قبل أربعة أيام من الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية في فرنسا وتحت عناوين « خيار تاريخي » و »خوف » و »قيم »، يضخم مرشحو الكتل السياسية الثلاث الرئيسية مخاطر الاقتراع، ويبحثون في إمكان التصدي لليمين المتطرف الأوفر حظا بالفوز من أي وقت مضى.

يتقدم حزب التجمع الوطني وحلفاؤه من اليمين المتطرف بفارق مريح في استطلاعات الرأي (36%) أمام الجبهة الشعبية الجديدة وهي ائتلاف غير متجانس من القوى اليسارية (28,5%)، وفي المرتبة الثالثة تحالف الوسط حول الأغلبية المنتهية ولايتها (21%) للرئيس إيمانويل ماكرون.

لا تزال نتيجة الانتخابات غير محسومة من حيث عدد المقاعد في الجمعية الوطنية وخصوصا أن الناخبين سيتوجهون بكثافة إلى مراكز الاقتراع في 30 يونيو و7 يوليوز (نسبة مشاركة متوقعة تراوح بين 60 و64%) مقارنة بعام 2022 (47,8%) أو بالانتخابات الأوربية الأخيرة.

وصوت 250 ألف فرنسي يعيشون في الخارج عبر الإنترنت خلال 24 ساعة، وفقا لوزارة الخارجية، ما يعادل خمسة أيام من التصويت خلال الانتخابات التشريعية للعام 2022.

لمواجهة التجمع الوطني والزلزال السياسي الذي سيحدثه في حال وصوله إلى السلطة، دعا نحو 200 شخصية اشتراكية ومن أنصار البيئة و »مناصري ماكرون » في صحيفة لوموند، اليمين والوسط واليسار إلى « الإظهار بوضوح من الآن » اتفاقا للانسحاب في الدورة الثانية.

وهيمن الموضوع على النقاشات إذ رفض زعماء المعسكر الرئاسي اتخاذ موقف قبل الدورة الأولى ويبدو أنهم سيتجهون نحو « رفض التجمع الوطني وفرنسا الأبية » حتى لو لم يحسم إيمانويل ماكرون قراره بعد.

وطلبت زعيمة الخضر مارين تونديلييه العضو في الجبهة الشعبية الجديدة لقاء المسؤولين في حزب ماكرون لإقناعهم بقبول « تنازل جمهوري » مطالبة بتفسيرات عن سبب « عدم التفريق بين اليمين المتطرف واليسار ».

في هذه الأثناء، واصل رئيس الحكومة غابريال أتال (35 عاما) حملته الميدانية.

كما يواصل جوردان بارديلا حملته الإعلامية بمداخلة مزدوجة على إذاعة أوربا 1 وقناة سي نيوز واللتين يملكهما الملياردير فنسان بولوريه المتهم بانتظام بالتحيز لليمين المتطرف.

وأعلن مجلس الوزراء حل مجموعة الدفاع عن الاتحاد (GUD)، النقابة الطلابية من اليمين المتطرف التي تأسست في السبعينات وأعيد تنشيطها مؤخرا، وثلاث هيئات أخرى من اليمين المتطرف. ولقيت جمعية إسلامية المصير نفسه.

وقالت رئيسة المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني في الجمعية الوطنية والزعيمة التاريخية للحزب مارين لوبن الأربعاء، إنه « يرجح أن تنزل تظاهرات إلى الشارع » إذا فاز حزبها. وأضافت أن « اليسار المتطرف يتصرف دائما بعنف ».

وتابعت « يهاجمون التجمعات ويخربون التظاهرات الاجتماعية وها هم يتظاهرون ضد نتائج الانتخابات. ماذا سيفعلون غدا؟ سيحتلون مبنى الكابيتول؟ » في إشارة إلى هجوم أنصار دونالد ترامب من اليمين المتطرف على الكابيتول في يناير 2021.

وخلال المناظرة التلفزيونية بين رئيس الوزراء غابريال أتال وممثل تحالف اليسار مانويل بومبار وزعيم اليمين المتطرف جوردان بارديلا، أظهر الأخير ثقة في فوز حزبه.

غير أن كل طرف عمل على تضخيم القضية بما يتناسب مع وجهة نظره.

وقال بارديلا الذي يتزعم التجمع الوطني وهو حزب لم يحكم من قبل « خلال أيام ستتوجهون إلى صناديق الاقتراع لخيار تاريخي ».

كما دعا ممثل اليسار مانويل بومبار الفرنسيين إلى « ألا يتحول الخوف إلى حقيقة مع ضمان عدم انزلاق فرنسا إلى العنصرية والكراهية والأنانية ».

أما غابريال أتال، فقد واصل الاستراتيجية الرئاسية منذ إعلان حل الجمعية الوطنية في 9 يونيو قائلا « فرنسا على موعد مع قيمها ومصيرها. أثق بكم وبنا ».

من جهته، قال تييري بودي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهو الغرفة الثالثة في الجمهورية مع الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، إن حل البرلمان أغرق البلاد « في أزمة سياسية وديمقراطية غير مسبوقة ».

غير أن القلق من نتيجة هذه الانتخابات لا يقتصر على الفرنسيين، إذ إنها تثير مخاوف في الخارج أيضا. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت « بعد الانتخابات، سنرى كيف تتطور علاقاتنا »، واصفا فرنسا بأنها « الشريك الأهم والأقرب في أوربا ».

كلمات دلالية انتخابات فرنسا يسار يمين

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: انتخابات فرنسا يسار يمين من الیمین المتطرف الجمعیة الوطنیة التجمع الوطنی

إقرأ أيضاً:

اليمين المتطرف يواصل التفوق باليوم الأخير لحملة انتخابات فرنسا

يسابق اليسار والمعسكر الرئاسي في فرنسا الزمن لاستغلال الساعات الأخيرة من الحملة الانتخابية لمحاولة ردم الهوة مع اليمين المتطرف الذي لا يزال يتصدّر بفارق كبير نوايا الأصوات للدورة الأولى من الانتخابات التشريعية المقرّرة الأحد.

وتتوقّف الحملة الانتخابية للدورة الأولى رسميا منتصف الليل بالتوقيت المحلي (العاشرة ليلا بتوقيت غرينيتش)، على أن تجري الدورة الثانية في 7 يوليو/تموز.

وبقي الوضع على حاله مساء الخميس في استطلاعات الرأي، مع تصدّر التجمع الوطني (يمين متطرف) بحصوله على 36% من نوايا الأصوات، متقدما على تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" اليساري الذي تقدّم نصف نقطة إلى 29%، وفق استطلاع للرأي أجراه معهد "أيفوب-فيدوسيال" لحساب محطة "أل سي إي" وصحيفة "لو فيغارو" وإذاعة "سود راديو".

وتحت راية "معا من أجل الجمهورية"، لا يزال تكتل الرئيس إيمانويل ماكرون في المرتبة الثالثة مسجلا 21% من نوايا الأصوات، فيما  "الجمهوريون" (يمين تقليدي) لا يتخطون نسبة 6.5%.

غير أنه يتعيّن على رئيس التجمّع الوطني جوردان بارديلا إقناع المزيد من الناخبين ليحصل على الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية (البرلمان)، وهو ما وضعه شرطا لتولّي رئاسة الحكومة بعد انتخابات تجري بالاقتراع الفردي على أساس الأغلبية في دورتين.

بارديلا يسعى لرئاسة الحكومة بعد الانتخابات (الفرنسية)

ويأتي يوم الحملة الأخير غداة جدل حول تصريحات أدلت بها زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان أوحت بتعايش سياسي صعب في حال فوز التجمّع الوطني.

واعتبرت لوبان أن وظيفة "قائد القوات المسلحة" الممنوحة للرئيس هي مجرّد "لقب فخري"، وهو ما عبّر عنه بارديلا ضمنا خلال المناظرة التلفزيونية التي جرت مساء الخميس.

والواقع أن صفة قائد القوات المسلحة التي ينص عليها الدستور تمنح الرئيس سلطات في مجال السياسة الخارجية والدفاع احتفظ بها الرؤساء في فترات التعايش السياسي السابقة التي عرفتها فرنسا.

شجار مع الرئيس

وأسف زعيم الغالبية المنتهية ولايتها رئيس الوزراء غابرييل أتال خلال المناظرة لمثل هذا الموقف، معتبرا أنه يشير إلى أنه "إذا فاز التجمع الوطني في هذه الانتخابات، سيكون هناك نوع من الشجار بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية لمعرفة من سيتولى دور قائد القوات المسلحة".

وقال أتال الذي سجل صعودا ملفتا في صفوف الوسط الحاكم "إنها رسالة موجهة إلى القوى العالمية، وهي رسالة خطيرة جدا بالنسبة لأمن الفرنسيين وبالنسبة لاستمرارية" فرنسا.

ويقوم اتال الذي عُين قبل أقل من 6 أشهر، بزيارة اليوم الجمعة إلى منطقة قريبة من ليون (جنوب شرق) سعيا لاجتذاب أصوات بطرح نفسه في موقع خيار المنطق. وأكد الخميس عزمه على بث "التهدئة الضرورية" داخل المجتمع الفرنسي.

من جانبه، قال بارديلا "أريد أن أجمع الفرنسيين، أريد أن أجمع كل الفرنسيين، من أينما أتوا وأيا كان خيارهم السياسي في الماضي".

ودعا الفرنسيين إلى أن يثقوا بمرشحي التجمع الوطني الذين وصفهم بأنهم "يكنّون حبا كبيرا للفرنسيين ويحترمونهم ويقيمون لهم اعتبارا".

  أتال بطرح نفسه في موقع خيار المنطق بالانتخابات المقبلة (الفرنسية)

وعمل أتال على دحض هذا الخطاب، متهما خصمه من اليمين المتطرف بتقديم نحو "مئة مرشح" أدلوا بـ"كلام عنصري ومعاد للسامية ومعاد للمثليين"، وهو ما نفاه بارديلا نفيا قاطعا.

في بروكسل، ندّد ماكرون خلال الليلة الماضية بـ"تفلّت الكلام من الضوابط"، وانتقد "العنصرية ومعاداة السامية" في النقاش السياسي، حاملا على "غطرسة" التجمّع الوطني الذي "وزع على نفسه منذ الآن" كل المناصب الحكومية.

وتكثر المواضيع الخلافية التي تقسم الفرنسيين في طليعتها انعدام الأمن والهجرة والتعليم.

في الخارج، تلقى الانتخابات الفرنسية متابعة حثيثة لا سيما في كييف التي تخشى تراجع الدعم الفرنسي لها بمواجهة روسيا في حال وصل اليمين المتطرف إلى السلطة في هذا البلد لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، لا سيما وأن التجمع الوطني متهم بأنه قريب من نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

غير أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رأى في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية أمس الخميس أن "الفرنسيين سيستمرون في دعم أوكرانيا أيا كان الوضع السياسي".

وقال بارديلا أمس إنه لن يدع "الإمبريالية الروسية تبتلع دولة حليفة مثل أوكرانيا". لكنه ردد مرة جديدة أنه سيرفض في حال توليه رئاسة الحكومة إرسال جنود فرنسيين إلى أوكرانيا، وهو احتمال سبق أن طرحه ماكرون.

كما أكد مرة جديدة رفضه إمداد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى "يمكن.. أن تضرب مباشرة الأراضي الروسية وتضع فرنسا والفرنسيين في وضع الشريك في النزاع".

مقالات مشابهة

  • الانتخابات التشريعية.. كيف يؤثر فوز اليمين المتطرف أو اليسار على الاقتصاد الفرنسي؟
  • فرنسا.. انتخابات تشريعية مبكرة يتصدرها اليمين المتطرف
  • الفرنسيون يصوتون في انتخابات تشريعية تاريخية بنهاية الأسبوع
  • مزدوجو الجنسية يشعرون بالقلق من مشروع اليمين المتطرف في فرنسا
  • الانتخابات التشريعية الفرنسية.. هل ستحدد غزة رئيس وزراء باريس القادم؟
  • الحملة الانتخابية في فرنسا في ساعاتها الأخيرة واليمين المتطرف في الصدارة
  • اليمين المتطرف يواصل التفوق باليوم الأخير لحملة انتخابات فرنسا
  • قادة فرنسيون يشاركون في مناظرة تلفزيونية قبل الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة
  • قبل الانتخابات التشريعية المبكرة... مارين لوبان تشكك في دور رئيس الجمهورية كقائد أعلى للقوات المسلحة