نيروبي- لقي 13 متظاهرا كينيّا حتفهم وأصيب العشرات، أمس الثلاثاء، جراء إطلاق الشرطة النار، إثر محاولة اقتحام مقر البرلمان في العاصمة نيروبي خلال احتجاجات ضد مشروع قانون المالية (2024-2025) الذي يتضمن زيادة في الضرائب.

وصادق البرلمان بأغلبية الأصوات على القانون قبل سويعات من محاولة الاقتحام، وأظهرت لقطات بثها التلفزيون الكيني تصاعد النيران في جزء من مقر البرلمان إثر الاقتحام، واحتراق عدد من المباني والسيارات المحيطة به.

وانطلقت الاحتجاجات مع بداية مداولات البرلمان حول مشروع قانون المالية الجديد قبل أسبوع، وذلك لتضمنه زيادة في الضرائب على المواد الأساسية كجزء من مساعي الحكومة لتخفيف عجز الموازنة المتزايد نتيجة الديون.

مقتل 13 متظاهرا كينيا وإصابة العشرات جراء إطلاق الشرطة النار عليهم (الأناضول) أسباب عميقة

وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، ألغت الحكومة، في بداية الأسبوع، بعض الزيادات وشملت ضريبة القيمة المضافة المقترحة بنسبة 16% على الخبز والضرائب على السيارات والزيوت النباتية، وتحويلات الأموال عبر الهاتف المحمول، إلا أن هذه التنازلات لم تكن كافية لإرضاء المحتجين في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.

برأي الصحفي الكيني نوي ميشالون، فإن أسباب هذه الاحتجاجات "العنيفة" تعود لعدة تراكمات سابقة، حيث استمر التضخم في الارتفاع منذ جائحة كورونا.

وقال ميشالون للجزيرة نت، إنه في الوقت الذي يشهد فيه الكينيون تراجعا في مقدرتهم الشرائية، مررت الحكومة، للسنة الثانية على التوالي، قانون مالية ينص على زيادات ضريبية كبيرة على المواد الأساسية لزيادة إيرادات الدولة.

وباعتقاده، فإن المظاهرات التي انطلقت في البداية لمعارضة تمرير القانون، تحولت إلى تعبير شعبي عن السخط إزاء طبقة سياسية يُنظر إليها على أنها "فاسدة وتعيش في رفاهية بفضل الضرائب".

كما أشار ميشالون إلى الجدل الذي أثاره الرئيس الكيني وليام روتو، بسبب تعدد سفراته الخارجية مقارنة بأسلافه، وتخصيص أكثر من 7 ملايين دولار لتجديد القصر الرئاسي.

من يقف وراء هذه المظاهرات؟

وصف الرئيس روتو، في خطاب ألقاه مساء أمس الثلاثاء، الاحتجاجات ضد مشروع قانون المالية ومحاولة اقتحام البرلمان بأنها "خيانة"، مؤكدا أن الحكومة "لن تتهاون في الرد على أي تهديد للديمقراطية في كينيا، بما في ذلك المباني الحكومية". وقال إن "أشخاصا خطرين خطفوا الاحتجاجات من المتظاهرين السلميين".

وكان وزير الدفاع عدن دوالي قد أعلن، قبيل خطاب الرئيس، حالة الطوارئ الأمنية ونشر عناصر الجيش لمساعدة ضباط الشرطة في إدارة المظاهرات المستمرة، وحماية المنشآت الحكومية.

وأفاد ممثلو منظمة العفو الدولية في كينيا بأن الشرطة ألقت القبض قبل يوم من الاحتجاجات على عدد من صانعي المحتوى والمدونين على شبكات التواصل، ومدافعين على حقوق الإنسان من المجتمع المدني الذين دعوا إلى التظاهر.

من جانبه، دعا زعيم المعارضة الكينية رايلا أودينغا إدارة الرئيس روتو إلى سحب مشروع قانون المالية "دون قيد أو شرط"، وإجراء حوار شامل حوله قبل تعديله، ومحاسبة مطلقي النار الذين تسببوا في مقتل وإصابة المتظاهرين. كما دعا الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا الحكومة إلى التهدئة وتبني الحوار مع المتظاهرين.

ويقول الصحفي ميشالون إن تنظيم هذه المظاهرات يُعد عملا غير مسبوق، إذ تم تشكيل حركة مواطنة لا علاقة لها بالأحزاب السياسية أو النقابات -كما يحدث عادة- لرفض القانون، ودون تحديد قائد رسمي، بل يقودها بشكل رئيسي شباب في العشرينيات والثلاثينيات من العمر.

ويتوقع أن تستمر هذه الحركة في الأيام المقبلة، إلا أنها قد تغير شكل الاحتجاجات، خصوصا بعد قمع الشرطة الذي أوقع قتلى، من خلال مقاطعة الاجتماعات السياسية أو تحويلها إلى الجامعات أو الكنائس وغيرها.

ما ردود الفعل الدولية؟

دوليا، انتقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الحكومة الكينية لاستخدامها "القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين"، واتهمها "بالفشل في حماية مواطنيها أثناء ممارسة حقوقهم الديمقراطية".

من جانبه، حث رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي "جميع الأطراف المعنية على التزام الهدوء والامتناع عن المزيد من العنف"، كما أعربت 13 سفارة غربية بنيروبي، في بيان مشترك، عن قلقها العميق من "انتهاكات حقوق الإنسان" إزاء تعامل الحكومة مع الاحتجاجات.

وتأتي هذه الأحداث في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس روتو لاكتساب مكانة دولية، حيث أكد البيت الأبيض، الاثنين الماضي، أن الرئيس الأميركي جو بايدن وقع مرسوما بمنح كينيا صفة "الحليف الرئيسي خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)"، وهي المرة الأولى التي تحصل فيها دولة في أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى على هذه الصفة.

كما شهد، أمس الثلاثاء، أيضا وصول أول دفعة من ضباط الشرطة الكينيين إلى عاصمة هايتي لقيادة مهمة متعددة الجنسيات لدعم الشرطة الوطنية الهايتية في محاربة العصابات التي سيطرت على جزء كبير من البلاد.

ماذا بعد؟

بعد أن صادق البرلمان الكيني على مشروع قانون المالية، سيتم عرضه على الرئيس روتو الذي لديه خياران: إما التوقيع عليه ليصبح قانونا في غضون 14 يوما، أو إعادته إلى البرلمان مع اقتراح مزيد من التعديلات.

وحسب الصحفي نوي ميشالون، فإن الرئيس روتو سيمرر القانون بالقوة، إلا أنه يخشى أن تصاحب هذه الإجراءات مزيد من عمليات الاعتقال والاختطاف والترهيب، التي طالت قيادات المجتمع المدني في الأيام الأخيرة، خصوصا بعد خطاب روتو إثر المظاهرات الذي توعد فيه "بعدم التسامح مستقبلا مع التهديدات التي تمس سيادة كينيا وديمقراطيتها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مشروع قانون المالیة الرئیس روتو

إقرأ أيضاً:

الرئيس يسحب مشروع قانون الموازنة بعد مقتل محتجين الحكومة الكينية ترضخ لمطالب الشعب وتلغي فرض الضرائب

نيروبي"أ ف ب": أعلن الرئيس الكيني وليام روتو اليوم سحب مشروع موازنة 2024-2025 الذي ينص على زيادة الضرائب، في أعقاب احتجاجات تطورت إلى أعمال عنف دامية الثلاثاء.

وقال روتو في كلمة ألقاها غداة التظاهرات المناهضة للمشروع والتي خلفت 22 قتيلاً، بحسب الهيئة الرسمية لحماية حقوق الإنسان، "بعد أن استمعت بعناية إلى شعب كينيا الذي قال بصوت عالٍ وواضح أنه لا يريد مشروع قانون المالية لعام 2024، فإنني أحني رأسي ولن أوقعه.. ليصبح قانونًا، وبالتالي سيتم سحبه".

وأضاف الرئيس"بعد تبني مشروع القانون، عبرت البلاد بشكل واسع عن استيائها من مشروع القانون بصيغته الحالية، والذي أدى للأسف إلى خسائر في الأرواح وتدمير للممتلكات".

أثارت موافقة البرلمان الذي يشكل فيه الحزب الحاكم الأغلبية على النص الثلاثاء غضب المتظاهرين الذين خرجوا للمرة الثالثة خلال ثمانية أيام إلى الشارع في نيروبي.

اقتحم المتظاهرون البرلمان وتعرضت مبان للنهب والحرق، في سابقة في تاريخ الدولة التي نالت استقلالها عام 1963.

ووفقا لمنظمات غير حكومية منها الفرع الكيني لمنظمة العفو الدولية، أطلقت الشرطة الرصاص الحي في محاولة لاحتواء الحشود.ووقعت أعمال نهب في نيروبي ومدن عدة. وأحرقت مبان في إلدوريت في الوادي المتصدع معقل الرئيس وليام روتو.ودعا الرئيس إلى التشاور الوطني.

وقال "بما أننا تخلينا عن مشروع قانون الموازنة لعام 2024، فمن الضروري إجراء مشاورات كدولة مستقبلاً. كيف يمكننا إدارة ديوننا معًا سأقترح التواصل مع شباب بلدنا، مع ابنائنا وبناتنا".

وسارعت المعارضة إلى اعتبار القرار "من باب العلاقات العامة".

وقالت الصحافية والناشطة حنيفة آدان على منصة إكس" لقد تم سحب مشروع القانون ولكن هل يمكنكم احياء كل من ماتوا؟".

وتقول الحكومة إن هذه الضرائب ضرورية لاستعادة مجال المناورة للبلد المثقل بالديون (يمثل الدين العام حوالي 70% من اجمالي الناتج المحلي)، وتمويل ميزانية 2024-2025 التي تبلغ بنود الانفاق فيها 4 ترليون شلن (29 مليار دولار)، وهو رقم قياسي.

مقالات مشابهة

  • استمرار الاحتجاجات الشعبية في كينيا رغم إلغاء قانون الضرائب
  • في 5 أسئلة.. لماذا تستمر احتجاجات كينيا رغم التراجع عن زيادة الضرائب؟
  • استمرار مظاهرات نيروني رغم سحب مشروع زيادة الضرائب والشرطة تستخدم الغاز
  • كينيا تستعد لاحتجاجات جديدة رغم تراجع الرئيس عن زيادة الضرائب
  • الرئيس يسحب مشروع قانون الموازنة بعد مقتل محتجين الحكومة الكينية ترضخ لمطالب الشعب وتلغي فرض الضرائب
  • بعد يوم دام.. رئيس كينيا يفهم المحتجين ويرفض توقيع قانون الضرائب
  • الرئيس الكيني يرضخ لاحتجاجات دامية.. ويتراجع عن رفع الضرائب
  • بعد احتجاجات دامية.. رئيس كينيا يسحب مشروع قانون لزيادة الضرائب
  • رئيس كينيا يتراجع عن زيادة الضرائب