مستقبل التعليم قضية تشغل الدول الكبرى، وكثير من الدراسات فى العالم الغربى، وفى الصين واليابان، تؤكد أن ثورة التعلم فى العقود القادمة ستجعل البعض ينظر للتعليم السائد منذ مطلع القرن العشرين على أنه ينتمى للقرون الوسطى.. كل شيء سيتغير ولن يكون التعليم فى قادم السنوات القليلة المقبلة حبيس حجرات الدراسة وإشراف المدرسين.
تكنولوجيا التعلم القادمة لن تجرد التعليم من طابعه الإنسانى كما يرى الملياردير الأمريكى «بيل جيتس» مؤلف كتاب – المعلوماتية بعد الانترنت – ويقول جيتس فى كتابه القيم، إن نفس القوى التكنولوجية التى ستجعل التعليم مطلبًا ضروريًا، سوف تجعله أيضًا عمليًا وممتعًا. كبار العلماء وخبراء التعليم فى أمريكا يرون أن تكنولوجيا التعليم القادمة لن تحل محل المدرسين، وأن طريق المعلومات السريع لن يحل محل، أو يحجم أهمية، أى من الكفاءات التعليمية الإنسانية التى نحتاج إليها من أجل تحديات الغد.
القضية الكبرى أن التعليم فى عصره الجديد سيكون صناعة حديثة بمعنى الكلمة – أى أنه لن يكون باستطاعة أى دولة أن تأخذ بأساليب التعليم الحديث إلا إذا كانت تملك إمكانيات وأدوات التغيير، وكلها تعتمد على القدرات الاقتصادية، ومدى التطور المجتمعى. لنعود ونقرأ ما يقوله بيل جيتس فى كتابه «المعلوماتية بعد الانترنت» (إن المدرسة الابتدائية أو الثانوية العادية فى الولايات المتحدة تتخلف كثيرًا عن المنشأة التجارية الأمريكية العادية، فيما يتعلق بتيسر تكنولوجيا المعلومات الجديدة، ويدخل أطفال مرحلة ما قبل المدرسة، الذين ألفوا التلفونات المحمولة والكومبيوترات الشخصية روضات الأطفال حيث تمثل السبورات و«البرجيكتورات العلوية» الوضع الراهن لتطور التكنولوجيا فى المدارس).
وحسب رؤية الملياردير وأحد أكثر الأسماء تأثيرًا فى ثورة المعلومات العالمية «بيل جيتس»، فإن حجرة الدراسة التى ستبقى كما هى كمكان، سيتغير الكثير من صفاتها، لأن التعليم داخل حجرات الدراسة المستقبلية سيتضمن عروضًا متعددة الوسائط، وسيتضمن الواجب المنزلى استكشاف وثائق اليكترونية ونصوص دراسية، وسيكون من المهم والأساسى تشجيع الطلاب على متابعة مجالات اهتمام خاصة، وسيكون سهلا على كل تلميذ أن يحصل على سؤاله مجابًا تلقائيًا، وسيمضى طلال الفصل الجزء الأكبر من اليوم الدراسى على كمبيوتر شخصى فى استكشاف المعلومات فرديًا أو فى مجموعات، ثم يعود الطلاب بأفكارهم وأسئلتهم حول المعلومات التى اكتشفوها إلى مدرسهم، والذى سيكون قادرًا (أو يجب أن يكون قادرًا) على تحديد أى تلك الأسئلة جدير بأن يلفت إليه انتباه مجموع الطلاب فى الفصل.. العالم إذن مقبل على تحول تاريخى فى مستويات التعلم والمعرفة، وأعتقد أن ما يخشى منه اليوم أن تزداد الهوة المعرفية بين الدول بشكل مرعب بما يسهل على الأقوياء السيطرة والتحكم وتحويل الضعفاء إلى مواد خام بشرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كامل عبدالفتاح مستقبل التعليم الدول الكبرى العقود القادمة القرن العشرين بیل جیتس
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: " بلطجة " التعليم الخاص !!
كان الهدف الأساسى من دخول القطاع الخاص فى الإستثمار فى مجال التعليم، هو المعاونة فى تنفيذ السياسات التعليمية طبقاَ لخطة الدولة وكانت المشاركة تعتمد على أن هذه المؤسسات التعليمية الخاصة، غير قاصدة للربح وبالتالى نالت هذه المؤسسات والشركات إستثناءًا فى القانون بأن لا تتحمل أية أنوع من الضرائب العامة أو النوعية على نشاطها، وكانت المدارس والمعاهد الخاصة فى عصور غير بعيدة أى فى الخمسينيات والستينيات والسبعينيات هى مقصد الطلاب ذوى القدرات المالية القادرة وفى نفس الوقت القدرات الفنية والعقلية الأقل كان ينظر للتلميذ الذى يقصد التعليم الخاص بأنه تلميذ (خائب ) لا يستطيع أن يجد له مكاناَ فى التعليم العام أو كما كان يسمى ( التعليم الميرى ) حيث كان التعليم فى مدارس الحكومة شىء تتباهى به الأسر المصرية، ولعل بعض أسماء المدراس التى نقف لها ونشير إليها بالبنان مثل الإبراهيمية والخديوية، والسعيدية، وكذلك مدرسة الفسطاط أو عمرو بن العاص، ومدرسة السنية للبنات، هذه المدارس كانت أسمائها وطلابها شىء مميز فى النشاط التعليمى المصرى، وتخّرج من هذه المدارس قادة ورواد مصر فى كل مناحى الحياة حتى فى الرياضة الأكثر شعبية ( كرة القدم ) كانت الخماسيات التى تجرى بين تلك المدارس لنيل كأس المدارس الثانوية أهم بكثير من كأس "مصر"، الذى لا نسمع عنه شيئاَ اليوم وسط أندية رياضية محترفة فى اللعب وفى نشاط كرة القدم، ومع ذلك كانت المدارس الخاصة المنافسة فى هذا العصر، لها أسمائها مثل "فيكتوريا كوليج"، ومثل ( دى لاسال ) ومثل ( السكركير ) ( والميريدديه ) " والفرانشيسكان " وغيرهم من مدارس محترمة، قام على إدارة هذه المدارس سواء عامة ( أميرى ) أو خاصة أسماء لامعة فى عالم التربية والتعليم وكان يقصد هذه المدارس الخاصة شباب وبنات من مصر والعالم العربى ولا ننسى أن بعض قادة الدول العربية هم خريجى هذه المدارس مثل الملك حسين بن طلال(ملك الأردن) ( رحمه الله عليه ) خريج فيكتوريا الإسكندرية وكان متزاملًا مع الفنان عمر الشريف هكذا كانت المدارس، نجوم لامعة فى عالمنا العربى، واليوم نسمع عن مدارس يتعارك فيها الملاك بالأسلحة البيضاء بل ويضرب الرصاص، شيء من الفزع يصيب الطلاب والسكان، أثر بلطجة أصحاب المدارس الجدد.
ولكن كيف بدأت هذه الأخلاقيات تغزوا مجال التعليم فى مصر ؟
هذا سؤال يجب توجيهه للقادة والسادة العاملين فى نشاط التعليم، لا يمكن أبداَ السكوت على هذا المستوى المتدنى من التربية والأخلاق، وكذلك من الجشع والإبتزاز، وعدم ملائمة الظروف التى تمر بها البلاد فى مجال التعليم ولعل عودة الدولة عن رفع الإستثناء فى الضرائب على هذه المدارس للقناعة لدى الإدارة والمشرعين فى بلادنا أن هذه الشركات والمؤسسات التعليمية الخاصة حادت عن أهداف إنشائها وبالتالى أصبحت مؤسسات تتاجر فى العقول وتربح دون حساب، وبالتالى هذه المظاهر التى تتناقلها وكالات الأنباء عن مستوى إحدى مدارسنا الخاصة التى كانت محترمة !! وما زلنا فى إنتظار الوزير المسئول عن التعليم، لكى يخرج من الكهف ليدلى ببيان حول هذه الوقائع، وما هى التدابير التى ستتخذها (الوزارة المحروسة) لعدم حدوثها مستقبلًا !!
وما هى خطة الوزارة المعنية بالتربية قبل التعليم، إذا جاز لنا أن نربى فقط الأخلاق ونحافظ عليها، بلا تعليم، بلا نيلة.