معلومات الوزراء: 254.8 مليون شخص استخدموا أدوات الذكاء الاصطناعي عالمياً عام 2023
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً تناول من خلاله تقنية التزييف العميق، وذلك بدءًا من زيادة اعتماد المستخدمين على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ثم الانتقال إلى مفهوم التزييف العميق، وكيف تعمل هذه التقنية، واستخدامات التزييف العميق، والمخاطر الناجمة عنها، وطرق الكشف عنها.
وأوضح التحليل أن استخدام مجالات التكنولوجيا المختلفة -مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني- أصبح أمرًا مهمًّا في كل مناحي الحياة، بما في ذلك الاتصالات، والصناعة، والتجارة، والتعليم، والطب، والترفيه، وغيرها.
وعلى الرغم من أهمية استخدام التكنولوجيا والفوائد المترتبة عليها، فإنها يقابلها العديد من التحديات التي تتعلق بحفظ الخصوصية، والبيانات المزيفة، ومن بين هذه التحديات استخدام تقنيات التزييف العميق، حيث فرضت هذه التقنيات تحديات جديدة تتعلق بالأمان والخصوصية والمصداقية.
وذكر المركز أن زيادة اعتماد المستخدمين على تقنيات الذكاء الاصطناعي تعكس التطور السريع في مجال التكنولوجيا وتأثيره العميق في حياتنا اليومية. هذه الزيادة تعكس الثقة المتزايدة في القدرات التي يمكن أن يوفرها الذكاء الاصطناعي في تحسين الكفاءة وتبسيط العمليات في مختلف المجالات.
وفي هذا الإطار، فقد بلغ عدد الأشخاص الذين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي عالميًّا نحو 254.8 مليون مستخدم عام 2023، أي أكثر من الضعف مقارنة بعام 2020. ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو في عدد مستخدمي أدوات الذكاء الاصطناعي، ليتجاوز 700 مليون بحلول 2030.
وأضاف التحليل أن تقنية التزييف العميق هي تقنية تقوم على صنع صور أو مقاطع فيديو مزيفة باستخدام البرامج الرقمية والتعلم الآلي وتبديل الوجه. وتعتمد هذه التقنية على دمج الصور لإنشاء لقطات جديدة تصور أحداثًا أو تصريحات أو أفعالًا لم تحدث في الواقع. ومع ذلك هناك صعوبة في معرفة وتحديد مدى صحة أو واقعية هذه الصور والفيديوهات.
وبناءً على ذلك، أصبح الاعتقاد بتوثيق الصوت والفيديو للواقع بأنه دليل على مصداقية البيانات والمعلومات، اعتقاد يشوبه الشك، فقد استغل مجرمو الإنترنت هذه التقنيات في زيادة القدرات الاحتيالية، والتي أصبحت تمثل تهديدات جديدة على مستوى الأفراد والمؤسسات والمجتمعات، سواء من خلال تصنيع المواد الإباحية للتشهير بشخص معين بغرض الانتقام أو الابتزاز، أو من خلال تصنيع ونشر البيانات والتصريحات والمعلومات المضللة لأغراض إثارة الفوضى والاحتيال المالي وإفساد الانتخابات وخلق الأزمات الدبلوماسية.
وأشار التحليل إلى اختلاف أنواع تقنيات التزييف العميق، والتي يمكن أن تقع في إحدى الفئات الآتية:
- المحتوى المرئي: حيث يتم استخدام تقنيات التزييف العميق في إنشاء الصور ومقاطع الفيديو، ويمكن أن يتم ذلك من خلال الآتي:
- تبديل الوجه: يتم تركيب الوجه غير الحقيقي على الرأس المستهدف في الصور أو مقاطع الفيديو التي يتم تبديل الوجه بها.
- صور يتم إنشاؤها بالكامل: يتم إنشاء الوجه الجديد بالكامل من البداية ليبدو واقعيًّا بدلًا من تبديل الوجه.
- مقاطع فيديو مزامنة الشفاه: هي مقاطع تظهر شخصًا يؤدي كلمات أو نصًا معينًا بالتزامن مع حركات الشفاه لجعل الأمر يبدو واقعيًّا، وذلك على الرغم من عدم وجود هذا النص في الفيديو الرئيس.
2- المحتوى الصوتي: ويتم تحريف الصوت وتعديله إما من خلال استخدام ملف صوتي يتضمن حديثًا مزيفًا بنفس صوت الشخص، لكنه لم يقله في الواقع، أو من خلال تعديل نبرة صوت الشخص لإظهار مشاعر أو سلوك غير حقيقي.
وأشار التحليل إلى أن إنشاء فيديوهات التزييف العميق يتم باستخدام نظامين من أنظمة الذكاء الاصطناعي، المولد "Generator" والمميز "Discriminator". عندما ينتج نظام المولد فيديو جديدًا، يُرسل إلى نظام المميز لتحديد ما إذا كان الفيديو حقيقيًّا أم مزيفًا. إذا تأكد المميز من أن الفيديو حقيقي، يبدأ المولد في تعلم كيفية إنشاء فيديوهات تبدو أكثر قابلية للتصديق، وهكذا يستمر التطور في العملية.
هذا، ويُشكل النظامان معًا ما يُعرف بشبكة الخصومة التوليفية "GNN"، وتتطلب هذه التقنية مخزونًا من الفيديوهات يتم التعديل عليها. في البداية، يحتاج نظام المولد "Generator" إلى تدريب مستمر. وعندما يصل إلى مستوى مقبول من الجودة، يبدأ بإرسال فيديوهاته إلى الـمميّز "Discriminator". كلما زاد ذكاء المولد، زاد ذكاء الـمميّز بالتبعية. وبالتالي، يتم الوصول إلى فيديو معدّل بشكل كامل وقابل للتصديق للعين البشرية. ويوضح الشكل التالي كيفية عمل هذه التقنية.
وقد استعرض التحليل الاستخدامات الإيجابية التي تمتلكها تقنية التزييف العميق.
وفيما يلي أهم هذه الاستخدامات:
-الاستخدامات الطبية والتعليمية: يمكن استخدام تقنية التزييف العميق لإنشاء عمليات محاكاة تفاعلية للعمليات الجراحية أو غيرها من الإجراءات، مما يوفر لطلاب الطب والمهنيين فرص تدريب قيمة. كما يمكن استخدام هذه التقنيات في دعم وتطوير أدوات الوصول المهمة. على سبيل المثال، قامت شركة Lyrebird الكندية باستخدام التزييف العميق لمساعدة مرضى التصلب الجانبي الضموري على التواصل عندما يفقدون قدرتهم على التحدث، وذلك من خلال استنساخ أصواتهم، حيث يمكن للأشخاص الاستمرار في "التحدث" من خلال تقنيات التزييف العميق.
-صناعة الترفيه: يمكن استخدام تقنيات التزييف العميق في صناعة الأفلام والإعلانات وتقديم الأخبار. كما يمكن إنشاء تأثيرات خاصة أكثر واقعية والسماح للممثلين بإعادة تمثيل أدوارهم حتى بعد وفاتهم.
-الصحافة: يمكن أن تساعد تقنية التزييف العميق في إعادة إنشاء الأحداث التاريخية وجذب الانتباه إلى القضايا المهمة. فعلى سبيل المثال، يحاكي مشروع "التعاطف العميق Deep Empathy" - مشروع مشترك بين اليونيسف ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا- الشكل الذي ستبدو عليه المدن الأخرى إذا واجهت صراعات مماثلة لتلك الموجودة في الأحياء السورية أثناء الحرب. تهدف هذه الصور الاصطناعية لنيويورك ولندن وبوسطن وغيرها من المدن التي دمرتها نفس الظروف المزعزعة للاستقرار إلى إثارة التعاطف مع الضحايا الحقيقيين في جميع أنحاء العالم في سوريا أو مناطق أخرى.
-خدمة العملاء: من خلال خدمة المساعد الافتراضي، الذي يستخدم لتقديم خدمة العملاء في مراكز الاتصال.
كما أبرز التحليل أهم مخاطر تطبيق تقنيات التزييف العميق فيما يلي:
-التسبب في أزمات سياسية: يمكن أن تُستخدم تقنيات التزييف العميق في التضليل السياسي.
-تهديدات أمنية: تعد تكنولوجيا التزييف العميق بمثابة سلاح جديد قادر على التأثير في كل الأشياء، من أسعار البورصة حتى الانتخابات. فقد أصبحت هذه التقنية قادرة على استخراج الكلمات والتصريحات المثيرة من رجال الأعمال والسياسيين. ومن أشكال هذه التهديدات الأمنية: فبركة تصريحات مسيئة لسياسيين، أو خلق مشاهد كاذبة لأحداث عنف أو اعتداء، أو التأثير في أسهم الشركات والأعمال من خلال خلق صور وتصريحات مفبركة لمديري هذه الشركات.
-الابتزاز الإلكتروني: يمكن فبركة مقاطع فيديو من خلال عرض شخصيات في الفيديو غير موجودة في الأصل، ويمكن استخدامها للتسبب في مشكلات للضحايا.
-توافر برامج وتقنيات التزييف العميق: يتم ذلك من خلال انتشار البرامج المستخدمة لتقنية التزييف العميق أو المواقع المنشأة حديثًا لهذا الغرض، وهو ما سهل من استخدام هذه التقنيات وانتشارها.
-صعوبة اكتشاف التزييف العميق: على الرغم من أنه يمكن لأي شخص استخدام تقنيات التزييف العميق، فإنه من الصعوبة اكتشاف التزييف العميق، إلا في حالة توافر برامج خاصة للكشف عنه.
-تسهيل عمليات الاحتيال: يتم التلاعب بالأفراد للقيام بأشياء ضارة، على سبيل المثال مشاركة المعلومات السرية.
-فقدان الثقة والتشكيك في المصداقية: بالطبع في حالة نشر أي مقطع فيديو أو صور على شبكة الإنترنت، سيتساءل الأفراد عن مدى مصداقية هذه الصور والفيديوهات، وبالتالي التشكيك في صحة كل الصور والفيديوهات حتى الحقيقي منها.
-التأثير في الانتخابات: حيث تستخدم تقنية التزييف العميق لتشويه صورة بعض السياسيين للتأثير في سير العملية الانتخابية لصالح طرف معين أو أيدولوجية محددة، وذلك من خلال خلق فيديوهات يتم بث إشاعات من خلالها عن أحد المرشحين، وتزييف الوعي أثناء الانتخابات.
وأضاف التحليل إنه مع تطور تقنيات التزييف العميق يقابلها أيضًا تطور في طرق الكشف عن التزييف العميق. وفيما يلي أهم خمس طرق للكشف عن التزييف العميق:
-منصة Sentinel: يتم السماح للمستخدمين بتحميل الوسائط الرقمية من خلال موقع الويب الخاص بهم، ثم يتم تحليلها تلقائيًّا للتعرف على مدى صحة هذه الوسائط. ويتم في هذا الصدد استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لتحليل الوسائط التي تم تحميلها وتحديد ما إذا كان قد تم التلاعب بها.
-كاشف التزييف العميق من إنتل في الوقت الحقيقي " FakeCatcher": تُمكن هذه التقنية من اكتشاف مقاطع الفيديو المزيفة بمعدل دقة يبلغ 96٪، مما يؤدي إلى إرجاع النتائج في أجزاء من الثانية. وتعمل هذه التقنية من خلال ما يعرف بتدفق الدم، حيث إنه عند تحدث الشخص في أي مقطع فيديو يتغير لون العروق نتيجة لتدفق الدم من القلب، لذا يتم جمع إشارات تدفق الدم هذه من جميع أنحاء الوجه وتقوم الخوارزميات بترجمة هذه الإشارات إلى خرائط زمانية مكانية، ويتم بعد ذلك اكتشاف مدى مصداقية الفيديو.
-نحن نتحقق "WeVerify": حيث يتم تحليل الوسائط الاجتماعية ووضعها في سياق النظام البيئي الأوسع على شبكة الإنترنت، كما أنه يعتمد على قاعدة بيانات عامة قائمة على blockchain للمزيفات المعروفة.
-أداة مصادقة الفيديو من Microsoft: يمكن من خلال هذه الأداة تحليل مقطع فيديو أو صورة ثابتة، ويتم ذلك من خلال تحليل عناصر التزييف العميق والعناصر الرمادية الدقيقة التي لا يمكن اكتشافها بالعين البشرية وذلك بشكل فوري.
-استخدام عدم التطابق Phoneme-Viseme: تستغل هذه التقنية حقيقة أن البصمات، التي تشير إلى ديناميكيات شكل الفم، تكون أحيانًا مختلفة أو غير متوافقة مع الصوت المنطوق. ويعد هذا التناقض عيب في التزييف العميق. لذا تعتمد هذه التقنية على خوارزميات متقدمة للذكاء الاصطناعي لتحليل الفيديو واكتشاف التناقضات.
وأوضح التحليل في ختامه أن التزييف العميق يظهر بوصفه تقنية مثيرة للجدل تجمع بين الإبداع الفني والتحديات الأخلاقية والأمنية. رغم فوائد استخدامه في العديد من المجالات مثل الفن والتسلية والتعلم والطب، فإن القلق الأساسي يبقى حول استخدامه في التلاعب بالمعلومات والتأثير في الرأي العام.
لذا، يتطلب الأمر تحديد وتطوير استراتيجيات مبتكرة لمواجهة هذه التحديات بشكل فعّال، سواء عبر تطوير تقنيات الكشف عن التزييف أو تعزيز الوعي الجماهيري بمخاطره، وفي نهاية المطاف، يبقى التوازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على الأمان والنزاهة واحدًا من أهم التحديات التي تواجهنا في عصر التزييف العميق.
اقرأ أيضاًرئيس COP28 يتحدث عن أهمية الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة الطاقة
بعد إبداع الروبوتات في الطهي.. أبرز 5 مجالات يعمل بها الذكاء الاصطناعي
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: معلومات الوزراء الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا تقنية التزييف العميق تقنیة التزییف العمیق الذکاء الاصطناعی یمکن استخدام هذه التقنیات هذه التقنیة ذلک من خلال یمکن أن
إقرأ أيضاً:
«معلومات الوزراء» يستعرض تدفقات الاستثمار العالمي الرئيسة لعامي 2023 و2024
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً حول «الاستثمار العالمي»، تناول من خلاله تدفقات الاستثمار العالمي الرئيسة التي لوحظت خلال عامي 2023 و2024، مع تحديد أبرز القطاعات والمناطق الجاذبة للاستثمار، موضحاً أن تدفقات الاستثمار تُعد محرك رئيس للنمو الاقتصادي العالمي، فعندما تضخ الشركات استثماراتها وكذلك الأفراد في مشروعات جديدة أو توسيع مشروعات قائمة، فإن ذلك يؤدي إلى توفير فرص عمل إضافية، وزيادة الإنتاج، وتعزيز التطور التكنولوجي، وتعزيز التجارة، وتنويع الاقتصاد.
اتصالًا، فإنه على مدى العقود القليلة الماضية، شهدت تدفقات الاستثمار العالمي تحولاتٍ كبرى مدفوعة بعدة عوامل، مثل التوترات الجيوسياسية وعواقب جائحة «كوفيد-19»، والضغوط التضخمية، والابتكار التكنولوجي، بما لتلك العوامل من تأثير مباشر على قرارات الاستثمار. وإن فهم اتجاه وحجم هذه الاستثمارات عبر مختلف القطاعات الاقتصادية يوفر رؤًى قيمة حول اتجاهات السوق وتفضيلات المستثمرين والمشهد الاقتصادي العالمي.
أشار التحليل، إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي قُدِّرت في عام 2023، بنحو 1.37 تريليون دولار، وهو ما يمثل زيادة طفيفة بنسبة 3% مقارنة بعام 2022، وقد تحدى هذا النمو المتواضع مخاوف الركود السابقة وكان مدعومًا بتعافي الأسواق المالية الذي تلا جائحة «كوفيد-19».
ومع ذلك، تفاوتت الزيادة في تدفقات الاستثمار الأجنبي بين اقتصادات أوروبا، وكان معظمه مدفوعًا بالتغيرات في عدد قليل منها، ومن ثم فقد قفز صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في الاتحاد الأوروبي من «-150» مليار دولار في عام 2022، إلى «+141» مليار دولار، بسبب التدفقات الكبيرة في كل من لوكسمبورج وهولندا، وذلك فيما انخفضت تدفقات الاستثمار المباشر الأجنبي إلى البلدان النامية عام 2023، بنسبة 9%، لتصل إلى 841 مليار دولار، مع انخفاض أو ركود التدفقات في معظم المناطق.
من جهة أخرى، شهد النصف الأول من عام 2024، زيادة محدودة بنسبة 1% في الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي، ومع ذلك، كان الإعلان عن مشروعات استثمارية جديدة أقل بكثير، وواصل تمويل المشروعات الدولية-والذي ينصب في الغالب في قطاعات البنية التحتية- تراجعه، حيث انخفض كل من عدد وقيمة الصفقات بنسبة 30%.
أوضح التحليل أنه بشكل عام، انخفضت تدفقات الاستثمار العالمي إلى أوروبا بنسبة 4%، خلال النصف الأول من عام 2024، مدفوعةً بانخفاض التدفقات إلى إيطاليا وبولندا والسويد، فيما زاد الاستثمار المباشر الأجنبي في أمريكا الشمالية بنسبة 9%، مدفوعًا إلى حد كبير بارتفاع التدفقات إلى الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 7%.
من جهة أخرى، أشار التحليل إلى زيادة التدفقات الاستثمارية إلى الاقتصادات النامية خلال النصف الأول من عام 2024، بنسبة 5%، وخاصة في إفريقيا، بفضل الصفقة الضخمة لتمويل تطوير مشروع رأس الحكمة في مصر، والتي بلغت قيمتها 35 مليار دولار، وباستثناء هذا المشروع، فإن التدفقات إلى البلدان النامية ستكون أقل بنسبة 2%، مقارنة بعام 2023، وهو ما يؤكد استمرار الانخفاض الملحوظ لهذه التدفقات.
تناول التحليل ما أشار إليه تقرير تدفقات الاستثمار العالمي الصادر عن «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية» «UNCTAD» في 2024، من أن اتجاهات الاستثمار في قطاع الصناعة أظهرت انخفاضًا في تدفقات الاستثمار في مجالي البنية التحتية والاقتصاد الرقمي، حيث واصل الاستثمار في الاقتصاد الرقمي تباطؤه بعد انتهاء الطفرة التي شهدها خلال جائحة «كوفيد-19» وحتى عام 2022.
وأوضح مركز المعلومات في تحليله أن الاستثمار قد اقترن بنمو قوي في مجالات الصناعة التحويلية والتعدينية المهمة التي تعتمد على سلاسل القيمة العالمية المكثفة، حيث شهدت تلك الصناعات ومن بينها صناعات السيارات والإلكترونيات والآلات، نموًّا كبيرًا في قيمة تدفقات الاستثمار العالمي خلال النصف الأول من عام 2024، مدفوعًا إلى حد كبير بمضاعفة الاستثمار في صناعة أشباه الموصلات، مما يدل على تأثير الضغوط الناشئة عن إعادة هيكلة سلاسل التوريد.
هذا، وقد شهد النصف الأول من عام 2024، تراجع إنشاء المشروعات الجديدة وصفقات تمويل المشروعات الدولية في قطاع البنية التحتية بنسبة 15% من حيث العدد، وبنسبة 20% من حيث القيمة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انخفاض الاستثمار في الطاقة المتجددة، وذلك فيما شهد قطاع الصناعات التي تعتمد على سلاسل القيمة العالمية انخفاضًا في عدد المشروعات بنسبة بلغت 7%، فيما ارتفعت قيمة الاستثمارات بنسبة وصلت إلى 35%، أما قطاع صناعة أشباه الموصلات وحده فقد ارتفع عدد المشروعات به بنحو 8%، في وقت ارتفعت قيمة المشروعات بنسبة 300%.
وأشار التحليل إلى أن العديد من العوامل الاقتصادية والسياسية قد أسهمت في تشكيل أنماط الاستثمار على مدى الأعوام الماضية، ومن أبرز هذه العوامل:
- التضخم وأسعار الفائدة: حيث كان لارتفاع التضخم وأسعار الفائدة، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، تأثير واضح في الاستثمار العالمي، ومن ثم فإن البنوك المركزية خاصة بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان، تؤدي دورًا حاسمًا في تحديد تدفقات الاستثمار العالمي، حيث تؤثر قرارات أسعار الفائدة وتعديلات السياسة النقدية والسيطرة على التضخم بشكل كبير في سلوك المستثمرين، وقد تعمل أسعار الفائدة المرتفعة على تثبيط الاستثمار في قطاعات مثل العقارات والسلع الاستهلاكية، ولكنها قد تحفز الطلب على السندات والأدوات المالية المستقرة.
- التوترات الجيوسياسية: مثل الأزمة الروسية الأوكرانية والعلاقات التجارية المتوترة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والتي أثرت على قرارات الاستثمار، حيث استفاد بعض القطاعات مثل الصناعات التحويلية والتعدينية، كما استفاد بعض الدول من تلك التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والتي تعد أحد العوامل الدافعة لإعادة توطين الصناعات.
أوضح التحليل أنه وفقًا لـ مؤشر ثقة الاستثمار المباشر الأجنبي لعام 2024، الذي أعده مجلس سياسة الأعمال العالمية التابع لشركة الاستشارات الإدارية «كيرني» «Kearney»، يتدفق جزء من الاستثمارات العالمية إلى دول مجاورة للصين منخفضة التكلفة بما في ذلك فيتنام، وإندونيسيا، وماليزيا، وكمبوديا، حيث يكتسب اتجاه توطين الصناعات القريبة زخمًا في جنوب شرق آسيا ودول أخرى يسهل الوصول منها إلى أكبر الأسواق المتقدمة.
وعلى سبيل المثال، نقلت شركة «سامسونج» الكورية الجنوبية تصنيعها الصيني إلى «فيتنام»، وبدأت شركة «آبل» في القيام بنفس الشيء، وحولت شركة «وول مارت» بعض إنتاجها من الصين إلى المكسيك. ومع وجود القليل من الدلائل على حل الصراعات الجيوسياسية المستمرة في العديد من أنحاء العالم، وجدت شركة «كيرني» أن نحو 85% من المستثمرين يتفقون على أن زيادة التوترات الجيوسياسية ستؤثر في قراراتهم الاستثمارية، حيث أكد 36% أن التأثير سيكون «واضحًا»، مما يدفعهم إلى الاستثمار في المناطق القريبة أو الدول الصديقة لمواجهة تلك التحديات.
- العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة: دفع التركيز المتزايد على مبادئ الاستدامة والحوكمة البيئية والاجتماعية المستثمرين إلى تخصيص رأس المال للقطاعات التي تتوافق مع هذه القيم، وخاصة الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة والتمويل الأخضر، وتشير التوقعات إلى أن البلدان النامية والأسواق الناشئة ستصبح وجهات أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي المباشر بسبب إمكانات النمو وفرص الاستثمار والمزايا الديموغرافية التي تتمتع بها هذه البلدان، وخاصة في مجال الطاقة المتجددة، التي تتطلب استثمارات أجنبية ضخمة لاستغلالها.
كذلك تناول التحليل ما أشارت إليه التوقعات من أن اتجاهات تدفقات الاستثمار العالمي تميل للاعتماد على مبدأ «الاستثمار في الأصدقاء» من خلال تعزيز التوافق الجيوسياسي، ومن ثم يتطلع صناع السياسات إلى تعزيز علاقات الصداقة لضمان أن تكون سلاسل التوريد أقل عرضة للتوترات الجيوسياسية على الأقل في الأمدين القصير والمتوسط.
من جهة أخرى، ما تزال العديد من البلدان النامية مهمشة، وتكافح لجذب الاستثمار الأجنبي والمشاركة في شبكات الإنتاج العالمية، فعلى سبيل المثال، ارتفعت قيمة المشروعات في قطاع السيارات خلال النصف الأول من عام 2024، بنسبة 21%، خاصة في الاقتصادات المتقدمة، بينما انخفضت الاستثمارات في السيارات في المناطق النامية بنسبة 40%.
أشار التحليل في ختامه إلى أن تعزيز تدفقات الاستثمار العالمي خاصة بالنسبة للقطاعات الاقتصادية والبلدان المهمشة، يتطلب مزيدًا من تيسير إجراءات الاستثمار والحوافز لجذب التدفقات، خاصة وأن الدول المتقدمة تتجه حاليًا لتبني تدابير أقل ملاءمة للمستثمرين، وتفرض العديد من إجراءات التدقيق في الاستثمارات الأجنبية الواردة إليها.
في السياق نفسه، فإن من أبرز الآليات التي يمكن أن تزيد من جذب الاستثمارات البحث عن فرص مواتية وبيئات مرنة مناسبة من خلال توسيع التحالفات الاقتصادية لمنح الاقتصاد مزيدًا من الاستقرار، خاصة وأن المستثمرين يتوجهون نحو الاقتصادات التي تتمتع بكفاءة تنظيمية أكبر وتمتلك سهولة في نقل رأس المال.
اقرأ أيضاًرئيس الوزراء يؤكد ضرورة العمل على تذليل التحديات التي تواجه القطاع السياحي
«معلومات الوزراء»: 2024 أكثر الأعوام قسوة بالنسبة للمدنيين العالقين في النزاعات
«معلومات الوزراء» يرصد خدمات التأمين الصحى الشامل بالإسماعيلية.. فيديو