تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن فرع التأمين الصحي بالمنيا عن فتح باب القبول بالمدرسة الفنية للتمريض للعام الدراسي 2025 للطالبات الحاصلات على الشهادة الإعدادية لهذا العام.

 وأعلن فرع التأمين الصحي أن التقديم يتم عبر الموقع الإلكتروني للهيئة العامة للتامين الصحي والحد الأدني للمجموع 250 درجة في الفترة من 29 يونيو إلى 5 يوليو .

 

http://ww.hho.gov.eg/Ar/pages/default.Aspx

أو من خلال الرابط المباشر 

http:/41.33.97.115/Nursingschool/request.aspx

خطوات التقديم 

1-يتم فتح اللينك من يوم 29 \6 إلى 5\7\2024 ويظهر به شروط التقديم في المدارس الثانوية الفنية للتمريض. 

2-يتم إدخال كافة البيانات المطلوبة للطالب مع ضرورة تحديد العنوان الفعلي .

3- يتم رفع صورة بملف pdf يحتوي على (صورة شهادة الميلاد -صورة شخصية حديثة للطالب-صورة شهادة الإعدادية حديثة -صورة بطاقة الرقم القومي لولي الأمر -بيان درجة للصفين الأول والثاني من نفس المدرسة الحاصل منها علي الشهادة الإعدادية -شهادة حسن سير وسلوك )

4-يتم طباعة بطاقة الترشيح الخاصة بالطالبة من الموقع بعد التسجيل لتقديمها للمدرسة التي تم الترشيح لها 

5-يتم التوجه إلي المدرسة ببطاقة الترشيح في الموعد المحدد بعد انتهاء موعد التقديم وسيتم مراجعة الملفات ومطابقتها الشروط 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الثانوية الفنية للتمريض الشهادة الاعدادية خطوات التقديم شروط التقديم للهيئة العامة للتأمين الصحي

إقرأ أيضاً:

شهادة طبيب أمريكي: غزة أصبحت كـهيروشيما والدمار ضرب كل شئ

نشرت مجلة "نيويوركر" الأمريكية رسالة مؤثرة لطبيب أمريكي تحدث فيها عن الأوضاع الكارثية في قطاع غزة، وانهيار شبه الكامل للبنية التحتية الطبية، ونقص الموارد الحاد، وآلاف الضحايا الذين يعانون من إصابات مروعة. 

وقال طبيب الطوارئ، كلايتون دالتون، الذي عمل في غزة مؤخرا، إن المستشفيات لم تعد ملاذاً آمناً، بل أصبحت هدفاً مباشراً للهجمات. ومع ذلك، يستمر الأمل والإصرار على الحياة بين سكان القطاع.

ولفت الطبيب في رسالته، إلى الوضع الإنساني للمرضى والجرحى في المستشفيات "كارثي"، فالأطباء يعالجون جروحاً ملوثة، ويضطرون لاستخدام حلول بديلة مثل التثبيت الخارجي للعظام، مؤكدا أن الأطفال يشكلون نسبة كبيرة من الضحايا، ويعانون من إصابات خطيرة، وغالباً ما تُجرى العمليات بدون مسكنات أو معدات كافية.


وذكر دالتون أن شمال غزة تعرض لدمار واسع النطاق، حيث أصبحت مناطق بأكملها تشبه هيروشيما بعد القنبلة النووية، مشددا على أن استهداف المستشفيات مثل مستشفى كمال عدوان والمستشفى الإندونيسي أدى إلى شلل القطاع الصحي.

تاليا نص رسالة الطبيب كلايتون دالتون:
في التاسع والعشرين من يناير (كانون الثاني)، بعد أسبوعين من توصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، عبرت إلى غزة كجزء من بعثة طبية تتشكل من اثني عشر شخصاً. بعد أن قطعنا جنوب إسرائيل ضمن قافلة تابعة للأمم المتحدة، سرنا على خطى مرافق عسكري إسرائيلي عبر مجموعة من الحواجز الخرسانية. ثم خرجنا من سياراتنا وحملنا حقائبنا المعبأة بالأساسيات، الشاش، المضادات الحيوية، القسطرات، مقصات الطوارئ – وعبرنا بها من خلال باب معدني مضاد للانفجارات.
 
اجتزنا عبر منطقة حرام محاطة بالأسلاك الشائكة تكثر فيها نبتة الهندباء البرية. وأخيراً صعدنا إلى حافلة ركاب صغيرة زجاجها محطم، وانطلقت بنا نحو خان يونس، وهي مدينة يقطنها عدة مئات الألوف من الناس في جنوب غزة. كان سائقنا يميل بحافلته تارة ذات اليمين وتارة ذات الشمال تجنباً للحفر في الطريق. ما من مبنى مررنا به إلا وناله حظ من التدمير الكامل أو الجزئي.
رأينا عند أحد المنعطفات مئذنة تقف فوق مسجد مدمر. ومع ذلك كانت المدينة تعج بالحياة. رأيت عائلة يحتسون الشاي داخل بناية بلا سقف. تتدلى الملابس من حبال الغسيل المنصوبة على شرفات البيوت، ونبات الخس ينمو في حديقة أحد المباني المدمرة. ما يقرب من نصف سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة هم من الأطفال، والأطفال ينتشرون في كل مكان – يضحكون، يلوحون، ويلهون بالطائرات الورقية. 

عندما تعاقدت على العمل في غزة، في أواخر عام 2024، كان الجيش الإسرائيلي يشن هجمات برية وجوية شبه يومية. كانت أعداد الجرحى تثقل كاهل نظام الرعاية الصحية في المنطقة، والذي يكاد يلفظ أنفاسه. كنت أتوقع أن ألتحق بمستشفى واحد لأقضي فيه أسبوعين وأنا أساعد في علاجهم. بدلاً من ذلك، عندما وصلت، كانت القوات الإسرائيلية قد انسحبت من أجزاء من غزة، وتوقفت الغارات الجوية إلى حد كبير، وكانت العائلات المشردة قد بدأت بالعودة إلى الأماكن التي نزحت منها. وهذا يعني أن نظرتنا لم تكن محصورة فيما نشاهده داخل مبنى واحد. بل سنحت لي الفرصة لأطلع على صورة كاملة لما كان عليه وضع البنية التحتية الطبية في غزة. 

قضينا الليلة في مستشفى ناصر، وهو عبارة عن مبنى بني اللون يتكون من خمسة طوابق في خان يونس. بينما كنا نتجه نحوه، صاح فينا عبر نافذة حافلتنا شخص يقف على قارعة الطريق وقد عرف بأننا من فرق المتطوعين العاملين في الإغاثة، قائلاً: "ابقوا معنا. لا تكتفوا بالقدوم والمغادرة. الإنسانية تحصل ههنا." كان مستشفى ناصر هدفاً لهجوم كبير في فبراير (شباط) 2024، عندما قصف الجيش الإسرائيلي المستشفى، وقطع عنه الكهرباء والأكسجين، ثم داهم المبنى.

حينها، أخبر أحد الأطباء محطة السي إن إن إنه أثناء إخضاعه للتفتيش جرد من كل ملابسه، وقال: "إننا محاصرون بالكامل، لا يكاد يوجد لدينا أي طعام أو ماء." وحينها أعلنت وزارة الصحة في غزة أن عشرات المرضى قضوا نحبهم بسبب الهجوم، وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن "المزيد من الإخلال بنظام الرعاية الصحية الذي ينقذ حياة المرضى والجرحى سوف يفضي إلى مزيد من الوفيات".

إلا أن الجيش الإسرائيلي حكى رواية مختلفة، فقد قال إنه وجد داخل مستشفى ناصر أسلحة، بالإضافة إلى أدوية كانت مقررة للرهائن الإسرائيليين. كما زعم أنه ألقى القبض على المئات من الإرهابيين المشتبه بهم، بما في ذلك بعض الأشخاص الذين ادعى أنهم انتحلوا صفة عاملين في المستشفى أو كانوا ضمن طاقمه الطبي. وجاء في بيان الجيش الإسرائيلي ما يلي: "لقد تم تنفيذ العملية بشكل يضمن حداً أدنى من الإخلال بالنشاطات التي يقوم بها المستشفى ودون المساس بالمرضى أو بالطاقم الطبي".

وأضاف البيان: "سوف يستمر الجيش الإسرائيلي في القيام بمهامه بموجب القانون الدولي ضد منظمة حماس الإرهابية، والتي تعمل بشكل ممنهج من داخل المستشفيات." تكرر هذا السيناريو المرة تلو الأخرى في كل واحد من مستشفيات غزة الستة والثلاثين، وكان الجيش الإسرائيلي يبرر باستمرار قصف ومداهمة المستشفيات والقيام بما قد يعتبر جرائم حرب من خلال اتهام حماس بارتكاب جرائم حرب: تحويل المراكز الطبية إلى "مراكز إرهاب" والاختفاء خلف البنى التحتية المدنية. إلا أنه يندر أن يقدم المسؤولون الإسرائيليون دليلاً كافياً لوسائل الإعلام الإخبارية وللمنظمات الدولية لإثبات مزاعمهم تلك. في نفس الوقت تنفي حركة حماس أنها تستخدم مرافق الرعاية الصحية لأغراض عسكرية. 

تم إلى حد كبير إصلاح مستشفى ناصر، ولكن آثار العنف تشاهد في كل مكان. ففي حقل مجاور توجد بقايا سيارات الإسعاف المحترقة، وعلى شرفة خارج مقر إقامتنا عرض علينا طبيب فلسطيني ثقوباً أحدثتها رصاصات أطلقها قناص قال إنه كان بها يستهدف الطبيب وزملاءه. وأخبرنا جراح ضمن فريقنا إنه في مهمة سابقة عثر على عظمة إصبع بشري داخل المستشفى، ولأنه لم يعرف ماذا يفعل بها بادر إلى دفنها. 

في اليوم التالي، توجه عدد منا إلى مستشفى شهداء الأقصى على بعد عشرة كيلومترات في وسط غزة. في طريقنا نحو الشمال شاهدنا أحياء سكنية كاملة وقد سويت مبانيها بالأرض، وأقيمت على أنقاضها وسط الركام الخرساني مئات الملاجئ غير الرسمية باستخدام الصفائح المعدنية وأبواب السيارات والبسط والأغطية البلاستيكية. كان الناس يبحثون بين الحطام عما يمكنهم استخدامه، ومررنا برجل ينظف الشارع باستخدام مكنسة من القش. 

مستشفى شهداء الأقصى عبارة عن مجموعة من المباني المشيدة من الطوب الأصفر، تشوهت ملامحها بفعل الشظايا، تقع وسط جي سكني مزدحم. تم إنشاء المستشفى في الأساس للعناية ببضع مئات من المرضى. ثم أجبر ما يقرب من مليون إنسان على النزوح إلى المنطقة تحت وطأة القصف الجوي والاجتياحات البرية من قبل الجيش الإسرائيلي والقتال الكثيف مع المسلحين الفلسطينيين. كان المستشفى يستقبل أحياناً ما يزيد عن ألف مريض في اليوم الواحد، وكثيراً ما كانت موارده من الوقود والمستلزمات الطبية تنفد. كما تحول مستشفى الأقصى إلى هدف، حيث أصاب القصف الجوي ساحته التي كانت تؤوي آلاف الناس في خيام. قال الجيش الإسرائيلي إن المستشفى كان مقراً لمركز قيادة إرهابي. 

كان مرشدنا في مستشفى شهداء الأقصى محمد شاهين، الطبيب المقيم المتخصص في جراحة العظام، وهو شاب ممتلئ الجسم يبلغ من العمر خمسة وثلاثين عاماً. قال مازحاً إن الصراع كان مفيداً لجسمه لأنه خسر بسببه ثلاثين كيلوغراماً. فتح باب سقيفة معدنية غائرة تستخدم جناحاً مؤقتاً للمرضى، وقال: "لقد أنشأنا هذا الجناح في عشرة أيام".

غدت السقيفة الآن مظلمة، توجد في زاوية منها مجموعة من حمالات المرضى الفارغة. قال لي: "نحن الآن نتحول من معالجة الصدمات إلى إعادة البناء." فما لا يحصى عدده من الغزيين بحاجة إلى الرعاية الطبية إما لجروح قديمة أو لحالات طبية لم تحظ بالعلاج. كان لابد من إخلاء أحياء كاملة من الركام ومن الذخيرة التي لم تنفجر. 

في قسم الطوارئ التابع لمستشفى شهداء الأقصى حيز إضاءته خافتة يشتمل على ما يقرب من خمسة عشر سريراً. فوجئت بأن سريراً واحداً منها فقط ينام فيه مريض. بدا لي كما لو أن تخصصي، وهو طب الطوارئ، لم يعد عليه طلب كبير منذ بدء وقف إطلاق النار. ولذلك اقترح مدير مستشفى شهداء الأقصى بأنه لربما كان من الأفضل لي بدلاً من أن أحصر نفسي في قسم الطوارئ الذي يسوده الهدوء المخيف أن أقوم بتقييم أوضاع المستشفيات في كافة أنحاء غزة، وقال: "إننا نستحق حياة أفضل من هذه".

عصر ذلك اليوم، في غرفة العمليات، رأيت شاباً تعرضت يده اليسرى للتشويه. بينما كان أحد الجراحين يفرك يديه أخبرني بما حدث: لقد عاد الرجل إلى حطام منزله فانفجرت فيه قنبلة. لم تكن تتوفر لديهم أربطة، فتم ربط أنبوب قسطرة مثانة حول ذراعه لوقف النزيف. كما لم تكن توجد لديهم أرواب مستشفيات، فكان يرتدي صدرية صوفية عندما خدره إخصائي التخدير. 

في الطبقة العليا كانت توجد وحدة العناية المركزة. كتب أحدهم على بابها، الذي كان مغلقاً، عبارة باللون الأحمر تقول "وحدة العناية المركزة". جاء رجل من الممر وفتح الباب عنوة باستخدام ملعقة.

في الداخل، كان أحد زملائي، واسمه شيراز سليم، وهو شاب ملتح متخصص في العناية المركزة، يعالج صبية تعاني من الحماض الكيتوني السكري، وهي حالة خطيرة يمكن أن تودي بالحياة يصاب بها مرضى السكري بسبب نقص الإنسولين. إلا أن أطباءها كانوا يواجهون مشكلة في رصد مستوى السكر في دمها لأنه لم يكن يوجد لديهم جهاز لقياس السكر، وهو جهاز يباع في الصيدليات الأمريكية بما يقرب من عشرين دولاراً. 

في جناح الأطفال، وهي حيز ضيق رسمت على جدرانه صور شخصيات كرتونية، كانت توجد طفلة في التاسعة من عمرها اسمها مريم، وكانت تبكي بصوت منخفض بينما يقوم أحد زملائي الآخرين بالكشف عليها. كان شعرها مجدولاً ومربوطاً بشبرة صفراء اللون. فقدت مريم أحد ذراعيها، الذي بتر بعد إصابتها في غارة جوية. كما تسببت شظية بإحداث ثقب في جسمها ما بين المثانة والمستقيم. تم حتى الآن إجراء خمس عمليات جراحية لها.

في السرير المجاور لسريرها ينام طفل في الثالثة من عمره، والذي كان بحاجة إلى عملية جراحية بعد إصابته في غارة جوية قتل بسببها شقيقه الذي يبلغ من العمر خمسة أعوام. كان الولد يعاني من تقيح في جرح العملية. قال لي سليم فيما بعد: "لا يشعر المرء بأن ما يراه حقيقي. وكيف لشيء بهذه الفظاعة أن يكون حقيقياً؟"

في المساء، عرض علي طبيب فلسطيني متخصص في المسالك البولية صوراً من على هاتفه لمرضى كان يقوم على علاجهم. رأيت صورة شاب أصيب بعدة طلقات نارية في منطقة أصل الفخذ أطلقها عليه قناص إسرائيلي، وامرأة في الخامسة والثلاثين من العمر أصيبت في فرجها، ورجل تشطر كيس صفنه (الخصيتين). استحال لون وجه الإخصائي إلى الرمادي بينما كانت تنعكس عليه إضاءات الصور المنبعثة من هاتفه. ظل يتصفح ويقلب عائداً إلى الماضي إلى أن دخلت الصور التي التقطتها كاميرا هاتفه فجأة إلى واقع مختلف – صور الملتقيات العائلية، وصور الأطفال وهم يلعبون ويركضون فوق العشب. 

في السابع من أكتوبر 2023 قام آلاف المسلحين بقيادة حماس بالعبور إلى إسرائيل حيث نفذوا العديد من الهجمات المعدة بعناية ضد المدنيين، والذين كان كثيرون منهم يحضرون مهرجاناً موسيقياً. حاصر المسلحون الذين كانوا على متن دراجات نارية وشاحنات صغيرة الناس الهاربين وأطلقوا عليهم النار.

وفي كيبوتز مجاور، تنقلوا من بيت إلى بيت، يطلقون النار على بعض السكان ويخطفون بعضهم. قتل في ذلك اليوم ما يقرب من 1200 شخص، بما في ذلك عشرات الأطفال، وأخذ أكثر من 250 شخصاً، تتراوح أعمارهم ما بين تسعة شهور وخمسة وثمانين عاماً رهائن. (مازال يوجد في غزة 59 رهينة، يعتقد بأن 24 منهم مازالوا على قيد الحياة).

أغرق إسرائيل وبقية العالم طوفان من الصور لما آلت إليه الأوضاع بعد الهجوم. بعض الصور كانت لجثث أحرقت ولم يعد ممكناً التعرف على هويات أصحابها. بنهاية ذلك اليوم، لم يعد الزعماء الإسرائيليون يتحدثون فقط عن العدالة وإنما أيضاً عن الانتقام، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "إننا سوف ننفذ انتقاماً عظيماً لهذا اليوم الأسود. وكل الأماكن التي تختفي فيها حماس ومنها تعمل – سوف نحيلها إلى مدن من الحطام".

حتى الآن، أسقطت إسرائيل من المتفجرات فوق غزة أكثر مما تم إسقاطه على لندن ودريزدن وهامبورغ مجتمعين في الحرب العالمية الثانية. قتل أكثر من خمسة وخمسين ألف فلسطيني. ولم توفر المستشفيات، بل معظمها بات خارج الخدمة. قبل بضعة أسابيع من رحلتي، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من ألف من العاملين في قطاع الرعاية الصحية قد قتلوا، وأنها تحققت من تعرض المرافق الطبية في غزة لستمائة وأربعة وخمسين هجوماً. وقال ممثل عن منظمة الصحة العالمية إن قطاع الصحة في القطاع "تم تفكيكه بشكل ممنهج".

وفقط في الشهر الماضي، تم تصوير الجنود الإسرائيليين وهم يفتحون النار على سيارات الإسعاف في جنوب غزة، حيث قتلوا خمسة عشر من عمال الإغاثة. في البداية، زعم متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن العربات كانت "تتقدم بشكل مريب نحو قوات الجيش الإسرائيلي بدون أنوار ولا علامات طوارئ." ولكن ما لبث الجيش الإسرائيلي أن تراجع عن ذلك التصريح وفتح تحقيقاً بعد أن نشرت صحيفة نيويورك تايمز صوراً لأحد عمال الإسعاف بزيه الرسمي إلى جانب عربات إسعاف متوقفة ومعلمة بوضوح، وما تلا ذلك من إطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي استمر خمس دقائق. 

منذ السابع من أكتوبر، غدا إرسال التقارير من داخل غزة محدوداً للغاية. وبحسب لجنة حماية الصحفيين فإن ما لا يقل عن 169 من العاملين في الإعلام داخل إسرائيل والمناطق الفلسطينية المحتلة – أحدهم كان داخل خيمة للإعلاميين أمام مستشفى شهداء الأقصى، في العام الماضي، وآخر بالقرب من مستشفى ناصر، في وقت مبكر من هذا الشهر. حينما كنت هناك، كان مجرد استطاعتي مغادرة المستشفى أمراً يشي بالسريالية. 

في إحدى الأمسيات، خرجت أتمشى مع سليم شاهين، طالب الطب الذي يبلغ من العمر اثنين وعشرين عاماً. مررنا بباعة يبيعون أحذية غير متجانسة وبعض المنتجات التي وردت حديثاً. شاهدت رجلاً في مقعد الحلاق الذي راح يقصر له من شعره. سمعنا طلقات نارية تردد صداها عن بعد، قيل لي بأن مصدرها أفراد عصابات. سمعت طيوراً تغرد فنظرت حولي فإذا بي أرى ثلاثة أقفاص معدنية مربوطة بجانب خيمة، في داخل كل واحد منها يوجد عصفور صغير.

ثم أتينا على مدرسة مهجورة كانت قد استخدمت ملجأً. ظهرت مجموعة من الأطفال من عتمة الليل. فنادى علينا أحد الأولاد قائلاً: "كيف الحال؟" قادنا الأطفال إلى السطح وأشاروا نحو حقل غرست فيه مؤخراً أشجار زيتون – كان ذلك منظراً جميلاً يبعث على الأمل. قبل أن أغادر المدرسة مع سليم، جاء الولد الذي اسمه علي يجري نحونا، ولف ذراعيه حول ذراعينا، وراح يتأرجح بيننا بقدميه المسودتين كما لو كانتا بندولاً. تردد صدى ضحكاته في أنحاء المدرسة. 

في صباح اليوم التالي، أخذني طالب الطب إلى محطة إسعاف بجوار مستشفى شهداء الأقصى. ظهرت على كل واحدة من عربات الإسعاف علامات تشير إلى أضرار. أخبرني عامل إسعاف في الستين من عمره أنه بعدما يتعرض مبنى ما للقصف فإن المسيرات عادة ما تحلق فوق المكان، ولذا يخشى المنقذون الاقتراب من المبنى إلى أن تغادر المسيرات. سألت المسعفين ما هو أصعب شيء في عملهم هذا. قال أحدهم إن أصعب شيء هو أن تخرج لإنقاذ ضحايا القصف الجوي فتكتشف أنهم أفراد عائلتك. وقال آخر إنه انتشال جثث الأطفال. توقف قليلاً ثم أضاف: "غريب أن يسمح العالم لهذا الأمر بأن يحدث لنا".

كما أتى بي طالب الطب إلى قسم جراحة العظام. وهناك قال أحد جراحي العظام وهو يشعل سيجارته: "جراح المتفجرات ملوثة. نحاول الحد من الضرر." وقال إنه لا يمكنك إصلاح العظام بالصفائح والبراغي لأن الجرح سوف يتلوث بالجراثيم. بدلاً من ذلك، وعبر عملية تسمى التثبيت الخارجي، يدفع الأطباء بالدبابيس المعدنية عبر الجلد إلى داخل العظم، وتكون هذه الدبابيس مربوطة بسقالة خارج الجسم. ومع ذلك فإن معدل التلوث الناتج يصل إلى ثمانين بالمائة. ونظراً لأن المستشفى ينقصه المحلول الملحي يعمد الأطباء إلى خلط ماء الحنفية بالكلور الذي يستخدم عادة في برك السباحة. 

في ذلك اليوم، كان أحد الشباب يخضع لعملية جراحية داخل ما كان ذات مرة حجرة اختبار. قال أحد الجراحين إن مسيرة أطلقت عليه النار فأصابته في فخذه، فشطرت عظم فخذه. نجحت عملية التثبيت الخارجي في جبر الكسر، إلا أن العظم تلوث بالجراثيم بشكل لم يعد ممكناً السيطرة عليه. كش الجراح ذبابة، ثم فتح الجرح لكي يريني نهايات العظم الحادة والمكسورة. كان يخطط لبتر من نوع غير مألوف يسمى انفكاك الورك. لو كتبت للمريض حياة بعد ذلك فإن من غير المحتمل أن يتمكن من المشي. 

ما يقرب من ستين ألف شخص أجريت لهم عمليات تثبيت خارجي في غزة، وكثيرون سوف يضطرون للانتظار سنين قبل أن تجرى لهم عملية أخرى. قال جراح العظام: "سوف تكون تلك حياة بائسة بالنسبة لهم." ثم عرض علي صورة لقدم ممزقة لأحد المرضى، كان لابد من بترها. ثم انتقل إلى صورة صاروخ فضي يبرز من الأرض أمام بيته، حفرت على جانبه عبارة CBU-39. بحثت عنها فيما بعد لأكتشف أنه صاروخ أمريكي موجه زنته 250 رطلاً، من صنع شركة بوينغ. 

أسوأ حالات الدمار هي تلك التي شهدها شمال غزة، والذي يبدو في بعض الصور مثل هيروشيما بعد أن قصفت بالقنبلة النووية. معظم المستشفيات الاثنين والعشرين في الشمال تعرضت للهجوم المباشر، طبقاً لما أوردته السي إن إن. ظللت أسمع أن الشفاء، المستشفى التعليمي الأساسي في غزة والذي تحول إليه الحالات الصعبة، قد دمر تماماً. في صبيحة اليوم الخامس، خرجت أتمشى برفقة أحمد العسولي، أحد منسقي البعثة الطبية، وسرت في شارع الرشيد، الذي يمتد على ساحل البحر المتوسط. كنا نرجو أن نقوم بزيارة أهم المستشفيات في الشمال، وهو ما لم يكد يتمكن من إنجازه أي من الأجانب منذ السابع من أكتوبر.

لم يسمح الجيش الإسرائيلي لأي صحفيين أجانب بالزيارة بدون مرافقة من قبلهم، وعادة ما يبقى العاملون في المجال الطبي داخل مستشفى واحد، لأسباب تتعلق بالسلامة. كان بإمكاننا أن نرى من على يسارنا أمواجاً متألقة من صيادي السمك العاكفين على تسوية وترميم شباكهم. وعلى يميننا أرض قفر، بينما يتصاعد الدخان الأسود في الأفق البعيد، وترفرف فوق مبنى تعرض للقصف والتدمير راية بيضاء. 

بعد أن مشينا لبضع ساعات، تمكن العسولي من إيقاف سيارة، فتسلقنا إلى المقطورة التي كانت تجرها. كان يجلس إلى جواري رجل بادر بفتح علبة بسكويت وقدم لي قطعة منها. على مشارف مدينة غزة، تسلقنا عربة إس يو في مهشمة. رأيت امرأة تلقي بجردل من الفضلات عبر نافذة مفتوحة، ورأيت رجلاً يدخن داخل شقة فقدت أحد جدرانها.  

لم يكن سهلاً التعرف على قسم الطوارئ في مستشفى كمال عدوان، شمالي مدينة غزة، كمرفق من مرافق الرعاية الصحية. رافقنا عز، طالب طب نحيف في الثالثة والعشرين من عمره، مموج الشعر، والذي قام بمهمة الترجمة لنا في الشمال. زعم الجيش الإسرائيلي أن مستشفى كمال عدوان كان مركزاً لقيادة عسكرية تابعة لحماس. خلال اقتحام نفذه الجيش الإسرائيلي في ديسمبر التهمت النيران المستشفى ودمرته. 

تمكنت من رؤية الأماكن التي تدفق منها الدخان عبر النوافذ المحطمة، مما أحال لون المبنى من الخارج إلى السواد. ارتديت كمامة طبية وتبعت جراحاً اسمه صخر حمد نحو الداخل. كانت الرائحة الكريهة تتخلل المكان، وكانت ألواح الزجاج المحطم تسحقها أقدامنا أثناء السير. استخدمنا هواتفنا الخلوية لإضاءة الطريق أمامنا. أشار عز إلى حجرة خضع فيها لاختبار طبي قياسي أثناء الصراع، لم يعد يوجد بها الآن سوى إطارات أسرة محترقة. قادني حمد إلى الطابق العلوي، إلى أجنحة الولادة، وهذه أيضاً كانت محترقة. وفي وحدة العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة، وتلك كانت آخر وحدة من نوعها في شمال غزة، تناثرت الحاضنات المحطمة على الأرض. يذكر أنه بعد اجتياح قواتها لوحدة العناية المركزة، نشرت إسرائيل فيديو لما قالت إنها أسلحة وجدتها في إحدى الحاضنات. 

وفي جناح آخر شاهدنا مع حمد ثلاث غرف عمليات محترقة. اخترقت حزمة من ضوء النهار شقاً في السقف. وفي الجانب الآخر من القاعة توجد حجرة غسيل الكلى، وتلك كانت حطاماً كذلك. غادرنا المستشفى عبر ما كان ذات مرة المدخل الرئيسي، وغدا الآن مجرد ثقب في واجهة مسودة ومتهاوية. أمام المستشفى يوجد قبر جماعي كما أخبرني حمد. سألته كم عدد الناس المدفونين هناك، فقال: "هذا ما لا يعلمه منا أحد".

تم تدمير منزل عز في اليوم الثاني من الحرب، فانتقل إلى الإقامة كمتطوع في مستشفى الشفاء – أكبر المرافق الطبية في غزة، بما يحتويه من سبعمائة سرير وخمس وعشرين غرفة عمليات. بعد ذلك قال الجيش الإسرائيلي إن المعلومات الاستخباراتية تشير إلى وجود مركز قيادة لحماس داخل أنفاق تمتد تحت المستشفى. في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بدأت القوات الإسرائيلية في فرض حصار انتهى إلى مداهمة المستشفى وتعطيله عن العمل. فيما بعد نشرت القوات الإسرائيلية صوراً لأنفاق وأسلحة قالت إنها وجدتها هناك. 

أخبرني عز أن الأطباء اضطروا أثناء الهجوم إلى إجراء عمليات شق الصدر لتخفيف الضغط الناجم عن الإصابات الداخلية بدون استخدام مسكنات للألم أو مواد مخدرة، وقال: "كان صراخ المرضى مرتفعاً جداً." لم تكن تتوفر لديهم أجهزة فحص بالتصوير المقطعي ولا يوجد جراحو أعصاب، ولذلك قضى العديد من المرضى الذين كانوا يعانون من إصابات في الرأس نحبهم بعد أن توقفوا عن التنفس. على الرغم مما مر به من تجارب مريرة، مازال عز مصراً على ممارسة مهنة الطب في غزة، ربما بعد أن تتاح له فرصة التدريب في مكان ما في الخارج، وعن ذلك يقول: "هذه هي غايتي".

استقبلنا معتز حرارا، مدير قسم الطوارئ في مستشفى الشفاء، في عيادة خارجية سابقة تقع على مسافة قصيرة من المستشفى الرئيسي. وكان قد جهز العيادة بثمانية وعشرين سريراً وحولها إلى قسم صغير مؤقت للطوارئ. أخبرنا الدكتور حرارا أنه بعد كل غارة جوية، كانت العيادة تستقبل أحياناً ما يتراوح بين ثلاثمائة وأربعمائة مريض.

أما مستشفى الشفاء، أو ما تبقى منه، فقد تم هجره تماماً. ما كان ذات يوم ردهة مستشفى فسيحة وجيدة التهوية، غدا الآن كومة من الحديد الملوى والخرسانة المكسرة. في جانب من المكان تُشاهد تهوية المصعد وجزء من الدرج هوى نحو الطبقة الدنيا، بينما تتدلى من السقف الأجزاء الأخرى المتبقية من الدرج. سرنا بحذر نحو النصف الخلفي من الطابق الأرضي مروراً بأعداد من النقالات وعربات الأجهزة المحترقة، فيما كان يوماً قسم الطوارئ. 

كانت غرفة الطوارئ ضخمة، ولكنها خالية إلى حد كبير، وقد اسودت بفعل الحريق. كل ما تبقى من الجدار الخلفي فيها بعض الأعمدة. تمكنت من خلال الفراغات التي بينها من رؤية مقبرة ضخمة خلف المستشفى، حيث أعيد استخدام أجزاء من الركام كشواهد للقبور. عندما سألت الدكتور حرارا عما إذا كان بالإمكان إعادة إصلاح أي جزء من المستشفى، هز رأسه بالنفي. وكان مسؤول في العون الطبي للفلسطينيين، وهي جمعية خيرية بريطانية، قد قال إن إعادة بناء المستشفى قد تستغرق أكثر من عشرين سنة. 

منذ عام 1950، لم تزل إسرائيل عضواً موقعاً على معاهدات جنيف، والتي تنص على أن المستشفيات المدنية "لا يجوز في أي ظروف من الظروف استهدافها بالهجوم، بل ينبغي أن تظل طوال الوقت محترمة ومحمية." وفي تعديل أدخل عليها في عام 1977، تحرم المعاهدات شن أي هجوم "قد يتوقع منه التسبب في إزهاق أرواح المدنيين أو في إصابتهم بجروح، أو التسبب في الإضرار بالمنشآت المدنية، أو فيما هو مزيج من ذلك، مما قد يعتبر تجاوزاً لما يتوخى تحقيقه من مصلحة عسكرية مباشرة".

منذ السابع من أكتوبر، تعهدت إسرائيل بتجنب البنى التحتية غير العسكرية والأشخاص المدنيين. وقال سفير إسرائيل لدى الاتحاد الأوروبي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2023: "سوف نبذل قصارى جهدنا لتجنب الإضرار بالأبرياء. نحن ملتزمون بالقانون الدولي." يُذكر أن المستشفيات تحتفظ بوضعها الخاص حتى لو قدمت العلاج للمقاتلين الجرحى، ولكن فيما لو استخدمت في "أعمال تضر بالعدو" مثل إخفاء الجنود أو تخزين السلاح – وهو ما يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي – فإنها تفقد حماياتها الإنسانية. (ولكن حتى في هذه الحالة، يظل العاملون المدنيون في الكادر الطبي والمرضى متمتعين بالحماية القانونية.)

في الخريف الماضي، نشر فريق من الباحثين من جامعة هارفارد تحليلاً للمسافة بين مستشفيات غزة والحفر التي تسببت بها قنابل إم 84 زنة ألفي رطل. بإمكان قنبلة إم 84 تفريغ ما وزنه خمسة أطنان من الردم والتسبب في موجات اهتزازية لديها من القوة ما يكفي لتفجير الرئتين والجيوب. وقال عنها مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأمريكية: "إنها تحول مبان كاملة إلى شطائر من البانكيك." ولاحظت الورقة البحثية أنه خلال الأسابيع الستة الأولى من الصراع، كان أربعة وثمانون بالمائة من مستشفيات غزة يقع ضمن مجال التدمير لواحدة على الأقل من مثل هذه الحفر، وأن ربعها كانت تقع ضمن المجال الفتاك.

 وقد أخبرني أحد المشاركين في صياغة الورقة البحثية، وهو أخصائي في علاج الأوبئة المكانية وطبيب طوارئ اسمه بيه غريغ غريناف بما يلي: "لا أجد دليلاً واحداً على أنهم حاولوا حماية المدنيين أو البنى التحتية المدنية." وأضاف: "كيف يمكن للمرء استخدام تلك الأنواع من الأسلحة في مثل هذا الوضع ثم يستمر في الإصرار على أنه يلتزم بالقانون الدولي الإنساني؟" إلا أن الجيش الإسرائيلي أخبر ذي نيويوركر بأنه "لا يستهدف عن عمد المدنيين غير المشاركين." وقال إنه "يقر بالحمايات الخاصة الممنوحة للفرق الطبية بموجب القانون الدولي الإنساني، وملتزم باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية للتخفيف من الضرر الذي قد يلحق بها والحد من تعطيل الخدمات الطبية".

يمكن بوضوح من داخل مستشفى الشفاء رؤية إحدى المقابر التي أقيمت على عجل. 
عندما دخلنا عبر بوابة المستشفى العربي الأهلي – وهو الأقرب إلى ما يمكن أن يعتبر المستشفى الذي بقي عاملاً في الشمال – شاهدنا بنايتين حنطيتي اللون وبرجاً يبدو أنه حديث، ركبت على سطحه ألواح طاقة شمسية.  كانت معظم نوافذه مسننة بالكسر الزجاجية. تأسس المستشفى الأهلي في عام 1882 على يد مبشرين أنجليكان. توجد عليه لوحة للتذكير بالتحديث والترميم الذي تم فيه على نفقة المنظمة الأمريكية يو إس إيد في عام 2011. كانت العربات التي تجرها البغال تنقل بشكل دوري المرضي وتنزلهم على بابه، كثيرون منهم كانت أذرعهم أو سيقانهم مزودة بمسامير تثبيت تبرز للعيان.

تم تحويل معبداً ملحقاً بالمستشفى إلى جناح طبي رغم ما ناله من أضرار بسبب الشظايا التي أصابته. قادنا عز إلى غرفة طوارئ صغيرة، والتي رغم وقف إطلاق النار كانت تعمل بكامل طاقتها. 
لا توجد أجهزة تنفس ولا أجهزة مزيلة للرجفان ولا مضخات وريدية. أحصيت جهازين للكشف عن القلب وثمانية عشر مهوداً. قال عز: "جهازا كشف لنصف مليون إنسان. إنه شيء لا يصدق".

قدمني عز إلى فاضل نعيم، الذي يدير المرفق. كان المستشفى يحتوي على حيز لما يقرب من خمسين مريضاً، ولكنه يقدم بشكل روتيني العناية لعدة مئات من المرضى، ولذلك يضطر البعض منهم إلى النوم في الخارج. كان نعيم هو اختصاصي جراحة العظام الوحيد في المستشفى، ولكنه يستفيد من مساعدة من تسنح الفرصة لتدريبهم على يديه كلما أمكنه ذلك. قال لي فاضل نعيم: "لدي طالب طب في السنة الثالثة يمكنه الآن أن يقوم بمهام جراح العظام".

في وقت مبكر من الصراع، اتصل نعيم بعز ليحكي له أخباراً فظيعة. وصلت والدة عز إلى غرفة الطوارئ في المستشفى الأهلي، فقد تعرض منزل جديه للقصف، ثم بعد وصول عناصر الإسعاف انفجرت قنبلة ثانية في الجوار، كما قال عز. نجت والدته ولكن عشرين من أعضاء العائلة، بما في ذلك والده وشقيقه وجدته وابنة شقيقه وزوجة أخيه قتلوا. أخبرني عز بأن "بعضهم مازالوا مدفونين تحت الركام".

ببساطة، لم تتضرر كثير من المنازل في بيت لاهيا، في الجزء الذي يقع في أقصى الشمال من قطاع غزة، فحسب، بل سويت بها الأرض تماماً. كان المستشفى الإندونيسي، وهو مبنى مكون من أربعة طوابق، واحداً من المباني القليلة التي ظلت على قائمة على أصولها في الجوار، مع أنه هو أيضاً تعرض للقصف كما قيل. تحط العصافير على كومة من الركام ثم تنطلق إلى أخرى. سمعت ما يحتمل أن يكون قنبلة غير منفجرة جرى تفجيرها في مكان ناء. قادنا مروان سلطان، إخصائي القلب ومدير المستشفى، عبر الممرات المعتمة، ومريوله الطبي منتفخ من ورائه. 

لم يبق شغالاً سوى غرفة الطوارئ، حيث أجرى الأطباء عملية جراحية في الأعصاب في كرسي عيادة أسنان، وأجروا عمليات بتر على الأرض، كما يقول سلطان. في الخارج، أشار إلى حطام العديد من المولدات وحطام محطة أكسجين، قائلاً: "لقد حطمت القوات الإسرائيلية رئتي المستشفى." رأيت ثغرة في جانب المبني، قال لي إن دبابة اخترقت الجدار هي التي فتحتها. توجد في ساحة المستشفى شواهد قبور صنعت من بلاطات كانت تشكل جزءاً من السقف. قال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن تم العثور على أسلحة وأنفاق في المكان. 

قادني سلطان إلى الطابق العلوي، إلى غرفة العناية المركزة، حيث تعصف الرياح بالنوافذ المحطمة. أراد أن يعرض علي شيئاً اكتشفه بنفسه بعد أن غادرت القوات الإسرائيلية المستشفى. أشار إلى جهاز كشف القلب بالقرب من إحدى الجدران. بدا كما لو أن شاشة الجهاز تم اختراقها برصاصة. إلى جواره توجد آلة تخطيط كهرباء القلب وقد حطمت شاشتها. 

دخلنا غرفة خزين ضخمة في زاوية من زوايا وحدة العناية المركزة، وكانت مزدحمة بالأجهزة الطبية: آلات الموجات فوق الصوتية، مضخات وريدية، آلات غسيل الكلى، أجهزة قياس ضغط الدم. كانت كل منها مدمرة بفعل إطلاق الرصاص عليها – ليس بالنمط الذي يتوقعه المرء في حالة إطلاق النار العشوائي، وإنما بشكل منهجي. صدمني ذلك. لم أتمكن من إيجاد أي تبرير عسكري ممكن لتدمير المعدات التي تستخدم لإنقاذ الحياة. عندما سألت الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، قال الناطق: "إن المزاعم بأن الجيش الإسرائيلي يتعمد استهداف المعدات الطبية باطلة وعارية تماماً عن الصحة".

في نهاية المطاف استمر وقف إطلاق النار في غزة لشهرين فقط. في شهر فبراير (شباط) طرت عائدة إلى الولايات المتحدة. وفي الثاني من مارس (آذار)، منعت إسرائيل المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المستلزمات الطبية، من الدخول إلى غزة سعياً منها للضغط على حماس حتى تقبل بإعادة النظر في شروط وقف إطلاق النار. وفي مساء الثامن عشر من مارس (آذار)، استأنفت إسرائيل حملة القصف والتفجير.

بحلول الصباح كان أكثر من أربعمائة شخص قد قتلوا، بحسب ما أعلنت عنه وزارة الصحة في غزة. سرعان ما اكتظت مستشفيات الشمال بالمرضى، ولكن لم يكن يتوفر لديها سوى النزر اليسير من لوازم علاجهم، كما أخبرني عز في رسالة نصية بعث بها إلي، حيث كتب يقول: "في كل يوم نواجه خيارات مستحيلة." وفي الأسبوع الأخير حذر الجيش الإسرائيلي الطاقم الطبي في مستشفى الأهلي بوجوب إخلاء المرضى. ثم بعد عشرين دقيقة، أخرجت الصواريخ قسم الطوارئ من الخدمة ودمرت معملاً للوراثة. قال الجيش الإسرائيلي إن حماس تعمل هناك، إلا أن الجماعة نفت ذلك. 

عندما بدأت القنابل تتساقط على خان يونس، كان فيروز سيذوا، طبيب الصدمات الأمريكي الذي زار غزة من قبل، في مستشفى ناصر، نائماً في نفس الحجرة التي مكثت فيها من قبل. كنت قد تعرفت عليه من خلال مجموعة حوارية بين العاملين في قطاع الرعاية الصحية الذين شاركوا في مهمات طبية مثل تلك التي شاركت فيها. صحا سيذوا من نومه على صوت الانفجار الذي خلع باب الحجرة، فقام مسرعاً وهرول نحو غرفة الطوارئ. 

خلال الساعات التي تلت ذلك، جيء بمائتين وواحد وعشرين شخصاً إلى المستشفى، ما لبث اثنان وتسعون منهم أن فارقوا الحياة. راح سيذوا يبحث عن المرضى الذين يحتاجون إلى عمليات مستعجلة. وعن ذلك يقول: "كانت حالة من الفوضى العارمة. كانت الحجرات تغص بالأطفال الذين يموتون على الأرض، ينزفون، يصيحون، ويبكون." بعض المرضى كانوا أحياء، ولكن إمكانيات المستشفى المتواضعة كانت دون القدرة على إنقاذ حياتهم.

شاهد سيذوا العديد من الأطفال الذين أصيبوا بجروح بالغة في الدماغ. لم يكن لدى المستشفى جراح أعصاب، ولذلك لم يكن ثمة الكثير مما يمكن فعله لمساعدتهم. بعد فحصه لفتاة صغيرة، أشار سيذوا على قريب لها بأن يأخذها إلى مكان معين داخل غرفة الطوارئ، حيث يتم إرسال المرضى الذين يحتضرون. يتذكر أنه قال له: "احملها وخذها إلى هناك، وفقط ابق معها".

المريض الآخر الذي عاينه كان فتاة في الخامسة من عمرها، أصيبت بجراح في الصدر والبطن والرأس بفعل الشظايا. غرفة الطوارئ التي كانت فارغة عندما زرتها في يناير كانت مكتظة بالمرضى لدرجة أنه لم يتمكن من دفع الطاولة التي ترقد عليها باتجاه جهاز الفحص بالتصوير المقطعي. فما كان منه إلا أن حملها ونقلها بنفسه. أفادت الصور الملتقطة لها بأنها يمكن أن تنجو رغم ما أصيبت به من جراحات في دماغها، فحملها إلى غرفة العمليات وعالج الجراحات التي كانت في بدنها. (بعد خمسة أيام عادت إلى الكلام من جديد). 

ثم مضى ليعالج ثقباً بحجم كرة التنس في ظهر إحدى النساء، ثم ليعالج مريضاً آخر تهتك لديه شريان الأورطي، ثم ليعالج صبياً في الخامسة من عمره كل بدنه مصاب بالشظايا، مما نجم عنه سكتة قلبية. قام أحد زملاء سيذوا بفتح صدر الصبي كما لو كان صدفة محار وغرز ثقوباً في بطيني قلبه. أعاد الزميل تشغيل قلب الصبي من خلال حقنه بالإبنفرين، وقاما معاً بإصلاح التلف الذي أصاب كبد الصبي وغلافه الحاجز، ومصرانه الغليظ، ومعدته، وكليته. ولكن بالرغم من كل ما بذلاه، مات الصبي. 

قال سيذوا إن واحداً من أواخر مرضاه في تلك الليلة كان صبياً في السادسة عشرة من عمره اسمه إبراهيم، أصيب بجراحات في أمعائه بسبب شظية. قام سيذوا بخياطة مستقيمه وعمل له فغراً للتصريف – وهو ثقب من الجسم إلى الخارج – للسماح لقناته الهضمية بالتعافي. إبراهيم شعره أسود، وهو نحيل بسبب سوء التغذية. كان يتوقع له أن يتعافى تماماً. بدا أن والد الغلام لا يعرف سوى كلمتين باللغة الإنجليزية – شكراً لكم، وظل يرددها. قال لي سيذوا: "كان ذلك جميلاً منه".

بعد خمسة أيام كان إبراهيم مستعداً للعودة إلى منزله. في عصرية ذلك اليوم كان سيذوا في طريقه إليه ليتأكد من وضعه، فأشار إليه زميل له، فذهب إليه، وبينما هما يتحاوران بشأن أحد المرضى، هز انفجار المستشفى. قام زملاء سيذوا الفلسطينيون بسحبه بعيداً عن النافذة. لقد تعرض المبنى للضرب. قال الجيش الإسرائيلي فيما بعد إن القصف استهدف أحد كبار قيادات حماس السياسية اسمه إسماعيل برهوم. زعم الناطق باسم الجيش أن برهوم كان "داخل المستشفى من أجل القيام بعمل إرهابي".

 وصف سيذوا هذا الزعم بأنه هراء وسخيف. كان برهوم من أقارب إبراهيم، كما أخبرني سيذوا، ولذلك كانوا يتلقون العلاج الطبي في نفس الغرفة. وقال: "لقد كان مصاباً وكان هنا بوصفه مريضاً. وأنا أخبرك بذلك كشاهد عيان".

بعد الهجوم هرول سيذوا مسرعاً نحول غرفة الطوارئ. قال لي: "لم نكن نعلم ما إذا كان الإسرائيليون سيهاجمون المستشفى أو سيقصفونه ثانية." في النهاية، سارع عدد من الرجال بالدخول، وحملوا غلاماً ملفوفاً في غطاء سرير، وأتوا به إلى حجرة الصدمات ووضعوه على طاولة المعاينة. عندما كشف سيذوا غطاء السرير أصيب بالصدمة. كان بطن المريض مقطعاً وأمعاؤه تتدلى منه. كان ذلك إبراهيم، وكان قد فارق الحياة.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل مسابقة معلمي الحصة لشغل وظائف «معلم مساعد».. وموعد الإعلان الرسمي
  • وظائف السعودية براتب 4000 ريال شهريا.. اعرف التخصصات المطلوبة وطريقة التقديم
  • بالرابط.. الاستعلام عن القبول المبدئي وموعد الامتحانات لوظائف النقل
  • خطوات الحصول على أرقام جلوس الثانوية العامة 2025 وموعد إعلانها
  • شهادة طبيب أمريكي: غزة أصبحت كـهيروشيما والدمار ضرب كل شيء
  • شهادة طبيب أمريكي: غزة أصبحت كـهيروشيما والدمار ضرب كل شئ
  • أكاديمية الدكتور سليمان الحبيب تعلن البدء في التقديم للنسخة الرابعة من برنامج زمالة طب الطوارئ بجامعة جورج واشنطن
  • فتح باب التقديم لتعاقدات المرحلة الثانية من مشروع الغاز الطبيعى بالوادى الجديد
  • شروط استخراج قيد عائلى 2025 عبر الإنترنت والأوراق المطلوبة
  • ننشر مواعيد غلق وفتح المحلات بالمنيا بعد تطبيق التوقيت الصيفي