فاطمة الحارثية
منذ الأزل كان لشريعة الحرية رموز يتباهى بها شعراؤها ومعتنقوها، ومن فصائلها حرية الرأي، حرية العبادة، حرية الفكر، ومن مطالبها العميقة والجريئة: التحرر من الحاجة والتحرر من الخوف والتحرر من الذات (العتق من الهوى)، وغيرها من الشرائع والمطالبات التي تواترت إلينا.
ولقد عرّف سقراط الحرية على أنَّها: «قدرة الإنسان على فعل ما هو أفضل»؛ وبما أنني أتعاطى المنطق فأنا مع سقراط في قوله هذا، ومن قوله ندرك تماماً أنَّ المعرفة من وجهة نظر سقراط شرط أساسي لممارسة الحرية، ولقد تعلمنا أن الخطابة في زمن ما كانت مهنة، واستطاعت أن تصنع التغيير، وتوصل للناس المفاهيم والاتجاهات والصواب والمرغوب وما يجب وما لا يجب، وهذا أضاف التنوع في شريعة الحرية فانبثقت مدارس الحرية وتنوع مرتادوها، ولا يغني أي تغيير عن وجود بعض السلبية والجهل، فظهرت العصبية والتعصب والكثير من المغالطات التي أبعدت الحرية عن مسارها الصحيح.
لا يُخفى عن قُرَّاء التاريخ والفلسفة معتقد اليونانيين القدماء بأن من يعيش تحت ظل القانون هو الحُر، ومن هو خارجه يُعد عبدًا لأنه لا يخضع للحماية التي توفرها التشريعات القانونية، ونحن اليوم رغم القرون التي مرت لسنا بعيدين تماماً عن هذا المفهوم، ولكن الأمر لم يعد في مسألة إطار المدينة أو خارجها؛ بل في إطار العلم والجهل بالحقوق والواجبات والقوانين والتشريعات، أي مفهوم سقراط للحرية.
حقيبة المسؤولية تنص على العلم بها قبل حملها، وكطبيعة بشرية الغالب من البشر يهرولون ويتسرعون لحملها، دون قراءة إرشادات الاستخدام، وما لها وعليها، وهذا لا ينفي قدرة البعض الفعلية على حمل المسؤوليات الجسام، وتفوقهم في ذلك، فبخبرتي الطويلة ومعاملاتي الكثيرة مع الكثير من القادة والمسؤولين، ثمَّة الكثير من القدرة والتمكن عند بعضهم؛ وللأسف رغم قلتهم لكن جعجعة المسؤول الفاسد ما تفسد السيرة لعلو الصوت، والقدرة على التضليل، وفتن حقده ما يلتهم الأجواء ليهيمن قوله وخبثه في طمس الحق والتلاعب في الأدلة، فكثيرا ما رأينا قادة أكفاء ومسؤولين أمناء تدهوروا بسبب كيد وفتن وجشع وطمع أقرانهم وزملائهم من المسؤولين، المسؤولية ليست أهواء ولا سلطة مطلقة، هي أمانة وعلى القائم عليها أن يتحرى في النزاعات، فرب معزول مظلوم ورب موثوق به خائن، يُرابط ليصل خنجره للظهر.
العمل المُشترك يحتاج إلى الكثير من الوعي والتسامح، لكن على الفريق أيضاً أن يُراقب في عملية توازن التسامح ومقدار التنازلات بين أعضاء الفريق، وأن لا يطغى لطيب أحدهم أو حاجته، ويتحمل فردا عن آخر المزيد من التنازلات، فهذا يؤثر سلباً على سلامة الفريق واستدامة جودة العطاء، ناهيك عن الظلم الكامن في ذلك.
نعم، يمتلك القائد أو المسؤول مساحة حرية أكبر من التنفيذي، لكن بدون التنفيذي لا توجد ترجمة قوية أو انعكاس مُبهر لتلك الحرية، وأقصد هنا حرية القرار، والعائد الاستثماري من كل قرار يتم وضعه وفرضه.
وإن طال...
تختلف رؤانا للأمور ومقدار استيعابنا ووعينا للمفاهيم المختلفة، فثمة علم وثمة نضج لتلك العلوم، وثمة معرفة وإن تعمقت أصبحت وعيا يقدر، وبالاستطاعة أن نعكسه على أرض الواقع، ليتحول من ورق إلى ممارسات وأفعال ومنافع.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محمد العارضة .. حفرنا طريقنا نحو الحرية..لأنها خيارنا وقرارنا / فيديو
#سواليف
#محمد_قاسم_العارضة، أحد أبطال #نفق_الحرية، يروي القصة الكاملة للهروب المستحيل الذي زلزل #الاحتلال. كيف بدأ مسيرة النضال ؟ وكيف حاول انتزاع حريته ؟ وكيف يصف حريته بعد 23 عاما في السجون ؟
والعارضة (43 عامًا) من بلدة عرابة جنوب مدينة #جنين، شمالي الضفة الغربية، كان معتقلا بالسجون الإسرائيلية منذ 2002، وأفرج عنه ضمن الدفعة الثانية من الأسرى المطلق سراحهم في إطار اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.
إذ كان محكومًا بالسجن ثلاثة مؤبّدات و20 سنة، وكان من بين 6 أسرى تمكنوا من تحرير أنفسهم من #سجن_جلبوع (نفق الحرية) عام 2021، قبل أن يُعاد اعتقالهم.
مقالات ذات صلةفي سبتمبر/ أيلول 2021، استطاع الأسير الفلسطيني المحرر محمد العارضة، الفرار من سجنه مع 5 من رفاقه عبر نفق حفروه أسفل سجن جلبوع الإسرائيلي، لكن أعيد اعتقاله بعد أيام من الشهر نفسه.
وأضاف أن #الحرية هي الحرية، سواء بحفر النفق والهروب بجهد شخصي أو بجهد جماعي بالإفراج عن الأسرى من #سجون_الاحتلال.
وتحدث عن لحظة هروبه من سجن جلبوع، قائلًا إن “قرار الهروب جاء لأن كان يوجد شيء مهم لدينا، فلم نعد نصبر أن ننظر إلى أمهاتنا وهن يذهبن من هذه الحياة أمامنا”.
وأضاف العارضة: “لم يعد أمامنا متسع من الوقت، كنا نريد أن نحاول تقبيل أيديهن وأرجلهن، وكنا نريد أن نمسك رؤوسهن ونقبلها، فكان لا بد علينا أن نفعل شيئًا”.
وقال العارضة أن “تصنع شيئًا بحريتك لدقيقة واحدة أفضل من أن تعيش آلاف السنين وأنت في نير العبودية والذل، وأنك عاجز عن أي شيء”.