هل يتحول المتوسط إلى بحر استوائي مع نهاية القرن؟
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
حذرت دراسة جديدة من أن استمرار الاحتباس الحراري بالوتيرة الحالية، قد يؤدي إلى استيلاء الأنواع الاستوائية على أجزاء من النظم البيئية البحرية في البحر الأبيض المتوسط بحلول نهاية القرن.
وللوصول إلى هذه النتائج، قام فريق دولي من الباحثين بتحليل سجل أحفوري مفصل يوضح كيف حلت الرخويات الاستوائية محل أنواع من الكائنات المستوطنة في البحر الأبيض المتوسط خلال فترة احترار حدثت بين العصرين الجليديين الأخيرين، مما يشير إلى أن التحولات الجذرية للتنوع البيولوجي التي حدثت كانت مدفوعة بتغيرات مناخية.
في بداية تلك المرحلة الدافئة بين العصور الجليدية قبل نحو 135 ألف عام، ارتفعت درجة حرارة الأرض ما بين 0.5 و1.5 درجة، وهو ارتفاع مشابه للاحترار الذي تعيشه الأرض اليوم، حيث تشير التقديرات إلى أن متوسط الاحترار العالمي بلغ بالفعل نحو درجة واحدة مئوية، وذلك في الوقت الذي تتوقع فيه السيناريوهات المناخية المعتدلة ارتفاع درجة حرارة العالم بين 2.5 و2.9 درجة مئوية فوق متوسط ما قبل الثورة الصناعية بحلول نهاية القرن وفق تقرير للأمم المتحدة عن فجوة الانبعاثات صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
أظهرت البيانات الخاصة بتلك الفترة الدافئة الغابرة، بحسب دراسة نُشرت حديثا لفريق من الباحثين الإيطاليين، أن البيئة البحرية المتوسطية اتسمت بتنوع في الكائنات البحرية مطابق تقريبا لما هو عليه في الوقت الحاضر. لكنّ الباحثين لاحظوا كذلك أن السجل الأحفوري يكشف عن آثار لوجود أنواع من كائنات بحرية موطنها الأصلي غرب أفريقيا كانت تقطن فيما ما مضى البحر المتوسط لكنها تراجعت إلى داخل الحزام الاستوائي خلال العصر الجليدي الذي تلا تلك الفترة.
ومن خلال تضمين بيانات توزيع الأنواع على نطاق زمني واسع واستغلال السجل الأحفوري للرخويات البحرية، أمكن للباحثين دراسة احتمال انتقال الكائنات الحية الاستوائية التي تعيش حاليا في المحيط الأطلسي إلى البحر الأبيض المتوسط وتحديد توقيت حدوث هذا الغزو في ضوء السيناريوهات المستقبلية للمناخ. وركز الباحثون في دراستهم على مدى ملاءمة البحر الأبيض المتوسط للأنواع الاستوائية في غرب أفريقيا.
قارن الباحثون بيانات السجل الأحفوري للرخويات البحرية التي عاشت في المتوسط مع بيانات المناخ، في نموذج محاكاة يمكّن من توقع توقيت غزو الكائنات الحية الاستوائية في المحيط الأطلسي إلى البحر المتوسط.
وتشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أن ظاهرة الاحتباس الحراري الحالية ستؤدي بسرعة إلى تسرب الكائنات الاستوائية من مياه الأطلسي قبالة السواحل الشمالية الغربية لأفريقيا إلى البحر الأبيض المتوسط مما قد يحوله إلى بحر استوائي في أسوأ السيناريوهات.
يقول معدو الدراسة إن ما يمنع الكائنات الاستوائية حاليا من الانتقال إلى المتوسط عبر مضيق جبل طارق هو حاجز من الماء البارد تشكل نتيجة تيار الشمال الأطلسي، ويدفع بانتظام مياه قاع المحيط الباردة إلى السطح على طول 2000 كيلومتر في المحيط الأطلسي قبالة الساحل الشمالي الغربي لأفريقيا.
ومع اقتراب درجات الحرارة العالمية من درجات حرارة الفترة ما قبل العصر الجليدي الأخير، يتوقع العلماء أن يَضعف هذا الحاجز مما يسمح بإعادة غزو الأنواع الاستوائية في غرب أفريقيا إلى البحر الأبيض المتوسط، حيث ستحدث تغيرات جذرية في النظام البيئي البحري.
وتشير توقعات الدارسة إلى أنه في ظل الظروف البيئية الحالية، ستكون القطاعات الجنوبية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط مناسبة لاستيطان الأنواع الاستوائية النموذجية بحلول منتصف القرن الحالي، لا سيما الجرف الضحل في شمال أفريقيا الذي لا يزيد عمقه عن 50 مترا والممتد من خليج قابس في تونس إلى الشواطئ الجنوبية والشرقية للمتوسط.
وبنهاية القرن الحالي، ستكون 30% من مساحة المتوسط بيئات مناسبة لاستيطان أنواع استوائية مثل بطنيات الأقدام مثل "تي لاتوس" (T. latus)، وهي رخويات كبيرة استوطنت البحر الأبيض المتوسط في الفترات الدافئة ما بين العصر الجليدي. هذا في الوقت الذي تؤكد فيه العديد من الدراسات تعرّض العديد من الكائنات البحرية المتوسطية الحالية إلى خطر الانقراض نتيجة الاحترار الذي تشهده الأرض.
أنواع استوائية استوطنت بالفعل شرق حوض المتوسط
لا يبدو الوضع في شرق المتوسط بمنأى عن هذه التغيرات الناتجة عن الاحترار، فقد أشارت بعض الدراسات السابقة إلى أن تحولاً بيولوجياً واسع النطاق يجري بالفعل في أقصى الطرف الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وخاصة على طول الجرف الساحلي الضحل قرب سيناء والأراضي الفلسطينية، وهي واحدة من المناطق البحرية الأكثر دفئا والأسرع احترارا.
ويقول الباحثون إن الأنواع الاستوائية من المحيط الهادي بدأت في استيطان هذا الجزء من البحر الأبيض المتوسط منذ بناء قناة السويس، حيث كانت تسبح وتتنقل شمالا عبر الممر المائي الذي يبلغ طوله 193 كيلومترا.
وقدر العلماء أن ما لا يقل عن 1000 نوع هاجر بالفعل إلى البحر الأبيض المتوسط بهذه الطريقة، بما في ذلك عدة أنواع من قريدس المحيط الهادي والمحار الفارسي.
ويقول معدو الدراسة إن هذه العملية ستؤدي إلى تشكيل نظام بيئي بحري جديد في المتوسط لم يسبق له مثيل من قبل إذا استمر ارتفاع درجات الحرارة دون رادع حتى نهاية القرن والذي من شأنه أن يدمر كذلك معظم النظم البيئية للمحيطات خاصة في المناطق الاستوائية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات تغي ر المناخ إلى البحر الأبیض المتوسط نهایة القرن إلى أن
إقرأ أيضاً:
بقيمة 125 مليار دولار.. خطة لحماية الغابات الاستوائية في البرازيل
أعلنت البرازيل عن خطة تمويل بقيمة 125 مليار دولار لحماية الغابات الاستوائية، وذلك استعدادًا لطرحها خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP 30)، الذي تستضيفه في نوفمبر المقبل.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } بقيمة 125 مليار دولار.. خطة لحماية الغابات الاستوائية في البرازيل - مشاع إبداعيمراحل خطة حماية الغاباتوأوضح الأمين التنفيذي لوزارة المالية البرازيلية رافائيل دوبو، أن المباحثات بشأن الخطة وصلت إلى مراحل متقدمة، مشيرًا إلى أن عدة دول أبدت اهتمامها بالإسهام في المبادرة، حيث تحمل المبادرة اسم "مرفق الغابات الاستوائية للأبد"، وتعتمد على آلية تمويل مستدامة تقوم على دفع الدول رسومًا مقابل كل هكتار من الغابات يتم الحفاظ عليه، بهدف دعم جهود حماية النظام البيئي الاستوائي وتعزيز الاستدامة البيئية.
أخبار متعلقة وزير الخارجية يبحث المستجدات الإقليمية والدولية مع ممثلة الاتحاد الأوروبي425 جولة تبخير وتعطير بالمسجد النبوي خلال العشر الأوائل من رمضانوتأتي هذه المبادرة ضمن إستراتيجية شاملة تهدف إلى تحويل التعهدات البيئية إلى إجراءات ملموسة على أرض الواقع.