مجزرة حدثت في سجن تدمر الصحراوي، ارتكبها النظام السوري انتقاما من جماعة الإخوان المسلمين عقب محاولة اغتيال الرئيس السوري السابق حافظ الأسد. ونفذت المجزرة سرايا الدفاع التي يقودها رفعت الأسد في 27 يونيو/حزيران 1980 خلال 3 ساعات، وراح ضحيتها نحو 1200 معتقل وفق تقديرات حقوقية، ودفنت الجثث في وادٍ صحراوي.

قبل المجزرة

تؤكد عدة مصادر حقوقية أنه في اليوم السابق للمجزرة تعرض الرئيس السوري السابق حافظ الأسد لمحاولة اغتيال، وذلك في 26 يونيو/حزيران 1980 حين كان يودع نظيره النيجيري حسين كونتشي على باب قصر الضيافة في حي أبو رمانة بالعاصمة دمشق.

فقد حاول أحد الحراس الشخصيين لحافظ الأسد اغتياله حين ألقى قنبلتين يدويتين وأطلق النار عليه، إلا أن حارسا شخصيا آخر يدعى خالد الحسين سارع لحمايته وضحى بنفسه، فنجا الأسد من الاغتيال وأصيب بجروح طفيفة.

واتهمت السلطات السورية جماعة "الإخوان المسلمين" بالتخطيط لمحاولة الاغتيال وتنفيذها، فانتقم حافظ الأسد وأخوه رفعت الأسد منهم بمجزرة تدمر.

وأكد ذلك رفعت الأسد بمقابلة تلفزيونية حين قال: "حادثة تدمر جاءت في أعقاب اغتيال الإخوان المسلمين للرئيس السوري حافظ الأسد.. الإخوان المسلمون اغتالوه وضربوه بالقنابل"؛ إذ عدّ -بالمقابلة ذاتها- أن الإصابة هي اغتيال.

حافظ الأسد نجا من محاولة اغتيال عام 1980 واتهم جماعة الإخوان المسلمين بتدبيرها (مواقع التواصل الاجتماعي) المجزرة

صدرت الأوامر في اليوم نفسه بتصفية المعتقلين في سجن تدمر الصحراوي، وهو سجن قديم يقع في صحراء حمص على بعد 200 كيلومتر من دمشق، بني في ثلاثينيات القرن الـ20 واستخدمه النظام لاعتقال سجناء الرأي والمعارضين والسياسيين وتعذيبهم.

أوكلت المهمة إلى سرايا الدفاع، التي كان يقودها رفعت الأسد، وكلف صهره الرائد معين ناصيف بعملية تصفية المعتقلين، فتوجه مع 100 من عناصر سرايا الدفاع إلى سجن تدمر بـ12 مروحية، دخل منهم نحو 80 عنصرا على الزنازين.

ويروي خالد العقلة أحد الناجين من مجزرة سجن تدمر تفاصيل ذلك اليوم فيقول: "اعتدنا أن يكون وقت التفقد وتبديل السجانين في الساعة الثانية ظهرا كل يوم، لكن في يوم الجمعة 27 يونيو/حزيران 1980 قاموا بعملية التفقد في الثامنة صباحا، وطلبوا أسماء المعتقلين القدامى في السجن".

وقبل التاسعة سمع المساجين حركة غير مسبوقة في السجن، وأصواتا لعدد كبير من الأحذية العسكرية تتحرك وتقف حول الزنازين وتجهز أسلحتها، وهو أمر لم يكن معتادا.

في تمام الساعة التاسعة صباحا سمع السجناء انفجار قنبلة يدوية لحقها صوت إطلاق رصاص متواصل استمر نحو 40 دقيقة أو تزيد بقليل وفق وصف خالد العقلة، ثم استمر إطلاق رصاص متقطع حتى الساعة 12 ظهرا، وترافق ذلك مع قطع الكهرباء والماء عن المهاجع جميعها.

ويؤكد خالد أن إطلاق النار على المهاجع كان في وقت متزامن، وأن إطلاق القنبلة بداية الأمر كان الإشارة للبدء بالقتل، وأن مهجعهم رقم 17 -الذي كان فيه 26 معتقلا- هو المهجع الوحيد الذي لم تدخله سرايا الدفاع، ولم يمت أحد منه، ولم يكن لديهم علم أنهم الوحيدون الذين بقوا أحياء من معتقلي السجن.

في الساعة 12 ظهرا توقف إطلاق النار بشكل كامل، وبعد 10 دقائق حلقت 8 مروحيات مغادرة المكان، ويؤكد العقلة أن من ارتكب المجزرة هم جنود سرايا الدفاع.

ويصف العقلة المشهد بعدها بالقول إن الدم تجمع في بركة صغيرة وسط ساحة السجن، وإنهم استطاعوا رؤية المشهد من شق صغير في الباب.

ويتابع: "بعد غياب الشمس بـ10 دقائق أحضروا مجموعة من العساكر المعاقبين، وكانوا نحو 100 عسكري من سجن آخر وأضاؤوا ضوءا واحدا في الباحة، وبدأ العساكر بنقل الجثث من المهاجع إلى الباحة، وهناك جلس أحد الضباط وبيده قضيب حديدي طويل، وكانت توضع الجثث أمامه ويغرزه فيها ليتأكد من موتها ثم تنقل الجثة إلى السيارة العسكرية".

ويؤكد العقلة أنهم رؤوا "هذه المشاهد من النافذة المطلة على الساحة لأن المهجع معتم والإضاة في الخارج فكانوا يستطيعون رؤية ما حدث".

ووفق شهادته فقد استمر نقل الجثث بـ3 سيارات عسكرية، تحركت آخرها بعد طلوع شمس اليوم التالي، وخلال هذه العملية وجد العساكر بين الجثث نحو 10 جرحى فقتلوهم جميعا صباح اليوم التالي للمجزرة رميا بالرصاص.

وتصف منظمة هيومن رايتس ووش المجزرة قائلة إن "وحدات من كوماندوز سرايا الدفاع التي يقودها رفعت الأسد قتلت نحو ألف سجن أعزل غالبيتهم من الإسلاميين انتقاما من محاولة اغتيال فاشلة للرئيس السوري".

وقد أكد العناصر الذين شاركوا في المجزرة وأدلوا بشهاداتهم لاحقا أن مدة تنفيذ المجزرة كان نصف ساعة، وأنهم أمروا بتصفية كل من في المهاجع بإطلاق النار والقنابل اليدوية.

يقع سجن تدمر على بعد 200 كيلومتر من العاصمة السورية دمشق (الجزيرة) دفن الجثث

أكد بعض المعتقلين السابقين الذين نجوا أن جثث من قتلوا في المجزرة دفنت في منطقة تدعى "وادي عويضة"، وهو مكان يبعد عن سجن تدمر عدة كيلومترات، وقد اعتاد السجانون دفن جثث من يقتل في سجن تدمر في هذا الوادي.

وفي عام 2001 صدر تقرير لمنظمة العفو الدولية أكدت فيه أن جثث المعتقلين دُفنت في مقابر جماعية كبيرة خارج السجن.

ما بعد المجزرة

يروي خالد العقلة ما حدث في اليوم التالي قائلا إنهم "أحضروا أناسا لتنظيف السجن والمهاجع، وآخرين لإصلاح الثقوب والشقوق التي تسبب بها إطلاق النار يوم المجزرة".

وبقي المهجع الذي نجا من الموت من دون طعام أو ماء ليومين، وفق وصف خالد، وفي اليوم الثالث أحضر لهم الطعام والماء لكن لم يستطع أحد منهم الأكل لهول ما شاهدوه وعاشوه.

ويؤكد العقلة أنه بعد إصلاح السجن بدأت تصل إليه دفعات من المعتقلين ليلا ونهارا على نحو متواصل، وأن كل من أتوا بعدها إلى السجن هم من الإخوان المسلمين.

النتائج

لا توجد إحصائية دقيقة بأعداد القتلى والضحايا، ولم يعلن عن أسمائهم، إلا أن تقريرا صدر عن منظمة هيومن رايتس ووتش يشير إلى أن أعداد القتلى يُقدر بألف معتقل أعزل، غالبيتهم من الإسلاميين.

في حين أشار الخبير السوري ميشال سورا في كتابه "الدولة الهمجية" إلى أن تحليلا أجرته الأجهزة الأمنية السورية بيّن أن عدد القتلى وصل إلى 1181 ضحية.

وأشارت عدة تقارير دولية إلى أن العدد يزيد على ألف معتقل، في حين أكدت مصادر حقوقية أن العدد يصل إلى 1200.

أما العقلة وبعض زملائه الذين شهدوا على المجزرة، فإن تقديراتهم تقول إن سرايا الدفاع قتلت يومها ما بين ألف و1500 معتقل.

أما من نفذوا المجزرة فقد قتل منهم عنصر واحد؛ إذ استطاع أحد المعتقلين مهاجمته وسحب بندقيته وأطلق النار عليه قبل أن يقتله بقية العناصر، وفق شهادة العسكري الذي اعتقلته السلطات الأردنية بعد عام من المجزرة.

تسرب الخبر ومطالبات دولية

على الرغم من التكتم الشديد الذي أحاطت به السلطات السورية المجزرة، وطرق التخلص من الضحايا؛ إلا أن الخبر تسرب دوليا بعد عام إثر اعتقال المملكة الأردنية الهاشمية عسكريَين سوريَين كانا ضمن مجموعة اتهمت بالتخطيط لاغتيال رئيس وزراء الأردن حينها.

وأثناء التحقيق معهما تحدثا عن مشاركتهما في مجزرة سجن تدمر. فطالبت حينها منظمة العفو الدولية السلطات السورية بإجراء تحقيق في المجزرة وتفاصيلها ومنفذيها، لكن الحكومة السورية لم تستجب للمطالبات.

وقد نشرت بعض المواقع الحقوقية السورية شهادات لعناصر شاركوا بالمجزرة تحدثوا فيها عن المهمة التي كُلفوا بها، وقدر بعضهم أعداد القتلى بـ500.

في حين قالت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إن المجزرة "تتعدى حدود جرائم القتل العمد المعاقب عليها بموجب القانون السوري"، وحملت المسؤولية الجنائية لكل من أمر بالمجزرة وساهم فيها ونفذها.

وقد طالبت اللجنة السورية لحقوق الإنسان الحكومة السورية بالإعلان عن أسماء الضحايا ومكان دفن الجثث، وأسماء المكلفين بتنفيذ المجزرة ومحاسبتهم قضائيا لكن من دون جدوى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإخوان المسلمین سرایا الدفاع إطلاق النار حافظ الأسد رفعت الأسد فی الیوم

إقرأ أيضاً:

حريق يطال مساحة 50 دونماً بين قريتي مصاد والرحى بالسويداء

السويداء-سانا

أخمد عناصر الإطفاء بالسويداء مساء اليوم حريقاً في الأراضي الواقعة بين قريتي مصاد والرحى، طال مساحة 50 دونماً.

وبين قائد فوج الإطفاء فادي الداوود في تصريح لمراسل سانا أن آلية من فوج الإطفاء الرئيسي توجهت إلى مكان الحريق مباشرة عند الإبلاغ عنه، وتبين امتداد النيران على مساحة نحو 50 دونماً، فيها عدد من بساتين اللوز ودوالي العنب، وتمت السيطرة على الحريق بمساندة من جرارات زراعية للأهالي وآلية من مديرية الدفاع المدني، مع القيام بعمليات التبريد اللازمة.

عمر الطويل

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

عناصر الإطفاء بالسويداء 2024-06-29malekسابق المقالة السابقة انظر ايضاً إخماد ثلاثة حرائق تطال مزروعات وحديقة بالسويداء

السويداء-سانا أخمد عناصر الإطفاء بالسويداء اليوم ثلاثة حرائق واسعة في عدد من المواقع،

آخر الأخبار 2024-06-29الصين تطلق بنجاح قمراً صناعياً جديداً 2024-06-29اليونيسيف تحذر من تدمير سلطات الاحتلال البنية التحتية الحيوية في الضفة الغربية 2024-06-29مصرع خمسة أشخاص وإصابة آخرين جراء انفجار مصنع للزجاج جنوب الهند 2024-06-29قوات الاحتلال تجبر فلسطينياً على هدم منزله في القدس المحتلة 2024-06-29مصرع تسعة أشخاص جراء انهيارات أرضية في جبال نيبال 2024-06-29النادي الدبلوماسي يزور جمعية دار الحنان لرعاية المسنين بريف دمشق 2024-06-29مظاهرات في مدن وعواصم عالمية تنديداً باستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 2024-06-29الرئاسة الفلسطينية: (شرعنة) البؤر الاستيطانية تأتي في إطار حرب الإبادة الشاملة التي يشنها الاحتلال ضد الفلسطينيين 2024-06-29منصور يجدد دعوته لمجلس الأمن لتحمل مسؤولياته لوقف العدوان الإسرائيلي وحماية الشعب الفلسطيني 2024-06-29حركة “إم 23” المسلحة تسيطر على مدينة استراتيجية شرق الكونغو الديمقراطية

مراسيم وقوانين الرئيس الأسد يصدر قانوناً يقضي بالتشدد في عقوبات وغرامات سرقة مكونات شبكتي الكهرباء والاتصالات 2024-06-13 الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث “الشركة العامة للصناعات الغذائية” 2024-06-11 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بصرف منحة بمبلغ 300 ألف ليرة للعاملين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين 2024-06-10الأحداث على حقيقتها استشهاد شخصين وإصابة عسكري جراء عدوان إسرائيلي استهدف نقاطاً بريف دمشق 2024-06-26 استشهاد طفلين وإصابة ثلاثة أشخاص جراء انفجار لغم من مخلفات الإرهابيين بريف حماة 2024-06-18صور من سورية منوعات شهر حزيران يدخل التاريخ بأرقام قياسية متوالية لدرجات الحرارة 2024-06-27 كوريا الديمقراطية تجري اختباراً ناجحاً لرؤوس حربية متنقلة 2024-06-27فرص عمل السورية للاتصالات تعلن عن مسابقة توظيف بفرعها بحمص 2024-06-27 السورية للاتصالات تعلن عن مسابقة توظيف بفرعها باللاذقية 2024-05-12الصحافة أسئلة وجودية.. بقلم: أ.د. بثينة شعبان 2024-06-24 موقع بريطاني: تغطية وسائل الإعلام البريطانية والغربية لجرائم الحرب في غزة انتقائية ومتحيزة 2024-06-23حدث في مثل هذا اليوم 2024-06-2929 تموز1996-  السورية غادة شعاع تفوز بالميدالية الذهبية لسباعي ألعاب القوى 2024-06-2828 حزيران 1960- كوبا تؤمم مصافي تكرير النفط الأمريكية الموجودة على أراضيها 2024-06-2727 حزيران2012- هجوم إرهابي استهدف مقر قناة الإخبارية السورية في بلدة دروشا بريف دمشق 2024-06-2626 حزيران 1974 – تحرير القنيطرة من العدو الإسرائيلي والقائد المؤسس حافظ الأسد يرفع العلم الوطني في سماء المدينة 2024-06-2525 حزيران 1678 – الإيطالية إيلينا بيسكوبيا تصبح أول امرأة بالعالم تحصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة 2024-06-2424 حزيران 1529- التوقيع على معاهدة سلام لإنهاء الحرب الأهلية في سويسرا
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2024, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • حريق يطال مساحة 50 دونماً بين قريتي مصاد والرحى بالسويداء
  • أردوغان يبدي استعداده للقاء بشار الأسد واستعادة العلاقات مع سوريا
  • أردوغان ينقلب على المعارضة السورية ويعلن استعداده لقاء بشار الأسد والتطبيع مع النظام
  • إردوغان يغازل الأسد.. انفتاح على إعادة العلاقات التركية السورية
  • بالصور.. أبرز الأحداث في أسبوع
  • ارتفاع ضحايا الحرب الإسرائيلية .. 47 فلسطينياً يلقون حتفهم آخر 24 ساعة
  • قرار تاريخي.. محكمة فرنسية تصادق على مذكرة اعتقال بحق بشار الأسد
  • بشار الأسد يرحب بـ”كل المبادرات” لإصلاح العلاقات مع تركيا
  • انطلاق فعاليات معرض الزهور الدولي بدورته الـ 44 في حديقة تشرين بدمشق