أصدر مجمع اللغة العربية، كتابا خاصًّا بالترجمة لأعضائه من المصريين والعرب والمستعربين على مدار تاريخه من عام 1932 وحتى الآن، أعده وصنفه فريق عمل برئاسة الدكتور محمد حسن عبدالعزيز «عضو المجمع»، مع أساتذة كبيري محرري المجمع وهم: جمال عبد الحي، وخالد مصطفى، وحسين خاطر.

وكشف المجمع أن الكتاب استغرق العمل فيه عدة سنوات، وهو إضافة لكتاب «المجمعيون في خمسين عامًا» للدكتور محمد مهدي علام «نائب رئيس المجمع الأسبق»، موضحا أن الدكتور صلاح فضل «رئيس المجمع الراحل» صدَّر لهذا السِّفْر الكبير قبيل وفاته.

مقدمة صلاح فضل للكتاب

وقد جاء في تصدير الكتاب: «لقد صدر المرسوم الملكي بإنشاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة في الثالث عشر من ديسمبر عام 1932م، ونص على أن «يُؤَلَّف المجمع من عشرين عضوًا عاملًا يُختارون من غير تقيد بالجنسية، من بين العلماء المعروفين بتبحرهم في اللغة العربية أو بأبحاثهم في فقه هذه اللغة أو لهجاتها».

وتابع: منذ هذا التاريخ ومجمع اللغة العربية بالقاهرة ذو طابع عالمي، يتجاوز الحدود القومية والإقليمية، إذ كان تشكيله الأول يضم عشرة من هؤلاء العشرين من المصريين، وخمسة من علماء العالم العربي، وخمسة من المستشرقين المشهود لهم بخدمة اللغة العربية ودراستها.

ثم أُعيد تشكيل المجمع في عام 1940م على ألا يقل عدد أعضائه عن أربعة وعشرين عضوًا، ولا يزيد على ثلاثين عضوًا، مع جواز أن يكون ثلثهم على الأقل من غير المصريين، ثم توالت التعديلات القانونية بزيادة عدد الأعضاء مراعية الاحتفاظ بهذا الطابع العالمي الذي ميَّز مجمع اللغة العربية المصري منذ إنشائه.

وعبر هذا التاريخ الممتد ظفر بعضوية هذا المجمع لفيف من العلماء والمفكرين والكُتّاب الرُّوّاد، واللغويين النابهين، فنال عضوية المجمع علماء تولوا مشيخة الجامع الأزهر، ورُوّاد للقصة والمسرح، ووزراء سابقون، وعددٌ لا بأس به من المستشرقين ممن لهم سهمة جلية في تحقيق التراث العربي ودراسته.

الإسهامات العلمية لأعضاء المجمع

وإن نظرة إلى الإسهامات العلمية لهؤلاء الأعضاء داخل أروقة المجمع وفي محاضر جلسات مجلسه ومؤتمره، أو بين دفتي إصداراته المتنوعة، لتكشف لنا أنهم رغم تعدد معارفهم، وتنوع تخصصاتهم ومجالاتهم العلمية والمهنية – بعضهم من علماء الطبيعة والرياضيات، وبعضهم من الأطباء، وبعضهم من رجال القانون، وبعضهم من رجال التاريخ والآثار والجغرافيا، وبعضهم من علماء اللغات الشرقية، وبعضهم من رجال الصحافة، وبعضهم من الشعراء وكُتّاب المسرح...إلخ – فإنهم وجَّهوا كل هذه المعارف والخبرات في إخلاص المؤمنين وتواضع العلماء لخدمة اللغة العربية وتطويرها، وتيسيرها وتطويعها لتكون وعاء للعلوم الحديثة، ومُواكِبة للتطور الحضاري في كل مجالات الحياة.

ولم يتوقف دور هؤلاء العلماء داخل المجمع فحسب؛ إذ كانوا قبل عضوية المجمع وفي أثنائها مفكرين وعلماء مبرَّزين، كان لكثير منهم دور في إثراء عقل مصر الثقافي وفي تشكيل وعيها الحضاري والفكري في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين من أمثال أحمد لطفي السيد، وطه حسين، وعباس العقاد، وتوفيق الحكيم، وأحمد عمار، وإبراهيم مدكور، وعزيز أباظة، ومهدي علام، وشوقي ضيف، وأحمد مستجير، وعلي حلمي موسى، وفاروق شوشة، وغيرهم.

وكان من الطبيعي أن تُترجم سيرهم الحياتية ومسيرتهم العلمية من وجهات متعددة، وقد لُوحظ أن السيرة المجمعية لهؤلاء الأعلام لم تأخذ حقها من العناية والتدوين بالشكل الكافي فيما كُتب عنهم؛ ربما لأن أغلب البيانات والمعلومات التي تغطي الجانب المجمعي من سيرهم تحويها سجلات المجمع ومحاضر جلساته الخاصة، كالكلمات التي قيلت في حفل استقبالهم أو تأبينهم وما شاركوا به من آراء لغوية وثقافية وفنية في جلسات مجلس المجمع، وما أبدوه من مقترحات لتطوير اللغة العربية وتيسيرها، وما جادت به قرائحهم من إصدارات أدبية شعرًا ونثرًا، وما ألقوه من أبحاث، وما صاغوه من مصطلحات تعريبًا واشتقاقًا ونحتًا وغيرها من الجهود المجمعية، وكذا مشاركتهم في اللجان المختلفة، ونحو ذلك من الأنشطة المجمعية.

وكان سعي المجمع لتسجيل السيرة الحياتية والعلمية لهؤلاء الأعلام من سدنة اللغة مشفوعة بمسيرتهم المجمعية الحافلة بالعطاء في هذا المحراب الكريم، فصدر عن المجمع المئة الكرام في ترجمة مئة عضو من أعضاء المجمع للأستاذ الدكتور مهدي علام، والمجمعيون في خمسين عامًا، وذلك من عام 1934 حتى 1984م، ثم كتاب المجمعيون في خمسة وسبعين عامًا للأستاذ الدكتور محمد حسن عبد العزيز الذي زاد فيه على ما قدَّمه الدكتور مهدي علام، فقدَّم ترجمة وافية لمئتين وستة وعشرين عالمًا من العلماء الأعلام أعضاء المجمع من المصريين وغير المصريين والمستعربين، بداية من عام 1932 حتى 2007م، مزوَّدًا بسجل من التوثيق البصري من الصور الجماعية والفردية.

ثم تبيّن لنا أن ما نُشر حول السادة الأجلاء أعضاء المجمع لم يكن وافيًا بأعمالهم الرائدة، لاسيما فيما يتصل بما كُتب عنهم من مؤلفات وأبحاث، أو ما تُرجم لهم من أعمال ونصوص، أو فيما نُشر لهم من مقالات منسية لم تكن في بؤرة الاهتمام من قبل، كما غاب عن بعض الترجمات السابقة بعض المعلومات المحورية عن حياة بعض العلماء، ظهرت في بعض الوثائق والسير الغيرية التي كُتبت عنهم.

فضلًا عن أن بعض الترجمات السابقة كانت في حياة بعض الأعضاء وغاب عنها ما أحرزوه من تكريمات وجوائز تشهد لهم بالفضل والسبق، وكذلك حظي المجمع بعضوية عدد من العلماء الأجلاء من مصر وغيرها منذ عام 2007م حتى الآن؛ لذا يتوجب وضع ترجمة لهم شأن أسلافهم المجمعيين.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مجمع اللغة العربية مجمع اللغة العربیة

إقرأ أيضاً:

زينب سديرة.. «طريقة للبقاء، طريقة للحياة» بالمجمع الثقافي

فاطمة عطفة (أبوظبي)
افتتح المجمع الثقافي، معرض «طريقة للبقاء، طريقة للحياة» للفنانة الجزائرية زينب سديرة، ويستمر المعرض حتى 8 مارس 2025، ويسلط الضوء على الممارسات السينمائية للفنانة سديرة، والممتدة من عام 2002 إلى عام 2022، حيث تتعمق أعمالها في موضوعات الهوية والذاكرة والثقافة والمقاومة، من خلال أفلام قصيرة عدة، أولها بعنوان: «الأحلام ليس لها عنوان» (2022)، وهو عرض سينمائي شامل يعكس حياة سديرة الشخصية وتاريخ السينما المناهضة للاستعمار في الجزائر في سياق مرحلة ما بعد الاستعمار والاندماج، وذلك باستخدام أسلوب السيرة الذاتية، إضافة إلى تجارب مهمة من حياتها الشخصية على خلفية السينما التجريبية الطليعية وسرديات الشتات.

والفيلم الثاني «اللغة الأم» (2002)، ويستخدم تنسيقا ثلاثي الشاشة، ليعرض حوارات مع ثلاثة أجيال من النساء: هي الفنانة زينب ووالدتها وابنتها، حيث يستطلع الفيلم كيفية تطور نقل الذاكرة نتيجة تحول اللغات عبر الأجيال، وهو يُعد واحداً من أكثر الأعمال التركيبية شهرة لسديرة.
والفيلم الثالث «ميز أون سين» (2019)، والذي يعيد تجميع لقطات من الأرشيف للأفلام المناهضة للاستعمار في الجزائر خلال ستينيات القرن الماضي، ويقدم سرداً جديداً للحظات التاريخية المحورية للجزائر، والروح التعاونية لصانعي الأفلام المناضلين، والفيلم بمثابة استعارة لتآكل الذاكرة وتحديات الحفاظ على الأرشيف.

أخبار ذات صلة «مكتبة» تكرّم الفائزين بمسابقة «القارئ المبدع» على مسرح المجمع الثقافي.. «احتراق شمعة» تجسيد لأوجاع كاتب مُحبَط

تمزج أفلام سديرة، الحاصلة على تقدير دولي، بين الأرشيفي والتاريخ الشفهي ورواية القصص العميقة، بين التاريخ الرسمي والقصص الشخصية والعائلية، لتصوغ وجهات نظر دقيقة تتحدى الروايات الحالية وتعيد تفسيرها، وتقدم رؤى عميقة حول كل من المفاهيم الشخصية والسياسية.
يذكر أن زينب سديرة وُلدت عام 1963 لأبوين جزائريين، وتستكشف أعمالها موضوعات متجذرة في حياتها الشخصية، وتتناول قضايا عالمية أوسع نطاقاً تتعلق بالتحرر الثقافي وتعقيدات مسألة الشتات.

مقالات مشابهة

  • زينب سديرة.. «طريقة للبقاء، طريقة للحياة» بالمجمع الثقافي
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يطلق برنامج شهر اللغة العربية في فرنسا
  • السبت.. "جمال الحرف في اللغة العربية" ندوة ومعرض بمكتبة القاهرة الكبرى
  • لأول مرة منذ 20 عاما.. انتخاب مصر رئيسا لمجلس إدارة منظمة العمل العربية
  • بالإجماع.. خالد حنفي أمينا عاما لاتحاد الغرف العربية لولاية ثالثة
  • لأول مرة منذ 20 عاما.. انتخاب مصر رئيسا لمنظمة العمل العربية
  • خالد حنفي أمينا عاما لاتحاد الغرف العربية لولاية ثالثة
  • البحوث الإسلامية: تنفيذ ٢٥ ألف لقاء دعوي وتوعوي بالمحافظات في سبتمبر
  • الجهود الدعوية لمجمع البحوث الإسلامية في شهر سبتمبر
  • هوس الكرملين بالتجسس يزرع الخوف بين العلماء الروس