عربي21:
2024-06-29@11:45:30 GMT

الحكومة التركية وإدارة المشاكل بدلا من حلها

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

مر على إجراء الانتخابات المحلية الأخيرة في تركيا حوالي ثلاثة أشهر، وعقد حزب العدالة والتنمية عدة اجتماعات على مختلف المستويات لمناقشة أسباب الهزيمة التي مني بها في 31 آذار/ مارس الماضي، والأخطاء التي جعلته يتراجع إلى المرتبة الثانية في عموم البلاد، وسبل معالجتها، إلا أن عملية محاسبة الذات والتصحيح المطلوبة لم تنتقل حتى الآن من مرحلة إبداء الرغبة فيها إلى خطوات عملية تنعكس على الواقع الملموس، بل هناك مؤشرات تشير إلى أن الحزب الذي يحكم تركيا منذ أكثر من عقدين قد لا يتمكن من تغيير وضعه الحالي الذي أدى إلى تراجع شعبيته.



العوامل التي لعبت دورا في تآكل شعبية حزب العدالة والتنمية وازدياد الانتقادات الموجهة إلى سياساته؛ عديدة، وإن كان الابتعاد عن نبض الشارع يأتي على رأس تلك العوامل، فإن طريقة تعاطي الحكومة مع المشاكل والأزمات هي الأخرى تسببت في خيبة أمل لدى نسبة كبيرة من المواطنين المؤيدين لحزب العدالة والتنمية، وهي أن الحكومة في كثير من الملفات تتردد في تبني موقف حازم، وتلجأ إلى إدارة الأزمة والمشاكل بدلا من حلها.

الابتعاد عن نبض الشارع يأتي على رأس تلك العوامل، فإن طريقة تعاطي الحكومة مع المشاكل والأزمات هي الأخرى تسببت في خيبة أمل لدى نسبة كبيرة من المواطنين المؤيدين لحزب العدالة والتنمية، وهي أن الحكومة في كثير من الملفات تتردد في تبني موقف حازم، وتلجأ إلى إدارة الأزمة والمشاكل بدلا من حلها
حملات التحريض ضد اللاجئين وتأجيج العنصرية هي من أهم المشاكل التي هددت وما زالت تهدد أمن تركيا واستقرارها ومصالحها. وعلى الرغم من خطورة هذه المشكلة، اكتفت الحكومة بتصريحات وبيانات تستنكر تلك الحملات، ولم تتم معاقبة القائمين عليها بشكل رادع، الأمر الذي شجع الراغبين في ضرب السلم الأهلي وإشغال تركيا بمشاكلها الداخلية عن الملفات الإقليمية، على استغلال ورقة العنصرية.

محاولات تأجيج العنصرية لم تستهدف اللاجئين السوريين والأفغان فحسب، بل وطالت أضرارها المقيمين من رجال الأعمال والسياح لتصل إلى الطلاب الذين جاؤوا من الدول الأفريقية ليدرسوا في الجامعات التركية. ولتحريض الشارع التركي ضد هؤلاء الطلاب يدّعي العنصريون بأنهم ينشرون أمراضا، مثل الإيدز، على الرغم من أن الإحصائيات تنفي ذلك جملة وتفصيلا. ويقول مسؤولون إن عدد المتقدمين للدراسة في الجامعات التركية كان يصل إلى 160 ألف طالب وطالبة من مختلف البلدان، إلا أنه تراجع إلى 118 ألف عام 2023 بسبب حملات التحريض والعنصرية. وإضافة إلى ذلك، بدأ الأتراك يرون في الآونة الأخيرة جرائم عنف عنصرية تستهدف المواطنات المحجبات، ولا يُعتقل مرتكبوها أو يطلق سراحهم بعد ساعة أو ساعتين.

حملات التحريض ضد اللاجئين يصاحبها غالبا نشر إشاعات وأنباء كاذبة، سواء في وسائل الإعلام التقليدية أو مواقع التواصل الاجتماعي. وقامت الحكومة بتمرير قانون من البرلمان لمكافحة هذه الظاهرة، إلا أن عملية بث الأكاذيب لم تتراجع قيد أنملة. وفي آخر مثال لتلك الأنباء، انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي خبر يقول إن اللاجئين السوريين أوقفوا حافلة في مدينة أضنة وقاموا بضرب سائقها، إلا أن من ارتكبوا تلك الجريمة هم في الواقع مواطنون أتراك وليسوا لاجئين سوريين. ومن غير المتوقع أن تتم معاقبة أي ممن قاموا باختلاق هذه الكذبة وترويجها.

وهناك كمية كبيرة من الإشاعات والأنباء الكاذبة يتم ضخها يوميا بشكل ممنهج ضد الحكومة والوزراء ورئاسة الشؤون الدينية وغيرها من المؤسسات، إلا أن الحكومة تكتفي بنفيها عن طريق بيانات دائرة الاتصال التابعة لرئاسة الجمهورية.

انتشار الكلاب الشاردة في الشوارع مشكلة أخرى تطالب الأغلبية الساحقة من المواطنين بحلها، وهناك مشروع قانون تستعد الحكومة لتقديمه إلى البرلمان من أجل حل هذه المشكلة. ومن غير الواضح، حتى الآن، حملات التحريض ضد اللاجئين وتأجيج العنصرية هي من أهم المشاكل التي هددت وما زالت تهدد أمن تركيا واستقرارها ومصالحها. وعلى الرغم من خطورة هذه المشكلة، اكتفت الحكومة بتصريحات وبيانات تستنكر تلك الحملات، ولم تتم معاقبة القائمين عليها بشكل رادع، الأمر الذي شجع الراغبين في ضرب السلم الأهلي وإشغال تركيا بمشاكلها الداخلية عن الملفات الإقليمية، على استغلال ورقة العنصريةتفاصيل المشروع، وهل سيشمل القتل الرحيم للكلاب أم لا؟ وفي ظل الجهود التي تبذلها أطراف مختلفة لعرقلة حل هذه المشكلة، يُخشى أن يصدر قانون لا يلبي مطالب المواطنين، أو أن لا يتم تطبيق القانون بشكل فعال.

مشكلة الكلاب الشاردة في الحقيقة ليست معقدة، ويحتاج حلها إلى تعديل القانون وتطبيقه دون تساهل، ومن المؤكد أن محاولة إدارة هذه الأزمة وتسويف حلها سيؤدي إلى تفاقم المشكلة. وهل ستكون الحكومة هذه المرة عازمة وحازمة أو ستضيِّع الحل في دهاليز مراحل تطبيق القانون وتفاصيله، أملا في أن يقتنع المواطنون بأنها تبذل جهدا لحل المشكلة، وينسون الموضوع بمجرد صدور القانون، دون أن ينتظروا نتائج تطبيقه؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.

الحكومة التركية في كثير من الأحيان تسعى إلى إرضاء الجميع من خلال تبني أنصاف الحلول، إلا أن هناك قضايا ومشاكل ليس لها حل يرضي كافة الأطراف. وعلى الحكومة أن تعلم أن "رضا الناس غاية لا تدرك"، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله، وأن المواطنين على قدر كاف من الوعي يجعلهم قادرين على التمييز بين "العمل لحل المشاكل" و"التظاهر بالعمل لحلها".

x.com/ismail_yasa

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تركيا العدالة والتنمية تركيا أردوغان العدالة والتنمية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدالة والتنمیة حملات التحریض هذه المشکلة إلا أن

إقرأ أيضاً:

أسانسير الزمن الجميل وانقطاع الكهرباء.. عندما يبدع الأجداد في الصناعة بدلا من الموت اختناقا داخل صندوق مظلم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصبح ركوب الأسانسير، مغامرة محفوفة بالمخاطر، تبدأ وتنتهي بنطق الشهادتين مع الخروج منه قبل انقطاع الكهرباء وفقًا لخطة تخفيف الأحمال، خاصة في ظل عدم الإلتزام بالساعة المحددة لـ قطع الكهرباء في بعض المناطق.

وتزايدت حالة الرعب من ركوب الأسانسير، مع تداول أخبار حالات الوفاة اختناقًا أو سقوطًا في بئر الأسانسير حال محاولة الخروج من هذه الصناديق المعدنية المغلقة، في محاولة لاستنشاق الهواء.

لقطة من فيلم الباب المفتوح  وأسناسير زمان

انتبهت أثناء مشاهدة فيلم “الباب المفتوح”، لتصميم أسانسير الزمن الجميل، فهو مصنوع من الخشب ومفتوح في كل اتجاه، تحسبًا لحالات قطع الكهرباء أو حدوث غارة مثلا في ذلك التوقيت، حيث يمكن لمن داخل الأسانسير التنفس بسهولة أو القفز منه إلى الخارج.

هذا الأسانسير البسيط سوف تجده ما زال صامدًا في بعض العمارات الفخمة القديمة بمنطقة وسط البلد والزمالك ومصر الجديدة وجاردن سيتي وأيضًا بورسعيد والإسكندرية، ورغم الخوف من ركوبه أحيانًا، إلا أنه من الواضح أن الأجداد كانوا يصنعون كل شيء بطريقة صحيحة ويعملون حسابًا لكافة الاحتمالات، خاصة أن المصعد أو الأسانسير تاريخيًا تعود إلى الحضارة الفرعونية القديمة، حيث تم تصميم وسائل لنقل الأحجار إلى قمم الأهرامات.

هل يمكن طرح فكرة إعادة هذا التصميم للأسانسير في ظل أزمة تخفيف الأحمال وقطع الكهرباء، تلافيًا لفقد أرواح أخرى داخل هذه الصندوق المعدني الخانق؟

قال بعض الأهالي من الزمن الجميل: “الأسانسير الكابينة عبارة عن معدن قديم من الستينات وعلشان العمارة 12 دور فهو مقفل ولكن به فتحتين شبكة للتهوية، كما أن الباب الخارجى حديد وبه شُراعة بطول الباب زجاج سهل الكسر، وأيضا الباب الداخلى ضرفتين نصهم زجاج، ولذلك عند قطع الكهرباء ممكن فتح الباب الداخلى لزيادة التهوية”.

وأضافوا: “زمان كان فيه براح في السلم، لكن دلوقتي المباني بيستغلوا اي مساحة، والأسانسير زي علبة السردين الناس تتحشر فيه”.

ويمكن تنفيذ هذه الفكرة حاليًا عن طريق ما يسمى “بانوراما” مثل التي في المولات الكبرى، فيما يقول متخصص، إنها مكلفة جدًا، كما أن الكود المصري للمصاعد وهو “الأوروبي” يعتبرها غير آمنة، لأن الأسانسير يكون في بئر السلم.

اسانسير زمان وانقطاع الكهرباء 

 

معلمة كفر الشيخ وعازف الساكسفون وأزمة قطع الكهرباء 

قبل ساعات، لقيت معلمة من محافظة كفر الشيخ تدعى همت مصطفى مصرعها، أثناء محاولة إخراجها من الأسانسير المتعطل بسبب انقطاع الكهرباء، حيث سقطت بين الطابقين الثاني والثالث، ما أدى لإصابتها بجروح أودت بحياتها.

ومن الوقائع الشهيرة أيضًا نتيجة انقطاع الكهرباء، مصرع عازف الساكسفون السكندري محمد علي نصر، إثر سقوطه في بئر الأسانسير، بعد موقف بطولي تمثل في إنقاذ أم وطفليها.

 

الحكومة تتعهد بإنهاء أزمة قطع الكهرباء نهاية 2024

وقدم الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، الثلاثاء الماضي، اعتذار الحكومة للشعب المصري عن انقطاع الكهرباء، وأكد أن الأزمة الحالية ليست في توليد أو نقل الطاقة، بل في تدبير الوقود، ووعد بأن يتم حل أزمة الكهرباء بالكامل بنهاية العام الجاري.

وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي، أن خطة الحكومة لتخفيف أزمة انقطاع الكهرباء تشمل إنفاق مليار دولار على تحسين شبكات الكهرباء، بالإضافة إلى التعاقد على شحنات من المازوت تبلغ 300 ألف طن بتكلفة 180 مليون دولار، والتي ستصل هذا الأسبوع.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن شهر يونيو شهد 3 موجات حارة غير مسبوقة، ما أدى إلى زيادة استهلاك الكهرباء إلى حوالي 36 جيجاوات في اليوم، كما أوضح أن مصر توقفت عن تصدير الكهرباء منذ 3 سنوات بسبب زيادة حجم الاستهلاك المحلي.

 

 

اسانسير من الزمن الجميل في الإسكندرية

 

مقالات مشابهة

  • البابا فرنسيس يقرر زيارة تركيا
  • أسانسير الزمن الجميل وانقطاع الكهرباء.. عندما يبدع الأجداد في الصناعة بدلا من الموت اختناقا داخل صندوق مظلم
  • وصولا للقاءات العائلية.. ماذا وراء التحولات النوعية بخطاب أردوغان حول التطبيع مع الأسد؟
  • وصولا للقاءات العائلية.. تحولات نوعية في خطاب أردوغان حول التطبيع مع الأسد
  • زعيم المعارضة التركية: لا يجب أن يصبح نصف سكان تركيا من السوريين
  • تركيا: جاهزون لأية حرب عالمية
  • المعارضة التركية: لا نريد أن يبقى اللاجئون في البلاد وسنأخذ زمام المبادرة لحل المشكلة السورية
  • دكتورة بالذكاء الاصطناعي تدرّس العلوم السلوكية في تركيا
  • التطبيع بين تركيا ونظام الأسد.. هل تتجاوز أنقرة حاجز الشروط المسبقة لدفع المسار؟