بوابة الوفد:
2024-06-29@10:22:03 GMT

آن الأوان لتصحيح المسار

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

ليسمح لى قرائى الأعزاء بأن أعيد نشر مقال لى كتبته فى جريدة الأخبار بتاريخ 5-5-2016 دون إضافات أو حذف لأى كلمة لأننى أراه مناسبا الآن.

«من وحى قصة «هيبتا» سرحت فى العلاقة الإنسانية بين الشعب ورئيسه، أى رئيس، وكيف أن هذه العلاقة شأنها شأن أى علاقة إنسانية تمر بمراحل صعود وهبوط، وهو ما يسمى باللغة السياسية «شعبية الرئيس».

لا يمكن لأى رئيس فى أى زمان أو مكان أن يحافظ على شعبيته مرتفعة طوال الوقت، لكنه يستطيع ذلك معظم الوقت إذا حافظ على المسار وصححه حال الخطأ، ولم يعاند الواقع، وافترض أنه الوحيد الذى على حق والجميع على خطأ. المطالعة المتأنية للتاريخ والحاضر تنطق بأن علاقة الشعوب بزعمائها ورؤسائها ينطبق عليها معايير نجاح وفشل أى علاقة إنسانية أخرى.

فقد تمر علاقة الشعب برؤسائه خاصة أصحاب الكاريزما والزعامة منهم بمراحل ومشاعر متدرجة ومتناقضة أحيانًا. والعلاقة الناجحة بين الشعب ورئيسه تمر بمراحل سبعة فى غالب الأحوال:

1- اللقاء: هذه هى المرحلة التى يتعرف فيها الشعب على زعيمه المنتظر لأول مرة، وعادة ما تكون معلومات الشعب عن زعيمه فى اللقاء الأول مبهمة وغامضة، ولكن تكون ممتلئة بالإعجاب بثقة الزعيم فى شعبه ونفسه، وبمظهره القوى الغامض وصلابته جسدًا وروحًا... وتنشأ عن هذا اللقاء حالة إعجاب ما تلبث أن تتطور إلى حب للزعيم، وأمل فى أن يصير هو القائد المنتظر للأمة لكى يخرجها من كبوتها ويحقق طموحاتها.

2- الانبهار: سرعان ما تتحول حالة الإعجاب إلى حالة انبهار لدى جموع الشعب بزعيمهم المنتظر، انبهار بقدرته على القيادة، انبهار بقوة شخصيته الناعمة، انبهار بحبه لشعبه، انبهار بانحيازه للضعفاء وقدرته على الوصول إليهم، وانبهار بتصالحه مع نفسه، انبهار بتحركاته التكتيكية المحسوبة والمفاجئة لأعداء الوطن، انبهار بطموحاته لشعبه، انبهار بقدرته على الحسم ومواجهة المخاطر. هنا تكون شعبية الزعيم فى أعلى القمة.

3- الحلم: هنا يبدأ حلم الشعب، وتبدأ معه مرحلة الأمل، الأمل فى تغيير الواقع غير السعيد، الأمل بأن يحول الزعيم أحلام شعبه إلى واقع جديد مشرق، الحلم بالقضاء على الفساد، الحلم بالقضاء على الفقر، الحلم بتكافؤ الفرص بين كافة أفراد الوطن، الحلم بالمساواة أمام القانون، الحلم بالحرية فى التعبير عن الرأى والحق فى الاختلاف دون خوف، الحلم بتعليم جيد لأبناء الطبقة دون المتوسطة، الحلم بالأمن، الحلم بالقضاء على التجارة بالدين، الحلم بكوب مياه نظيفة، الحلم بالقضاء على العشوائيات، الحلم بالعلاج الجيد، الحلم بالحصول على الدواء، الحلم بصناعة وطنية قوية، الحلم بالكرامة، الحلم بدولة قوية تحافظ على مصالحها الوطنية.. أحلام كثيرة يشارك الزعيم شعبه فيها. ربما يدرك الزعيم أكثر من غالبية أبناء وطنه بأن تحقيق هذه الأحلام ليس يسيرًا ولكنه يقتضى بذل العرق والدم ولكنه -أى الزعيم- عازم بكل ما أوتى من قوة على تحقيق هذه الأحلام، والشعب بدوره حالم آمل فى قدرة زعيمه على تحويل هذه الأحلام إلى واقع فى وقت قصير لا يتناسب مع حجم التحديات، ولا يوجد سقف لطموحات الشعب خلال هذه المرحلة.

4- الوعد: هنا يعد الزعيم المخلص الممتن لشعبه بتحقيق أحلام أبناء وطنه، وهو صادق فى وعده لم يخدعهم للحظة فهو حالم وآمل مثلهم، ولا ينقصه الإيمان ولا العزيمة، هو من الشعب ويشعر بنبضه وآلامه. تتعاظم شعبية الزعيم، وتسعى الغالبية لجعله رئيسًا للبلاد. الإصلاح ممكن ولكنه طريق شاق وقد يستغرق وقتًا أطول مما يتوقعه الشعب، وشعبية الزعيم فى مرحلة الوعد لا تتزعزع، فحسن النوايا يحكم الجميع. وينتخب الشعب زعيمه رئيسًا للبلاد ليحقق لهم طموحاتهم وأحلامهم وليقضى على طيور الظلام، وتكون الانتخابات حقيقية غير هزلية، ويكون الشعب فى هذه المرحلة على قلب رجل واحد خلف رئيسهم الجديد، ويبدو المستقبل مشرقًا والانقسام غير ممكن. وتصعد شعبية الرئيس إلى السماء.

5-الواقع: رغم أن الرئيس يدرك منذ اللحظة الأولى لانتخابه صعوبة الموقف وخطورته إلا أن الواقع على الأرض يبدو أسوأ بكثير مما كان يأمل أو يتصور، فمؤسسات الدولة ذراعه فى تحقيق أحلام وطموحات شعبه، منهارة لا تقوى على فعل شيء، فلها شكل مؤسسات الدولة فى كل شيء، إلا أنها تفتقر المقومات الحقيقية لمؤسسات الدولة فى كل شيء. موارد سيادية محدودة، كفاءات إدارية معدومة، انقسام سياسى غير مسبوق، أحزاب سياسية منزوعة التأثير الشعبى ولاتزال تتخبط طريقها، جهاز إعلامى حكومى يمثل عبئًا على الدولة وليس داعمًا لها، بنية أساسية بدأت فى التآكل، قوى سياسية داخلية وخارجية متربصة، قصور فى الإنتاج، عجز فى الاستثمار، فساد يستفحل ولا يرحم، افتئات متزايد على القانون، إدارة سيئة للمنظومة الاقتصادية، ارتفاع فى الأسعار، بطالة متزايدة، وشعب حالم آمل. ماذا يفعل الرئيس؟ الرئيس يعلم بالمشكلات، وضرورة التدخل العاجل. ليس لديه وقت يضيعه أو يستنزفه ليواجه أجهزة الدولة المدنية العتيقة، فيلجأ لجيشه فى كل شيء لسد الفجوة. ورغم المجهود الجبار والإنجازات السريعة إلا أن ظاهرة الجزر الحكومية المنعزلة تتزايد، وحالة الجهاز الحكومى تسوء، ولا يجد الرئيس الوقت، ولا تعاونه أجهزة الدولة للبحث عن كفاءات تعينه من أهل الخبرة من الحريصين على الرئيس أكثر من حرصهم على عدم إغضاب الرئيس، فتسود حالة من الهمهمة وضعف الأمل فى تغيير ما كان عليه حال البلاد قبل الرئيس.

6-القلق والإحباط: يبدأ فى هذه المرحلة كرد فعل للواقع الصعب ووجود بعض الأخطاء ارتفاع أصوات بعض المؤيدين المخلصين بوجود مشكلات وسوء إدارة للملفات، فيتم تهميشهم بدعوى أنهم أصوات للإحباط، أو أنهم لم يحصلوا على ما كانوا يصبون إليه فتحولوا إلى المعارضة، ومعاول للهدم، فيبدأ هؤلاء تدريجيًا فى الانسحاب، ورغم تقدير الرئيس وتفهمه لبعض وجهات النظر هذه إلا أنه ليس لديه الوقت لإعادة النظر فى السياسات القائمة، ولا يخفى أحيانًا غضبه مما تسير عليه الأمور، ويسود قطاع كبير من الشباب حالة من الإحباط، ومعه قطاع من الشعب. ولا شك أن شعبية الرئيس تتأثر قليلًا فى هذه المرحلة، إلا أن الأغلبية لم تتخل عن الرئيس بل لاتزال تدعمه وتؤيده ويدرك الجميع أنه لا بديل عن النجاح وتحقيق طموحات وأحلام الشعب وتنفيذ الوعد. ويأمل قطاع كبير من أبناء الوطن أن يدرك الرئيس أنه آن الأوان للتقييم الهادئ لإدارة البلاد والاعتراف بوجود بعض الأخطاء حتى داخل المؤسسة الرئاسية ذاتها.

7- القرار وقيام الرئيس بتصحيح المسار: يدرك الرئيس المشكلات، ويتحرك بسرعة لتصحيح المسار، فالتحديات تزايدت واصطياد الأخطار تعاظم، والإحباط خطر جسيم، فالإحباط يقتل أمل الشعوب. فكان لابد من إعادة النظر فيما يجب إنجازه، وضرورة تصحيح الأخطاء، ويواجه الرئيس شعبه بالأخطاء قبل الإنجازات، وبما قرر اتخاذه من خطوات لتصحيح المسار فهو لا يزال على وعده، ويبدأ الرئيس فى اتخاذ قرارات جريئة لتصحيح المسار الإدارى لشئون الدولة، وملفاتها السياسية والاقتصادية، وتتحقق المعجزة وينفذ الرئيس الوعد الذى قطعه على نفسه بنهاية مدة رئاسته الأولى. وتعود شعبية الرئيس لترتفع إلى عنان السماء.

يذكر التاريخ دائمًا أن الزعماء والرؤساء المخلدين فى ذاكرة أممهم هم هؤلاء الذين اعترفوا بالأخطاء وواجهوها وهم فى قلب المعركة، ولم يعاندوا الواقع بل غيروا من سياساتهم ونهج إدارتهم، فالتاريخ سيذكر ذلك لـ«تيودور روزفلت» و«ونستون تشرشل»، ومهاتير محمد فى ماليزيا.

إن تصحيح المسار صعب ولكنه ليس مستحيلًا، وتصحيح المسار السياسى والاقتصادى والإدارى ضرورة لتحقيق الحلم، وقهر صعوبات الواقع. والأمر الآن برمته بيد الرئيس السيسى، فلا يزال تحقيق الوعد ممكنًا، وربما آن الأوان لتصحيح المسار».

وسلامٌ على الأمة المصرية

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د هانى سرى الدين العلاقة الإنسانية هيبتا لتصحیح المسار شعبیة الرئیس هذه المرحلة إلا أن رئیس ا

إقرأ أيضاً:

أسباب توقف العرض المسرحي "الحلم حلاوة"

أعلن المسرح القومي للطفل الذي يديره الفنان عادل الكومي، عن توقف مسرحية " الحلم حلاوة "  بداية من يوم  27 يونيو، وذلك نظرًا لوجود أعمال صيانة في المسرح.

قصة مسرحية الحلم حلاوة

وتدور أحداث العرض المسرحي الحلم حلاوة، حول الطفلة هالة التي تحلم بامتلاك عروسة المولد، وتعلم بصعوبة تحقيق هذا الحلم حيث أنها فقيرة ولا تمتلك مال كي تشتري عروسة المولد، وتتمني تلك الطفلة أن يكون لديها الكثير من المال والملابس وتعتقد أنها إن امتلكت تلك الأشياء ستكون في منتهي السعادة .

حتي تلتقي هالة بعروسة المولد التي تأخذها إلي العالم الموازي وتعيش هناك تجربة فريدة تتعلم منها الكثير وتعرف ماهو المعنى الحقيقي للسعادة، وأن كل واحد فينا لديه الكثير من الأشياء الذي لا يعرف قيمتها، لأن دائماً نبحث عن الأشياء التي لا نمتلكها.

أبطال مسرحية الحلم حلاوة

عرض الحلم حلاوة، وبطولة أحمد صبري غباشة، مارتينا عادل، حور أحمد، مجدي عبد الحليم، أحمد يحيي، سامر المنياوي، خالد نجيب، محمد الشربيني، تأليف ياسر أبو العينين، موسيقي الدكتور  هاني عبد الناصر، استعراضات مصطفي حجاج، ديكور وعرائس فخري العزازي، إضاءة أبو بكر الشريف، فكرة وإخراج مي مهاب.

مقالات مشابهة

  • سيمور هيرش: الحزب الديمقراطي في أزمة وآن الأوان لصياغة خطاب استقالة بايدن
  • إلى من تخطى الخمسين لا تقل فات الأوان
  • المحكمةُ الدستوريةُ أو الحجرُ المُهمَل في البناءِ الديمقراطي
  • أسباب توقف العرض المسرحي "الحلم حلاوة"
  • د. أحمد مجاهد يكتب: الحلم والواقع
  • عاجل| التفاصيل الكاملة حول انقلاب بوليفيا
  • مراجعات دقيقة لتصحيح امتحانات الثانوية العامة 2024
  • طيور الحلم الأمازونية (3)
  • وفاة زوجة الزعيم اليساري المهدي بنبركة