"الوثيقة" في المعجم تعني "المستند المكتوب الموثوق به"، ولو تأملنا هذا المعنى لوجدنا أننا بصدد كل ما يبحث عنه الإنسان في عالمنا المعاصر، فما حاجتنا إلا إلى "معلومة يستند عليها العقل ويرتاح القلب لكونها محل ثقة"، وحينما قررت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تدشين "قناة وثائقية" كانت يدرك القائمون عليها أن حروب الجيل الخامس والسادس التي يشهدها العالم لن تكون سهلة، ولن يستطيع الإعلام المعتاد مجابهتها، وأن سعي القوى المؤامراتية لن يكون لاحتلال الأراضي كما كان في العهود الماضية، وإنما التحدي، كل التحدي لاستعمار العقول، هو الاستعمار الحديث الذي تم تفريغه من معنى "العمران" اللفظي، وتحوّل إلى "وحش كاسر" يستعبد الفكر ليقضي على جذور الأمم بالقضاء على أجيالها وتغييب الوعي، وحينها يستطيع أي شخص أن يفعل أي شيء دون مقاومة، وكأنما ثور هائج يقف أمام سكّير يترنح.

قالها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر: "إذا احتل العدو أرضك فليس صعباً عليك استردادها، أما إذا احتل عقلك فلقد استعبدك إلى الأبد"، ومن هذا المنطلق الفكري والفلسفي قررت الشركة المتحدة أن تكون درعاً وسيفاً على جبهة السموات المفتوحة، وكان شغل الشاغل لقطاع الإنتاج الوثائقي أن تتضافر الجهود كخلايا نحل، أفرزت "عسل الشفاء" ودشنت قناة جديدة للوثائقيات، للحفاظ على "تراثنا" الحضاري والتاريخي وتقديمه في قوالب جذابة للمشاهدين حافظة للمضامين العريقة الضاربة في جذور التاريخ، لمواجهة كل أشكال التلاعب التي يحاول البعض تدميرنا فيها، وبعد إطلاق القناة الوثائقية في بث تجريبي يناير 2023، وإطلاقها رسمياً في مايو نفس العام، بدأت بمئات الساعات من الأفلام الوثائقية الحاصلة على جوائز عالمية، أحدثت طفرة في نسب المشاهدة من المحيط للخليج، واستطاعت أن تضع "لوجو القناة" ضمن أهم قوائم المفضلات للجمهور العربي.

"متعة تثقيف توعية"، ثلاثية جديدة حققتها قناة الوثائقية دون الاقتصار على تقديم التاريخ والسياسة، ولكن "كوكتيل" الهوية ينفّذ ويعرض ويحقق نجاحات ترفع راية الوطن، بقيادة مجموعة من شباب الإعلاميين، برئاسة الإعلامي شريف سعيد رئيس قطاع الإنتاج الوثائقي، وفور حصول القناة، مطلع يناير العام الحالي، على ترخيص المجلس الأعلى للإعلام، اشتبكت القناة مع الأحداث الراهنة، وتفاعلت مع الطروف الحرجة التي يمر بها وطننا العربي، صالت وجالت في برامج وأفلام وثائقية بداية من تاريخ الحضارة الفرعونية، وأعماق البحار وغابات الأمازون، مروراً بأدهم الشرقاوي وأمراء "داعش"، ثم المسرح القومي ومخاطر مواقع التواصل الاجتماعي، كما رصدت الأفلام الوثائقية تاريخ شخصيات مؤثرة في العقل العربي، ومنهم الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، ويوسف إدريس، ونجوم الفن الذين تغلغلوا في الوجدان، كالضاحك الباكي نجيب الريحاني، وفرقة رضا الاستعراضية التي انحنى العالم احتراماً لها، وتجولت في مناطق مصر السياحية، وأفلام عن المشروعات القومية الكبرى، كالعاصمة الإدارية، ومشروعات تطوير القرى والعشوائيات، وثورة 30 يونيو التي أنقذت تاريخ مصر من السرقة، والأفكار التكفيرية المتطرفة التي سلبت عقول الشباب في فترات سحيقة وبنى عليها الإرهابيون الجدد أحلامهم السوداء، وأفلام رصدت العظمة الروحية للكنائس المصرية وأخرى تابعت الطفرات التكنولوجية في العالم، والذكاء الاصطناعي، والروبوتات وعوالم الحيوان والطيور، وأشهر المسلسلات والأفلام الأمريكية التي أحدثت ضجة في العالم.

قطاع الإنتاج الوثائقي بالشركة المتحدة، يتبنى سياسة الرئيس في مساندة شباب الأمة، ويدعم المواهب الشابة، ويمنح جوائز لمشاريع تخرج الطلاب في مهرجان الإسماعيلية، وقرر التكفل بإنتاج فيلم وثائقي للمخرجة جميلة ويفي، صاحبة فيلم "أحمر"، الفائز بالجائزة الأولى، باختصار، فإن قناة الوثائقية هي غرس وطني عظيم، يحارب فيه قرابة "120" فنان مصري، من خلال مكتبة تسليح ثقافي تضم أكثر من "800" فيلم وثائقي في مختلف الجبهات (فن، سياسة، تاريخ، حرب، رياضة، أدب).

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: المتحدة للخدمات الإعلامية القناة الوثائقية

إقرأ أيضاً:

قناة الأمة

لم أُفزع عندما سمعت مَن يطلب مرور سفن بلاده مجانًا من قناة السويس، وذلك لأن الأمة التي قام زعيمها جمال عبد الناصر عام 56 بتحدي أعتى الدول وأعلن تأميمه لقناة السويس، ثم تصدى هو وشعبه للعدوان الثلاثي على بورسعيد، حتمًا لن يرهبها تصريحات هنا أو هناك. فهذه القناة هي قناة الأمة المصرية كلها، أُريقت دماء المصريين من أجلها، سواء في حفرها أو في الدفاع عنها.

لا يحتاج الرئيس السيسي للرد على تصريحات أو تصرفات، فالرد سيكون من خلال أبناء الوطن أنفسهم، صغارًا وكبارًا، شبابًا وشيوخًا، نساءً ورجالاً، الكل سيدافع عن قناة السويس لأنها أصبحت قناة الأمة.

عبد الناصر عندما أعلن تأميم القناة، كان يعلن نقل ملكية القناة للشعب الذي تحمَّل كل الصعوبات للدفاع عنها، قناة السويس ليست محلاًّ للعبث أو المتاجرة بها أو استغلالها، آلافٌ راحوا فداءً للقناة، دماء سُفكت من أجلها، أبطال العبور الذين ضحوا بأنفسهم كانوا يدافعون عنها.

مصر وأبناؤها البواسل لن يكون ردهم بالكلمات، بل بالتضحيات، مثلما فعل أجدادنا وآباؤنا، وسيفعل أبناء الوطن المخلصون بالانتفاضة للدفاع عنها إذا فكّر أحد في الاقتراب منها.

مصر تملك كل الاختيارات في الدفاع عن أرضها، ولديها القدرات والإمكانيات والتحركات التي تجعلها تحافظ على قناة السويس، وهي القناة التي رفضت أجيالٌ متعاقبةٌ التفريط فيها، ولا يمكن أن نفرط فيها الآن. فهي قناة أمة دفعتِ الكثير من دماء أبنائها المخلصين لكي تظل قناة الأمة المصرية.

مقالات مشابهة

  • "نار الله الموقدة".. الحرائق تلتهم المستوطنات الإسرائيلية وتحاصر جنود الاحتلال
  • "أبوظبي الدولي للكتاب" .. مطبوعات نادرة تسرد تاريخ النشر العربي
  • بماذا علق الإعلام المصري على تصريحات ترامب حول قناة السويس؟
  • مطبوعات نادرة في «أبوظبي للكتاب» تسرد تاريخ النشر العربي
  • برلماني: قناة السويس شريان سيادة وكرامة وتصريحات ترامب عنها مرفوضة
  • ترامب يبحث عن عبور مجاني.. ماذا نعرف عن سيادة دول العالم على الممرات المائية؟
  • عبث وتزوير للتاريخ.. البرادعي مهاجمًا ترامب بعد طلبه إعفاء سفن أمريكا من رسوم قناة السويس
  • أبوظبي للكتاب.. مطبوعات نادرة تسرد تاريخ النشر العربي
  • ما وراء تصريح ترامب بشأن المرور المجاني عبر قناة السويس
  • قناة الأمة