العاطفة ليست نقيصة، والعقل ليس كافيا
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
لأنه يجد أن المقاربات التي تُعلي شأن العقلانية غير كافية للتعاطي مع صراعات واضطرابات العالم، يسعى أويكان أديولو أولواسيي Oyekan Adeolu Oluwaseyi في ورقته «عندما لا يكفي العقل للتماسك الاجتماعي: إعادة التفكير في مكانة العاطفة والفنّ في السياسة» إلى التأسيس لمقاربة إبداعية تجمع المنطق مع العاطفة، لتعزيز التعاطف والتماسك الاجتماعي، الذي يرى أنه العلاج الأنجع في مواجهة السياسات «غير الفعَّالة والعدائيَّة».
سأبدأ من نقطة هامشية. لـ «التماسك الاجتماعي» -علي الاعتراف- وقع سلبي في نفسي، وأشك في أنني وحدي في هذا. فلطالما استُخدم هذا التعبير -في منطقتنا- لإنكار حقوق الفئات المهمشة. ويُجادل ليل نهار أن الأفكار الجديدة تُهدد «لُحمة» المجتمع، وأن الحرب ضد ما يُرى ويُقرر أنه السلوك النموذجي، يكاد يرقى ليكون واجبا أخلاقيا، ووطنيا. غالبا ما تُستخدم فكرة التماسك الاجتماعي كحجة للإقصاء، لا للتسامح والقبول كما يجدر بها أن تكون. ومن هنا يأتي واجب استعادة القيم (كما يُستعاد التاريخ عبر تقديم قراءات بديلة عن تلك الرسمية)، عبر فتح معانٍ جديدة لمصطلح شُوّه واستُغل.
شُغل الفلاسفة طويلا بمحاولة ابتكار نظام يُدير المصالح المتباينة، والقيم المتنوعة، لأفراد المجتمع. ثمة عقد اجتماعي بين الأفراد يحتوي التزامات أخلاقية وسياسية، يُتوقع من الجميع الامتثال لها. من شأن هذا العقد أن يُوفِق بين المصالح المتضاربة لأطرافه -الأطراف المتباينة ثقافيا واجتماعيا ودينيا، والتي لكل منها فكرته عما هو صائب وخيّر. وفيما يبدو أن مواءمة الاختلافات مشكلة غير قابلة للتسوية، تبزغ العقلانية كأداة تحمل إمكانية معالجة الصراعات. لكن تزايد الصراعات حول العالم، يُخبرنا عن فشل العقلانية البشرية وحدها في أن تضمن للمجتمع تناغمه. من هنا يأتي البحث عن أدوات أخرى تُتمم دور المنطق في تنظيم المجتمع وسياسته.
يقترح أويكان أديولو أولواسيي أن «اهتماماتنا وﻣﻌﺗﻘداﺗﻧﺎ وقيمنا ﻻ ﺗﺗﺷﻛّل ﻓﻘط ﻣن ﺧﻼل الطريقة العقلانية اﻟﺗﻲ نفهم بها ﺗﺟﺎرﺑﻧﺎ، وﻟﻛن أيضًا ﻣن ﺧﻼل ميلنا اﻟﻌﺎطﻔﻲ». من هنا فوضع العقل في مواجهة العاطفة (وكنقيض لها) لا يُفيدنا في إدارة التعقيدات الاجتماعية.
التفكير الشائع عن العاطفة هو كونها باطنية، ذاتية، غير واضحة، ولا يُمكن معايرتها. ما يجعلها -على عكس العقل- غير قادرة على النجاح في خلق التسويات. وحتى لو تم تقديم «التعاطف» باعتباره قادرا على فهم الأطراف الأخرى وتفهمها، إلا أنها كأداة -هكذا يذهب الجدال- منحازة لمن هم أشبه بنا، ما يُقوض مبادئ المساواة والعدالة الأساسية والضرورية. تأطير التعاطف على هذا النحو، يقف -وقد وقف طويلا- عقبة أمام استثمار إمكانياته الهائلة. وهو يُكرس -عن قصد أو غير قصد- تقديمه كشيء إن لم يكن أنانيا فهو هوائي ومتهور على أقل تقدير.
ما يُدافع أويكان أديولو أولواسيي عنه، هو إعادة تقديم العواطف على نحو إيجابي؛ باعتبارها حاضنة لمعارف معقدة، ووسيلة للتبصر والفهم الأخلاقي، ومُكملة لعملية التفكير. وينقد المنظور الذي يعتبر العاطفة نقيصة، والمغالطة الشائعة عن كون العواطف نقيض العقل، وكونها عائقا في اتخاذ القرارات السليمة وحل المشكلات.
لنتأمل أنفسنا عندما توضع قضية ما أمامنا. إننا نميل إلى محاولة تفهم الطرف الآخر عبر وضعنا أنفسنا في مكانه. من مكانه نُدرك أن مصالحه هي أيضا تستحق الدعم ما أمكن، وهذه المكنة تجعلنا منصفين أكثر، واعين بسياقية الأمور، تقدير الاختلافات، متحمّلين للمسؤولية الاجتماعية ولدورنا في المجتمع ومُدافعين أشرس عن حقوق الغير حتى ولو لم يأت علينا ذلك بمنفعة مباشرة، وذلك من خلال التماهي، الحساسية للاضطهاد وعدم المساواة. وبهذا تكون العواطف أداة تنظيم فاعلة بل وعادلة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
من لبنان.. وفدٌ درزي يزور جبل العرب في سوريا
زار وفد من المشايخ واعضاء من المجلس المذهبي والمستشارين برئاسة قاضي المذهب الدرزي الشيخ غاندي مكارم مستشار شيخ العقل، وبتكليف من شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى، جبل العرب في سوريا، للتهنئة بانتصار الشعب السوري.وضم الوفد كلا من المشايخ: مستشار مشيخة العقل عماد فرج، رئيس لجنة التواصل والعلاقات في المجلس المذهبي فادي العطار، سليم غنام وفريد أبو ابراهيم ومنور أبو درهمين أعضاء المجلس المذهبي، محمد غنام وفوزات العرم معاونا مشيخة العقل، المشايخ: ناجي غانم، حسام كاسب، سمير الحلبي، أمين مكارم، فيصل غرز الدين، جواد عبد الصمد وعلاء أبو رسلان.
ونقل الوفد "تحيات شيخ العقل وتهنئته وتضامنه مع أبناء الجبل، وتقديره الكبير لدور مشايخ العقل: الشيخ حكمت الهجري، الشيخ يوسف جربوع، الشيخ حمود الحناوي ولرجال الكرامة وعموم مشايخ وأهالي جبل العرب والغوطة والإقليم وجبل السماق".
واستهل الوفد جولته من دارة الشيخ الهجري في قنوات، بحضور عدد من المشايخ، وكان ترحيب من شيخ العقل الهجري، تلاه الشيخ مكارم متحدثا باسم الوفد، مثنيا على "دور الرئاسة الروحية وقيادتها الحكيمة وتوجيهاتها الوطنية لانتفاضة الجبل السلمية"، مباركا "لسماحته انتصار الثورة"، متمنيا "استكماله بما تقتضيه المرحلة من وحدة الكلمة والموقف".
ثم زار الوفد الشيخ جربوع في مقام "عين الزمان"، بحضور الشيخ ابي نبيه سليمان كبول والوفد المرافق من بلدة عرنة لتزامن زيارته مع زيارة الوفد وجمع من المشايخ، حيث كانت للقاضي مكارم كلمة باسم مشيخة العقل.
وكانت للوفد محطة ثالثة في مضافة الشيخ الحناوي في سهوة البلاطة، بحضور جمع من المشايخ.
كذلك، زار الوفد قائد "حركة رجال الكرامة" في شنيرة الشيخ ابو حسن يحيى الحجار، ومضافة مؤسس الحركة الشهيد الشيخ وحيد البلعوس في بلدة المزرعة حيث قرأ الوفد الفاتحة على روحه، وكان لقاء الشيخ ليث البلعوس. كما زار في بلدة قنوات الشيخ ابو علاء منصور جزان.
واختتم الوفد جولته بزيارة شيخ مدينة جرمانا الشيخ ابو عهد هيثم كاتبة.