كيف ردت المليشيات على من تخلفوا عن حضور (يوم الخرافة) لتأكيد الأحقية المزعومة لعائلة عبد الملك الحوثي في حكم اليمنيين؟
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
شنت الجماعة الحوثية حملة اعتقالات واسعة طالت عشرات السكان بمن فيهم الموظفون الحكوميون في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وريفها، وذلك على خلفية رفضهم المشاركة في احتفالات ما يسمى «يوم الولاية»، وهي مناسبة سنوية تكرّسها الجماعة لتأكيد الأحقية المزعومة لعائلة عبد الملك الحوثي في حكم اليمنيين. وفق ما ذكرته مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط».
وأفادت المصادر بأن الجماعة الانقلابية أعلنت قبل الاحتفال حالة استنفار، وأصدرت عبر ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات تعميمات إلى أتباعها في عموم المديريات والأحياء في صنعاء وضواحيها تحضهم على تحشيد السكان من مختلف الفئات والأعمار بمختلف الوسائل إلى ميادين الاحتفال.
وأكدت المصادر أن الجماعة الحوثية شنت بعد انتهاء فعالياتها حملات خطف واعتقال طاولت عشرات السكان، بينهم موظفون وعناصر ومشرفون تابعون لها في أحياء متفرقة تتبع مديريات معين والوحدة والسبعين والثورة وبني الحارث في صنعاء، على خلفية تغيبهم عن المشاركة وحضور الفعالية، حيث تم الإبلاغ عنهم عبر مسؤولي الأحياء.
وأقامت الجماعة خلال 9 أيام سبقت الاحتفال الرئيسي أكثر من 112 احتفالية بمناطق سيطرتها، وسط تقديرات بأنها أنفقت عليها 70 مليون دولار، بالتزامن مع شن عناصرها المسلحين سلسلة حملات لإجبار اليمنيين على تقديم التبرعات المالية لتمويل الفعالية.
ويؤكد رمزي، وهو اسم مستعار لأحد السكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، قيام عناصر الجماعة باستخدام مكبرات الصوت والتجول مراراً في الشوارع وبين الأحياء والحارات؛ للحضّ على حضور الاحتفالات، وسماع خطبة زعيم الجماعة بالمناسبة.
استياء ورفض
قوبل سلوك الجماعة بحالة من الاستياء والرفض في أوساط السكان، حيث تروج الجماعة لمناسباتها الطائفية، وتهدر عشرات الملايين من الدولارات لإقامة الفعاليات، يصاحبها إلصاق الصور والشعارات على جدران المنازل وفي الشوارع، بينما يعاني ملايين اليمنيين من توقف رواتبهم واتساع رقعة الفقر وتقطع سبل الحياة وتدهور الخدمات، وتفشي الأوبئة.
ويتزامن تبديد الأموال من قبل الحوثيين مع التحذيرات الأممية من تصاعد معاناة اليمنيين بمناطق سيطرة الجماعة الحوثية نتيجة الحرب المستمرة والتصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو ما يهدد بارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي.
وتستمر الجماعة منذ انقلابها وإشعالها فتيل الحرب في استغلال المناسبات ذات الصبغة الطائفية من أجل الجباية وجمع التبرعات العينية والنقدية والاستقطاب للتجنيد.
وفي حين شكا التجار من تعرضهم للابتزاز والتهديد والإجبار على دفع الجبايات قبيل وخلال الاحتفالات بمناسبات الجماعة التي لا تتوقف طوال العام، كانت مصادر مطلعة في صنعاء قدّرت في وقت سابق أن الجماعة خصصت ما يعادل 50 مليون دولار لإقامة فعاليات ما تسمى «يوم الولاية» في العام الماضي.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: فی صنعاء
إقرأ أيضاً:
تصاعد الغضب القبلي يفشل ضغوط الحوثيين على مشايخ صنعاء للتبرؤ من أبنائهم المقاتلين مع الشرعية
فشلت مليشيا الحوثي مجددًا في محاولاتها لفرض وصايتها على القبائل اليمنية، بعد حملة مكثفة مارست فيها ضغوطًا سياسية ومالية على مشايخ قبائل محافظة صنعاء، مطالبةً إياهم بالتبرؤ من أبنائهم المنخرطين في صفوف الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
وأكدت مصادر قبلية متطابقة أن قيادة الجماعة عقدت خلال الأيام الماضية سلسلة اجتماعات مغلقة مع عدد من شيوخ العشائر، وطرحت عليهم وثيقة مكتوبة تُلزمهم بإعلان التنصل العلني من أبنائهم الذين يقاتلون في صفوف الحكومة المعترف بها دوليًا، لا سيما ضمن القوات المشتركة وقوات حراس الجمهورية التي تمثل رأس الحربة في جبهات الساحل الغربي.
ورغم الترهيب الذي مارسته الميليشيا، فقد قوبلت محاولاتهم برفض قاطع من قبل غالبية المشايخ الذين جددوا تمسكهم بأبنائهم، مؤكدين أن ولاءهم للوطن لا يمكن أن يُشترى أو يُفرض بالقوة. وتصف المصادر هذا الموقف بأنه "انتفاضة صامتة" في وجه مساعي الحوثيين لتفكيك النسيج القبلي، الذي طالما مثل أحد أعمدة الاستقرار المجتمعي في البلاد.
وبحسب المصادر، لم تقتصر أساليب الحوثيين على التهديد والضغط، بل شملت أيضًا محاولات استمالة عبر إغراءات مالية كبيرة، حيث عرضت الجماعة مبالغ ضخمة على بعض شيوخ القبائل في مسعى لكسب تأييدهم وتحقيق اختراق في صفوفهم. لكن تلك العروض لاقت استنكارًا واستهجانًا واسعًا، ورفضها علنًا عدد من وجهاء القبائل، مؤكدين أن "الكرامة لا تُباع ولا تُشترى".
ويرى مراقبون أن هذا الفشل الذريع يعكس تآكل الحاضنة الاجتماعية للحوثيين، وتزايد السخط الشعبي ضدهم، نتيجة السياسات العنصرية والممارسات القمعية التي تنتهجها الجماعة بحق المواطنين، إلى جانب ارتهانها للأجندة الإيرانية على حساب السيادة الوطنية والمصالح الاقتصادية والاجتماعية للشعب اليمني.
كما يُعزى الرفض القبلي إلى إدراك متزايد لدى الشارع اليمني بخطورة المشروع الحوثي، الذي يسعى لتكريس هيمنة سلالية ضيقة على حساب التنوع الوطني والتماسك المجتمعي.
وتشير التقارير الميدانية إلى أن مشاعر الغضب تتصاعد حتى في مناطق نفوذ الجماعة، ما ينذر بتحولات قد تقلب موازين القوى، خاصة مع تصاعد العمليات العسكرية على مختلف الجبهات.
وتزامنت هذه التحركات الحوثية مع احتدام المعارك في عدة مناطق، أبرزها محافظات مأرب والضالع وتعز والساحل الغربي، حيث تخوض القوات الحكومية والمقاومة مواجهات شرسة ضد الميليشيا.
ويرى محللون أن محاولة الجماعة إضعاف التماسك القبلي في صنعاء تكشف عن قلق داخلي متزايد من تصاعد المقاومة الشعبية، خاصة في عمق مناطق سيطرتها.
ويؤكد هذا المشهد أن الهوة بين الحوثيين والمجتمع تتسع يومًا بعد يوم، وأن محاولاتهم لإعادة إنتاج الولاءات القبلية بما يخدم مشروعهم الطائفي والسلطوي باتت تواجه رفضًا متناميًا، مما ينذر بانكشاف الغطاء الاجتماعي الذي تستند إليه الجماعة للبقاء في السلطة.