طهران- لم تعد المناظرات المباشرة بين مرشحي الرئاسة جديدة على الإيرانيين، لكن الاتهامات المتبادلة فيها هذه المرة استهدفت الرؤساء السابقين الأحياء منهم والأموات، أكثر من غيرهم، حتى طالب بعض المرشحين بمحاكمة أفراد ممن تولوا السلطة التنفيذية سابقا بتهمة "الخيانة".

وفي إحدى المناظرات التلفزيونية، قال المرشح الرئاسي المحافظ أمير حسين قاضي زاده هاشمي، إن "مصيرين لا ثالث لهما واجها رؤساء حكومات إيران السابقين: إما يستشهدان (في إشارة إلى مصير محمد علي رجائي وإبراهيم رئيسي) أو يلقوا مصيرا مختلفا يتورطون به، ونأمل أن لا نكون من الفئة الثانية"، مستدركا أن المرشد الأعلى الحالي علي خامنئي كان رئيسا للجمهورية.

ومنذ قيام الجمهورية الإسلامية عام 1979 في إيران، مر على البلاد 8 رؤساء محسوبين على التيارين المحافظ والإصلاحي، وقد واجه كل منهم مصيرا مختلفا من العزل أو الاغتيال أو الموت المفاجئ، ورغم أن المنصب ارتقى بأحدهم دون غيره إلى هرم السلطة، لكنه مضى بعدد آخر منهم من السلطة إلى صف المعارضة والمهمشين والمغضوب عليهم سياسيا.

مصير الرؤساء

ويلاحظ أن أول الرؤساء الإيرانيين بعد الثورة، أبو الحسن بني صدر، عزله البرلمان ثم هرب إلى فرنسا، تلاه محمد علي رجائي الذي اغتيل بعد فترة وجيزة من تنصيبه، ثم علي خامنئي الذي اختاره مجلس خبراء القيادة خلفا لمؤسس الجمهورية الإسلامية ومرشدها الأعلى آية الله الخميني بعد وفاته.

وقد يكون الأبرز بين رؤساء الجمهورية الإسلامية -بعد خامنئي- علي أكبر هاشمي رفسنجاني، لكنه تعرض بعد مغادرته القصر الرئاسي إلى شتى الهجمات والانتقادات، حيث سُجن اثنان من أولاده واستبعد من إمامة الجمعة، ورفض مجلس صيانة الدستور عام 2013 صلاحيته لخوض الانتخابات الرئاسية.

الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي هو الآخر واجه أعتى هجمات التخوين على غرار خلفه المحافظ محمود أحمدي نجاد الذي رُفضت أكثر من مرة صلاحيته لخوض الانتخابات الرئاسية بتهمة "الانحراف عن خط الثورة".

وبعد أن رفضت أهلية حسن روحاني الرئيس السابع بعد ثورة 1979 لخوض انتخابات خبراء القيادة عام 2024، تعرض خلفه إبراهيم رئيسي إلى حادث سقوط الطائرة الرئاسية الذي أودى بحياته الشهر الماضي، مما رسم علامات استفهام كبيرة لدى الأوساط الإيرانية عن سبب إقبال السياسيين الكبير على الترشح للرئاسيات رغم العلم بالمصير الذي ينتظر رؤساء البلاد.

سبب الإقبال على الترشح

من ناحيته، يشير الناشط السياسي المحافظ، السفير الإيراني السابق في أستراليا والمكسيك، محمد حسن قديري أبيانه، إلى مقولة "الثورة تأكل أبناءها"، عازيا سبب الغضب على الرؤساء السابقين إلى "السياسات التي أرادوا اتخاذها لحرف الثورة عن مسارها والتمسك بالسلطة، لكنهم فشلوا في تحقيق الهدف بسب حكمة المرشد الأعلى".

وفي حديثه للجزيرة نت، يذكّر أبيانه بالصلاحيات الواسعة التي يتمع بها رئيس الجمهورية في بلاده، مما يجعل من حلاوة البقاء في السلطة هدفا لأغلب الرؤساء يحثهم على اتخاذ بعض الخطوات لتعزيز صلاحياتهم.

وأضاف أن بعض مرشحي الرئاسة يقطعون وعودا غير عملية على أنفسهم خلال حملاتهم الدعائية، وبعد عجزهم عن تنفيذها يقومون بالبحث عن جهة يلقون اللوم عليها كونها شكلت سدا منيعا أمام تطلعاتهم وسياساتهم.

ولدى إشارته إلى أن الجمهورية الإسلامية توفر الدعاية المجانية للمرشحين عبر عشرات المحطات والإذاعات، يتابع المتحدث نفسه أن سبب تسجيل العديد من الناشطين التابعين لتيار سياسي واحد بشكل متزامن يعود للغموض الذي يلف قائمة المرشحين النهائيين التي يصدرها مجلس صيانة الدستور.

في المقابل، يحصر رسول منتجب نيا، الأمين العام لحزب "جمهوريت إيران إسلامي" الإصلاحي، سبب إقبال النشطاء الإصلاحيين على خوض المعترك الرئاسي إلى "شعورهم بالخطر الذي يتهدد الجمهورية الإسلامية وحرصهم على إنقاذ النظام الإسلامي وخدمة الوطن".

منتجب نيا يرى أن التضييق على الرؤساء السابقين يخالف المواثيق الدولية ويعارض المصالح الوطنية (الصحافة الإيرانية) كنز ثمين

وفي حديثه للجزيرة نت، يأسف منتجب نيا للسلوك السيئ الذي تصطدم به النخبة السياسية الإيرانية، لا سيما رؤساء الجمهورية ورؤساء المجلس الوزاري وبعض الوزراء، وحتى رؤساء البرلمان، بعد مغادرتهم المنصب وحرمان البلد من تجاربهم القيمة التي يصفها بأنها كنز ثمين، عازيا السبب إلى التنافس السياسي السلبي في ظل غياب النشاط الحزبي الحقيقي.

واعتبر السياسي الإصلاحي التضييق على الرؤساء السابقين مخالفا للعقل والمنطق والشرع الإسلامي والقوانين والمواثيق الدولية، ناهيك عن أنه يعارض المصالح الوطنية لأن هؤلاء "المغضوب عليهم" يعرفون الداء ولديهم تجاربهم ثمينة لمعالجته، وفق قوله.

وخلص إلى أن تياره السياسي يرفض جميع أشكال التضييق على المسؤولين السابقين ويدعو للاستفادة من تجاربهم لتقديم استشارات للمسؤولين الحاليين، مضيفا أن شعبية هؤلاء تزداد باستمرار لدى الشعب بقدر المضايقات التي يتعرضون لها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجمهوریة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

تصاعد الغضب في جيش الاحتلال.. الآلاف يوقعون على رسائل لوقف حرب غزة

كشفت هيئة البث الإسرائيلية، عن تصاعد الغضب من استئناف الحرب في غزة وخروج هذه المواقف للعلن بعد أن كانت خلف الأبواب المغلقة، وجاءت الاعتراضات من قبل جنود حاليين وسابقون وأكثر من 250 من موظفي جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد".

وتابعت هيئة البث، أن كافة الرسائل أعربت عن التأييد لما بات يُعرف بـ"رسالة الطيارين"، وهي رسالة تطالب بعقد صفقة للإفراج عن المحتجزين حتى لو كان الثمن إنهاء الحرب الجارية.

وفي هذا السياق، نُشرت صباح اليوم رسالة موقعة من قبل قدامى المظليين، حازت على توقيع أكثر من 1600 جندي احتياط ومتقاعد. 

وتُعد هذه الرسالة واحدة من عدة رسائل مشابهة جرى توقيعها حتى الآن من قبل جهات أمنية وعسكرية متنوعة، من بينها مسؤولون سابقون في الموساد، بمن فيهم رؤساء ونواب رؤساء أقسام، ونحو 1500 من جنود ومدرعيّ سلاح المدرعات في الخدمة الاحتياطية والمتقاعدين، بالإضافة إلى خريجي برنامج "طالبيوت" التابع للجيش، وخريجي وحدة 8200 الاستخباراتية، وأكاديمية الدفاع الوطني، وقدامى وحدة "سييرت شلداغ" الخاصة.

البحرية الإسرائيلية تدخل على خط مطالب وقف حرب غزة

وتابعت هيئة البث الإسرائيلية، أنه في أعقاب انتشار رسالة الطيارين، شرع ضباط الاحتياط في سلاح البحرية بجمع التواقيع على عريضة مشابهة، موجهة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأعضاء الكنيست، والقيادة العليا للجيش الإسرائيلي، والجمهور الإسرائيلي ككل. 

وجاء في الرسالة أن أهداف الحرب، والمتمثلة في إعادة الأسرى وتحقيق الأمن، لم تُحقق، داعين إلى إنهاء الحرب على الفور، مؤكدين أنهم من يتحملون العبء بينما تقع المسؤولية على عاتق القيادة السياسية.

كما انضم ضباط احتياط في وحدات جمع المعلومات التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية، إلى جانب ضباط عاملين ومتقاعدين، إلى حملة التوقيع على بيان مشابه لما جاء في رسالة الطيارين. 

وأكد الموقعون في إعلانهم أنهم يتفقون مع الموقف الحاد الذي يرى أن الحرب في الوقت الحالي تخدم بالأساس مصالح سياسية وشخصية، وليس الأهداف الأمنية. 

وأضافوا أن استمرار الحرب لا يحقق أيًا من أهدافها المعلنة، بل يؤدي إلى سقوط مزيد من الأسرى، والجنود، والمدنيين الأبرياء. 

كما أعربوا عن قلقهم العميق من تآكل نظام الاحتياط، وتزايد معدلات عدم الامتثال، محذرين من التداعيات بعيدة المدى لهذه الظاهرة.

الموساد يبدي تأييده الصريح

وأكدت هيئة البث الإسرائيلية، أن في موقف لافت، وقع نحو 250 موظفًا سابقًا في جهاز الموساد، بينهم ثلاثة رؤساء سابقين للجهاز، على عريضة تدعم "رسالة الطيارين". 

وجاء في نص العريضة أنهم كأعضاء سابقين في الموساد للاستخبارات والعمليات الخاصة، ومن بينهم من وصفهم نتنياهو بـ"الأعشاب الضارة"، يعلنون دعمهم الكامل للرسالة التي تعكس قلقهم العميق على مستقبل إسرائيل. 

وطالبوا بالتحرك الفوري للتوصل إلى اتفاق يعيد جميع المحتجزين الـ59 إلى ديارهم دون تأخير، حتى وإن تطلب ذلك وقف القتال.

قدامى المظليين يدعون لإنقاذ الأرواح

وتابعت الهيئة، أن من جهتهم، وقّع نحو 1500 من قدامى وحدة المظليين على رسالة خاصة بهم، دعوا فيها إلى إبرام صفقة لإعادة المحتجزين وإنهاء الحرب. 

وقالوا إنهم كجنود وقادة قاتلوا لسنوات طويلة، لم يعودوا قادرين على الوقوف موقف المتفرجن وشددوا على أن ندائهم لا يوجّه إلى جيش الاحتلال أو قيادته، وأنه ليس دعوة إلى التمرد أو الرفض، بل هو نداء لإنقاذ الأرواح. 

وأشاروا إلى أن التجربة السابقة أثبتت أن الاتفاقات وحدها قادرة على إعادة المحتجزين سالمين.

رسالة سلاح المدرعات تؤيد الطيارين

أما في سلاح المدرعات، فقد وقع نحو 1500 من عناصر الاحتياط في جيش الاحتلال والمتقاعدين على رسالة أعلنوا فيها دعمهم الكامل لرسالة الطيارين ولمقاتلي سلاح الجو. 

وأكدوا في رسالتهم أن دولة إسرائيل يجب أن تفعل كل ما بوسعها لإعادة المحتجزين، حتى وإن كان الثمن وقف القتال. 

وأضافوا أن هذه الدعوة ليست عملًا من أعمال التمرد، بل تعبير مشروع عن الرأي من مواطنين لم يعودوا في الخدمة العسكرية الفعلية.

موقف غير مسبوق من المؤسسات الأكاديمية

وعلى صعيد موازٍ، وقع نحو 2000 من أعضاء الهيئة التدريسية في مؤسسات التعليم العالي على عريضة أعلنوا فيها دعمهم لرسالة الطيارين، مؤكدين أن الحرب تخدم في هذه المرحلة مصالح سياسية وشخصية، وليس مصالح أمنية حقيقية.

رسالة الطيارين تشعل الجدل

تعود بداية الجدل إلى نحو أسبوع مضى، حين بثت القناة 11 الإسرائيلية تقريرًا عن رسالة وقعها طيارون في سلاح الجو في جيش الاحتلال الإسرائيلي، طالبوا فيها بوقف القتال في غزة. 

وورد في نص الرسالة أن الحرب تخدم حاليًا مصالح سياسية أكثر من كونها تحقق أهدافًا أمنية، وأن استمرارها لن يفضي إلى تحقيق أهدافها المعلنة، بل سيتسبب في مقتل المزيد من الأسرى، والجنود، والمدنيين، ويؤدي إلى تآكل منظومة الاحتياط.

ورغم أن الرسالة لم تتضمن تهديدًا صريحًا برفض الخدمة العسكرية، إلا أن قائد سلاح الجو، اللواء تومر بار، وجّه تحذيرًا مفاده أن كل من يوقّع على هذه الرسالة لن يُسمح له بمواصلة الخدمة في صفوف الاحتياط التابعة لسلاح الجو.

مقالات مشابهة

  • تصرف غير رياضي من نجم بايرن ميونخ يثير الغضب بعد السقوط أمام إنتر
  • ورقة سياسات مؤتمر لندن بشأن السودان – 15 أبريل 2025: بيان الرؤساء المشاركين
  • أحكام بين البراءة والحبس إلى 8 سنوات في قضية المحافظين العقاريين السابقين بباتنة
  • سامح قاسم يكتب | زين العابدين فؤاد.. أبجدية الغضب والحنان
  • مصادر إسرائيلية: حرب غزة مستمرة في إشعال الغضب داخل الجيش
  • إختبار شعبي للقياديين السابقين
  • فيديو صادم لذبح حمير يشعل الغضب في مصر والأمن يتدخل .. فيديو
  • اقرأ غدا في عدد البوابة: 250 من مسئولي الموساد السابقين يطالبون باتفاق لإطلاق الرهائن ووقف الحرب
  • تصاعد الغضب في جيش الاحتلال.. الآلاف يوقعون على رسائل لوقف حرب غزة
  • أكثر من 60% من الرؤساء التنفيذيين يتوقّعون ركوداً اقتصادياً وشيكاً في أميركا