لاكروا: جامعات إسرائيل هي مهد الصناعة العسكرية الإسرائيلية
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
تشكل التدريبات والدورات التي تقدمها مؤسسات التعليم العالي الإسرائيلية عنصرا أساسيا في المجمع العسكري الصناعي لإسرائيل. وهذه الروابط مع صناعة الأسلحة والجيش يدينها النشطاء المؤيدون للفلسطينيين، الذين دعوا إلى المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل.
وتقول الكاتبة كامي ستينو، في تقرير نشرته صحيفة "لاكروا" الفرنسية، إن الجامعات الإسرائيلية "متورطة في تطوير أنظمة الأسلحة والمذاهب العسكرية المستخدمة في جرائم الحرب الإسرائيلية الأخيرة في لبنان وغزة"؛ وهذا هو الاتهام الذي وجهته حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات، التي تدعو بشكل خاص إلى المقاطعة الأكاديمية لمؤسسات التعليم العالي الإسرائيلية.
وأكدت الكاتبة أن الروابط في إسرائيل بين الجامعات والمجمع الصناعي العسكري وثيقة جدا؛ بدءا من التعاون مع الصناعات الدفاعية مرورا بتدريب الجنود وانتهاء بالتفكير في العقيدة العسكرية؛ حيث يرتبط جزء من العالم الأكاديمي الإسرائيلي ارتباطا وثيقا بالجيش والصناعة العسكرية. وإذ استنكر مؤيدو القضية الفلسطينية هذه العلاقات؛ فإنها تعتبر ضرورية على نطاق واسع في إسرائيل لأمن دولة الاحتلال.
البحوث الجامعية في خدمة التسلحوأفادت الكاتبة أن شركات "إلبيت سيستمز" و"رافائيل"، وشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية تُعد أسماء غير معروفة لعامة الناس ولكنها في صميم الحرب التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة؛ إذ تقوم هذه الشركات الثلاث -اثنتان منها عموميةـ بتزويد الجيش الإسرائيلي بالمعدات العسكرية، حيث تبيع شركة "إلبيت سيستمز" الخاصة، على وجه الخصوص، طائرات الاستطلاع بدون طيار وقذائف مدفعية.
وتوضح الشركة المصنعة على موقعها الإلكتروني أن بعض منتجاتها قد تم "اختبارها في ساحة المعركة". كما أبرمت عقدا بقيمة 760 مليون دولار في 21 مايو/أيار مع وزارة الدفاع الإسرائيلية لتوريد الذخائر.
وأوردت الكاتبة أنه لتوظيف المواهب وتطوير تقنياتها، تعمل شركة "إلبيت سيستمز" على ترسيخ نفسها في قلب النظام الجامعي الإسرائيلي. وبحسب الموقع المتخصص في القضايا الاقتصادية "إسرائيل فالي"، قامت جامعة تل أبيب وشركة إلبيت سيستمز بإدارة برنامج "إينوبايت" بشكل مشترك لمدة 7 سنوات، وهو عبارة عن منهج هندسي يسمح للشركة بتحديد الملفات الشخصية للمرشحين للتوظيف.
الجامعات والحرية الفلسطينية
وبعيدا عن التعاون البسيط في مجال البحث، فإن الجامعات الإسرائيلية هي مهد الصناعة العسكرية. وفي هذا السياق؛ تقول مايا ويند، الباحثة الإسرائيلية في جامعة كولومبيا البريطانية في فانكوفر (كندا)، ومؤلفة كتاب "أبراج من العاج والفولاذ. كيف تحرم الجامعات الإسرائيلية الحرية الفلسطينية؟": "نشأت شركة إسرائيل لصناعات الطيران والفضاء في معهد وايزمان للعلوم، وهي جامعة في مدينة رحوفوت، ونشأت شركة رافائيل الإسرائيلية في التخنيون بجامعة حيفا".
ويُعد معهد إسرائيل للتكنولوجيا "التخنيون"، بجامعة حيفا، معهد أبحاث مرموق يقوم بتدريب العديد من المهندسين كل عام. ومنذ عام 2002، يضم معهدا للتكنولوجيا، والذي "تركز أبحاثه على القضايا والمشاكل التي تواجه قطاع الأمن والدفاع في إسرائيل". وفي عام 2017، تأسس مركز للبحث المتقدم في المجال العسكري كجزء من المؤسسة. وعلى موقعه الإلكتروني، يسلط المركز الضوء بشكل خاص على مشروع يهدف إلى تقليل الضوضاء التي تصدرها الطائرات بدون طيار.
برامج أكاديمية للجنودوذكرت الكاتبة أنه إلى جانب الروابط مع شركات الأسلحة؛ تعمل الجامعات الإسرائيلية أيضا على توفير أماكن لتدريب النخب العسكرية في دولة الاحتلال. وفي هذا الصدد؛ تؤكد مايا ويند أن "الجامعات الإسرائيلية الرئيسية لديها برامج أكاديمية للجنود". فالجامعة العبرية في القدس، على سبيل المثال، لديها دورتان تدريبيتان ذات طابع عسكري.
ويتضمن برنامج "هافاتزالوت" شهادة مزدوجة "للنخبة" داخل قوات الاحتلال تهدف إلى تدريب ضباط المخابرات المؤهلين تأهيلا عاليا. ويتم التدريب بالاشتراك بين الجيش والجامعة العبرية. وإلى جانب هذا التدريب، تعد الجامعات الإسرائيلية أيضا مكانا للتفكير في الإستراتيجيات العسكرية التي يجب اعتمادها.
وأشارت الكاتبة إلى أنه في عام 2008، نشر "معهد دراسات الأمن القومي" التابع لجامعة تل أبيب، نصا بتوقيع غابي سيبوني، وهو عقيد في الجيش، يدافع فيه عن "عقيدة الضاحية" نسبة إلى أحد الأحياء الشيعية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، التي دمرتها تفجيرات الجيش الإسرائيلي عام 2006، أكد فيه: "في حالة اندلاع الأعمال العدائية، سيتعين على جيش الاحتلال أن يتصرف على الفور، وبشكل حاسم وبقوة لا تتناسب مع تصرفات العدو والتهديد الذي يمثله". ويهدف مثل هذا الرد إلى إلحاق أضرار وعقوبات على نطاق واسع بحيث يتطلب عمليات إعادة إعمار طويلة ومكلفة".
حركة مقاطعة دوليةواختتمت الكاتبة تقريرها بالقول إنه تمت الإشارة إلى هذه الروابط بين الجامعات الإسرائيلية والمجمع الصناعي العسكري من قبل الناشطين المؤيدين للفلسطينيين الذين يدعون إلى المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل. وبالتالي، التزم مؤتمر رؤساء الجامعات الإسبانية في 17 مايو/أيار بـ "مراجعة وتعليق اتفاقيات التعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث الإسرائيلية التي لم تعرب عن التزامها الراسخ لصالح السلام واحترام القانون الإنساني الدولي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات الجامعات الإسرائیلیة إلبیت سیستمز الکاتبة أن
إقرأ أيضاً:
لاكروا: شهادة استثنائية لغزّي عائد إلى بيته
اضطر الشاب مصعب ناصر -الذي كان مساعدا تنفيذيا قبل الحرب- مثل العديد من سكان مدينة غزة إلى ترك منزله والنزوح جنوبا مع عائلته للاستقرار في مخيم مؤقت بدير البلح، وعند وقف إطلاق النار قام برحلة ذهابا وإيابا لمدة 24 ساعة لمعرفة ما يمكن إنقاذه من حياته القديمة.
وفي تقرير بقلم جان بابتيست فرانسوا حكى مصعب قصته لصحيفة لاكروا قائلا إنه خرج يوم الأربعاء 29 يناير/كانون الثاني عند الفجر ومعه زجاجة ماء صغيرة دون أن تكون لديه فكرة عما ينتظره، وهو يفكر كيف سيقطع المسافة سيرا على الأقدام، لأن 16 كيلومترا التي تفصل المخيم في دير البلح عن مدينة غزة -حيث كان يعيش قبل قصف الجيش الإسرائيلي لها- ليست بالهينة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الجميع متعبون والمزاج تغير.. الغارديان تلقي الضوء على أزمة فرار الجيش الأوكرانيlist 2 of 2كاتب تركي: ترامب حوّل "الحلم الأميركي" إلى كابوسend of listفي السابق كان الأمر يستغرق نصف ساعة بالسيارة كما يروي مصعب، والآن نتقدم مترا بعد متر على هذا الطريق المليء بالحفر والأنقاض، متجنبين الأماكن الخطيرة التي تظهر عليها آثار القصف، ناهيك عن السيارات المحترقة وأعمدة الكهرباء المنهارة والأشجار المقتلعة.
أبحث عن صور عائلية
"من الصعب التعرف على أي شيء، لم أتعرف على المكان الذي كنت أعمل فيه، وهو مؤسسة مياه البلديات الساحلية الذي تم تدميرها بالكامل، فكل شيء مدمر كما لو أن المنطقة تعرضت لإعصار، تمكنت من تحديد مسجد الشيخ عجلين الذي كنت أصلي فيه، جلست لأستريح هناك بجانب المئذنة المائلة الشاهد الأخير على هذا المكان المليء برائحة الموت والدمار".
إعلانوأخيرا، وصل مصعب إلى حي تل الهوى "رأيت ما لا يمكن قوله، هذا المستشفى الذي ولدت فيه ابنتي الأولى لم يبق منه سوى هيكل أسود، والمدرسة التي درست فيها أصبحت كومة من الطوب، والسوق الذي كان صاخبا يضج بالحياة أصبح صحراء خرسانية".
"أنا أقترب من منزلي -كما يقول مصعب- لم يعد هناك أي أثر لملعب كرة القدم، والأشجار التي كانت تظلنا احترقت، وعلى جدار بقي قائما ترى بخط يد أحد التلاميذ "سنعود"، وهنا قمت بالحفر بين الأنقاض أبحث عن صور عائلية".
ويتساءل الشاب بلوعة وهو يقترب من حارته "الرمال": كيف تحول كل هذا الجمال إلى خراب؟ فالجامعة الإسلامية التي درس فيها وشهدت على أحلامه وطموحاته سويت بالأرض، أين المقهى الذي سيلتقي فيه بأصدقائه؟ وأين المكتبة؟ أين محل الحلويات الذي كان يشتري منه؟ لقد اختفت كل المعالم.
الشارع الذي كانت تتردد فيه أصوات الأطفال وضحكاتهم البريئة تحول إلى مقبرة صامتة، فيه بعض الشباب يحاولون إزالة الأنقاض، أحدهم يبحث عن أخيه الصغير الذي لم يعثروا له على أثر، وآخر يبحث عن الوثائق المهمة المدفونة تحت منزله المنهار، وفي عيون كل واحد منهم مزيج من الحزن والإصرار على البقاء، كما يقول مصعب.
لا شيء ننقذه
بدأ مصعب يتفقد منازل إخوته وأخواته المدمرة وغير الصالحة للسكن، ولكن كما يقول "لا يوجد ما يمكن إنقاذه وسط الأنقاض التي تفوح منها رائحة المتفجرات، في المنزل تمكنت من جمع بعض البقايا، صور نجت من الحريق ومصحف ومفتاح المنزل الذي لم يعد له باب".
في هذه الأثناء، نفدت بطارية هاتف مصعب، وكان عليه قطع مسافة طويلة لشحنه ثم العثور على إشارة إنترنت لطمأنة عائلته، لأن أقاربه ينتظرون الحكم بشأن حالة المبنى، وهم يرغبون في العودة بأقرب وقت ممكن، يقول مصعب "حاولت أن أشجعهم لكنني لم أجد الكلمات المناسبة".
ويتابع مصعب قائلا "قضيت الليل كله أفكر في قراري، سأعود إلى الجنوب ولكنني لن أبقى هناك، سأعود مع عائلتي إلى حيّنا، قد يقول البعض إنني مجنون ولكن هذا هو منزلنا، هذه أرضنا، حتى لو تم تدمير كل شيء فسوف نقوم بتنظيف البيت المحروق، وسوف نعيش فيه حتى يعاد بناؤه".
إعلان"عندما عدت إلى المنزل سألتني والدتي: كيف يبدو المنزل الآن؟ ثم بكت، ولكنها قالت ما لن أنساه أبدا، يا ابني، ليس البيت مجرد جدران، البيت هو العائلة، وحيث نحن معا فذلك منزلنا".