ذات أغلبية مسلمة والعربية وسيلة اتصال رئيسية فيها.. ماذا تعرف عن داغستان؟
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
السومرية نيوز – دوليات
أثارت هجمات على مراكز للشرطة وكنائس في جمهورية داغستان الروسية شمال القوقاز، مساء الأحد يونيو/حزيران 2024، والتي أسفرت عن مقتل 19 ضابط شرطة والعديد من المدنيين، فضلاً عن خمسة مسلحين أُعلن الحداد إثرها لمدة ثلاثة أيام في داغستان، تساؤلات عديدة حول هذه الجمهورية الذاتية التي تقع ضمن الاتحاد الروسي في شمال القوقاز على ضفاف بحر قزوين.
وداغستان جمهورية ذات أغلبية مسلمة، يعني اسمها "أرض الجبال" باللغة التركية، وعاصمتها محج قلعة.
جغرافيا داغستان الفريدة
تقع داغستان على الشاطئ الأوروبي لبحر قزوين، في الجزء الجنوبي الأوروبي من روسيا الاتحادية، وتغطي مساحة تقارب 50 ألف كيلومتر مربع. تشكل سلسلة جبال القوقاز معظم تضاريسها؛ ما يضفي على المنطقة طابعاً جبلياً فريداً.
ويعود اسم "داغستان" -وفق بعض الروايات- إلى اللغة التركية، حيث يعني "بلاد الجبال".
تحد داغستان من الجنوب والجنوب الغربي جمهوريتا أذربيجان وجورجيا، ومن الغرب والشمال تحدها جمهورية الشيشان، وإقليم ستافروبول، وجمهورية قلميقيا.
ويمثل موقع الجمهورية أهمية استراتيجية لكونها حلقة وصل بين روسيا وآسيا الوسطى وتركيا وإيران. وبفضل طبيعتها الجبلية، تحتوي داغستان على مئات الأنهار والينابيع، نهر سولاك هو أحد أهم الأنهار، ويعتبر مصدراً رئيسياً للطاقة الكهرومائية.
وتمتد سواحل البلاد على بحر قزوين، حيث يقع العديد من المستنقعات والمناطق الرطبة. وتوفر هذه السواحل بيئة مهمة لأنواع عديدة من الطيور المهاجرة والأسماك، ويشكل ميناء محج قلعة نقطة رئيسية للتجارة والصيد البحري.
التنوع العرقي واللغوي في داغستان
وفقاً لموسوعة BRITANNICA تتمتع البلاد بتنوع عرقي كبير، حيث تضم حوالي 30 مجموعة عرقية و81 جنسية، يتحدث معظمهم اللغات القوقازية أو التركية أو الإيرانية. أكبر هذه المجموعات العرقية هي الآفار، والروس، والدارجين، والكوميك، والليزجين، الذين يشكلون معاً الجزء الأكبر من السكان. أما المدن الرئيسية في الجمهورية فهي محج قلعة، ديربنت، كيسليار، إزبيرباش، وبويناكسك.
الصناعات المتنوعة
تتميز البلاد بثرائها في الموارد الطبيعية، حيث تحتوي على احتياطيات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي. بالإضافة إلى ذلك، توجد رواسب من الفحم وخام الحديد والمعادن غير الحديدية والمعادن النادرة، إلا أن التضاريس الوعرة للجمهورية تعرقل بشكل كبير عملية تطوير مواردها المعدنية واستغلال الطاقة الكهرومائية.
يتركز النشاط الصناعي بشكل أساسي على موارد النفط والغاز الطبيعي، خصوصاً في السهل الساحلي بالقرب من محج قلعة وإزبرباش، وتشمل الصناعات الأخرى هندسة الطاقة، وإنتاج مواد البناء، وصناعة الأخشاب، والزجاج، وتجهيز الأغذية. وتُعتبر صناعة الحديد وصناعة السجاد من الحرف التقليدية المعروفة في المنطقة.
ويعتمد غالبية سكان الجمهورية على الزراعة كمصدر رئيسي للرزق، مع التركيز بشكل خاص على تربية الماشية؛ نظراً لأن 15% فقط من أراضي الجمهورية صالحة للزراعة، حيثُ تُربّى الأغنام بكثافة في هذه المنطقة.
ويتم ري سفوح التلال، وكذلك منطقة دلتا نهر تيريك والسهل الساحلي، لزراعة الخضروات والفواكه مثل الكرز والمشمش والتفاح والكمثرى والبطيخ. أما المحاصيل الحبوب الرئيسية فهي القمح والذرة والأرز (خاصة في دلتا تيريك).
تاريخها
بحسب موسوعة NEW WORLD ENCYCLOPEDIA، تأتي أقدم السجلات المكتوبة عن تاريخ البلاد من جورجيا وأرمينيا القديمتين، حيث عاش السكان في مناطق نائية صعبة الوصول، لكنهم لم يُحموا من الغزاة بفضل العزلة.
السكيثيون، أمة من الرعاة الرحل الذين يتحدثون اللغات الإيرانية، سيطروا على سهول بونتيك بين حوالي 770 قبل الميلاد والقرن الثالث قبل الميلاد. زاد ازدهارهم من التجارة بين الشمال واليونان، وعبروا عن تنوعهم الاقتصادي بزراعة الحبوب والتجارة بالمنتجات الأخرى.
السارماتيون، شعب إيراني أصلي، هاجروا من آسيا الوسطى إلى جبال الأورال في القرن الخامس قبل الميلاد، ثم استقروا في جنوب أوروبا وشرق البلقان. تحالفوا مع الهونن وهو شعب من الرحل عاش في آسيا الوسطى وازدهروا في القرن الرابع الميلادي، ووصفهم هيرودوت بأنهم شقر وبدينون.
الألبان القوقازيون، جزء من الشعوب الأيبيرية القوقازية، كانوا السكان الأصليين لجنوب الجمهورية وأذربيجان الحديثة، وعاشوا تحت سيطرة إمارات متعددة مثل إمارة دربند وشيروان منذ القرن الثامن.
تعرضت ألبانيا القوقازية للغزوات المتكررة، بما في ذلك من الرومان والساسانيين والسلجوقيين، ما أدى إلى تأثيرات كبيرة على السكان المحليين والثقافة في المنطقة.
هذه المجتمعات المختلفة تركت أثراً في تاريخ داغستان رغم التحديات التي واجهتها المنطقة بسبب العزلة الجغرافية.
المحاولات العربية لفتح داغستان
تمتلك داغستان تاريخاً طويلاً من التأثيرات الثقافية والدينية التي بدأت منذ القرون الأولى للإسلام. بدأت المحاولات العربية لفتح داغستان في القرن السابع، وخلال حكم الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، تم إنشاء قاعدة في ميناء دربند في النصف الأول من القرن الثامن.
خلال القرون الرابع والخامس، كانت داغستان جزءاً من الدولة الألبانية القوقازية، وكانت المنطقة تعرف بانتشار المسيحية في مناطقها الساحلية والجبلية. عندما وصل العرب إلى هذه المنطقة، اعتنق عدد من القبائل الإسلام، واستمرت عملية تحول باقي القبائل إلى الإسلام حتى القرن السادس عشر وما بعده.
أقام العرب المسلمون تحصينات في دربند للحماية من هجمات الخزر، وأسهمت الهجرات الواسعة من المشرق العربي في وجود ثقافي عربي دائم في المنطقة.
استقر عدد كبير من العائلات العربية في داغستان، وتم نشر اللغة العربية وثقافتها بفضل انتشار الإسلام منذ القرن السابع حتى القرن السادس عشر.
منذ القرون المبكرة، استقرت عشرات الآلاف من العائلات القادمة من العراق وسوريا والجزيرة العربية ومناطق أخرى في دربند وجنوب داغستان، حيث كانت هذه المنطقة تجذب المهاجرين العرب بشكل كبير، كما شهدت داغستان نشراً واسعاً للإسلام واللغة العربية، وتأسيس مدارس ومكاتب لتعليم اللغة العربية كلغة دينية وعلمية.
تطورت اللغة العربية كوسيلة اتصال رئيسية في داغستان، بينما وصلت المخطوطات من المشرق العربي وشارك الداغستانيون في نسخها وتأليفها. منذ القرن العاشر، كانت الداغستانيون يكتبون مخطوطات باللغة العربية، ما جعلها لغة وسيطة هامة لفترة طويلة بين شعوب داغستان المتعددة ولغاتهم المختلفة.
المعالم التاريخية
تتمتع البلاد بغنى المعالم التاريخية والمباني القديمة التي تشكل جزءاً أساسياً من تراثها الثقافي، ومن بين هذه المعالم:
*مدينة دربند: تُعد أقدم مدن المنطقة، حيث يعود تاريخها لنحو خمسة آلاف عام. تضم في طياتها قلعة نارين، التي شُيدت في العصور الوسطى، وتعد أحد المعالم الرئيسية للمدينة. كما يوجد في دربند أقدم مسجد في روسيا، المعروف باسم مسجد قرة محج، الذي بُني عام 733 م. *مسجد قرة محج في قلعة نارين: يُعد أحد رموز السياحة في داغستان، ويُعتبر من أكبر المساجد في أوروبا، حيث بُني في التسعينيات من القرن العشرين، ويجذب الزوار بفخامته وجماله المعماري. *قلعة نارين: تاريخية وعريقة، بُنيت قلعة نارين قبل أكثر من ألفي عام، وكانت تُستخدم كحصن عسكري عبر العصور، وشهدت تدميرها وإعادة بنائها عدة مرات خلال تاريخها المضطرب. تم تجديدها وإعادة ترميمها لتصبح موقعاً متميزاً للزيارة، وقد أدرجتها منظمة اليونسكو ضمن قائمة مواقع التراث العالمي.
هذه المعالم تعكس غنى التاريخ والثقافة في داغستان، وتجذب الزوار من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بجمالها وتنوعها الثقافي.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: اللغة العربیة فی داغستان محج قلعة
إقرأ أيضاً:
تعرف على الدول العربية المتضررة كثيرا من رسوم ترامب الجمركية.. اليمن منها؟
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (سي إن إن)
في كشفٍ جديد يسلط الضوء على تأثير السياسات الاقتصادية الأمريكية على المنطقة العربية، أعلنت منظمة "الإسكوا" (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا) عن الدول العربية الأكثر تضرراً من الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
هذه الرسوم، التي طالت العديد من القطاعات التجارية العالمية، أثرت بشكل كبير على الاقتصاد العربي، إذ كان لها تداعيات سلبية على صادرات الدول العربية وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً أسرار المرحلة الانتقالية في سوريا: الشرع يكشف "الملفات الثلاثة الأخطر" وجنسية للمقاتلين الأجانب؟ 23 أبريل، 2025 انهيار غير مسبوق.. الريال اليمني يقترب من القاع في عدن خلال تعاملات اليوم 23 أبريل، 2025
تراجع حاد في الصادرات:
وبحسب تقرير منظمة "الإسكوا"، فإن قيمة الصادرات العربية إلى الولايات المتحدة شهدت تراجعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث انخفضت من 91 مليار دولار في عام 2013 إلى 48 مليار دولار في عام 2024.
هذا التراجع الكبير انعكس على حصّة السوق الأمريكية من إجمالي الصادرات العربية، التي تراجعت من 6% إلى 3.5%.
ويؤكد الخبراء أن هذه الرسوم الجمركية كانت بمثابة "ضربة اقتصادية" دفعت الدول العربية إلى إعادة التفكير في استراتيجياتها التجارية العالمية.
الدول الأكثر تضرراً:
الإمارات: السوق التجارية في خطر
تعتبر الإمارات من أبرز الدول التي تأثرت بشكل كبير من الرسوم الجمركية الأمريكية، خاصة في مجال إعادة التصدير. ووفقاً للتقرير، فقد تكبدت الإمارات خسائر تقدر بحوالي 10 مليارات دولار نتيجة هذه الرسوم، مما أثر بشكل كبير على تجارتها العالمية مع الولايات المتحدة.
البحرين: صدمة في قطاع الألمنيوم والكيماويات
البحرين، التي تعتمد بشكل كبير على تصدير الألمنيوم والكيماويات إلى السوق الأمريكية، تأثرت بشكل غير مسبوق من الرسوم المفروضة. إذ أظهرت البيانات أن البحرين فقدت جزءاً كبيراً من حصتها في السوق الأمريكية، ما أثر سلباً على اقتصادها الوطني.
الأردن: 25% من صادراتها في خطر
من بين الدول الأكثر تأثراً، يأتي الأردن الذي يعتبر السوق الأمريكي أحد أبرز وجهات صادراته. تشكل صادراته إلى الولايات المتحدة حوالي 25% من إجمالي صادراته العالمية، مما يجعله عرضة بشكل خاص لتداعيات هذه الرسوم. وقد أشار التقرير إلى أن هذا التراجع كان له تأثير مباشر على العديد من القطاعات الاقتصادية في المملكة.
دول أخرى متضررة:
تأثرت عدة دول عربية أخرى بشكل جزئي من هذه الرسوم، مثل مصر التي تضررت من انخفاض طلب السوق الأمريكي على المنتجات المصرية، ولبنان الذي شهد انخفاضاً في صادراته، بالإضافة إلى المغرب وتونس اللتين تأثرتا بشكل كبير في مجالات عدة كالزراعة والصناعات التحويلية.
تداعيات اقتصادية عميقة:
لا يقتصر تأثير الرسوم الجمركية على تقليص الصادرات فحسب، بل يمتد إلى إعادة ترتيب العلاقات التجارية بين الدول العربية والولايات المتحدة. فقد دفع هذا التراجع الاقتصادي الحكومات العربية إلى البحث عن أسواق جديدة وزيادة التنوع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكية.
خطوات استباقية وتكيفات تجارية:
في ضوء هذه التحديات، بدأت الدول العربية في اتخاذ إجراءات استباقية لتعويض الخسائر الناجمة عن الرسوم الجمركية. حيث كثّفت بعض الدول من جهودها لتعزيز علاقاتها التجارية مع أسواق أخرى مثل الاتحاد الأوروبي والصين، كما سعت إلى تحسين بيئة الأعمال المحلية لجذب الاستثمارات الأجنبية.