النمو المتسارع للطاقة الشمسية سيُغيِّر العالم
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
مرّت 70 سنة منذ كشفت معامل بيل التابعة لشركة الهاتف «أيه تي آند تي» عن تقنية جديدة لتحويل ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية. كانت الشركة تأمل في إمكانية إحلالها البطاريات التي تتولى تشغيل المعدات في الأماكن النائية. كما أدركت أيضا أن تزويد الأجهزة بطاقة مستمدة من الضوء فقط يُظهِر كيف يمكن أن يبدو المستقبل مدهشًا بفضل العلم.
اليوم تجاوزت الطاقة الشمسية إلى حد بعيد مرحلة تحريك تلك اللعبة. فألواح الطاقة الشمسية تحتل الآن ما يساوي نصف مساحة ويلز. وفي هذا العام ستزود العالم بحوالي 6% من حاجته من الكهرباء. هذه النسبة تعادل تقريبًا ثلاثة أضعاف الطاقة الكهربائية التي استهلكتها الولايات المتحدة في عام 1954.
القول بأن استخدام الطاقة الشمسية يتسارع بمتوالية هندسية ليس مبالغة ولكنه تقريرُ لحقيقة ماثلة؛ فالسعة الإنتاجية للطاقة الشمسية تتضاعف كل ثلاثة سنوات تقريبا وبالتالي تزداد بمعدل عشرة أضعاف في كل عقد.
مثل هذا النمو المستدام نادرًا ما يشاهد في أية صناعة مهمة، وذلك يجعل من الصعب للناس فهم ما يحدث، فعندما كانت الطاقة الشمسية تساوي عُشر حجمها الحالي قبل عشر سنوات كانت شيئًا هامشيًا حتى في نظر الخبراء الذين أدركوا مدى سرعة نموها، وستكون الزيادة القادمة بمعدل عشرة أضعاف (في سعة إنتاج الكهرباء من ضوء الشمس) مساوية لحاصل ضرب (سعة) إجمالي مفاعلات الطاقة النووية في العالم في الرقم ثمانية وذلك في أقل من الوقت الذي يستغرقه بناء مفاعل واحد منها.
من المؤكد تقريبا أن الخلايا الشمسية ستكون أكبر مصدر منفرد للطاقة الكهربائية على ظهر الكوكب بحلول منتصف الثلاثينيات. وفي الأربعينيات قد تكون المصدر الأكبر ليس فقط للكهرباء ولكن لكل أنواع الطاقة.
بناء على الاتجاهات الحالية تَعِدُ التكلفة الكلية للكهرباء التي تنتجها الخلايا الشمسية بأن تكون أقل من نصف تكلفة أرخص كهرباء متاحة اليوم. هذا لن يوقف التغير المناخي لكن يمكن أن يبطئه كثيرا، وسيبدأ معظم العالم بما في ذلك إفريقيا التي لا يتمكن فيها 600 مليون نسمة حتى الآن من إضاءة بيوتهم في الإحساس بوفرة الطاقة، وسيكون ذلك الإحساس جديدا ومغيِّرا للبشرية.
لكي نفهم أن ذلك ليس هذيانا لأحد دعاة صون البيئة دعونا ننظر في اقتصاديات الطاقة الشمسية. فمع ازدياد الإنتاج التراكمي لسلعة مصنَّعة تنخفض التكاليف. ومع انخفاض التكاليف يرتفع الطلب عليها وتنخفض التكاليف أكثر. لكن لا يمكن أن يستمر ذلك إلى ما لانهاية. إذ دائما ما يكون هنالك قيد على الإنتاج أو على الطلب أو عليهما كليهما. ففي التحولات المبكرة للطاقة من الحطب إلى الفحم الحجري ومن الفحم الحجري إلى النفط أو من النفط إلى الغاز كانت كفاءة استخلاص الطاقة تزداد. لكن في نهاية المطاف تعادلها تكلفة الحصول على المزيد من الوقود.
الطاقة الشمسية لا تواجه مثل هذه القيود. فالموارد المطلوبة لإنتاج الخلايا الكهروضوئية وتركيبها في مزارع الطاقة الشمسية تتمثل في الرمال الغنية بالسليكون والأماكن المشمسة وبراعة البشر. وكل هذه العناصر الثلاثة وفيرة.
صناعة الخلايا أيضا تستهلك طاقة. لكن الكهرباء المستمدة من أشعة الشمس تجعلها وفيرة كذلك. أما الطلب فهو ضخم ومرن. فإذا جعل هذا المورد الكهرباء أرخص سيجد الناس استخداماتٍ لها. والنتيجة هي أن الطاقة الشمسية، خلافا لموارد الطاقة المبكرة، أصبحت أرخص باطراد وستظل كذلك.
توجد قيود أخرى حقا. فبالنظر إلى ميل الناس لممارسة أنشطتهم الحياتية في غير ساعات النهار هنالك حاجة لاستكمال الطاقة الشمسية بالتخزين وإضافة تقنيات أخرى لها.
لقد كان من الصعب «كهربة» الصناعة الثقيلة والطيران والشحن، لكن لحسن الحظ هذه المشاكل قد يتم حلها مع الانخفاض التدريجي لأسعار البطاريات والوقود المنتَج بواسطة التحليل الكهربائي.
سبب آخر للقلق وهو أن ألواح الطاقة الشمسية في العالم تأتي في معظمها من الصين. وكذلك تقريبا كل السليكون النقي الذي تصنع منه. وصناعة الطاقة الشمسية الصينية فائقة في قدرتها التنافسية كما أنها مدعومة بشدة ويفوق إنتاجها الطلب الحالي. ذلك إنجاز حقا بالنظر إلى كل تلك القدرات الإنتاجية التي تبنيها الصين داخل حدودها هي نفسها. هذا يعني أنها كبيرة بما يكفي لاستمرار التوسع في الإنتاج لسنوات قادمة حتى إذا أخفقت بعض الشركات العاملة في هذا المجال ونضب بعض الاستثمار.
في الأجل الطويل ستكون هنالك إمكانية أكبر للاعتماد على توليد المزيد من الطاقة بدون اللجوء إلى واردات الغاز والنفط والتي تأتي من أجزاء من العالم غير مستقرة أو غير صديقة.
مع ذلك وعلى الرغم من أن الصين لا يمكنها التلاعب بسعر ضوء الشمس على نحو ما تحاول أوبك أن تفعل ذلك بسعر النفط إلا أن وجود صناعة حيوية في بلد وحيد ومُعادٍ مدعاةٌ للقلق. إنه إحساس تشعر به أمريكا بشدة وذلك هو السبب في فرضها رسوما جمركية على معدات الطاقة الشمسية الصينية.
لكن لأن كل الطلب تقريبا على ألواح الطاقة الشمسية يوجد في المستقبل سيكون لدى باقي العالم مجال واسع للدخول في السوق. يمكن لرئاسة ترامب المنحازة للوقود الأحفوري (إذا فاز في الانتخابات) أن تحبط تبني أمريكا للطاقة الشمسية. لكن مؤقتا فقط. فمن الممكن بذات القدر تعزيز تبنيها إذا تخلت أمريكا عن الضغط على الطلب وذلك بتيسير تركيب الألواح في المنازل وربطها بشبكة الكهرباء. فهي لديها سعة إنتاجية من الطاقة الشمسية تبلغ واحد تيراواط في انتظار الربط. ويمكن أن تساعد أسعار الكربون في ذلك، تماما كما فعلت في الانتقال من الفحم الحجري إلى الغاز في بلدان الاتحاد الأوروبي.
يجب أن يكون الهدف دورانَ «الدائرة الحميدة» لإنتاج الطاقة الشمسية بأسرع ما يمكن. ذلك لأنها تقدم طاقة أرخص. وتبدأ فوائدها بتعزيز الإنتاجية. فأي شيء يستخدم له الناس الطاقة اليوم سيكلف أقل. وهذا يشمل كل شيء. ثم تأتي الأشياء التي ستجعلها الطاقة الرخيصة ممكنة. فالناس الذين ما كان في مقدورهم أبدا إضاءة بيوتهم أو قيادة سيارة سيفعلون ذلك. والطاقة الرخيصة يمكنها تنقية الماء، بل حتى تحليته. ويمكنها تحريك ماكينة الذكاء الاصطناعي التي تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء. ويمكنها جعل ملايين المساكن والمكاتب أكثر احتمالا في مواسم الصيف التي ستكون في العقود القادمة أشد حرارة.
لكن الأشياء التي لم يفكر فيها أي أحد بعد هي تلك التي ستكون الأكثر أهمية. فالطاقة الرخيصة والوفيرة بشكل جذري ستحرر الخيال وتطلق «دواليب» العقل الصغيرة «الدوَّارة» على نحو مثير وباتجاه ممكنات جديدة.
شهد هذا الشهر انقلاب الشمس الصيفي في النصف الشمالي للكرة الأرضية. والشمس التي ترتفع إلى أعلى نقطة لها في السماء في العقود القادمة ستسطع على عالم لا ينبغي لأحد فيه أن يستغني عن نعمة الكهرباء.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الطاقة الشمسیة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
إنشاء مشروع صناعي للألواح الشمسية بين العربية للتصنيع والكهرباء
شهد اللواء أ.ح مهندس مختار عبد اللطيف رئيس الهيئة العربية للتصنيع، ودكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، توقيع عقد إنشاء مشروع صناعي مشترك للألواح الشمسية بين الشركة العربية للطاقة المتجددة التابعة للهيئة، وشركة صن شاين برو Sunshine Pro السويدية.
شارك بالحضور , اللواء مهندس عبد الرحمن عبد العظيم عثمان مدير عام الهيئة العربية للتصنيع، ومهندسة "غادة الجندي " المدير التنفيذي للشركة العربية للطاقة المتجددة التابعة للهيئة، ودكتور يحيى متيني رئيس مجلس إدارة شركة صن شاين برو Sunshine Proالسويدية، ووفد من " الإتحاد العربي للطاقة البديلة و الإقتصاد الأخضر " برئاسة دكتور "عصام شيخ الأرض" (الأمين العام للإتحاد العربي للطاقة البديلة والإقتصاد الأخضر ).
يأتي هذا العقد في إطار الخطوات الناجحة والمستمرة, التي تقوم بها الهيئة العربية للتصنيع لتوطين التكنولوجيا وزيادة نسب التصنيع المحلي, وتصنيع ما يتم استيراده حاليا وجذب الاستثمارات بالشراكة مع كبري الشركات العالمية.
كما أن هذا التعاقد على تصنيع الألواح الشمسية يتم فى إطار التنسيق الدائم بين الهيئة العربية للتصنيع ووزارة الكهرباء والطاقة المتجددة"، والخطوات الناجحة والمستمرة, التي تقوم بها الهيئة لتوطين التكنولوجيا وزيادة نسب التصنيع المحلي, وتصنيع ما يتم استيراده وجذب الإستثمارات بالشراكة مع كبري الشركات العالمية، وفى ضوء الخطة العاجلة لقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة بزيادة قدرات الطاقات الجديدة والمتجددة وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري والحد من الانبعاثات الكربونية، بالتعاون والشراكة مع القطاع الخاص ودعم الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية تماشيا ورؤية الدولة الداعمة والمساندة لدور القطاع الخاص فى خطة التنمية المستدامة والتى تعد الطاقة النظيفة احد أهم دعائمها.
في هذا الإطار، أعرب اللواء أ.ح مهندس "مختار عبد اللطيف" رئيس الهيئة العربية للتصنيع عن تقديره واعتزازه بهذا التعاون مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، ودعمها لكافة أوجه التعاون المشترك ، مع شركة صن شاين برو Sunshine Proالسويدية، مؤكدا اهتمام العربية للتصنيع بتعظيم شعار (صنع في مصر) .
وأوضح أن مجالات التعاون المتفق عليها تتضمن إنشاء مشروع صناعي مشترك للألواح الشمسية أوتوماتيك, من خلال تأسيس خط إنتاج حديث بمواصفات ومعايير جودة عالمية بقدرة (1) جيجا وات سنوياً تحت مسمي "مصنع الطاقة العربي السويدي ASEF بتكنولوجيا N type, منوها أن هذه نقطة انطلاقة لتعزيز التعاون مستقبلا في مشروعات استثمارية متنوعة.
وذكر أن الهيئة العربية للتصنيع تتطلع لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات مع شركة Sun Shine Pro السويدية, لتطوير حلول متكاملة ذكية في مجالات التصميم والتصنيع, لمشروعات الطاقة المتجددة لتلبية الإحتياجات المتزايدة للسوق المحلي, فضلا عن المشاركة في المشروعات بالدول الأفريقية والعربية والسوق العالمي بأسعار تنافسية لمنتجات مشتركة وفقا لمعايير الجودة العالمية.
وفي سياق متصل، أكد اللواء أ.ح مهندس "مختار عبد اللطيف" أن الهيئة العربية للتصنيع لديها خطة طموحة لتلبية كافة احتياجات السوق المحلي والأفريقي في مجال إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، بل والدخول في المنافسة العالمية مستقبلا، مشيرا إلي تعزيز قدراتنا التصنيعية وخطوط الإنتاج بكافة نظم التصنيع الرقمية الحديثة حتى نحصل على ألواح شمسية فائقة الجودة تسمح لنا بالمنافسة في السوق العالمي.
من جانبه، أكد الدكتور "محمود عصمت" التنسيق الدائم والتعاون مع كافة الجهات لدعم خطة قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة واستراتيجية العمل للتحول نحو الطاقة النظيفة، موضحا الأسراع فى الخطوات التنفيذية للمشروعات الجارى تنفيذها لزيادة القدرات المضافة من الطاقات المتجددة على الشبكة القومية للكهرباء، مؤكدا أن القطاع الخاص شريك رئيسي فى مشروعات الطاقة المتجددة، وأن الوزارة تعمل على فتح المجال أمامه، وتقديم مايلزم من دعم لزيادة مشاركة الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية فى مشروعات الطاقة النظيفة، وكذلك توطين صناعة المهمات الخاصة بها، والتى من بينها الخلايا الشمسية، مضيفا أن هناك خطة عاجلة لتحسين جودة واستقرار التغذية الكهربائية والاعتماد على الطاقات المتجددة وخفض إنبعاثات الكربون وتنويع مصادر الطاقة وخفض استهلاك الوقود التقليدي فى اطار رؤية التنمية المستدامة للجمهورية الجديدة.
بدوره أعرب دكتور "يحيى متيني" رئيس مجلس إدارة شركة صن شاين برو Sunshine Proالسويدية عن تقديره لهذا التعاون مع الهيئة العربية للتصنيع ،ذات الدور التاريخي الرائد الذي نفخر به في كافة مجالات الصناعة منذ تأسيسها، معربا عن تطلعه لتوطين التكنولوجيا ، والعمل علي تنفيذ مشروعات مشتركة في مجالات الطاقة المتجددة لتلبية كافة احتياجات السوق المصري المحلي والدول العربية والأفريقية والعمل علي فتح منافذ جديدة للتصدير للسوق العالمي ,مؤكدا أن هذا التعاون سيمثل إضافة كبيرة للإقتصاد المصري , وخصوصا أننا سنعمل علي تصميم وتنفيذ مشروع صناعي مشترك للألواح الشمسية أوتوماتيك , وبالقدرات التصنيعية الوطنية بالهيئة العربية للتصنيع, وفقا لأحدث معايير الجودة العالمية.