دار الإفتاء توضح بعض مظاهر حماية ورعاية الإسلام للبيئة
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الإسلام اهتمَّ بالبيئة اهتمامًا كبيرًا، ووضع من التشريعات والقواعد ما يَضْمَن سلامتها وتوازنها واستقرارها والحفاظ على جميع مكوناتها، من ماءٍ وهواءٍ وأرضٍ وحيوانٍ ونباتٍ وجماد، فأَمَر بعمارة الأرض وإصلاحها، فقال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61]، وإعمارُها إنَّما يكون بالحفاظ على ما فيها مِن مُكوِّنات ومُقدَّرات، وتَجنُّب كل ما يُؤدِّي إلى إفسادها أو الإخلال بأحد هذه المكونات، وقال تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: 60].
أوضحت الإفتاء، أنه نهى سبحانه عن الإفساد في الأرض، وأَمَر بالمحافظة عليها مِن كل ما يُؤثِّر عليها إفسادًا وتلوثًا ويُعرِّضها للضرر أو الإتلاف، فقال تعالى في شأن المنافقين: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة: 205]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: 85].
وقد كان للإسلام السَّبْق في حماية البيئة ورعايتها والمحافظة عليها منذ اللحظة الأُولَى للتشريع، وذلك بوضع التشريعات والأحكام التي تَضمَن وجود بيئةٍ نظيفةٍ سليمةٍ كما خَلَقها الله تعالى، والمحافظة على مكوناتها، وحماية عناصر الحياة فيها.
بعض مظاهر حماية ورعاية البيئة في الإسلاممِن مظاهر حماية الإسلام للبيئةأوَّلًا: حماية الماء: فللماء في الإسلام عناية فائقة، تَحدَّث عنه القرآن الكريم في مواضع كثيرة، بما يفيد أنَّه قوام الحياة الذي يجب الحفاظ عليه، فهو أصل كلِّ كائن حيٍّ، وبدونه لا عيش لإنسان أو حيوان أو نبات، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء: 30]، فبه يُسْقَى الزَّرْع، ومنه يَشْرَب الإنسان والحيوان، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ [النحل: 10]، وقال أيضًا: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ﴾ [السجدة: 27].
ولهذه الأهمية دعا الإسلام إلى المحافظة على الماء، فنهى عن الإسراف في استعماله، ولو كان للعبادة كالوضوء أو الغُسْل، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر بسعدٍ وهو يتوضَّأ، فَقَالَ: «مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ؟» قَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ» رواه الإمام أحمد في "مسنده"، وابن ماجه في "السنن".
كما نَهَى عن تلويث الماء؛ لأنَّ الماء إذا تلوَّث أصاب الإنسان والحيوان بأضرار جسمية، مثل تفشِّي الأمراض والأوبئة، فضلًا عن الأضرار الاقتصادية؛ مثل التأثير على الثروة السمكية، إلى غير ذلك.
ولهذه الأضرار وغيرها حذَّر الإسلام مِن تلويث الماء بجميع أشكاله، فنهى صلى الله عليه وآله وسلم أن يُبال في الماء الراكد، والعلَّة في ذلك: حمايتُه من أن يكون موطنًا للأمراض والأوبئة، وهذه العلة تَحدُث عند إلقاء الـمُخلَّفات -كالقمامة والحيوانات النافقة، ونفايات الصناعة إلى نحو ذلك- في المياه التي يَسقِي منها الناس زَرعَهم وبهائمهم.
ثانيًا: حماية الهواء؛ فالإسلام اعتبر أنَّ المحافظة على الهواء نقيًّا جزءٌ لا يتجزأ من المحافظة على الحياة نفسها، التي هي مقصد ضروري من مقاصد الشريعة، فهو مكوِّنٌ لا يقلُّ أهمية عن مكوِّن الماء، حيث إنَّه لا يمكن الاستغناء عنه، فهو أمر لازم لكل كائن حي إنسانًا كان أو حيوانًا أو نباتًا، فدعا إلى تشجير الأرض وزراعتها، ونهى عن تقطيع الأشجار لغير ضرورةٍ؛ لدورها في خلق توازن غازات الجو، من ذلك ما رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ».
يقول الحافظ ابن حجر الشافعي في "فتح الباري": [وفي الحديث فَضْل الغَرْس والزَّرْع والحضُّ على عمارة الأرض].
كما نهى الشرع الكريم عن تقطيع الأشجار لغير حاجة؛ لما له تأثير على جمال البيئة من جهة، ومن جهة أخرى حرمان الإنسان والحيوان من الاستفادة منها، إضافة لدورها في تلطيف الهواء والمناخ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَقْطَعُوا الشَّجَرَ، فَإِنَّهُ عِصْمَةٌ لِلْمَوَاشِي فِي الْجَدْبِ» رواه عبد الرزاق في "مصنفه".
ثالثًا: حماية الأرض؛ فقد أكَّد الإسلام ضرورة العناية بالأرض، واستصلاحها، ونهى عن الإفساد فيها في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ [الأعراف: 56].
ومن أوجه محافظة الإسلام على الأرض كونها أحد مكونات البيئة: النهي عن التَّخلِّي وقضاء الحاجة في الطرقات وأماكن جلوس الناس، كالظلِّ ونحوه، فروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ» قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ».
وكذا مِن أوجه المحافظة على الأرض: تحديد أماكن لقضاء الحاجة والتَّبوُّل، فروى أبو داود في "سننه" عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَبُولَ فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ مَوْضِعًا».
كما نهى عن إلقاء النفايات والقاذورات في الطرقات وأماكن جلوس الناس؛ للحديث السابق، وللاشتراك في نفس علة الحكم وهي إيذاء المارة وإلحاق الضرر والنجاسات بهم.
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم": [وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ»: فمعناه يتغوَّط في موضع يمرُّ به الناس، وما نهى عنه في الظل والطريق؛ لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يمر به ونتنه واستقذاره].
وفي المقابل حَثَّ الإسلام على إزالة النفايات والقاذورات من الأرض في الطرقات وأماكن جلوس الناس، فروى مسلم في "صحيحه" عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ».
دار الإفتاءوروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ».
يضاف لذلك أنَّ الإسلام حثَّ أيضًا على مكافحة التصحُّرِ عن طريق الدعوة إلى إحياء الأرض الموات واستصلاحها وتشجيرها حتى لا تظل جرداء لا نفع فيها، من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَعْمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ» رواه البخاري في "صحيحه".
كما حثَّ الإسلام على الزراعة والغَرْس؛ لما لها مِن أهمية كبرى في عمارة الأرض، وقيام الحياة والحفاظ على البيئة -ما دام المزروع مشروعًا-، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ» رواه الإمام أحمد في "المسند"، والبخاري في "الأدب المفرد".
رابعًا: حماية الحيوان؛ فالحيوان عنصر مهم من نظام الحياة في الأرض، جعل الله فيه فوائد متعددة للإنسان في جوانب كثيرة من أوجه الحياة؛ لذا حثَّ الإسلام على الرفق به وعمل على حمايته والمحافظة عليه والعناية به من ناحيتين، الأولى: الرفق به، والثانية: الحفاظ على وجوده وعدم انقراضه.
فأمَّا عن الرفق بالحيوانات؛ فالأحاديث النبوية عنه صلى الله عليه وآله وسلم كثيرة، منها الرفق في التعامل، والرفق عند الاستخدام، والرفق عند الذبح، ومن ذلك ما رواه أبو داود في "سننه" عن سهل ابن الحنظلية، قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً، وَكُلُوهَا صَالِحَةً».
وعن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» رواه مسلم في "الصحيح".
كما نهى عن اللعب واللهو والتمثيل بالحيوان، فروى مسلم في "صحيحه"، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: «مَرَّ ابنُ عمر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرًا، وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرَّقوا، فقال ابن عمر: «من فعل هذا؟ لَعَنَ اللهُ من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن من اتَّخذ شيئًا فيه الروحُ غرضًا».
وفي رواية البخاري في "صحيحه": «لعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مَثَّلَ بالحيوان».
كما أمر الشرع بالحفاظ على الحيوانات لتحقيق التوازن البيئي، وذلك من خلال تحذيره من إفناء السلالات الحيوانية في الطبيعة وحرصه على بقائها وعدم انقراضها، فعن عبد الله بن مغفَّل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا» رواه أصحاب السنن الأربعة.
وفي روايةٍ أخرى أخرجها الضياء في "الأحاديث المختارة" عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْلا أَنَّ الْكِلابَ أُمَّةٌ مِنَ الأُمَمِ لأَمَرْتُ بِقَتْلِ كُلِّ أَسْوَدٍ بَهِيمٍ».
قال الإمام أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن": [معناه: أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم كرِهَ إفناءَ أمةٍ مِن الأمم، وإعدام جيلٍ مِن الخلق حتى يأتي عليه كلِّه فلا يبقى منه باقية؛ لأنه ما مِن خلقٍ لله تعالى إلَّا وفيه نوعٌ مِن الحكمة وضربٌ مِن المصلحة].
هذه هي بعض من مظاهر حماية ورعاية البيئة في الإسلام، بنى عليها الفقهاء وفرَّعوا عنها الكثير من الأحكام والقواعد التي تتضمَّن تحقيق غاية الإسلام من المحافظة على البيئة وعمارتها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البيئة الإفتاء دار الإفتاء الإسلام الإفساد رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم عن النبی صلى الله علیه وآله وسلم صلى الله علیه وآله وسلم قال ه صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه أ المحافظة على الإسلام على ف ی ال أ ر ض قال تعالى مسلم فی نهى عن عن أبی
إقرأ أيضاً:
مركز الأزهر: المُعلم المُخلص يدعو ويستغفر له أهل الأرض والسماء
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن المعلمين المخلصين ينالون مكانة عظيمة في الإسلام، حيث يستغفر لهم أهل السماء والأرض، حتى النمل في جحورها والحيتان في البحر، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ» [أخرجه الترمذي].
مكانة المعلم في الإسلاميحتل المعلمون مكانة رفيعة في الشريعة الإسلامية، فهم ورثة الأنبياء في تعليم الناس الخير، وإرشادهم إلى طريق الهداية. وتكريم المعلم واحترامه واجب ديني وأخلاقي، إذ جعله الله سببًا في نشر العلم والمعرفة، مما يعود بالنفع على الأفراد والمجتمعات.
دعاء الملائكة وسكان الأرض للمعلمأوضح المركز أن حديث النبي ﷺ يدل على عظمة أثر التعليم، حيث يشمل فضل المعلم استغفار الملائكة وجميع المخلوقات له، مما يعكس مدى تأثيره الإيجابي في الحياة الدنيا والآخرة.
واجب الطلاب تجاه معلميهمحث مركز الأزهر للفتوى على ضرورة توقير المعلمين ومعرفة قدرهم، فهم الذين يضيئون دروب العلم والمعرفة، ويساهمون في بناء الأجيال. ويعد احترامهم والالتزام بتوجيهاتهم من أسمى صور البر والتقدير التي دعا إليها الإسلام.
وفي ختام حديثه، دعا المركز الطلاب إلى التمسك بأدب التعلم، والتقدير الصادق لكل معلم يسهم في نشر العلم وإفادة الناس.
أهمية التعليم في نصوص الشريعةيتجلى اهتمام الإسلام بالعلم في العديد من النصوص الشرعية التي تحث على التعلم، ونجد ذلك واضحًا في القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى:(يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) (المجادلة: 11).
(فبشّر عبادِ الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه) (الزمر: 17-18).
(قال له موسى هل أتّبعك على أن تعلّمن مما علّمت رشدا...) (الكهف: 67).
كما حفلت السنة النبوية وأقوال أهل البيت عليهم السلام بالكثير من الأحاديث التي توضح فضل العلم وأهميته، ومنها:
قال رسول الله ﷺ: "اطلبوا العلم فإنه السبب بينكم وبين الله عز وجل".
قال الإمام الصادق عليه السلام: "لو علم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج".
من وصايا لقمان لابنه: "يا بني اجعل في أيامك ولياليك وساعاتك نصيبًا لك في طلب العلم، فإنك لن تجد له تضييعًا مثل تركه".
ثانيًا: آداب طالب العلم
1. توقير واحترام المعلم
قال أمير المؤمنين عليه السلام: "إن من حق العالم عليك أن تسلّم على القوم عامة، وتخصّه دونهم بالتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشير عنده بيدك، ولا تغمز بعينك، ولا تقول: قال فلان خلافًا لقوله".
2. حسن الاستماع للعلم
قال الإمام الباقر عليه السلام: "إذا جلست إلى عالم، فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلّم حسن الاستماع كما تتعلّم حسن القول، ولا تقطع على أحد حديثه".
3. التفرغ للعلم والاجتهاد في تحصيله
قال رسول الله ﷺ في وصف العاقل الكامل: "لا يسأم من طلب العلم طول عمره".
4. الصبر على التعلم
العلم يحتاج إلى الصبر والمثابرة، فهو ليس شيئًا يُكتسب بسرعة، بل يتطلب جهدًا مستمرًا. وقد أكدت النصوص على أهمية الصبر في طلب العلم، ومنها قول أمير المؤمنين عليه السلام:
التعليم في الإسلام ليس مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة، بل هو طريق للارتقاء الروحي والفكري، ووسيلة لتحقيق رضا الله. ولهذا، ينبغي على طالب العلم أن يتحلى بالتواضع، والاحترام، وحسن الاستماع، والاجتهاد، والصبر، حتى ينال بركة العلم ويحقق الفائدة المرجوة منه.