قبل أحد عشر عامًا، كانت مصر على شفا «حرب أهلية»، ومؤامرات لجرجرة الوطن إلى مصير مظلم، لم تسلم منه دول حولنا.
كانت «موقعة الاتحادية» فى ديسمبر 2012، بداية النهاية، بعد أن أدرك مَن كان فى قلبه شك، حقيقة الابتسامات المصطنعة، والعبارات الجوفاء، والكلمات المعسولة عن الدين الإسلامى.
فقد جاءت اعتداءات أنصار جماعة الإخوان الإرهابية، على المعتصمين ضد «الإعلان الدستورى»، واحتجاز بعضهم وتعذيبهم، ليشعر المصريون أننا بصدد عصر، تشكل فيه الميليشيات المسلحة دولة داخل الدولة، نظام حكم فاشل يسوق أنصاره باسم الدفاع عن «الشريعة والشرعية» إلى قتال أبناء وطنهم، بعد أن وضع بقــاءه فى الحكم فى كفة وأمـن مصــــر فى الكـفة الأخرى.
هل تذكرون: «قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار»؟!، هل تذكرون الاشتباكات اليومية بين مختلف أطياف الشعب المصرى وبين المنتمين لجماعة الإخوان، ومشاهد العنــف والإرهـاب مــن الإسكــندرية إلى أسـوان؟!، هل تذكرون كيف كانتِ الأوضاع فى سيناء، وكيف كانتِ تُدار الأمور لتدفعنا باتجاه ما يجرى فى سوريا وليبيا، عندما أفسحتِ الجماعة الطريق أمام الميليشيات المسلحة التى توافدت على مصر من شتى بقاع الأرض؟.
سنة واحدة تولى فيها الإخوان الحكم، كانت كافية لنرى ما لم يكن يتوقع أحد أن يراه، ونعيش ما لم يتصور أحد أن تعيشه أقدم بلاد الدنيا وأعـرقها، فقد راحوا يقدمون حيثيات سقوطهم، فناصبوا كل أركان الدولة العداء، اعتدوا على مؤسسات الجيش والقضاء والشرطة والأزهر والكنيسة والثقافة والإعلام والصحافة، بل اصطدموا بكل ثوابت الأمن القومى المصرى.
ظل الإخوان يسبحون عكس حركة التاريخ، حتى كانت نهايتهم التى تليق بهم - كتنظيم إرهابى دولى غير وطـنى - عـندما تصوروا أن بـمقدورهم الوقوف فى وجه الشعب المصرى، الذى تحطمت على أعتابه أعتى الإمبراطوريات.
فى مثل هذه الأيام، تحدثت مصر عن نفسها وأثبتت عراقتها، بأكبر تجمع بشرى واحتجاج سياسى شهده العالم، عندما خرج ما يقرب من 33 مليون مصرى إلى الشوارع والميادين، فى 30 يونيو، يطالبون بسقوط حكم الإخوان.
كنت فى المسيرة التى توجهت من شارع عبد الخالق ثروت إلى ميدان التحرير عبر شارع طلعت حرب، مئات المتظاهرين تحركوا من أمام نقابتَى المحامين والصحفيين ونادى القضاة، غلب على المسيرة فى البداية الصحفيون والمحامون، لكنها كانت كلما تحركت خطوة انضم لها مؤيدون.
كنت أتجول بين المجموعات المتظاهرة أرصد نوعيات المشاركين وهتافاتهم، أتفحص الوجوه، دقائق وتحول الشارع إلى صورة مصغرة من مصر، مسلمين ومسيحيين - علامات السجود، واللحى، والمصاحــف
والصلبـان تكشــف أحيـانــًـا عن الديانـة - محجـبات وسافرات، شبابـًـا ورجالا، شيوخـًـا وأطفـالا، صنايعية وأفندية، أيادى متشققة يبدو عليها تعب السنين، وأخـــرى ناعمة.
فى مثل هذه الأيام، أنقذ الـله بلادنا - بفضل شعبها العظيم وجيشها الوطنى - من مصير مجهــول، كان يدبَّـر له بليـل، لجرِّ مصر إلى دوامات العنف والإرهاب، والتقسيم.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: 30 يونيو ثورة 30 يونيو
إقرأ أيضاً:
الإخوان المسلمون تدين تجدد العدوان على قطاع غزة وتوجه رسالة للدول العربية
أدانت جماعة "الإخوان المسلمون"، الثلاثاء، استئناف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الوحشي على قطاع غزة عقب نقضه اتفاقية وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع الولايات المتحدة، داعية الدول العربية لاتخاذ "إجراءات عاجلة تضع حدا لهذا العدوان".
وقالت الجماعة في بين عبر منصة "إكس"، إنها "تدين قيام الكيان الصهيوني بنقض اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم برعاية مصرية، قطرية، أمريكية، في تصعيد خطير يكشف عن وحشية الاحتلال وتنصّله من أي التزام".
تجدد العدوان على #غزة غدرٌ ونقضٌ لاتفاق إطلاق النار ندعو للتصدي له
تدين جماعة الإخوان المسلمين قيام الكيان الصهيوني بنقض اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم برعاية مصرية، قطرية، أمريكية، في تصعيد خطير يكشف عن وحشية الاحتلال وتنصّله من أي التزام. وقد أسفر هذا العدوان الغاشم حتى اللحظة… pic.twitter.com/Z739uAF10f — الإخوان المسلمون (@ikhwansocial) March 18, 2025
واستنكرت ما وصفته بالتصريحات "الصادمة" للمتحدثة باسم البيت الأبيض، التي أكدت التنسيق الكامل بين الإدارة الأمريكية وجيش الاحتلال في تنفيذ هذه المجازر، وهو ما يعكس التورط المباشر للولايات المتحدة في العدوان على الشعب الفلسطيني، وفقا للبيان.
وأضافت أن "هذا التصريح يكشف زيف الادعاءات الأمريكية بشأن التهدئة وإرادة الخير للشعب الفلسطيني، ويؤكد أن الإدارة الأمريكية شريك أساسي في هذه الجرائم".
ودعت جماعة الإخوان المسلمين "جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى عقد اجتماع طارئ لاتخاذ إجراءات عاجلة تضع حدًا لهذا العدوان الوحشي، وتدعم صمود الشعب الفلسطيني. كما تطالب الدول الضامنة للاتفاق، مصر وقطر، بتحمل مسؤولياتهما تجاه خرق اتفاق التهدئة".
وأكدت أن "الفرصة مواتية للحكومات العربية والإسلامية للعمل على وقف كل أشكال التطبيع والتعاون مع الكيان الصهيوني، استجابة للإرادة الشعبية، والعمل على فرض عقوبات سياسية واقتصادية عليه ردًا على تجدد جرائمه".
وجددت التأكيد على تضامن الجماعة "الكامل مع الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة"، داعية "الأمة الإسلامية وأحرار العالم إلى التحرك العاجل للتعبير عن الغضب الشعبي في كل مكان للضغط على الرأي العام العالمي من أجل وقف الحرب، والعودة إلى تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، أو الوقوف الداعم إلى جانب المقاومة؛ حتى ينال الشعب الفلسطيني استقلاله وحقوقه المشروعة".
وفجر الثلاثاء، شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة على مناطق متفرقة في قطاع غزة، طالت عددا من المنازل المأهولة، وذلك في خرق لتفاهمات اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.
وأفادت وزارة الصحة في قطاع غزة بأن قصف الاحتلال أسفر عن استشهاد أكثر من 300 فلسطيني معظمهم أطفال، وذلك في التصعيد المفاجئ الذي شنته طائرات الاحتلال الحربية بشكل متزامن في مختلف مناطق قطاع غزة.
في غضون ذلك، قال بيان صادر عن مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إنّ الأخير ووزير الحرب يسرائيل كاتس أصدرا تعليماتهما للجيش بالتحرك بقوة ضد حركة حماس في قطاع غزة.
وزعم البيان أنه "بعد رفض حماس مرارا وتكرارا إطلاق سراح الأسرى، ورفض كل العروق التي تلقتها من المبعوث الرئاسي الأمريكي ستيف ويتكوف ومن الوسطاء".
ولفت إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي تقوم حاليا بهجمات على أهداف عدة في جميع أنحاء قطاع غزة، بهدف تحقيق أهداف الحرب التي حددتها القيادة السياسية، بما في ذلك إطلاق سراح جميع الأسرى الأحياء والأموات.
وشدد بيان مكتب نتنياهو على أنه "من الآن فصاعدا، ستتحرك إسرائيل ضد حماس بقوة عسكرية متزايدة"، منوها إلى أن "الجيش الإسرائيلي عرض الخطة العملياتية نهاية الأسبوع الماضي، ووافق عليها المستوى السياسي".