عساكر وضباط الجيش يقدمون أنفسهم بكل سخاء في ظل ظروف سيئة للغاية. رواتب متدنية لا تكفي لشخص واحد ناهيك عن أسرة، وحتى في ميدان المعركة بعضهم لا يجد ولا حتى عناية طبية؛ جرحى يتم علاجهم بالتبرعات وآخرين يتكفل بهم أهلهم. مواقع عديدة سقطت بسبب نفاد الذخيرة.

ومع كل ذلك، العسكري يقاتل ويستشهد. بلا مرتب، بلا معينات، بلا ذخيرة ويقاتل حتى النهاية.

إذن لا توجد مشكلة في الجيش كجيش. وفي الوقت نفسه، ورغم كل شيء، لا ننكر المجهود الذي تقوم به قيادة الجيش من الناحية العسكرية البحتة، والذي لولاه لسقطت البلد ولأصبحنا تحت سلطة عملاء الأمارات. بعد أن تسببت في تردي الأوضاع الأمنية والعسكرية في البلد إلى هذا الدرك، لاشك أن قيادة الجيش تبذل أقصى ما في وسعها. ولكن أقصى ما في وسع الجيش ليس كافيا.

لا يمكن للجيش أن يقاتل وينتصر بدون دولة تسنده. في كل تاريخ العالم والبشرية الحروب تخوضها الدول والممالك والإمبراطوريات لا الجيوش؛ بمعنى أن الجيش هو أداة الدولة في الحرب، وهو ليس الدولة ولا يخوض الحرب من تلقاء نفسه بمعزل عن الدولة.

لذلك، فالوضع الحالي في السودان شاذ للغاية. يوجد جيش يقاتل ولكن لا توجد دولة. حينما اندلعت الحرب لم تكن هناك حكومة. وفي الحقيقة فقد توقف وجود الدولة في السودان منذ لحظة بيان ابنعوف وإنهاء نظام الإنقاذ. أصبحت البلد تحت قبضة حميدتي لبعض الوقت ثم حميدتي والقحاتة الخونة ومعهم البرهان كشريك ثم بعد الإطاحة بحكومة حمدوك استمر الفراغ، وظلت الدولة تتآكل وتذوب طوال هذا الوقت قبل الحرب وبعدها. والمسئول الأول عن كل هذا هو البرهان شخصيا.

الجيش يقاتل لوحده بلا أي سند. معينات كثيرة فيما يخص الجانب العسكري كان يمكن توفيرها لو أن هناك حكومة فاعلة، ولكن الجيش يقاتل بلا ظهر لأن قيادته تسجن الدولة وتعطلها. قيادة عسكرية قد تجيد العمل العسكري أو لا تجيده ولكنها قطعا غير مؤهلة لإدارة دولة كاملة في حالة حرب؛ دولة بلا حكومة وبلا مؤسسات.

عساكر وضباط الجيش يجب أن يعلموا أن ظهرهم مكشوف بسبب قيادتهم التي تسيطر على الدولة دون أن تملك القدرة السياسية على إدارة هذه الدولة؛ وأنهم كجيش لن يستطيعوا الصمود لفترة طويلة في ظل هذا الوضع. قد تصمد اليوم وتنتصر غدا، ولكنك على المدى القصير ستنهزم.

لا يوجد جيش في العالم يستطيع أن يحارب حرب طويلة تدعمها دول ومنظمات لها قدرات إقتصادية وسياسية ودبلوماسية فائقة دون أن تكون هناك دولة وراء هذا الجيش.

لقد جرد أعداء السودان الدولة السودانية من صفة الدولة واختزلوها في الجيش؛ حتى في التفاوض يتفاوض الجيش كجيش، لا كحكومة. ولكن اللوم ليس على الأعداء، فهم أعداء في النهاية. السؤال هو ماذا فعلت القيادة التي تحتكر في بورتسودان لكي يتم التعامل مع السودان كدولة؟.هل البرهان نصف إله مثلا أو سوبرمان لكي يستمد الشرعية من ذاته؟
يوجد في السودان حاليا أكبر التفاف جماهيري حول هدف الدفاع عن الدولة والمحافظة عليها؛ لا يمكن أن تتوفر شرعية لأي حكومة في تاريخ السودان أكثر من شرعية الدفاع عن الدولة والشعب في هذه اللحظة، ولن تجد سندا أكثر من السند المتاح حاليا. ولن يكون السودان في أي لحظة من تاريخه أحوج إلى وجود حكومة ودولة من الآن.

حليم عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

يوسف الخال يكشف أسرارًا شخصية وفنية في الحلقة الأخيرة من "عمر جديد" مع نسرين الظواهرة عبر أغاني أغاني

  حل الممثل اللبناني يوسف الخال ضيفًا على الإعلامية اللبنانية نسرين الظواهرة في الحلقة الأخيرة من هذا الموسم للبرنامج الإذاعي "عمر جديد" عبر أثير إذاعة "أغاني أغاني" على الموجة 87.9 FM..  في تفاصيل الحلقة، كشف يوسف الخال عن إستيائه من اختيار الممثلين في بعض الأدوار مشيرًا إلى أنه يجب اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب وليس فقط بسبب اسمه واعتبر الخال أنّ الممثلين اللبنانيين غير مرحّب بهم إذ لا ينالوا حقهم الذي يستحقونه في بناء العمل الدرامي على أساس تواجد الممثل اللبناني بين الأسماء العربية في الدراما. 

 

 

 وتابع بالقول أنّ هذه المشكلة تواجه كل الممثلين اللبنانيين لكن لا أحد يتحدث عن هذا الموضوع، وأعطى مثلًا أنّ إحدى الممثلات اللبنانيات تعاني بسبب المكان الذي تعمل فيه إلا أنها بحاجة إلى المال لكنه لا يقبل بهذا الأمر لأنّ لديه خبرة خمسة وعشرين عامًا في مجال التمثيل. 

 

 

 

 وأشار يوسف الخال أنه خائف من المستقبل لأنه من الممكن أن يصبح مخرجًا ويبتعد عن الشاشة.  وكشف أنه في وقت سابق كان هناك عدد كبير من المنتجين لكن تطور "السوشيال ميديا" طرح مشاكل عديدةً وأصبح هناك منتجيْن فقط مسيطريْن على جميع الأعمال، مضيفًا أن أحد المنتجين أساء له وأنه عندما كان في الشركة المنتجة كان يُفرض عليه تنفيذ بعض الأمور من أجل إحدى الممثلات.  أيضًا تحدث يوسف الخال أنه ممتن لأنه عاش في زمن التسعينات رغم كل الحروب والأزمات والمشاكل السياسية التي كانت حينها لكن في المقابل كان هناك موسيقى جميلة وأُناس تحب بعضها البعض والبيوت كانت تبقى مفتوحةً للجميع. 

 

 

 

  وخلال الحلقة أشار يوسف إلى أنه لديه أصدقاء يتحدث معهم في جميع الأمور مشيرًا إلى أنه فقد العديد منهم مع الوقت حيث كشف أنّ والده الفنان الراحل يوسف الخال كان يقول له دائمًا "يمتلك الإنسان في بداية حياته ألف شخص وتنتهي حياته مع شخص واحد".  

 

 

 

 

كما سألت نسرين الظواهرة ضيفها عن أهمية أن يكون نجل الفنان الراحل يوسف الخال ليجيب أنه أمر مهم  مضيفًا أنها كانت تسبب له عقدةً إلا أنه مع الوقت أصبح سعيدًا بعد معرفته الطريقة التي كان يفكر بها والده. 

 

 

 

 

 أما عن والدته الشاعرة القديرة مها بيرقدار فأشار إلى أنها دائمًا تقول له أنه يحارب الكون مشيرًا إلى أنه سعيد بإطلاق كتابها الجديد "حكاية العراء المرعب". 

 

 

  ونوّه يوسف الخال بأنّ أغلب الأوقات يفكر بكل الأمور المتعلقة بالفن، كما كشف أنه كان لديه عملًا تجاريًا خاصًا به إلا أن هذا الأمر تطلب منه أن يكون حاضرًا. 

 

 

 

 وعن العمر الجديد الذي يتمنى أن يعيشه، قال يوسف أنه سعيدًا بتواجده إلى جانب ابنته إلا أنه ليس سعيدًا في حياته بسبب عدم تقدير الممثل اللبناني.

 

 

 

 

  وفي سؤال حول حياته الشخصية، عبّر الخال عن مدى سعادته في كيفية حفاظه على علاقته الصحية بزوجته الفنانة نيكول سابا منوّهًا بامتنانه لفكرة إبعاد ابنتهما عن الأضواء على عكس العديد من النجوم وأبنائهم لأنه يعارض هذه الفكرة. 

 

 

 

 

 الجدير بالذكر أنّ نسرين الظواهرة استضافت في هذا الموسم من برنامج "عمر جديد" عبر إذاعة أغاني أغاني عددًا من النجوم ألا وهم معتصم النهار، وليد توفيق، أنس طيارة، أسامة الرحباني، نزار فرنسيس، ليليان نمري، الاختصاصية النفسية سميحة زين الدين،  كارين رزق الله، كارمن لبس، جورج خباز، وأخيرًا يوسف الخال، وذلك على مدار إحدى عشر حلقة حيث كشف الضيوف خلالها العديد من أسرارهم الفنية والشخصية وأبدوا آرائهم في شتى المجالات الاجتماعية ضمن حوارات اتسمت بالشفافية، وحققت جميع الحلقات تفاعلًا مع الجمهور والصحافة على أن يطل البرنامج في موسم جديد قريبًا.

مقالات مشابهة

  • تصفية الأسرى في حرب السودان.. ما خفي أعظم!!
  • لماذا التردد في تسمية الحكومة في السودان؟
  • ????ضرورة تشكيل حكومة طوارئ في السودان
  • السودان والأسئلة المفتوحة
  • معاريف تكشف عدد الآليات العسكرية التي تضررت في غزة
  • يوسف الخال يكشف أسرارًا شخصية وفنية في الحلقة الأخيرة من "عمر جديد" مع نسرين الظواهرة عبر أغاني أغاني
  • السودان..مقتل شقيق حاكم إقليم دارفور
  • من تحديات التحول الديمقراطي في السودان «2–4»
  • الحريديم يتظاهرون ضد التجنيد الإلزامي في الجيش الإسرائيلي