجودها كمظهر قانوني ودستوري لتعمل على تثبت اركان النظام كقوة ضاربة لا يتعدى دورها الحراسة والدفاع عن النظام. من قبل أن تتصاعد دورا ومهام وطموحا وقوة.
ومثل الموقف من الحرب صراعا محتدما بين أطراف الدولة العميقة المتحكمة وحكومة الواجهة المعترف بها على الأقل بشرعية وجودها، فقد لوحظ أن إدارة الحرب وبياناتها والموقف من المفاوضات والعلاقات الدولية وطريقة تنفيذها بما يعكس من تناقضات في الخطاب الرسمي للدولة أي وجود أكثر من جهة تملك حق التفويض المطلق في صنع القرار السياسي والعسكري على تنوع مجالاته. فالدولة العميقة هي تعدد في مراكز القرار ومراكز قوى داخل أجهزة السلطة بأقسامها الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية وباختصاصات تتجاوز القنوات التقليدية في إدارة الدولة. ولأن الحرب خلقت في السودان بتركيبته الاجتماعيِّة المتداخلة حيث المجتمعات المحلية اقوى من سلطة الدولة فقد أعادته الحرب إلى مرحلة للادولة في ظل إدارة الدولة العميقة. فالهياكل المترهلة التي خلفها النظام السابق أوجدت كيانات ذات نظم إدارية ضعيفة الكفاءة وعانت الآن من فوضى الحرب كنتيجة منطقية لخلل أزمة الدولة وسيادة البربرية أو الطبيعة بمفهوم الفيلسوف السياسي توماس هوبز التي أعادت بغياب القانون والدولة شريعة الغاب إلى شوارع المدن وزعزعت أمنها ومزقت نسيجها الاجتماعي.
واستطاعت الدولة العميقة بسياساتها البراغماتية من الاستفادة من مثليتها في دور الجوار السوداني مما شكل دعما لوجستيا وتدخلا مباشرا في الحرب لصالحها تنازلا ومغامرة بأمنها القومي وسيادتها الوطنية. وحرب السودان التي أصبحت حرب محاور تورط فيها الطرفان في صراعهما على سلطة يعصب التنبؤ بعودتها على ما كانت عليه ما قبل الحرب. وإن المعاناة التي خلفتها الحرب لسكان السودان تجعل من وجود الدولة العميقة بعناصرها مهددا دائما للسلام طالما أن الهدف يستدعي عودة السلطة مهما كلف ذلك على حساب المواطنين وامنهم.
الوسومالدولة العميقة حرب السودان