السومرية نيوز – دوليات

أثارت هجمات على مراكز للشرطة وكنائس في جمهورية داغستان الروسية شمال القوقاز، مساء الأحد يونيو/حزيران 2024، والتي أسفرت عن مقتل 19 ضابط شرطة والعديد من المدنيين، فضلاً عن خمسة مسلحين أُعلن الحداد إثرها لمدة ثلاثة أيام في داغستان، تساؤلات عديدة حول هذه الجمهورية الذاتية التي تقع ضمن الاتحاد الروسي في شمال القوقاز على ضفاف بحر قزوين.


وداغستان جمهورية ذات أغلبية مسلمة، يعني اسمها "أرض الجبال" باللغة التركية، وعاصمتها محج قلعة.

جغرافيا داغستان الفريدة
تقع داغستان على الشاطئ الأوروبي لبحر قزوين، في الجزء الجنوبي الأوروبي من روسيا الاتحادية، وتغطي مساحة تقارب 50 ألف كيلومتر مربع. تشكل سلسلة جبال القوقاز معظم تضاريسها؛ ما يضفي على المنطقة طابعاً جبلياً فريداً.

ويعود اسم "داغستان" -وفق بعض الروايات- إلى اللغة التركية، حيث يعني "بلاد الجبال".

تحد داغستان من الجنوب والجنوب الغربي جمهوريتا أذربيجان وجورجيا، ومن الغرب والشمال تحدها جمهورية الشيشان، وإقليم ستافروبول، وجمهورية قلميقيا.

ويمثل موقع الجمهورية أهمية استراتيجية لكونها حلقة وصل بين روسيا وآسيا الوسطى وتركيا وإيران. وبفضل طبيعتها الجبلية، تحتوي داغستان على مئات الأنهار والينابيع، نهر سولاك هو أحد أهم الأنهار، ويعتبر مصدراً رئيسياً للطاقة الكهرومائية.

وتمتد سواحل البلاد على بحر قزوين، حيث يقع العديد من المستنقعات والمناطق الرطبة. وتوفر هذه السواحل بيئة مهمة لأنواع عديدة من الطيور المهاجرة والأسماك، ويشكل ميناء محج قلعة نقطة رئيسية للتجارة والصيد البحري.

التنوع العرقي واللغوي في داغستان
وفقاً لموسوعة BRITANNICA تتمتع البلاد بتنوع عرقي كبير، حيث تضم حوالي 30 مجموعة عرقية و81 جنسية، يتحدث معظمهم اللغات القوقازية أو التركية أو الإيرانية. أكبر هذه المجموعات العرقية هي الآفار، والروس، والدارجين، والكوميك، والليزجين، الذين يشكلون معاً الجزء الأكبر من السكان. أما المدن الرئيسية في الجمهورية فهي محج قلعة، ديربنت، كيسليار، إزبيرباش، وبويناكسك.

الصناعات المتنوعة
تتميز البلاد بثرائها في الموارد الطبيعية، حيث تحتوي على احتياطيات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي. بالإضافة إلى ذلك، توجد رواسب من الفحم وخام الحديد والمعادن غير الحديدية والمعادن النادرة، إلا أن التضاريس الوعرة للجمهورية تعرقل بشكل كبير عملية تطوير مواردها المعدنية واستغلال الطاقة الكهرومائية.

يتركز النشاط الصناعي بشكل أساسي على موارد النفط والغاز الطبيعي، خصوصاً في السهل الساحلي بالقرب من محج قلعة وإزبرباش، وتشمل الصناعات الأخرى هندسة الطاقة، وإنتاج مواد البناء، وصناعة الأخشاب، والزجاج، وتجهيز الأغذية. وتُعتبر صناعة الحديد وصناعة السجاد من الحرف التقليدية المعروفة في المنطقة.

ويعتمد غالبية سكان الجمهورية على الزراعة كمصدر رئيسي للرزق، مع التركيز بشكل خاص على تربية الماشية؛ نظراً لأن 15% فقط من أراضي الجمهورية صالحة للزراعة، حيثُ تُربّى الأغنام بكثافة في هذه المنطقة.

ويتم ري سفوح التلال، وكذلك منطقة دلتا نهر تيريك والسهل الساحلي، لزراعة الخضروات والفواكه مثل الكرز والمشمش والتفاح والكمثرى والبطيخ. أما المحاصيل الحبوب الرئيسية فهي القمح والذرة والأرز (خاصة في دلتا تيريك).

تاريخها
بحسب موسوعة NEW WORLD ENCYCLOPEDIA، تأتي أقدم السجلات المكتوبة عن تاريخ البلاد من جورجيا وأرمينيا القديمتين، حيث عاش السكان في مناطق نائية صعبة الوصول، لكنهم لم يُحموا من الغزاة بفضل العزلة.

السكيثيون، أمة من الرعاة الرحل الذين يتحدثون اللغات الإيرانية، سيطروا على سهول بونتيك بين حوالي 770 قبل الميلاد والقرن الثالث قبل الميلاد. زاد ازدهارهم من التجارة بين الشمال واليونان، وعبروا عن تنوعهم الاقتصادي بزراعة الحبوب والتجارة بالمنتجات الأخرى.

السارماتيون، شعب إيراني أصلي، هاجروا من آسيا الوسطى إلى جبال الأورال في القرن الخامس قبل الميلاد، ثم استقروا في جنوب أوروبا وشرق البلقان. تحالفوا مع الهونن وهو شعب من الرحل عاش في آسيا الوسطى وازدهروا في القرن الرابع الميلادي، ووصفهم هيرودوت بأنهم شقر وبدينون.

الألبان القوقازيون، جزء من الشعوب الأيبيرية القوقازية، كانوا السكان الأصليين لجنوب الجمهورية وأذربيجان الحديثة، وعاشوا تحت سيطرة إمارات متعددة مثل إمارة دربند وشيروان منذ القرن الثامن.

تعرضت ألبانيا القوقازية للغزوات المتكررة، بما في ذلك من الرومان والساسانيين والسلجوقيين، ما أدى إلى تأثيرات كبيرة على السكان المحليين والثقافة في المنطقة.

هذه المجتمعات المختلفة تركت أثراً في تاريخ داغستان رغم التحديات التي واجهتها المنطقة بسبب العزلة الجغرافية.

المحاولات العربية لفتح داغستان
تمتلك داغستان تاريخاً طويلاً من التأثيرات الثقافية والدينية التي بدأت منذ القرون الأولى للإسلام. بدأت المحاولات العربية لفتح داغستان في القرن السابع، وخلال حكم الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، تم إنشاء قاعدة في ميناء دربند في النصف الأول من القرن الثامن.

خلال القرون الرابع والخامس، كانت داغستان جزءاً من الدولة الألبانية القوقازية، وكانت المنطقة تعرف بانتشار المسيحية في مناطقها الساحلية والجبلية. عندما وصل العرب إلى هذه المنطقة، اعتنق عدد من القبائل الإسلام، واستمرت عملية تحول باقي القبائل إلى الإسلام حتى القرن السادس عشر وما بعده.

أقام العرب المسلمون تحصينات في دربند للحماية من هجمات الخزر، وأسهمت الهجرات الواسعة من المشرق العربي في وجود ثقافي عربي دائم في المنطقة.

استقر عدد كبير من العائلات العربية في داغستان، وتم نشر اللغة العربية وثقافتها بفضل انتشار الإسلام منذ القرن السابع حتى القرن السادس عشر.

منذ القرون المبكرة، استقرت عشرات الآلاف من العائلات القادمة من العراق وسوريا والجزيرة العربية ومناطق أخرى في دربند وجنوب داغستان، حيث كانت هذه المنطقة تجذب المهاجرين العرب بشكل كبير، كما شهدت داغستان نشراً واسعاً للإسلام واللغة العربية، وتأسيس مدارس ومكاتب لتعليم اللغة العربية كلغة دينية وعلمية.

تطورت اللغة العربية كوسيلة اتصال رئيسية في داغستان، بينما وصلت المخطوطات من المشرق العربي وشارك الداغستانيون في نسخها وتأليفها. منذ القرن العاشر، كانت الداغستانيون يكتبون مخطوطات باللغة العربية، ما جعلها لغة وسيطة هامة لفترة طويلة بين شعوب داغستان المتعددة ولغاتهم المختلفة.

المعالم التاريخية
تتمتع البلاد بغنى المعالم التاريخية والمباني القديمة التي تشكل جزءاً أساسياً من تراثها الثقافي، ومن بين هذه المعالم:

*مدينة دربند: تُعد أقدم مدن المنطقة، حيث يعود تاريخها لنحو خمسة آلاف عام. تضم في طياتها قلعة نارين، التي شُيدت في العصور الوسطى، وتعد أحد المعالم الرئيسية للمدينة. كما يوجد في دربند أقدم مسجد في روسيا، المعروف باسم مسجد قرة محج، الذي بُني عام 733 م. *مسجد قرة محج في قلعة نارين: يُعد أحد رموز السياحة في داغستان، ويُعتبر من أكبر المساجد في أوروبا، حيث بُني في التسعينيات من القرن العشرين، ويجذب الزوار بفخامته وجماله المعماري. *قلعة نارين: تاريخية وعريقة، بُنيت قلعة نارين قبل أكثر من ألفي عام، وكانت تُستخدم كحصن عسكري عبر العصور، وشهدت تدميرها وإعادة بنائها عدة مرات خلال تاريخها المضطرب. تم تجديدها وإعادة ترميمها لتصبح موقعاً متميزاً للزيارة، وقد أدرجتها منظمة اليونسكو ضمن قائمة مواقع التراث العالمي.

هذه المعالم تعكس غنى التاريخ والثقافة في داغستان، وتجذب الزوار من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بجمالها وتنوعها الثقافي.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: اللغة العربیة فی داغستان محج قلعة

إقرأ أيضاً:

ماذا تعرف عن المرشحين للانتخابات الرئاسية في إيران؟

يتنافس ستة مرشحين هم خمسة محافظين وإصلاحي، في الانتخابات الرئاسية المقررة الجمعة في إيران لاختيار خلف لإبراهيم رئيسي الذي قتل في حادث تحطم مروحية في 19 مايو.

 محمد باقر قاليباف محمد باقر قاليباف

يعد محمد باقر قاليباف (62 عاما) أحد أشهر السياسيين الإيرانيين.

يترأس المرشح المحافظ المولود في 23 سبتمبر 1961 قرب مدينة مشهد، البرلمان الإيراني منذ 2020 وأعيد انتخابه في منصبه مؤخرا بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في مارس.

وترشح رئيس البلدية السابق لطهران (2005-2017)، ثلاث مرات للانتخابات الرئاسية.

وقبل انخراطه في السياسة، خدم قاليباف في الحرس الثوري الإيراني لا سيما خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988). وفي العام 1997، عينه المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي قائدا للقوات الجوية في الحرس الثوري ثم في العام 2000 قائدا للقوات الأمنية.

 أمير-حسين غازي زاده-هاشمي 

أمير-حسين غازي زاده-هاشمي (53 عاما) من المحافظين المتشددين ومدافع شرس عن الحكومة الحالية.

شغل الطبيب المولود في 14 أبريل 1971 منصب نائب رئيس في عهد رئيسي ويدير حاليا مؤسسة الشهداء والمحاربين القدامى بعدما كان نائبا عن مدينة مشهد لأربع ولايات متتالية.

وترشح للانتخابات الرئاسية في العام 2021 وحصل على نحو 3.5 في المئة من الأصوات.

سعيد جليلي  سعيد جليلي

يعتبر سعيد جليلي (58 عاما) من المحافظين المتشددين المعادين للتقارب مع الدول الغربية.

ولد في مشهد في السادس من سبتمبر 1965 وهو واحد من الممثلين للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي.

وكان هذا الدبلوماسي من قدامى المحاربين في الحرب العراقية الإيرانية التي بترت خلالها إحدى قدميه، وقاد المفاوضات بشأن النووي الإيراني، مظهرا عدم مرونة أمام الغربيين. وندد لاحقا بالاتفاق النووي الذي أبرم في العام 2015 في عهد الرئيس السابق حسن روحاني.

ترشح للانتخابات الرئاسية في 2013، ومجددا في 2017 لكنه انسحب لدعم رئيسي.

مسعود بازشكيان  مسعود بازشكيان

هو الأكبر سنا (69 عاما) من بين المرشحين للانتخابات الرئاسية والمرشح الوحيد الذي يمثل التيار الإصلاحي.

يمثل الطبيب الجراح ذو الأصول الأذرية والمولود في 29 سبتمبر 1954، مدينة تبريز في البرلمان.

شغل منصب وزير الصحة في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي بين أغسطس 2001 وأغسطس 2005. وهو معروف بصراحته.

واستبعد من السباق الرئاسي في العام 2021.

مصطفى بور محمدي  مصطفى بور محمدي

هو رجل الدين الوحيد المرشح في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.

تولى المحافظ المخضرم في السياسة الإيرانية والمولود في 23 ديسمبر 1959 في مدينة قم، مناصب في وزارة الاستخبارات والأمن الوطني.

وأصبح بعد ذلك وزيرا للداخلية في عهد محمود أحمدي نجاد (2005 - 2008) ثم وزيرا للعدل في عهد حسن روحاني بين عامي 2013 و2017.

علي رضا زاكاني  علي رضا زاكاني

يشغل المحافظ المتشدد علي رضا زاكاني (58 عاما) منصب رئيس بلدية طهران منذ أغسطس 2021.

كان زاكاني المولود في الثاني من أبريل 1965 في طهران، قد ترشح للانتخابات الرئاسية في 2021 قبل أن ينسحب لصالح رئيسي، وذلك بعدما استبعد من السباق الرئاسي عامَي 2013 و2017.

وكان كذلك نائبا لأربع ولايات، ممثلا مدينة قم المقدسة ثم العاصمة طهران.

وانتقد الاتفاق النووي الذي أبرم في العام 2015.

مقالات مشابهة

  • ماذا تعرف عن “أطفال أوزمبيك”؟
  • كاتب إسرائيلي يبدي خشيته من تحوّل جنين والضفة إلى جبهة حرب رئيسية
  • روسيا.. العثور على مخطوطة باللغتين العربية واليونانية تعود إلى القرن الـ15
  • عكاشة: معالجة صراعات المنطقة مسؤولية جماعية
  • أزهر سوهاج يتفقد اختبارات رواق العلوم العربية والشرعية ورواق الطفل
  • تعرف على الفرق بين المعاهد الأزهرية النموذجية والعادية 2024
  • محج قلعة.. عاصمة داغستان وحصن إسلامي داخل روسيا
  • ماذا تعرف عن المرشحين للانتخابات الرئاسية في إيران؟
  • مقتل جندي بإطلاق نار في المنطقة العسكرية العازلة جنوب تونس
  • هجوم "داغستان" يعكس فشل بوتين في مكافحة الإرهاب ببلاده.. وباحثون يطرحون السبب