شبكة اخبار العراق:
2024-11-15@08:52:24 GMT

الصورة الشعريّة الحديثة

تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT

الصورة الشعريّة الحديثة

آخر تحديث: 27 يونيو 2024 - 10:45 صأحمد الشطري تعد الصورة الشعريّة واحدة من أهم البنيات التي يرتكز عليها البناء الفني للنص الشعري، ومن دون صورة شعرية ذات قيمة جمالية جاذبة لا يمكن أن يعد النص الشعري – أيّا كان شكله- نصا إبداعيا، فالعملية الإبداعية تحتاج إلى قدرة على الابتكار والخلق الذي يمنح النص قوة الجذب والادهاش والقيمة الفنية.

ثمة اشكالية تكمن في طبيعة الصورة ومكوناتها وآليات خلقها والمساحة التي تشغلها، وقد نجازف إذا ما قلنا أن هذه الاشكالية لم يكن تحديدها، أو بيان مكوناتها يتسم بصعوبة كبيرة في النقد القديم، باعتبار أن المحدد الأساس لها في الغالب يكمن في الأساليب البلاغية المعروفة، كالتشبيه، والكناية، والاستعارة، والمجاز وغير ذلك من أساليب البلاغة.أما في النقد الحديث فقد باتت عملية تحديد الصورة الشعرية تختلف ليس من حيث الآليات، أو المكونات، بل من حيث المساحة التي تشغلها، والأسلوب الذي يتم فيه تشكليها، باعتبار أن الاساليب البلاغية القديمة لم تعد في الغالب هي التقنية المهيمنة على بنية النص الفنية والجمالية، بل إن ثمة تقنيات حديثة هي التي باتت  تضفي على النص بعدا جماليا ودلاليا، إذا ما تم استغلال ثرائها الإبداعي بالشكل المطلوب، وبواسطة هذه التقنيات أصبحت الصورة الشعرية ذات مواصفات وتشكلات مختلفة عن محدداتها السابقة، إذ لم يعد البيت في النص الشعري ذا وحدة مستقلة، بل هو جزء من البناء الكلي للنص، وقد يشكل جزءا من أحدى صور النص ومن ثم يسهم مع غيره في تشكيل الصورة الكلية للنص.في النص الحديث بغض النظر عن الشكل والمسمى ثمة أنواع متعددة للصورة الشعرية، فقد تتشكل الصورة الشعرية بواسطة ثيمة سردية، أو مقطوعة درامية، أو قناع رمزي، أو حوار ديالوجي أو مونولوجي، وليس معنى ذلك التخلي التام عن الأساليب البلاغية القديمة، كما أننا لا ننفي وجود مثل هذه التقنيات في مورثنا الشعري القديم، ولكن الاختلاف في العملية القصدية أولا، وفي عملية الكشف والنظرة الاعتبارية لذلك ثانيا. ومن ذلك على سبيل المثال قول طرفة بن العبد في معلقته: “ولولا ثلاثٌ هُنَّ من عِيشةِ الفتى/ وجدِّكَ لم أحفلْ متى قام عُوَّدي/ فمنهنَّ سَبقي العاذلاتِ بشَربةٍ/ كُمَيتٍ متى ما تُعلَ بالماءِ تُزبدِ/ وكَرّي إذا نادى المُضافُ مُحنَّبًا/ كسِيدِ الغَضا نبَهتَهُ المُتورِّدِ/ وتقصيرُ يوم الدَّجن، والدَّجن مُعجِبٌ/ ببَهكَنةٍ تحت الطِّرافِ المُعمَّدِ”. فالشاعر هنا قد شكل صورته الشعرية عبر أربعة أبيات، وهي صورة بانورامية تجتمع تحت مجموعة من الصور المستقلة، المتشكلة عبر الوسائط البلاغية المعروفة.أما الصورة السردية فيمكن ملاحظتها في الكثير من قصائد الشعراء الأوائل، ومنها على سبيل المثال: “ولما قضينا من منى كل حاجة.. ومسَّح بالأركان من هو  ماسحُ/ وشُدّت على حُدب المهاري رحالنا.. ولم ينظر الغادي الذي هو رائح/ أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا.. وسالت بأعناق المطي الأباطح”.ففي هذه الأبيات الثلاثة نجد أن ثمة ثيمة سردية تشكلت عبرها صورة شعرية مبهرة، رغم أن عجز البيت الثالث بحد ذاته يمثل صورة بالغة الجمال، وهو بهذا يمكن أن يشكل ذروة الحدث السردي.  اتساع المساحة التي تشغلها الصورة الشعرية وإن كان من أهم تقنيات النص الشعري الحديث إلا أن تمثلاته في موروثنا الشعري لا شك حاضرة وإن كانت بشكل أقل عناية وأهمية. إن اتساع مساحة الصورة الشعرية في النص رغم أهميتها وقيمتها الفنية والجمالية، إلا أنها ساهمت بشكل كبير في القطيعة بين “الذاكرة الاستعادية”، إن جازت التسمية، وبين النصوص الشعرية الحديثة، وهو ما يعتبره بعض المتشبثين بالقديم مأخذا على الشعر الحديث، إذ يعتبرون حفظ واستعادة الأبيات الشعرية دلالة على جودتها، ومن ثم فإن هذه الجودة هي ما تجعلها تعلق في الذاكرة، وهو أمر يرجع في حقيقته إلى الذائقة الشفاهية التي لا تزال تهيمن على وعي هؤلاء، رغم أن كثيرا من الأبيات التي يرددونها لم تكن تعلق بذاكرتهم لجمال صورتها، وإنما لما تتضمنه من حكمة أو مفارقة، وقد تكون في بعض الأحيان لا تعدو أن تكون تشكيلا وزنيا لمقولة بديهية. من مثل: “كأننا والماء من حولنا.. قوم جلوس حولهم ماء”. إن تشكلات الصورة الشعرية في النص الحديث قد تستغرق نصا كاملا، ومن ثم يصبح من الصعب أن يعلق في الذكرة بصورته الكلية، ولكن ملامح تلك الصورة وأثرها الإداهشي قد يبقى محفورا في الذاكرة.وبما أن النص الحديث هو نص رؤيوي، وليس نصا تطريبيا، فهو أبعد ما يكون عن الذائقة أو الذكرة الشفاهية على حد سواء، إنه نص يمتد من البصر إلى البصيرة، وليس من السمع إلى الإسماع، والصورة فيه هي صورة تأملية تسعى إلى الاهتزاز الذهني، ولكنها قد لا تخلو من الاهتزاز العاطفي، أو هو ليس مبتغاها الرئيس، بينما الصورة في النص الشفاهي غالبا ما تمنح الاهتزاز العاطفي قبل الاهتزاز الذهني، ولكننا لا ننفي عنها الأثر الذهني بكل تأكيد.ويمكن أن نمثل للصورة الشعرية الحديثة بهذا النص للشاعر عبد الزهرة زكي: “الورقة التي مازالت على الشجرةِ/ تقول لأخرى سقطت: يا لسعادتك! حرة تمضين مع الهواء/ الورقةُ الميتة على الأرض/ لا تقوى على القول لأخرى ما زالت خضراء على الشجرة: يا للحياة”.ففي هذا النص صورة متكاملة تنطوي على السردية والمفارقة والاقتصاد والفكرة الفلسفية العميقة. إن الصورة الحديثة، كما أشرنا، صورة ذات مساحة واسعة، وذات تقنيات لا تعتمد على المحسنات البديعية أو الأساليب البيانية بشكل أساس، بل تعتمد على تشكل فني ودلالي خارج اللغة وداخلها، تشكل يرتسم في البصر والذهن وليس في السمع والنطق. 

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: الصورة الشعریة فی النص

إقرأ أيضاً:

التطورات الحديثة في زراعة الشعر| من تقنيات FUE إلى الخلايا الجذعية

شهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في مجال زراعة الشعر، مع ظهور تقنيات جديدة وفعالة تلبي احتياجات مختلف الأفراد الذين يعانون من تساقط الشعر، هذه التقنيات الحديثة تساهم في تحسين النتائج وتقليل المخاطر المرتبطة بالعمليات التقليدية، وفيما يلي نستعرض لك أبرز التقنيات المستخدمة في زراعة الشعر اليوم.

 

التطورات الحديثة في زراعة الشعر

تقنية الاقتطاف (FUE)

تُعتبر تقنية الاقتطاف (Follicular Unit Extraction - FUE) من أشهر وأحدث تقنيات زراعة الشعر. تعتمد هذه الطريقة على استخراج بصيلات الشعر الفردية من منطقة مانحة، عادةً ما تكون مؤخرة الرأس أو الجانبين، ثم زراعتها في المناطق المتضررة من تساقط الشعر. من أبرز مزايا هذه التقنية أنها لا تترك ندوبًا واضحة، مما يجعل فترة التعافي أسرع مقارنةً بالجراحات التقليدية.

 

تقنية الشريحة (FUT)

رغم أن تقنية زراعة الشريحة (Follicular Unit Transplantation - FUT) تُعتبر أقدم من FUE، إلا أنها لا تزال مستخدمة في بعض الحالات. تعتمد هذه التقنية على إزالة شريط رفيع من فروة الرأس ثم تقسيمه إلى وحدات بصيلة صغيرة تُزرع في المنطقة المطلوبة. تُعد هذه الطريقة مناسبة للأشخاص الذين يحتاجون إلى كثافة عالية، لكن يعاب عليها ترك ندبة خطية قد تكون مرئية.

 

زراعة الشعر بالخلايا الجذعية

زراعة الشعر باستخدام الخلايا الجذعية تُعد من التقنيات الحديثة الواعدة. تعتمد هذه الطريقة على أخذ عينة صغيرة من بصيلات الشعر وزراعتها في المختبر لتحفيز نمو بصيلات جديدة، ثم يتم إعادة زرع هذه البصيلات في فروة الرأس. هذه التقنية توفر الأمل لمن يعانون من حالات متقدمة من الصلع.

 

العلاجات بالليزر

استخدام الليزر كجزء من برامج علاج تساقط الشعر يُعتبر خيارًا غير جراحي يُستخدم لتعزيز نمو الشعر وزيادة كثافته. يعمل الليزر منخفض المستوى على تحفيز الدورة الدموية في فروة الرأس، مما يُساعد في تغذية البصيلات وتحفيز نموها. يتميز هذا العلاج بكونه غير مؤلم ويُمكن دمجه مع تقنيات زراعة الشعر التقليدية لنتائج أفضل.

 

مستقبل زراعة الشعر

مع تقدم التكنولوجيا، من المتوقع أن تستمر التطورات في مجال زراعة الشعر، خاصة مع دخول الذكاء الاصطناعي في التشخيص وتخطيط العمليات لزيادة الدقة، إلى جانب استخدام الروبوتات في تنفيذ زراعة الشعر لتقليل الأخطاء البشرية. هذا التطور يعزز من فعالية وسلامة الإجراءات ويزيد من ثقة المرضى في الحصول على مظهر طبيعي.

 

مع تزايد الاعتماد على التقنيات الحديثة في زراعة الشعر، أصبح من الممكن تحقيق نتائج أكثر دقة وأمانًا وبأقل قدر من المضاعفات، مما يمنح الأمل للكثيرين في استعادة مظهرهم الطبيعي بثقة وراحة.

مقالات مشابهة

  • المحكمة الاتحادية تثبّت عدم جواز الترشح لأكثر من دورتين لرؤساء الاتحادات والنقابات
  • “فكر يشع وعقل سليم” عنوان الملتقى الشعري في مقهى ورق عتيق باللاذقية
  • 4 شقيقات يلتقطن نفس الصورة كل عام.. كيف تغيرت ملامحهن على مدار نصف قرن؟
  • الرؤيةُ والنصُّ المسرحي
  • الموافقة خلال عام.. ننشر النص الكامل لقانون تنظيم لجوء الأجانب
  • النص الكامل.. رسالة من الشيخ نعيم قاسم لـمجاهدي حزب الله
  • التطورات الحديثة في زراعة الشعر| من تقنيات FUE إلى الخلايا الجذعية
  • التقنيات الحديثة لعلاج السمنة.. من الجراحة إلى العلاجات الدوائية
  • صدور «تاريخ تطور الأدب النسائي الياباني الحديث والمعاصر» عن هيئة الكتاب
  • دورة عمل في تطبيق التقنيات الحديثة في الإنذار المبكر للجراد الصحراوي