النخبة الإسرائيلية تناقش في هرتسيليا: هل نستطيع العيش دون أميركا؟
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
يعقد في كل عام في جامعة رايخمان في هرتسيليا – وهي الجامعة الخاصة الوحيدة في إسرائيل – مؤتمرٌ سياسيّ وأكاديميّ، يشارك فيه كبار السياسيين والأكاديميين الإسرائيليين، إلى جانب ضيوف من خارج البلاد لهم علاقة بالمواضيع المطروحة على أجندة المُؤتمر.
انعقد يومَي 24 و25 يونيو/حزيران 2024م المؤتمر الـ 21 تحت عنوان: "على طريق المفاجآت الإستراتيجية".
كما تمحورت النقاشات حول المرحلة المقبلة، خاصة محاولة فهم الإشكاليات والمعضلات التي تواجهها إسرائيل إثر تدهور علاقاتها الخارجية، والتنافر مع الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى إمكانات التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، واحتواء الأزمة مع حزب الله، أو فتح جبهة قتال واسعة قد تؤدي إلى حرب إقليمية تشارك فيها عدة جهات.
أهمية إعلاميةاكتسب المؤتمر الواحد والعشرون – كما العديد من المؤتمرات السابقة – أهمية إعلامية واسعة لمشاركة أصحاب القرار أو المقربين منهم في أعمال المؤتمر. وخلال يومَي المؤتمر، وفّرت بعض المحاضرات والنقاشات مادة إخبارية دسمة تناولتها وسائل الإعلام المحلية والعالمية؛ لما لأقوالهم من أهمية في فهم وتحليل المشهد العام لجبهات القتال حاضرًا ومستقبلًا.
ومن بين المحاور الهامة، برز المحور العسكري والسياسي الذي تمحور حول إمكانات حدوث مفاجآت مستقبلية شبيهة بمفاجأة 7 أكتوبر/تشرين الأول. كما برز محور العلاقات المستقبلية مع الولايات المتحدة، وطرح سؤال النقاش: هل تستطيع إسرائيل العيش دون دعم الولايات المتحدة؟ وتلاه محور الملفّ النووي الإيراني، النظام العالمي، النظام الإقليمي وموقع إسرائيل، وملف اللاسامية، والمخطوفين والأمن الداخلي، وغيرها من القضايا.
وقد غابت عن أجندة المؤتمر قضية الاحتلال والاستيطان. وغياب هذا الملف الرئيسي يوضح الهروب الإستراتيجي الإسرائيلي من مواجهة لبّ الصراع، وعدم مواجهة الأكاديميا والسياسة للقضية التي تسببت في التناقضات داخل المجتمع الإسرائيلي، لذا غاب عن النقاش كل صوت يساري أو قريب من اليسار يطرح قضية إنهاء الاحتلال بصفتها القضية الأولى لإسرائيل والتي نتجت عنها عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول.
اكتسب حديث غادي آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق وعضو مجلس الحرب حتى استقالته قبل حوالي أسبوعَين، أهميةً خاصة، حيث كان في مركز القرار خلال وجود حكومة الطوارئ في إسرائيل. وبعد أن تحدث عن أسباب عدم إتمام صفقة التبادل مع حماس؛ بسبب مواقف رئيس حكومة إسرائيل الرافضة لإنهاء الحرب والذي يغير مواقفه حسب رغبة سامعيه وحسب مصالحه السياسية الشخصية، انتقل للحديث عن المستقبل الإستراتيجي لإسرائيل، ووجّه سؤالًا للسياسيين الإسرائيليين: "هل تقبلون أو ترفضون مبادرة السلام العربية لإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي والإسرائيلي – الفلسطيني؟".
يعتقد آيزنكوت أن السؤال الجوهري الذي يجب أن يشغل كل إسرائيلي وكل سياسي إسرائيلي، هو هذا السؤال الذي إذا قبلته إسرائيل، فسيتغير وجه المنطقة، وتبدأ مسيرة إستراتيجية جديدة في الشرق الأوسط، وضمنها إسرائيل.
خطوة جريئةوفي خطوة جريئة وخارجة عن المألوف، وضع آيزنكوت المرآة أمام مجتمع يتّجه أكثر نحو اليمينية وحكومات أكثر تطرفًا تتبنّى سياسة العدوان والاحتلال والاستيطان بدلًا من قبول عرض السلام العربي، وإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة منذ 5 يونيو/حزيران 1967.
وشارك كذلك المفتّش العام للشرطة الإسرائيليّة، الذي تحدّث عما خشي الحديث عنه خلال فترة خدمته قبل أن يتخلّى عنه الوزير اليميني المتطرف بن غفير. هذا المفتش، المتهم بالتواطؤ مع وزيره ضد المتظاهرين وضد المواطنين الفلسطينيين، تحدّث عن وجوب استقلال الشرطة، ومنع إخضاعها لنزوات الوزير، حيث يجب أن تصون حريات المواطنين. تجاهل أنه داسَ على هذه القيم عندما خدم لمدة سنتَين تحت قيادة الوزير بن غفير.
وفي قضية عدم تحرير المخطوفين الإسرائيليين، دار نقاشٌ بين المشاركين في الندوة حول ما إذا كانت دولة إسرائيل قد نقضت "الاتّفاق بينها وبين مواطنيها". ووفقًا لهذا النقاش، فإن إسرائيل تعهّدت لمواطنيها بإنقاذهم من أي مأزق يتعرضون له أثناء تقديم أرواحهم للدفاع عن دولتهم. وحسب النقاش، فإن إسرائيل نقضت هذا التعهد، مما جعل المواطنين في حِلّ من عهدهم، ويحق لهم عدم الخدمة في جيش دولتهم. المسؤول عن هذا النقض مباشرة هو رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي فضل مصلحته الخاصة على مصلحة المواطنين وخاصة المخطوفين.
وفي هذا الملفّ، برزت نقطة نقاش حامية تزامنت مع قرار المحكمة العليا بوجوب تجنيد اليهود الحريديم، ومشاركتهم في تحمّل الأعباء أسوة بباقي اليهود. تشكّل هذه القضية محورًا أساسيًا في المجتمع الإسرائيلي، حيث يرفض الحريديم التخلّي عن نهج حياتهم الديني، ومعارضة الانخراط في مؤسّسات الدولة العلمانية. بعضهم رفع شعار: "نموت ولا نخدم في الجيش" أو "نرحل ولا نخدم"، وعدم التوصل لحلّ يرضي قيادات الحريديم الدينية والسياسية بالضرورة، سيطيح بحكومة نتنياهو، كما لم تستطع مواضيع أكثر حراجة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
الفن المصري بين التقليد والتجديد: هل نستطيع كسر دائرة النمطية؟
لطالما كان الفن المصري على مر العصور مرآة حية لثقافة هذا البلد الغني بالتراث والتاريخ. من الرسم على جدران المعابد الفرعونية إلى الأدب والشعر والموسيقى الشعبية الحديثة، يمثل الفن المصري دائمًا مصدرًا للتعبير عن الهوية والانتماء. ولكن في الآونة الأخيرة، يُطرح سؤال جاد: هل يمكن للفن المصري أن يكسر دائرة النمطية والتقليد التي ما دام هيمنت عليه؟ وهل يُمكن للجيل الجديد من الفنانين أن يبتكر ويتجاوز الأشكال الفنية التقليدية التي تحكم المشهد الفني اليوم؟
الفن المصري التقليدي: بين الحفاظ على الهوية والتكرارتتميز الفنون المصرية التقليدية، خاصة تلك التي تتعلق بالعمارة، الرسم، والنحت، بارتباطها الوثيق بالحضارة الفرعونية التي تعتبر واحدة من أقدم وأعظم الحضارات في العالم. لكن مع مرور الزمن، ومع تأثيرات العديد من الحقب التاريخية بدءًا من العصر الإسلامي وصولًا إلى العصور الحديثة، ظل الفن المصري يستند إلى الأسس التقليدية التي تمثل الهوية المصرية العميقة.
في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، كان الفن المصري بشكل عام يتسم بالثراء الثقافي والنمطية، حيث كان يسعى الكثير من الفنانين إلى تقديم أعمال مستوحاة من التراث الشعبي أو التاريخي، مما جعل بعض الأعمال الفنية تبدو مكررة وتفتقر إلى التجديد. الألوان، الرموز، والمفردات الفنية التي استخدمها العديد من الفنانين كانت غالبًا ما تتشابه، مما جعل الفن المصري يعلق في دائرة من التكرار المفرط لنفس المواضيع: التراث، الهوية، الفولكلور، والأماكن التاريخية.
تحديات التجديد: هل يعكس الفن المصري التطور الاجتماعي؟مع تحولات العصر وتغيرات المجتمع المصري، يواجه الفنانون اليوم تحديًا كبيرًا في محاولة تجديد المفردات الفنية مع الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع. يمكن أن يُنظر إلى الفنون الحديثة على أنها انعكاس لحالة اجتماعية وثقافية معقدة، تُعبر عن التوترات بين الأصالة والمعاصرة.
ورغم أن الفنون البصرية في مصر شهدت تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة مع ظهور مجموعة من الفنانين الشبان الذين يسعون لكسر قيود الفن التقليدي، إلا أن المسألة لا تزال شائكة. فبينما يذهب البعض إلى التجريب بأساليب وتقنيات جديدة، يبقى الآخرون متمسكين بالفن الذي يعكس الواقع المصري الكلاسيكي ويعزز من شعور الانتماء الوطني. ولكن هل يمكن مزج هذين الاتجاهين؟ وهل سيؤدي هذا المزيج إلى تشكيل هوية جديدة للفن المصري المعاصر، أم سيبقى هذا المزج مجرد محاولة فاشلة لإرضاء جميع الأطراف؟
الجيل الجديد: بين الأصالة والتجريبالجيل الجديد من الفنانين المصريين اليوم يُظهر تنوعًا كبيرًا في أساليب التعبير، سواء من خلال الرسم، النحت، التصوير الفوتوغرافي أو حتى الفن الرقمي. هؤلاء الفنانون يواجهون تحديًا مزدوجًا: من جهة، هم يريدون الحفاظ على هوية فنية مصرية تمتد لآلاف السنين، ومن جهة أخرى، يطمحون لتقديم أعمال تتماشى مع مفاهيم العصر الحديث وتوجهات الفن العالمي.
في هذا السياق، نرى العديد من الفنانين الشبان الذين يتبنون تقنيات حديثة في الأعمال الفنية، مثل التفاعل بين الفن الرقمي والفن التقليدي. بعضهم يدمج عناصر من الثقافة الشعبية المصرية مع عناصر الحداثة والتقنية ليخلقوا أعمالًا فنية تُظهر التجارب الشخصية لمجتمعاتهم، بينما يبقى آخرون متمسكين بالأساليب الكلاسيكية ويعملون على تجسيد الواقع المصري اليومي بأبعاده الفولكلورية.
هذه النزعة نحو التجديد والابتكار لا تقتصر على الفنون التشكيلية وحسب، بل تشمل أيضًا الأدب والموسيقى، حيث نجد العديد من الكتاب والموسيقيين المصريين يخلقون تجارب موسيقية وأدبية تدمج بين التراث والإبداع المعاصر. هؤلاء الفنانون يبحثون عن لغة جديدة للتعبير عن أنفسهم وعن التحديات التي يواجهها المجتمع المصري اليوم.
الصعوبات والفرص: هل سيكسر الفن المصري دائرة النمطية؟من أبرز التحديات التي يواجهها الفنانون المصريون في محاولاتهم لتجديد المشهد الفني هو وجود "دائرة النمطية" التي تعرقل جهودهم. هذه الدائرة تُبقي الفن المصري في إطار يتسم بالرتابة والتكرار. فعلى الرغم من التقدم التكنولوجي والتوسع في التقنيات الحديثة، فإن العديد من الفنانين يجدون أنفسهم مجبرين على التمسك بالأسلوب التقليدي أو التصوير المبالغ فيه للتراث المصري لتلبية توقعات السوق.
كما أن معارض الفن والصالونات الفنية غالبًا ما تفضل الأعمال التي تعكس صورة مصر التقليدية، وهو ما يحد من فرص الفنانين الذين يرغبون في الخروج عن القوالب المألوفة. إضافة إلى ذلك، لا تزال المؤسسات الثقافية والفنية في مصر بحاجة إلى المزيد من الدعم والتمويل للفنانين المبتكرين والمغامرين في استخدام تقنيات وأساليب جديدة.
لكن رغم هذه الصعوبات، توجد فرص كبيرة أمام الفن المصري ليتجاوز هذه الدائرة. فالساحة الفنية العالمية تشهد تزايدًا في الاهتمام بالفن العربي بشكل عام