السودان: بعد دعمهم الجيش.. كيف استهدفت “مسيّرة” احتفالا لـ «قيادات قبلية»
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
البرهان تسلم من المجموعة القبلية “رؤية ومصفوفة تهدف إلى إيقاف الحرب”، مؤكدا على أن “التمرد” لا يمثل قبيلة الرزيقات، وإنما يمثل أسرة “آل دقلو”..
التغيير:(وكالات)
تحركات أثارت موجة من الجدل، شرعت مجموعة من قيادات قبيلة الرزيقات التي ينتمي إليها قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، في لقاءات علنية مع مسؤولين في الحكومة السودانية، وقادة من قبائل أخرى.
وتباينت الآراء بخصوص تلك التحركات بين من يرى أنها تهدف إلى التبرؤ من الدعم السريع، وتأكيد المساندة للجيش، وبين من يشير إلى أنها تأتي في سياق تحركات أهلية ترمي لإنهاء الحرب.
والأسبوع الماضي، التقت مجموعة من قبيلة الرزيقات برئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، في مقر الحكومة المؤقت، في مدينة بورتسودان الساحلية.
وبحسب إعلام مجلس السيادة، فإن البرهان تسلم من المجموعة القبلية “رؤية ومصفوفة تهدف إلى إيقاف الحرب”، مؤكدا على أن “التمرد لا يمثل قبيلة الرزيقات، وإنما يمثل أسرة آل دقلو”.
محلل سياسي:لقاء البرهان والمجموعة القبلية، جاء في إطار دعوة قدمها الجيش إلى تنسيقية “قبيلة الرزيقات”.
ويرى المحلل السياسي، أشرف عبد العزيز، أن “لقاء البرهان والمجموعة القبلية، جاء في إطار دعوة قدمها الجيش إلى تنسيقية قبيلة الرزيقات”.
وقال عبد العزيز لموقع “الحرة” إن “معظم الذين ظهروا من قبيلة الرزيقات في لقاء البرهان من قيادات نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير”.
ولفت المحلل السياسي إلى أن “تلك التحركات تهدف إلى إيقاف عمليات انضمام أبناء “القبائل العربية” في دارفور إلى قوات الدعم السريع، باعتبار أن تلك القبائل مصنفة كحاضنة اجتماعية لها”.
وأضاف: “لقاءات المجموعة القبلية مع نافذين ومسؤولين تؤكد أن الحكومة غيرت موقفها الذي كان لا يميز بين القبائل العربية الدارفورية وبين قوات الدعم السريع، إذ كثيرا ما يساوي الخطاب الحكومي الرسمي بين الطرفين”.
وترأس وفد قبيلة الرزيقات الذي التقى البرهان في بورتسودان، الضيف عيسى عليو، وهو مسؤول محلي سابق في نظام البشير.
التبرؤ من الجرائم
ي المقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، عز الدين المنصور، أن “تحركات وفد قبيلة الرزيقات ترمي إلى التبرؤ من الجرائم والانتهاكات الواسعة التي تورطت فيها قوات الدعم السريع ضد المدنيين في عدد من المناطق السودانية”.
وقال المنصور لموقع “الحرة” إن “القبائل العربية في دارفور، تضررت من تلك الانتهاكات، لأن غالبية المنتمين إلى قوات الدعم السريع ينحدرون منها، ولذلك سعت التحركات إلى تعديل صورة تلك القبائل عند السودانيين”.
وأشار أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية إلى أن “هناك تحركات سرية أخرى يقوم بها بعض قادة القبائل العربية في دارفور، توازي هذه التحركات المعلنة، والفارق بينها أن التحركات غير المعلنة تسعى لإيقاف الحرب وحقن الدماء، وليس تأكيد المساندة للجيش، على نحو ما تقوم به التحركات المعلنة”.
وتبرأ عدد من قادة القبائل العربية في دارفور من اللقاء الذي جرى في بورتسودان، مشيرين إلى أن المجموعة القبلية التي قابلت البرهان، “لا تمثلهم، وأنها تمثل نفسها”، وفق ما ورد في بيانات رسمية.
وأعلن عدد من القادة الميدانيين في قوات الدعم السريع رفضهم تحركات مجموعة الضيف عليو، وفق ما جرى نشره في منصات إعلامية تابعة لقوات الدعم السريع.
في المقابل، ساند قادة أهليون بارزين ومسؤولون سابقين في نظام البشير اللقاء، مشددين على أنه “أكد موقف القبائل العربية الدارفورية التي ترفض الانتهاكات ضد المدنيين الأبرياء”.
وفي أحدث تحركاتها، زارت المجموعة القبلية التي يقودها الضيف عيسى عليو، القيادي الأهلي مصلح نصار الرشيدي في منزله في إحدى مناطق مدينة شندي بولاية نهر النيل، شمالي السودان.
وحضر اللقاء قادة أهليين من بعض مناطق شمال السودان، كما شارك فيه مناصرون للجيش السوداني، وفق ما ذكرت صحف سودانية محلية.
وبعد دقائق من انتهاء الفعالية، سقطت طائرة هجومية مسيرة على منزل الرشيدي الذي استضاف وفد قبيلة الرزيقات، بحسب ما أعلن الصحفي السوداني بكري المدني، الذي حضر اللقاء.
وقال المدني في صفحته على موقع فيسبوك، إن “الطائرة المسيرة ضربت مقدمة باب غرفة الرشيدي الخاصة، بعد خروجه وابنه منها، مما أدى إلى تضرر الغرفة والجدران والأثاث وتحطم الباب الخارجي”.
ومع أن المدني أشار إلى أن العملية “محاولة لاغتيال الرشيدي”، إلا أن عبد العزيز يرى أن “قوات الدعم السريع تعد المستفيد الأول من الحادثة”.
وأضاف قائلا “مع أنه لا يوجد ما يؤكد الاتهام، إلا أن قوات الدعم السريع، المستفيد الأول من الحادثة. وإذا ثبت أنها الفاعل، فهذا يدل على أنها تملك جهاز استخبارات فعال”.
وبالنسبة، للمنصور، فإن “قوات الدعم السريع أطلقت الطائرة المسيرة، لتحقيق 3 أهدف، أولها الانتقام من المجموعة القبلية التي تتحرك دون رغبتها”.
وثاني تلك الأهداف “الانتقام من الرشيدي الذي كان مقربا من حميدتي، قبل أن يعلن موقفا داعما للجيش، وثالثها، إصابة هدف في مدينة شندي التي يتوعد قادة ميدانيون في الدعم السريع بدخولها، لأن أكثرية أهلها يعلنون موقفا صارما ضد الدعم السريع”.
وبعد الحادثة ظهر الرشيدي في مقطع فيديو، مؤكدا عدم حدوث أي ضرر، قائلا إنه “سيستمر في دعم الجيش السوداني في معركة الكرامة التي تهدف للحفاظ على السودان من المرتزقة والعملاء”.
تقع مدينة شندي في مناطق الاشتباكات المباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، لكنها تعرضت في أبريل الماضي إلى هجوم من 3 طائرات مسيرة، دون خسائر، وفق ما أعلن متحدث باسم الجيش.
وذكرت وسائل إعلام سودانية وقتها أن المضادات الأرضية في الفرقة الثالثة مشاة في المدينة، تمكنت من إسقاط 3 طائرات مسيرة حاولت استهداف مقر الفرقة.
وتعرضت مدن عطبرة والقضارف والفاو، البعيدة عن دائرة الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى القصف بطائرات مسيرة، في حين لم تعلن قوات الدعم السريع مسؤوليتها عن تلك العمليات الهجومية.
ولم يصدر من قوات الدعم السريع أي بيان رسمي يؤكد مسؤوليتها عن الطائرة التي استهدفت منزل الرشيدي.
ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة، عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة، محمد حمدان دقلو، أعقبتها أزمة إنسانية عميقة.
وأسفرت الحرب في السودان عن مقتل عشرات الآلاف بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.
لكن ما زالت حصيلة قتلى الحرب غير واضحة، فيما تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى “150 ألفا”، وفقا للمبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو.
كذلك، سجل السودان قرابة عشرة ملايين نازح داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة. وتعرضت البنية التحتية للبلاد إلى دمار هائل، في حين بات سكانها مهددين بالمجاعة.
نقلا عن موقع الحرة
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع القبائل العربیة قبیلة الرزیقات فی دارفور تهدف إلى وفق ما إلى أن على أن
إقرأ أيضاً:
كنداكة الثورة السودانية تتحدث عن الثورة والانقلاب وانتهاكات الدعم السريع
وتعود كلمة "كنداكة" إلى العهد الكوشي أو ما يعرف بالحضارة النوبية، وهي تعني الملكة أو السيدة الأولى، لكن آلاء صلاح، قالت لبودكاست "ملهمات" إن الكلمة تعني "المقاتلة" أو بمعنى آخر "الأيقونة".
ويمكن القول إن كنداكة الثورة السودانية ليست جديدة على النضال السياسي، فقد شاركت جدتها في حراك 1964، الذي أنهى حكم الفريق إبراهيم عبود، وشاركت والدتها في انتفاضة 1985، التي أطاح الجيش على إثرها بحكم جعفر النميري، فيما شاركت أختها في انتفاضة الطلاب عام 2013 التي خرجت ضد قرار رفع الدعم الحكومي عن الوقود.
وبسبب مشاركتها في الثورة على عمر البشير، فقدت آلاء دراستها بعدما تم فصلها من الجامعة، لكنها التحقت بإحدى الجامعات البريطانية بعد حرمانها من الالتحاق بجامعة محلية.
وظلت آلاء في السودان حتى انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث غادرت خشية التعرض للاعتقال كما حدث لكثيرين ممن شاركوا في الثورة على البشير، وفق قولها.
وتعرضت لتهديد مباشر من قوات الدعم السريع، وتلقت اتصالا من مدير مكتب قائد هذه القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي طلب منها لقاء سريًّا، لكنها رفضت ذلك بسبب مسؤوليته عن قتل الثوار في اعتصام القيادة العامة وحرقهم واغتصاب بعضهم، حسب قولها.
إعلان
السفر لبريطانيا
بعد ذلك، أصبح تهديد الدعم السريع للشابة صريحا، وقد ذهبوا إلى بيتها أكثر من مرة وحاولوا ترهيب عائلتها جراء رفضها مقابلة حميدتي، الذي قالت إنه كان يحاول الضغط على رموز الثورة لدعم انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، ووصفه بأنه "تصحيح للمسار".
وعندما توجهت قوات الدعم السريع لبيتها قبل انقلاب 2021 بـ3 أيام، قررت آلاء الاختباء عند بعض أقربائها حتى تمكنت من السفر إلى بريطانيا التي كانت ستسافر لها بعد أيام من الانقلاب على كل حال لإكمال دراستها، كما قالت.
وبعد 5 سنوات من الإطاحة بحكم عمر البشير، وما آلت إليه أوضاع السودان، لا تريد صلاح القول إنها تشعر بخيبة أمل، لأن هذا الأمل هو الذي ساعدهم على تحقيق بعض أهداف الثورة -كما تقول- لكنها تعترف بأنها ليست سعيدة بينما السودان يعيش حالة من القتل والاغتصاب والانتهاكات التي لا تتوقف، وفق تعبيرها.
وشاركت المرأة بشكل كبير بالثورة على نظام البشير في ديسمبر/كانون الأول 2018، رغم القيود الكبيرة التي كانت مفروضة عليها في ذلك الوقت، وكانت كل واحدة منهن تقوم بما تجيد القيام به سواء كان التصوير أو مخاطبة الجماهير أو الرأي العام أو إسعاف الجرحى أو إعداد الطعام والشراب، كما تقول صلاح.
وبعد أن كان السودانيون يحلمون بالديمقراطية وتداول السلطة، "أصبحوا اليوم يعيشون قمعا وتهجيرا وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان على يد قوات الدعم السريع التي تقاتل منذ عامين ضد قوات الجيش"، حسب كنداكة الثورة.
وإلى جانب الانتهاكات، يعيش السودانيون مجاعة فعلية وتراجعا حادا في الخدمات الصحية وقتلا خارج القانون فيما توزع "شباب الثورة" بين جائع ونازح وهارب، حسب وصف صلاح.
أما من نجحوا في الخروج إلى دول أكثر أمنا، تضيف صلاح، فيعملون على توثيق ما يتعرض له الناس من انتهاكات وجرائم وتعريف العالم بها من خلال مواقع التواصل، لكنّ مَن هم بالداخل يجدون صعوبة كبيرة في إيصال ما يتم توثيقه للخارج بسبب توقف الإنترنت.
إعلانبيد أنه في ظل حالة الفقر المدقع والحاجة الشديدة وانهيار الخدمات وتفشي الخوف، أصبحت غالبية النشطاء مشغولين بعائلاتهم وجيرانهم وزملائهم أكثر من انشغالهم بمحاولة إحياء الثورة التي لم تعد سهلة أبدا في ظل ما وصلت إليه البلاد من استحكام للقوة، برأي صلاح.
ومع ذلك، فإن الشباب قادرون على إحداث التغيير لكنهم بحاجة للحد الأدنى من الظروف التي قد تساعد على تحويل مسار البلاد من الحرب إلى السلم الأهلي، وهو مسار تقول صلاح إنه "صعب جدا".
24/12/2024