أن أهنأ إلى جانبه هيهات …زوجي رهين ماضيه والذكريات
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
سيدتي، إسمحيلي قبل أن استفيض في بث ما يؤلمني ويوجع قلبي أن أحيي قراء منبر قلوب حائرة وأهنأك على هذا الصرح الذي بينته منذ أزيد من عقد من الزمن تحت لواء الثقة والتقدير، تقديرك لقراءك ومتابعينك، وتقدير كل من يزور هذا المنبر من باب طلب النصح والإرشاد.
سيدتي، كنت في الأمس القريب شعلة من الحيوية والنشاط، أحب نفسي وأبث الحب فيمن حولي لدرجة لا يمكن تصورها، صحيح أنني كنت أحيا من الهموم ما كاد يفقدني الأمل في الحياة، خاصة بعد تأخر قطار الزواج نوعا ما عن حملي إلى عش الزوجية، ففوضت أمري إلى الله وصبرت إلى أن جاءني ما كنت أتمناه.
زوج صالح صادق محب، غنمت به قبل أن يجتثني اليأس ويقهرني الأسى ،قصد باب بيتنا خاطبا معربا أنه يريد له زوجة صالحة وأما لإبنيه اليتيمين. لم أكن لأفوت الفرصة وقبلت وكان من نصيبي حفل زفاف مخلد وغنمت بزوج يشهد الله أن لم يمسسني بشيء من الشر، إلا أنني وفي غمرة فرحتي لمست ما أهلكني.
لا أخفيك سيدتي أن زوجي من النوع المحب المتعقل، شخص طيب إلى أقصى درجة إلا أنه لا زال متعلقا بزوجته المتوفية، فهو لم يتخلص من ذكرياتها إلى غاية اليوم بالرغم من أنني إنسانة حذقة جميلة و أجيد التعامل وأحيا على مبدأ أن لا يكون مروري بين الناس مرور الكرام.
غيرة كبيرة تتملكني وأنا أجد زوجي في كل مرة يستذكر فيها مآثر زوجته على مسامعي، فيثني تارة على طبخها وتارة أخرى على ذوقها، وأحايين كثيرة على أخلاقها وروحها، هذا ما يستفزني ويجعلني أحسّ بأنني لن أستسيغ طعم السعادة بهذه الطريقة.
أريد أن أنتفض وأعبر عما يؤلمني، فالماضي أفل ومات ولا يمكنه للأموات أن يعودا للعيش بيننا ، فكيف لي أن أفهم زوجي هذه الفكرة؟ وكيف لي أن أتخلص من اثر غريمة هي اليوم في عداد الأموات.
غيرتي طبيعية، وأظنني محقة في أن أطالب بالسلام الداخلي لقلبي الجميل، فماذا أفعل سيدتي؟
أختكم .مريم من الوسط الجزائري.
الرد:من الصعب على الشخص الوفي أن ينسى العشرة أو يتنكر لها، وهذه الشيمة نادرا ما نجدها في وقتنا هذا.
أحييك أختاه على روحك الطيبة وعلى نبل أخلاقك وحسن تصرفك، حيث أنك وفي عزّ الأزمة إتّسمت بالرزانة ورجاحة العقل، وهذه أيضا من الشيم النبيلة التي ندرت في زمننا هذا.
أحس بما تكابدينه، خاصة وأنك في بداية زواجك، وأرى أنه عليك التريث قليلا قبل ان تحكمي على حياتك الزوجية بأنه لا مكان للسعادة فيها، أو من أن زوجك يستقصد بتصرفه هذا إهانتك أو الدّوس على كرامتك.
ومن خلال ما ذكرته، أحس من أن زوجك لم يتجاوز حزنه في فقدان من وهبته إبنين خلفتهما اليوم يتيمين وغادرت إلى جوار ربها، كما أنني أحسّ أن زوجك ومن فرط إحساسه بقدرك وسعة صدرك لم يجد بدّا سوى أن يكون أمامك على سجيته، فيروي على مسامعك مآثر زوجة لم يعد لها وجود، فلما الغيرة ولما التجهم؟
عليك أختاه أن تحاولي إبراء جرح زوجك الذي لم يهنك ولم يدس لك على طرف من خلال خدمته والسهر على راحة أبنائه الذين أحس بأنك حريصة عليها بعد ان قبلت بهذا الزواج ومن أنك تبتغين وجه الله في الإحسان إلى يتيمين. لا تمتعضي من فضفضات زوجك ولا تتأففي منها فالقلب المجروح ينزف ويئن ويبكي من دون أي ضغط.
تغلبي على مخاوف لا يجب أن تكون عنوانا لحياتك، وتجاوزي فكرة أن لك غريمة تزاحمك على قلب زوجك، ولتبني سعادتك وسعادة زوجك بالأسس التي بدأت بها زواجك .تعقلي ولا تحاسبي زوجك على مجرد كلمات كان لوقعها أثر سلبي على قلبك ولتدركي أنه ولولا الماضي لن يكون هناك حاضر أومستقبل، غيرتك طبيعية، ولكن لا يجب أن تتجاوز حدودها وتنقلب إلى ضدها لتقلب حياتك رأسا على عقب.
وفقك الله أختاه إلى ما يحبه ويرضاه ودت قارئة وفية لمنبرنا.
ردت: “ب.س”
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
للهلع مفاعيل… تبون يُشرِع أبواب الجزائر أمام ترامب
بقلم : د. طالع السعود الأطلسي
القيادة الجزائرية ضيّقت على “عقلها الاستراتيجي” موارد تغذيته حين جعلت من حساسيته تجاه المغرب المجال المحوري، لدوران موَلِّداتِه. كتبتُ، وكتبَ غيْري، مِرارا، أن تلك ليست حالة عرضية أو مجرد انفعالات مُتقطعة ومُتفرقة، بل هي خلل في تركيبة ذلك “العقل” منذ نشأته و”تجهيزه” في معامِل حكومات “جبهة التحرير” الأولى، بُعيدٓ استقلال الجزائر، وإلى اليوم، القيادة الجزائرية، بشقَّيْها، الظاهر المُعتلي لمنصات الرئاسة والحكومة، والشق المتواري، المهم، المشَكَّل من جنرالات أركان الجيش وامتداداتهم في الأمن والمخابرات، تُواصل تمرين “تفكيرها” السياسي على المرور إلى العالم من معبر المغرب… تعوّدتْ أن يكون حقدها على المغرب هو وقود “عقلها” في ترتيب حاجات وأولويات علاقاتها مع دوَل العالم… وحتى في تدبير شؤونها الداخلية الاجتماعية...
هي حكاية قديمة، أدمنت عليها قيادة الجزائر… يطول الحديث فيها، والبراهين عليها مُتوَفِّرة، بل متدفقة من بين شقوق السياسات الجزائرية، وهي كثيرة… نجم عن ذلك أن تلك القيادة انشغلت بمحاولات الحدّ من تفوّق المغرب، بتاريخه العريق، بممكناته البشرية والطبيعية وبتقدّمه في مساره التنموي… والأهم بقيادته الملكية المتبصرة، وهي التي نهجت سياسات مُنتجة للتقدّم اجتماعيا واقتصاديا،وحكيمة، منفتحة وواقعية في علاقات المغرب الخارجية… تلك المحاولات انتظمت في سياسات مُشبعة بالحقد ليس إلا، وأهدرت لعقود فُرص القيادة الجزائرية بأن تكون مفيدة أوّلا وأخيرا لشعبها ولتقدّم الجزائر…
لعقود وتلك القيادة “تستثمر” عائدات الطاقة الأحفورية الضّخمة والمقدرة بعشرات الملايير من الدولارات سنويا (مُعدل مبيعات الجزائر من البترول والغاز في السنوات الأخيرة حوالي 50 مليار دولار أمريكي) فيما لا ينفع الجزائر، ولا يُفيد شعبَها ولا يبقى في أرضها… والاستثمار هنا ليست الكلمة المناسبة، بالأصح، تنفقها، أو تبذرها في اتجاهين… اتجاه إفادة جنرالات القيادة من ذلك الريع وتأمين اغتنائهم منه، فيما يشبه “أتعاب” تحمُّلهم “مَشاق” القيادة، أو هي “جِزية” من الشعب الجزائري لهم، يقتطعونها بأنفسهم. وكان الرعيل الأول منهم سنوات ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وزع الغنيمة على “شلته” بأن كان للجزائر جنرال الرّمل وجنرال البنِّ وجنرال الساعات وجنرال النسيج وجنرال الاسمنت وجنرال المشروبات الكحولية إلى غير ذلك من المواد، التي، في أغلب الحالات، الدولة هي التي كانت تحتكر استيرادها أو إنتاجها وتوزيعها. في نوع من “اشتراكية الدولة” هجينة، مائعة ومكذوب عليها، لتكون الاسم المستعار للنهب…
الاتجاه الآخر الذي امتص ويمتص ملايير من الريع البترولي الجزائري، هو تشغيل القيادة المفرط لآليات الدَّولة وسياستها تربُّصا بالمغرب ومُشاغبَة ضده والتآمر عليه… بدءًا من شجع القيادة في التسلح وشحن الثكنات بالأخضر واليابس من السلاح الروسي، أساسا، وإلى حد التخمة، المُضيعة للفطنة، بِعِلّة الاستعداد للتصدي للعدوّ المغربي، وهي ما تبرر به القيادة العسكرية حكمها للجزائر وامتصاصها لثروات البلد، ليس إلا… فهي تعرف أن المغرب لن يُبادِر أبدًا بالهجوم على الشقيقة الجزائر، لأنه دائما وأبدا يقدر الأخوة مع الشعب الجزائري… وقد كان للمغرب، دولة وشعبا، إسهامه، المثبت في التاريخ، في انتصار الكفاح التحرري الجزائري من الاستعمار. والمغرب لا يضمر للجزائر إلا الخير، ويدعو قيادتها، بإلحاح وسبق إصرار، إلى التفاهُم والتضامُن والتعاوُن… لأن المغرب، فضلا عن اعتبارات الأخوة وحسن الجوار، يُلحُّ على المصلحة الواقعية للبلديْن في التعاون والتكامل ثنائيا وفي الإطارالمغاربي الأعمّ… القيادة الجزائرية تعرف ذلك وتتجاهله وتتعامى عنه لأنها تسعى أن تستفز في المغرب عدوانية لتبرِّر عُدوانيتها وتؤججها… وفي جانب من هذا السلوك ما لا يُحلِّله إلا المختصون في علم النفس السياسي،والمرضي خاصة منه… لذلك السفَه في الانفاق العدواني ضد المغرب، بالملايير السائلة مَصبّات أخرى، رديفة، في الرشوة “الديبلوماسية” مع بعض الدول الإفريقية، لاستمالتها لصالح الجزائر…. وهي ممارسة “عريقة” لدى القيادة الجزائرية منذ ستينيات القرن الماضي. رشوة بأشكال متنوِّعة، منها النقدي في حقائب ومنها العيني الملفوف في زعم “تعاون” اقتصادي وتجاري…
التآمر الاستخباراتي، العملياتي والدعائي مجرى آخر لنزيف عائدات ثروة الجزائر النفطية والغازية… والجزء الأكبر من ذلك الهدر يذهب إلى إعاشة البوليساريو، خاصة بعد انقطاع التحمّل المالي الليبي لها منذ 1984، لمّا وقّع العقيد القذافي مُعاهدة وجدة مع الملك الحسن الثاني… إعاشة البوليساريو في مُخيّمات تندوف والتكفُّل بمستلزمات تحكريك قادتها وممثليهم وأعوانهم ومليشياتها ضد المغرب. ويذهب جزء آخر من استنزاف المخابرات الجزائرية للرصيد المالي الوطني إلى التّحريض ضد المغرب دعائيا، عبر رعاية تناسل الذباب الإلكتروني المعادي للمغرب، ودعْمه بالحمَلات الإعلامية، خاصة في الإعلام الجزائري وإنطاق عُمَلاء في بعض المواقع الغربية، ومنها لمُرتزقة مَغاربة لفظتهم مخابرات عدة دول لنتانتهم…
أهملت قيادة الجزائر شعبها وأبقته في وضعية خصاصات سياسية، اقتصادية واجتماعية مُتعدِّدة ومُريعة… تحتاج إلى إرادة وجُهد حثيث لسدها من حيث الحريات وتحرر الاقتصاد الوطني من “أسر” الريع البترولي (90% من صادرات الجزائر مواد نفطية) واستدامة توفير المواد الغذائية الضرورية هيكليا، فضلا على ملائمة الاقتصاد الوطني مع تطورات الاقتصادات الإفريقية الصاعدة ومن بينها اقتصاد المغرب، الذي يؤرق تطوره قيادة الجزائر…
قيادة الجزائر انقادت “غريزيا”، مع انْفعالات مُعاداتها للمغرب، وخاصمَت بل واسْتَعْدَتْ، مجّانا، دولاً عدة، أهمها الإمارات العربية وفرنسا وقبلهما إسبانيا، بسبب المغرب. وهي اليوم في حالة توتر، صامت، مع موريتانيا أيضا بسبب المغرب، وحالة عداوة مُعْلَنة مع النيجر ومالي، ما يجعل البلَد في وضعية تشنُّج مع مُحيطه الجيوسياسي، بينما قيادته تكابِر بأنها “قوة ضاربة” و”فاعل محوري” في الاستقرار والسلم والتعاون في المنطقة. الوقائع وحدَها تبطل الادِّعاء.
خسارات قيادة الجزائر من “انشغالها” المرضي بالمغرب كبيرة… خسارات تُوَسِّع الفارق بينها وبين المغرب. المغرب راكم من التطورات في مساره التنموي درجات نوعية، بينما تغتاض قيادة الجزائر من ذلك، وتواصل تخبُّطها في محاولات اللحاق به، أو حين تسعى إلى تدارك تشنجاتها مع دول انحازت إلى عدالة القضية الوطنية المغربية.
لن أقف هنا عند أزمة الجزائر مع إسبانيا، بسبب موقفها من المغرب وكيف أن قيادة الجزائر لحست غضبها من إسبانيا وتجاهلت سببه، لتستجدي وِدّ إسبانيا… وما مصير أزمتها الحادة اليوم مع فرنسا إلا على شاكلة ما حدث مع إسبانيا… الأزمة مع فرنسا تبدو حادة غير أن مؤشرات كثيرة في الإعلام الجزائري تكشف عن أمل جزائري في تجاوزها… الإعلام الجزائري هذه الأيام ينقب في تصريحات المسؤولين الفرنسيين عن أي بارقة تهدئة… فرنسا تسكن مخيِّخ القيادة الجزائرية، ولن تصبر على تجاهلها لفائدة المغرب... سنرى قريبا فصلا جديدا من اللهاث الجزائري وراء فرنسا…
وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في واشنطن سُمع وقعه مُزَلْزلاً في قصر المرادية بالجزائر… وتملِك الجزائر أكثر من سبب للارتياب من نظر ترامب جهتها… والمغرب وصِلة ترامب به في أساس ذلك الارتياب أو ذلك الهلع…
هذه المرة استبقت قيادة الجزائر احتمال هبوب “الترامبية” عليها، وكلفت سفيرها في واشنطن (الوزير الأسبق للخارجية) صبري أبوقدوم، بأن يعرض على ترامب “السماء حدودا للتعاون بين البلدين”… والتعاون هنا كلمة لا تقول الواقع… الواقع أن الجزائر تُهدي نفسها لأمريكا… السفير في حوار صحفي (أقرب إلى منشور العلاقات العامة منه إلى حوار صحفي) مع موقع أمريكي، تمنى أن تبيع أمريكا السلاح للجزائر، وعرض عليها منحها مساحات أرضية حسب حاجتها وحرّضها للدخول إلى إفريقيا عبر البوابة الجزائرية ضدَّ الحضور الروسي فيها… وأشْرع لتعاون الجزائر مع أمريكا ليس مجرد أبواب، لا، بل فتح لها “السماء حدودا”…
كانت الجزائر وهي تسير، تغمز بشارة الانعراج إلى اليسار بينما هي تتجه يمينا… كانت توظف لغة “مُتيَاسرة” بينما هي أعجز من أن تكون في مستواها… اليوم تعلن عن استعدادها للتخلي حتى عن قناع المكابرة والشعاراتية… تنحني “للترامبية” قبل هزيزها عليها… مجرد تخيلها لما هي ذاهبة إليه من بَرد عزلة أضيق أرعبها… فتحت لترامب السماء، فقط لأنها ضد المغرب،مسكونة بالعداء، ولله في دًوله أو ما يشبهها شؤون… وكان الله في عون الشعب الجزائري.