لجريدة عمان:
2025-04-30@18:03:28 GMT

العيد والإجازة

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

ربما كانت إجازة عيد الأضحى المبارك المنقضية، واحدة من أطول الإجازات وأفضلها منذ سنوات عديدة، وفي أوقات سابقة طالبت بعض الأصوات بأن تُحَدَّ هذه الإجازات وتبقى لثلاثة أيام فحسب! وبعضهم طالب بأقل من ذلك؛ ولكن ما الذي يتماشى حقا مع روح العائلة ومع النهج الحكومي الجديد الذي يولي اهتماما بالأسرة، الإجازات الطويلة أم القصيرة؟

يلاحظ المرء التغيرات الهائلة في مجتمعنا العماني والتي حدثت بسرعة صاروخية مجنونة، فقبل أقل من ربع قرن كانت التجمعات السكانية موزَّعة على أنحاء السلطنة بشكل متساو تقريبا، مع أفضلية للعاصمة مسقط.

وفي وقت قياسي؛ قفزت الهجرة من البلدان والقرى إلى مسقط العاصمة قفزة هائلة حتى ليكاد أن تخلو البلدان من ساكنيها -إلا من ربات البيوت وكبار السن- في أيام العمل الأسبوعية، ويجتمع الناس في تلك القرى في الأعياد التي بدأت تعود إليها مكانتها ورونقها بعدما كان يُنظر إلى العيد باعتباره عبئا يكسر عزلة الإنسان الحديث المتمدن، ويعيد إليه شيئا من طراوة روحه، والتي لا يعرف توصيفها غالبا، فيظن أن الإجازة إن هي إلا خمول وكسر للإنتاجية والإنسان الآلي المتخشب الذي لا هم له سوى جمع المال، والمزيد من المال، يتأفف بشدة من الإجازة التي يمنحها لموظفيه وكأنها منّة وفضل، رغم أن الإجازة تمنح المرء تجددا وتعيد إليه نشاطه وبهاءه بعد فترة من الكد والكدح. أما مركزية العاصمة سابقا مقابل خلو المحافظات الأخرى من الخدمات الرئيسة مقارنة بالعاصمة، فهو ما أكّده جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم في حديثه في افتتاح دور الانعقاد السّنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان: «إن الاهتمام بتنمية المحافظات وترسيخ مبدأ اللامركزية نهجٌ أسَّسْنا قواعدَه من خلالِ إصدارِ نِظامِ المحافظات، وقانونِ المجالسِ البلدية، استكمالا لتنفيذِ رؤيتِنا للإدارةِ المحليةِ القائمةِ على اللامركزيةِ، سواءً في التخطيطِ أو التنفيذِ، ولتمكينِ المجتمعِ المحليِّ مِنْ إدارةِ شُؤونِه والإسهامِ في بناءِ وطنِه».

وباعتقادي أن إجازة العيد المناسبة تمنح الأسرة مزيدا من الألفة والتقارب، فأي تقارب في الأسرة في وقت يعمل فيه الموظف تسع ساعات في اليوم ولا يجد من يومه إلا سويعات قليلة لا يعرف أين ينفقها قبل الاستعداد لليوم التالي والعمل من جديد! ولأنه لا يمكن بحال أن نتوقع من الإنسان أن يكون آلة لا تشعر ولا تحس بشيء؛ فإنه يتأثر طرديا بانفعالاته النفسية التي تتأتّى غالبا من البيت. فالبيت المولد والمحرك الرئيس للإنسان، إن كان بيتا مليئا بالمحبة والألفة، فإن السكينة والاتزان تتبدى على المرء في تعاملاته اليومية وفي عمله بالأخص؛ وإن كان البيت مشحونا مليئا بالفرقة والنفور التي يعززها فقدان الطاقة وساعات الغياب الطويلة، فإن القادم منها يكون -غالبا- شرسا تنعكس شراسته في تعاملاته اليومية والعملية كذلك، وهو ما يسبب مشاكل حقيقية ومفصلية يصعب التخلص من آثارها خصوصا إن كان هذا الشخص ممسكا بزمام أمور دائرة ما، أو بيده قرار يمس حياة الناس ومصالحهم.

إن ما يتبقى للمرء من ذكريات، تلك المرتبطة بأناس آخرين؛ فلا تقرأ سيرة ذاتية لأحد أو تجلس مع كبير من كبار السن إلا ويخبرك عن من عاش معهم وعايشهم والتقى بهم في حياته. أي أن ذاكرة الإنسان -وحياته الحقيقية بالضرورة- مرتبطة بآخرين من بني جنسه، لا بما يحققه من إنجازات فردانية. فكل من يكتب سيرته الذاتية وكل من يحكي عن ما مضى من حياته، يخبرك بأنه التقى فلانا، أو عمل مع فلان، أو تعلم من فلان، أو تأثر بفلان؛ وكيف يمكن التأثير والتأثر لو كان المرء متقوقعا على ذاته لا يعرف محيطه القريب قبل البعيد!. ولأن العمل يصبح روتينا -أي أنه يصبح شيئا آليا- بمرور الوقت، تنبهت إلى ذلك كبريات الشركات، فمنحت موظفيها إجازات جيدة تتيح لهم استرداد إبداعهم وشغفهم بالحياة من ذويهم ومن محطيهم الاجتماعي.

قد يبدو الأمر مثيرا للسخرية قليلا، ولكن واحدة من أجمل فترات حياتي، تلك التي كنت فيها باحثا عن عمل؛ وكان من حسن الطالع أني قرأت كتابا للمؤلفة الأسترالية بروني وير، يحمل عنوان «أهم خمسة أشياء يندم عليها المرء عند الموت» وهو كتاب ظريف متوسط الحجم، ولكن أثره عميق. وبسببه أعدت النظر في علاقاتي الاجتماعية فجنيت لذة اكتشاف الإنسان الذي عاش وجرب وعاصر وكافح، أعني كبار السن، وبسببه ازداد تقديري للحظات العائلية حتى البسيطة والسريعة منها؛ فالإنسان يدرك بأنه راحل يوما ما لا محالة، ولكنه في تعاملاته اليومية ينسى هذه الحقيقة. فأولئك الذين قدروا لحظاتهم وعاشوها بأقصى وأفضل طريقة، لن يتندموا على ما فات ولا على من مات، لأنهم أعطوا كل ذي حق حقه؛ وأولئك الذين فرطوا -في حق الآخرين خصوصا- فلن ينفعهم الندم، وإن عضوا أصابعهم. وكما قال لنا أحد أصدقاء أبي في زيارته لنا «اللقاء في الحياة..» ، أي أنه لا تنفع أحدا الزيارة بعد الممات، لا الزائر ولا المزور. والإجازة الصيفية طويلة وفيها متسع، فهل نتدارك العائلة بشيء من الوقت؟ أم سنستيقظ على أجراس المدارس بغتة وقد انقضت دون أن نشعر بها!.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الأزهر للفتوى يحدد القدر المجزئ في الوقوف بعرفة لكبار السن

كشفت الدكتورة إيمان أبو قورة، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عن حكم الوقوف بعرفة خاصة لكبار السن حال تعرضهم لوعكة صحية مفاجئة أثناء أداء مناسك الحج.

وقالت الدكتورة إيمان أبو قورة، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الإثنين: "خلينا نتفق أولًا على القدر المجزئ في الوقوف بعرفة، لأنه متى فهمناه سيتضح أن الأمر أيسر وأسهل بكثير، فالوقوف الأكمل والأفضل أن يبقى الحاج بجبل عرفات من وقت الزوال (الظهر) إلى أن يدخل عليه جزء من الليل، وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم".

وأضافت عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية "لكن الفتوى المعتمدة أن الوقوف يجزئ ولو للحظة واحدة من النهار، فإذا حضرت الحاجة الكبيرة السن إلى عرفات، ثم شعرت بتعب ونُقلت إلى المستشفى بعد وقوفها ولو لحظة، فوقفها صحيح وحجها صحيح بإذن الله تعالى، وعندما تستعيد عافيتها تكمل المناسك كالطواف والسعي ورمي الجمرات".

لماذا سمي شهر ذي القعدة بهذا الاسم؟.. لـ3 أسباب لا يعرفها كثيرون3 أمور ترفع قدرك عند الله.. تعرف عليها

وتابعت: "أما إذا لم يتيسر لها الوقوف بالنهار، ونُقلت إلى المستشفى قبل أن تقف، لكنها استطاعت أن تقف جزءًا من الليل – بعد غروب شمس يوم عرفة وقبل فجر يوم النحر – فوقوفها مجزئ وصحيح، وحجها صحيح إن شاء الله، وفقًا لقول جمهور الفقهاء".

وأكدت أن هذا الحكم من مظاهر التيسير العظيم في الشريعة الإسلامية، قائلة: "لو وقف الحاج المعذور ولو لحظة، سواء من النهار أو الليل، أجزأه ذلك، وحجه صحيح بإذن الله تعالى، وهذا تيسير ورحمة بالمسلمين، خاصة المرضى وكبار السن".

وكانت دار الإفتاء المصرية، أعلنت رؤية هلال شهر ذي القعدة لعام 1446 هجريًا، مساء اليوم الاثنين 29 من شهر شوال، الموافق 28 أبريل 2025م، وذلك عقب صلاة المغرب، من خلال لجانها المنتشرة في أنحاء الجمهورية.

قالت دار الإفتاء في إعلان الرؤية، إن غرة شهر ذي القعدة ستكون غدا الثلاثاء 29 أبريل 2025، وأن اليوم الإثنين هو المتمم لشهر شوال.

موعد شهر ذو القعدة فلكيا

وأعلنت للحسابات الفلكية، أن هلال شهر ذو القعدة يولد مباشرة بعد حدوث الاقتران في تمام الساعة التاسعة والدقيقة 32 مساءً بتوقيت القاهرة المحلي يوم الاثنين 29 من شوال 1446هـ، الموافق 27 أبريل 2025م (يوم الرؤية).

ويغرب القمر قبل غروب شمس ذلك اليوم "يوم الرؤية" في مكة المكرمة بـ 15 دقيقة، وفي القاهرة بـ 11 دقيقة. كما يغرب القمر في محافظات جمهورية مصر العربية قبل غروب شمس ذلك اليوم بمدد تتراوح بين 9 و14 دقيقة.

أما في العواصم والمدن العربية والإسلامية، فإن القمر يغرب قبل غروب شمس ذلك اليوم (يوم الرؤية) بمدد تتراوح بين 2 و31 دقيقة، وبذلك تكون غرة شهر ذو القعدة 1446هـ فلكيًا يوم الثلاثاء 29 أبريل 2025م.

طباعة شارك الدكتورة إيمان أبو قورة عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى حكم وقوف الحاج بجبل عرفات خاصة لكبار السن جبل عرفات الوقوف بعرفة

مقالات مشابهة

  • المركزي يطلق خطة لتعزيز السيولة والدفع الإلكتروني قبيل العيد
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • الصوت السنّي لضمان المناصفة
  • من هدوء المدينة إلى نار الاشتباكات والطائفية... ما الذي حدث في جرمانا السورية؟
  • البيت الأبيض: ترامب يركز على تراجع معدلات التضخم التي خلفتها إدارة بايدن
  • المشهد اليمني الذي يشبهُ غزة
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • نادي ستين تسعين في جدة
  • الأزهر للفتوى يحدد القدر المجزئ في الوقوف بعرفة لكبار السن
  • الرئيس السيسي يبعث برقيتي تهنئة إلى ملك هولندا ورئيس توجو بمناسبة ذكرى العيد القومي للبلدين