جامعة السلطان قابوس والذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
كشفت الخطوة المهمة التي أعلنها اليوم مجلس جامعة السلطان قابوس والمتمثلة في إدراج برنامج دراسي خاص في مستوى البكالوريوس يدرس الذكاء الاصطناعي، وهذه خطوة مهمة تسير مع التحولات الكبرى التي تشهدها ثورة المعلومات الجديدة والمتمثلة في الذكاء الاصطناعي. وهي خطوة تضع جامعة السلطان قابوس في طليعة المؤسسات التي تعتني جيدا بالتكنولوجيا وتواكب العصر.
والمتغيرات التي يشهدها مسار التقدم التكنولوجي لا تضع دمج دراسات الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الأكاديمية بوصفه مجرد اتجاه على الجامعات أن تسير فيه ولكنه تطور أساسي لا بد من مواكبة العصر وتقدمه. وفي الوقت الذي يقف فيه العالم على حافة ما يمكن أن يكون العصر التكنولوجي الأكثر تحولا، تبرز الجامعات والمؤسسات البحثية لتؤدي دورا أساسيا في هذا التقدم المطرد خاصة أنها تضطلع بدور أساسي في إعداد الأجيال وبنائها علميا ومعرفيا وبشكل خاص في دراسات الذكاء الاصطناعي لتصنع منهم خبراء في هذا المجال وقادة المرحلة القادمة التي ستكون محكومة بالذكاء الاصطناعي وتطبيقاته وفي كل مجالات الحياة.
إن قدرة الذكاء الاصطناعي على إحداث ثورة في كل جانب من جوانب حياتنا هائلة رغم أن هذه التقنيات ما زالت في بداياتها الأولى. ومن الناحية الاقتصادية، يَعِد الذكاء الاصطناعي بتعزيز الإنتاجية من خلال الأتمتة وتحليلات البيانات المتقدمة، وتعزيز الصناعات الجديدة وتحويل الصناعات القائمة. وفي مجالات مثل الرعاية الصحية، يمكن للذكاء الاصطناعي إدارة كل شيء بدءًا من تشخيص المرضى وحتى بروتوكولات العلاج، مما قد ينقذ الأرواح من خلال تحديد الأمراض في وقت مبكر أكثر من أي وقت مضى. علاوة على ذلك، في المجال الاجتماعي، يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي تحسين السلامة العامة من خلال التنبؤات وتحسين نوعية الحياة من خلال تقنيات المدن الذكية.
وإذا كان الجدل ما زال كبيرا حول دور الذكاء الاصطناعي في مسار الإبداع والفن والأدب إلا أن الثابت أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تنافس اليوم الإبداعات البشرية حتى في كتابة الشعر والسرد والقدرة على التعبير عن المشاعر والتي ظلت طوال التاريخ حكرا على البشر وحدهم.
من الناحية العلمية، توفر قدرة الذكاء الاصطناعي على معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعات غير مسبوقة إمكانيات لا حدود لها للبحث والاكتشاف، وتسريع الابتكار وتقديم الحلول لبعض التحديات العالمية الأكثر إلحاحًا.
لكن هذه التحولات تطرح إلى جوارها تحديات أخلاقية واجتماعية كبيرة. إن قضايا مثل الخصوصية والأمن واستبدال الوظائف عن طريق الأتمتة هي مخاوف تحتاج إلى معالجة وإلى بحث حقيقي من هذه اللحظة سواء عبر توجيه مسارات البرامج التي تطرحها الجامعات أو عبر فتح مسارات ستكون أسواق العمل في أمسّ الحاجة لها خلال سنوات ازدهار الذكاء الاصطناعي. وفي هذا السياق تؤدي الجامعات دورا أساسيا، ليس فقط في تطوير التقنيات، بل أيضًا في تشكيل الأطر والسياسات الأخلاقية التي توجه استخدامها.
وبالتالي، يعد برنامج الذكاء الاصطناعي الجديد الذي ستطرحه جامعة السلطان قابوس لحظة مهمة في تاريخ الجامعة ويسلط الضوء على أهمية القيادة الأكاديمية في الذكاء الاصطناعي، ويحث الجامعات الأخرى على أن تحذو حذوها عبر دمج الذكاء الاصطناعي والمجالات ذات الصلة في مناهجها الدراسية. وهذا التوجه من شأنه أن يزود الطلاب بالمهارات ذات الصلة بثورة الذكاء الاصطناعي إضافة إلى جعل مخرجات المؤسسات الجامعية في سلطنة عمان قادرة على المنافسة في الاقتصاد العاملي القائم على المعرفة وعلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن مسارات التحول التي سيشكلها الذكاء الاصطناعي في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية متعددة. ومع استمرار تطور هذه التقنيات، فإن دور المؤسسات الأكاديمية والبحثية في التعامل مع هذه التغيرات سيكون أكثر أهمية من أي وقت مضى. يحمل المستقبل الذي يشكله الذكاء الاصطناعي وعدًا لا يصدق، ومع التوجيه والبصيرة الصحيحين، يمكن تحقيق هذا الوعد لصالح الجميع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جامعة السلطان قابوس الذکاء الاصطناعی من خلال
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: حرب ترامب على الجامعات تضع الولايات المتحدة في خانة الاستبداد
قالت صحيفة واشنطن بوست إن اعتقال الطالبة رميسة أوزترك يعكس توجها عالميا أوسع نطاقا للقادة القوميين الذين يستهدفون الجامعات باعتبارها بؤرا للتطرف، وأشارت إلى أن قمع حرية التعبير بين الطلاب الأجانب ليس سوى خطوة أولى.
وأوضحت الصحيفة -في مقال بقلم إيشان ثارور- أن فيديو اعتقال رميسة أوزترك (30 عاما)، يظهر مشهدا قاتما، حث يواجه ضباط بملابس مدنية وبعضهم ملثمون، طالبة في إحدى ضواحي بوسطن ويقيدونها ويدفعونها نحو سيارة بدون أرقام، مع أنها مواطنة تركية حاصلة على تأشيرة طالب، وتعمل على رسالة دكتوراه في جامعة تافتس.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحيفة أميركية: ضربات ترامب أضعفت الحوثيين لكنها لم تدمرهمlist 2 of 2وول ستريت جورنال: ما سر كراهية تيار ماغا لأوروبا؟end of listوقد أكد مسؤولون أميركيون إلغاء تأشيرة أوزترك الدراسية، وقالوا إن إجراءات ترحيلها قيد التنفيذ، وهي الآن واحدة من رعايا أجانب مقيمين بشكل قانوني، ألغت إدارة الرئيس دونالد ترامب تأشيراتهم بزعم مشاركتهم في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات.
جزء من هجوم أعمق
وانتقد وزير الخارجية ماركو روبيو الطلاب الأجانب، وقال إنهم "يثيرون ضجة" في الجامعات، وقال إن وزارته ألغت بالفعل حوالي 300 تأشيرة طالب، وأضاف "نفعل ذلك كل يوم، وفي كل مرة أجد فيها أحد هؤلاء المجانين ألغي تأشيراتهم"، ولكنه لم يوضح هو ولا غيره من المسؤولين ما فعلته أوزترك لتبرير إلغاء تأشيرتها.
إعلانوقالت وزارة الأمن الداخلي في بيان إن "تحقيقاتها وتحقيقات دائرة الهجرة والجمارك وجدت أن أوزترك شاركت في أنشطة تدعم (حركة المقاومة الإسلامية) حماس"، وأضافت أن "دعم الإرهابيين" يعد سببا لإنهاء التأشيرة، مع أنه لا يوجد دليل واضح على أن أوزتورك "تدعم الإرهابيين"، إلا إذا كان التعبير عن أي شكل من أشكال التضامن مع الفلسطينيين أو انتقاد إسرائيل يعادل دعم حماس، حسب الكاتب.
وبالفعل شاركت أوزترك في مارس/آذار من العام الماضي، في كتابة مقال رأي في صحيفة الجامعة تحث فيه إدارة الجامعة على الاستجابة لقرار مجلس الطلاب الذي يدين الحرب في غزة، والاعتراف بـ"الإبادة الجماعية" التي تحدث في القطاع، وسحب الاستثمارات من الشركات المرتبطة بإسرائيل، وهي دعوات ترددت أصداؤها في جميع أنحاء الجامعات الأميركية على مدار الأشهر الـ17 الماضية من الحرب.
وفي أعقاب فوز ترامب، أصبح مواطنون أجانب مثل أوزترك والناشط الطلابي المعتقل في جامعة كولومبيا محمود خليل، من بين المتضررين من رد الفعل العنيف ضد النشاط المؤيد للفلسطينيين -كما يقول الكاتب- وهو جزء من هجوم أعمق تشنه إدارة الرئيس على الجامعات الأميركية التي كانت دائما هدفا لليمين.
كولومبيا بمثابة تحذيرومما أثار غضب العديد من أعضاء هيئة التدريس والطلاب، رضوخ جامعة كولومبيا التي شهدت بعضا من أكثر الاحتجاجات سخونة العام الماضي، لتهديدات إدارة ترامب بسحب التمويل الفيدرالي إذا لم تجر تغييرات معينة، مثل فرض المزيد من القيود على الاحتجاجات في الحرم الجامعي، وإشراف جديد على المناهج الدراسية والتوظيف في قسم دراسات الشرق الأوسط بالجامعة.
ويرجح المراقبون أن حملة الضغط لن تتوقف عند هذا الحد، حيث يخشى الباحثون على حرياتهم الأكاديمية، ويلجأ الطلاب إلى الرقابة الذاتية، وقد أعلن جيسون ستانلي، الفيلسوف البارز في جامعة ييل ومؤلف كتاب "كيف تعمل الفاشية: سياساتنا وسياساتهم"، أنه سيغادر قريبا ليعمل في جامعة تورنتو، وأوضح أن السبب الرئيسي هو رغبته في تربية أبنائه "في بلد لا يتجه نحو ديكتاتورية فاشية".
إعلان
وقال ستانلي لصحيفة غارديان "كانت جامعة كولومبيا بمثابة تحذير. شعرت بقلق بالغ لأنني لم أرَ رد فعل قويا في الجامعات الأخرى ينحاز لجامعة كولومبيا. أرى جامعة ييل تحاول ألا تكون هدفا. وهذه إستراتيجية خاسرة"، وأضاف أن قمع حرية التعبير بين الطلاب الأجانب ليست سوى خطوة أولى، متسائلا "متى سيأتون لملاحقة المواطنين الأميركيين؟".
وذكر إيشان ثارور بأن عداء ترامب للجامعات يعكس اتجاها عالميا أوسع، حيث يستهدف بعض القادة القوميين غير الليبراليين في عدد من الأنظمة الاستبدادية الانتخابية، جامعات النخبة باعتبارها أعداء للدولة وبؤرا للتطرف.