د.حماد عبدالله يكتب: المجتمعات الواعية هى التى تصنع نجومها !!
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
يعانى مجتمع "الندرة" سواء فى العلم أو الهندسة أو الإقتصاد أو الفن أو السياسة من معوقات تمنع وتعوق تقدمهم صفوف الأمة للإستفادة من خبراتهم وللمشاركة فى وضع الوطن على أحسن صورة بل إن الندرة فى مصر لم يعد لها للأسف الشديد أى حافز للتقدم بل لديها من الصعوبات والحقد على تميزها ما يجعلها تتراجع بل تصل فى بعض الحالات للإختفاء أو الهجرة أو السكون فى مواقعها لإطفاء (زهو التميز) لديها حتى تعيش فى سلام إجتماعى هذا من الجانب الإجتماعى لأهالى المحروسة ويؤجل الزهو "بالندرة" إلى ما بعد مفارقة الحياة فنسعى لتكريم المرحوم العالم أو المرحوم الفنان أو المرحوم النابغة فهو أصبح مرحوم أى لا خوف منه أو عليه !!
ولعل ما بدأت به هذا المقال ينطبق على ما تعانيه هذه الفئة من المجتمع فى مصر من مشاكل نفسية ومن دفاع عن مصالح إدارية أو وظيفية أو سياسية أو حتى مادية وبالطبع "الندرة" بطبيعة تعريفها هم "قلة" والكثرة لدى غير "النادرين" فى أى تخصص وبالتالى الكثرة تغلب الشجاعة وهذا مثل شعبى !
والمجتمعات الواعية تسعى لإظهار "الندرة" فيها وتبرزها وتحافظ عليها وتسهل لها الحياة وتمنع عنها البغضاء وتزيل عنها الأتربة وتسعى لصقلها وتلميعها وتصنع منها نجوم للأمة !!
المجتمعات الواعية هى التى تصنع نجومها وقادتها وروادها وتسعى الشعوب فيما بينها للكشف "الندرة" بين أرجاء جغرافيتها بل بعض دول المهجر تسعى لجلب مهاجرين يتميزون بـأنهم من "الندرة" فى مجتمعاتهم !!
وبالتالى تسعى تلك المجتمعات جميعها لسن قوانين وتشريعات منها ما يحافظ على "الندرة" ومنها ما يسعى لتقديم "الندرة" على صفوف بقية المجتمع فى جميع مجالات ومناحى الحياة من إنشاء، وعمران، وطب، ومواصلات، وإقتصاد وقانون، وسياسة وغيرها.
والقوانين التى تسن تحد من ظهور الأغبياء والفشلة وتقلل من عناصر التشجيع على الفساد بل وتسد كل الأبواب والثغرات أمام أية بادرة فساد أو إنحراف.
والقوانين التى تسن ليست كتبًا مقدسه فالقانون الأم (الدستور) والقوانين المكملة هى عرف وتوافق إجتماعى متفق عليه ويسن المشرعون القوانين لتأكيد هذا العرف والتعامل به فيما بين الناس وبعضم وبين الناس والدولة (الحكومات) !!
ولماذا نعدل الدستور القائم ؟؟ نعدله بغية الحصول على تغيير فى القوانين.
وبالتالى فالتغيير فى تلك القوانين نتيجة أعراف تتغير مع تطور الزمن والتقدم التكنولوجى والمعرفى واجب على كل أمة حتى تتوافق قوانينها مع إحتياجاتها ومن هنا أجد أن "الندرة" فى مصر تتعامل مع قانون لا يساوى بين الناس إلا فى شيىء واحد الأقل سعرًا والأقل ثمنًا والأرخص بغض النظر عن الجودة أو النوع أو الخبرة وهو القانون 89 والمعدل لسنة 2005 الذى لا يفرق بين مورد الخضروات والقانونى أو الإستشارى الهندسى أو خلافه من مهن يتكون رأس مالها من خبرات وعقول وليست (بالمال والعجول)!!
ولعل بعض التحايلات على هذه النقطة بأن يصاحب السعر الأقل مظروفًا فنيًا وبقبوله يفتح المالى وبعدمه يستبعد..كل ذلك يجوز بين الموردين والمقاولون والتجار ولكن بين أستاذ جراحة أو أستاذ هندسة أو أستاذ قانون أو أستاذ مالية عامة أو أستاذ إعلام (لا يجوز على على الأطلاق ) !!
لذا مطلوب حماية "الندرة" فى مصر والحماية هنا ليست مكافأة أو تشريف ولكنها تكليف وواجب وطنى حيث "الندرة" هى كريمة المجتمع وأصحاب قرار تقدمه وإزدهاره أى أنهم ذوى مسئولية وطنية فى مجال تخصصهم فنحن نعيش زمن تغلب عليه عمليات السمسرة والقبض والتحصيل للأموال من خلال شبكة المعرفة والقدرة على التخليص من أروقة الحكومة سماسرة هذا هو زمن السماسرة ومطلوب ضبط إيقاع الوطن بإبراز مواهبه وإبراز ندرته من البشر ومن القادرين على وضع مصر فى أول صفوف الأمم..ووضع تصور للتقدم بهذا البلد مصر.
[email protected]
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
المجالس المحلية والقوانين المعوقة (11)
لا يختلف أحد على أن غياب المحليات عن العملية السياسية والمشاركة المجتمعية يعد من معوقات الديمقراطية، ولكن حتى إذ صدر القانون وأزيلت معضلة (فردى ولا قائمة معلقة أو نسبية) ستبقى معضلة أخرى وهى القوانين المعوقة لأداء المجالس المحلية، والهيكلة الإدارية السيئة لأجهزة وزارة التنمية المحلية، وهو ما ينبغى أن تنتبه إليه الحكومة ومجلس النواب، فقد يأتى قانون المحليات محققًا رغبات الشعب ولكن قد يبقى ضحية لقوانين أخرى تعيدنا إلى الوراء ومنها على سبيل المثال: قانون 89 لسنة 1998 والخاص بتنظيم المناقصات والمزايدات، قانون الموازنة العامة للدولة، قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، قانون البناء الموحد.
ومن المهم أيضًا تطوير وتعديل قوانين مكافحة الفساد وتداول البيانات والمعلومات وإدخالها حيز التنفيذ الفعلى فى جميع المجالات مع دعم قيم الشفافية والمشاركة والإبلاغ عن التجاوزات المحلية وحماية من يكشف عنها.
كما ينبغى إعادة النظر فى القوانين المنظمة للإعلام وخاصة الإعلام المحلي، بدعم القنوات الإقليمية ماليًا ومعنويًا، فهى الأقرب والأسرع فى ترسيخ قواعد الرقابة الشعبية وتعزيز الانتماء المحلى الذى هو جزء لا يتجزأ من الانتماء القومى.
ويبقى السؤال قائمًا: لماذا تخشى الحكومة إصدار القانون الجديد للمجالس المحلية رغم مناقشته باستفاضة وعبر عدة جلسات موسعة بالحوار الوطنى؟..ألا تدرى أن هذا التأخير يعد مخالفة للدستور (المادة 180 من دستور 2014)؟ ويساعد على انتشار الفساد فى المدن والقرى، بل ويؤدى إلى تعطيل المشاريع التنموية والخدمية؟
لا شك أن المحافظ ومعيته وكل من يعمل معه (سكرتيرعام وسكرتير عام مساعد وممثلو الوزارات) هم أول الفرحين بغياب المجالس الشعبية المحلية، فهى منذ أن بدأت تقوم بدورها الرقابى فى تسعينيات القرن الماضى وحتى توقفها بعد ثورة 25 يناير، كانت ـ وبكل ما كانت تتمتع به من صلاحيات محدودة ـ تمثل صداعًا مزمنًا فى دماغ كل من يريدون ترك الحبل على الغارب، وإبقاء أموال الشعب عرضة للسلب والنهب والإهمال.
لقد شهدت سنوات ما قبل التوقف القسرى والظروف السياسية التى مرت بها مصر قبل ثورة 30 يونيو، مناقشات ساخنة وقوية بين عدد من المحافظين ورؤساء وأعضاء المجالس المحلية، وخاصة أعضاء أحزاب المعارضة؛ من أجل الحفاظ على المال العام ومحاسبة من يقصرون ولا يقومون بدورهم المنشود فى إنجاز الخطط والبرامج التنموية، وجاءت فترة من الفترات كانت فيها قوة رئيس المجلس الشعبى للمحافظة تفوق مكانة المحافظ وعضو البرلمان، ومنهم من أصبح وزيرًا ومحافظًا وعضوًا بالمجلس النيابى، وهناك أسماء عديدة برزت من تلك المجالس كانت تهز عروش المحافظين وتتسبب فى إقالتهم أحيانًا.
هذه القوة والمكانة استمدها المجلس المحلى للمحافظة ورئيسه من الصلاحيات الممنوحة لهم فى القانون، الذى جعل قرارات المجلس المحلى نهائية، ولا يجوز تدخّل السلطة التنفيذية لتعطيلها أو إلغائها، إلا إذا كان هناك ضرر بالمصلحة العامة، أو بمصالح المجالس المحلية الأخرى، ولا يستطيع المحافظ حل المجلس المحلى بإجراء إدارى، كما لا يجوز له التدخل فى موازنته وحسابه الختامى.
فرئيس المجلس المحلى للمحافظة هومن يقر القواعد العامة لإدارة واستخدام ممتلكات المحافظة والموافقة على قواعد التصرف فيها، وله أن يطلب من المحافظ أى بيانات تتعلق بنشاط الوحدات الإنتاجية العاملة فى نطاق المحافظة، ويشرف على تنفيذ خطط التنمية المحلية ومتابعتها.
ومن اختصاصاته أيضًا الإشراف على نشاط المجالس الفرعية والموافقة على إنشاء أو إلغاء أى وحدة محلية تنفيذية أو تغيير مسماها وحدودها، وكذلك الفصل فى خلافات تداخل الاختصاصات بين المجالس المحلية للمراكز والمدن والقرى.
وإلى الحلقة الختامية الخميس المقبل بإذن الله.
[email protected]