في الشكل قبل المضمون، أثار تقرير صحيفة التلغراف البريطانية، وما تضمّنه من مزاعم حول تخزين "حزب الله" كميات هائلة من الأسلحة والصواريخ والمتفجّرات في مطار بيروت، وعن "صناديق كبيرة غامضة تصل إلى المطار على متن رحلات جوية مباشرة من إيران"، جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية، ولا سيما أنّه جاء في توقيت حسّاس، تتصاعد معه التهديدات الإسرائيلية ضدّ لبنان، وصولاً لحدّ قرع طبول الحرب على أكثر من مستوى.


 
سريعًا، تعاملت السلطات الرسمية مع التقرير الذي وُصِف بالخطير بكلّ جدّية، فعقد وزير الأشغال العامة علي حمية مؤتمرًا صحفيًا في اليوم نفسه، قبل أن يدعو باسم الحكومة اللبنانية السفراء والدبلوماسيّين الأجانب والإعلاميّين إلى جولة داخل المطار صباح اليوم التالي، في جولة هدفت لإثبات زيف ادّعاءات تقرير التلغراف، وأعلن الوزير حمية في ختامها أنّ الحكومة تجري مباحثات بشأن إمكانية رفع دعوى قضائية على الصحيفة البريطانية.
 
لكن، بمعزل عن طريقة التعامل الرسميّة مع الموضوع، فإنّ تقرير صحيفة التلغراف، مع كلّ ما صاحبه من جدل، يثير الكثير من علامات الاستفهام، فما الذي تعنيه الحملة على مطار بيروت في هذا التوقيت بالتحديد؟ من يريد تشويه صورة المطار وسط كلّ ما يحصل في المنطقة، وعلى أبواب الموسم الصيفي والسياحي؟ وماذا عن الرأي القائل بأنّ تقرير التلغراف يمهّد في مكانٍ ما لتحضير الأرضية لضربة إسرائيلية له إذا ما اندلعت الحرب ضدّ لبنان؟
 
"ثغرات" تقرير التلغراف
 
على الرغم من أنّ صحيفة التلغراف البريطانية تُعَدّ من وسائل الإعلام العريقة على مستوى العالم، فإنّ التقرير الذي نشرته كان مليئًا بالثغرات المهنيّة والأمنيّة بحسب ما يقول العارفون، لعلّ أبرزها أنّه استند إلى مصادر "مجهولة"، بدت كأنها تتحدث بالعموميّات وبالفرضيّات، من دون أن تقرن الأقوال بأدلّة وبراهين حقيقية، يمكن أن تضفي بعضًا من الصدقية على المزاعم التي تضمّنها التقرير، مع كلّ ما تنطوي عليه من "خطورة".
 
ولعلّ "الثغرة" الأبرز في هذا الإطار تمثّلت في استناد التقرير في نسخته الأولية إلى مصدر في الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا"، الأمر الذي سارع الأخير إلى نفيه جملةً وتفصيلاً، مشدّدًا على أنّه لا يتدخل في الوضع السياسي أو الأمني في لبنان، لتعمد الصحيفة بعد ذلك، وبناءً على مراجعة الاتحاد لها، لتحديث التقرير، عبر حذفها اسم الاتحاد عن مصادرها، من دون حذف المضمون الذي نسبته إليه في المقام الأول، وهو ما أثار المزيد من الجدل.
 
ولا يُعتبَر ما تضمّنه تقرير الصحيفة اللندنية جديدًا بالفعل، إذ سبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن أطلق مزاعم مشابهة في أكثر من مناسبة، ومن داخل أروقة الأمم المتحدة، من دون أن يقدّم أيّ أدلّة على كلامه، كما أنه يأتي في سياق تسريبات للإعلام الإسرائيلي، تصوّب على مطار بيروت وموانئ لبنانية عدّة بوصفها "ممرات لإدخال الأسلحة إلى حزب الله"، علمًا أنّ تبنّي صحيفة بحجم التلغراف لهذه المزاعم يعني نقلها إلى مكان آخر.
 
"حملة" على المطار
 
استنادًا إلى ما تقدّم، يضع العارفون تقرير التلغراف في سياق "حملة" على مطار بيروت، يمكن إعطاؤها أكثر من تفسير، فهي يمكن أن تندرج في خانة "الحرب النفسية" المتصاعدة بين "حزب الله" والعدو الإسرائيلي، والتي وصلت إلى "الذروة" وفق التقديرات خلال الأيام القليلة الماضية، سواء عبر رفع العدو لسقف تهديداته إلى الحدّ الأقصى الممكن، أو عبر فيديوهات "الردع" التي ينشرها الإعلام الحربي في "حزب الله" بوتيرة متصاعدة أيضًا.
 
بهذا المعنى، يمكن أن يُفهَم تقرير التلغراف مع ما تضمّنه من مزاعم وادعاءات، على أنّه بمثابة "تهديد" آخر في إطار التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة ضدّ لبنان، بمعنى أنّ العدو الإسرائيلي قرّر أن يردّ على فيديوهات "حزب الله"، التي حدّد فيه ما اصطلح على وصفه بـ"بنك أهدافه" في حال اندلاع الحرب، والذي يشمل مواقع إسرائيلية حيوية وحسّاسة، بالقول إنّ مطار بيروت سيكون في المقابل، على رأس "بنك الأهداف" على الضفة الإسرائيلية.
 
لكن، بموازاة هذا البُعد، ثمّة من يرى أنّ "خطورة" التقرير تفوق هذا التفصيل، لدرجة أنّه يمكن أن يشكّل "ذريعة" تبرّر ذهاب العدو الإسرائيلي إلى خيار الحرب ضدّ لبنان، رغم الاعتراضات والتحفّظات الدولية، علمًا أنّ اختيار صحيفة عريقة وذات صدقية بحجم التلغراف لبثّ هذه الادعاءات قد لا يكون تفصيلاً في هذه المقاربة، ما يمكن أن يعطي الحرب الإسرائيلية "مشروعيّة"، وفق المنطق الإسرائيلي طبعًا، غير المستند لأيّ أساس.
 
تختلف القراءات لتقرير التلغراف، وتوظيفاته المحتملة إسرائيليًا، لكنّ الثابت وسط كلّ هذا المشهد أنه ينطوي على "خطورة" لا يمكن تسخيفها أو التقليل من شأنها، في ظلّ قرع طبول الحرب المستمرّ إسرائيليًا، وسط تسريبات تلمّح إلى أنّ العدو يستعدّ للانتهاء من المعارك في غزة بشكلها الحالي، للانتقال إلى لبنان. فهل يندرج تقرير التلغراف ضمن هذا السيناريو، أم أنه جزء آخر من الحرب النفسية التي يراد منها قطع الطريق على الحرب الواسعة؟! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

قبل يوم من الاصطدام المميت بواشنطن.. تقرير يورد تفاصيل مثيرة

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" تفاصيل "مثيرة" تتعلق بحادث الطائرة التي تحطمت في واشنطن مساء الأربعاء بعد اصطدامها بمروحية عسكرية.

وقالت الصحيفة الأميركية إنه قبل يوم واحد من حادث اصطدام الطائرتين، المدنية والمروحية، ألغت طائرة هبوطها في مطار رونالد ريغان لتجنب الاصطدام بطائرة مروحية أخرى.

ووفق الصحيفة، فإن طائرة نفاثة تابعة لشركة "ريبابلك أيرويز" قادمة من ولاية كونيتيكت، كانت على بعد دقائق قليلة من الهبوط في مطار رونالد ريغان، قبل أن تقوم بإلغاء ذلك لتجنب طائرة مروحية في طريقها.

وسأل مراقبو الحركة الجوية، وفقا لتسجيلات من موقع LiveATC.net اطلعت عليها "وول ستريت جورنال": "ما سبب الدوران حول المطار؟".

وأجاب الطيار، في إشارة إلى ما يسمى بالتحذير الاستشاري الذي ينبه لاحتمال حدوث تصادم مع طائرة أخرى: "لقد حدث دوران حول المطار بسبب حركة طائرة الهليكوبتر أسفلنا".

ثم انعطفت طائرة الشركة إلى اليمين ودارت لفترة وجيزة فوق مقاطعة فيرفاكس بولاية فرجينيا، قبل أن تهبط بأمان في مطار رونالد ريغان بعد حوالي 10 دقائق.

وأفادت وسائل إعلام أميركية الخميس بأنه تم العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة التي تحطمت في واشنطن مساء الأربعاء بعد اصطدامها بمروحية عسكرية، في حادث أسفر عن مقتل 67 شخصا.

وعثر المحققون على مسجل الصوت في قمرة القيادة ومسجل بيانات الرحلة، حسبما أفادت مصادر لم تكشف هويتها لشبكتي سي بي إس نيوز وإيه بي سي نيوز.

وذكر تقرير صادر عن إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية حصلت عليه وكالة "أسوشيتد برس"، أن طاقم العمل في برج مراقبة الحركة الجوية لم يكن "طبيعيا" وقت وقوع الاصطدام بين طائرة الركاب التابعة لشركة "أميركان إيرلاينز" والمروحية العسكرية.

وقال مسؤولون إن الاصطدام بين مروحية تابعة للجيش وطائرة تابعة لشركة "أميركان إيرلاينز" قادمة من كانساس أدى إلى مقتل جميع الأشخاص البالغ عددهم 67 على متن الطائرتين.

وأضاف المسؤولون أنه تم انتشال ما لا يقل عن 28 جثة من المياه الجليدية لنهر بوتوماك بعد أن حلقت المروحية على ما يبدو في مسار الطائرة في وقت متأخر من ليلة الأربعاء أثناء هبوطها في مطار رونالد ريغان.

وكانت الطائرة تقل 60 راكبا وأربعة من أفراد الطاقم، وكان على متن المروحية ثلاثة جنود.

وفي سياق متصل، قال عضو في المجلس الوطني لسلامة النقل في الولايات المتحدة يوم الخميس إن المحققين في أسباب تحطم طائرة ركاب أسفر عن سقوط قتلى في واشنطن يستهدفون تقديم تقرير أولي بالنتائج التي يتوصلون إليها في غضون 30 يوما.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد قال الخميس، إن المروحية العسكرية التي اصطدمت بالطائرة، كان موقعها "سيئا بما يفوق التصور".

وتابع ترامب قائلا: "لم نكن نعرف ما أدى إلى هذا الحادث، لكن لدينا بعض الآراء والأفكار القوية للغاية، وأعتقد أننا ربما نذكر هذه الآراء الآن، لأنني على مر السنين، شاهدت أشياء مثل هذه تحدث".

مقالات مشابهة

  • بسبب قرار بترحيله .. مسافر يتسبب بحريق في مطار بيروت
  • بالفيديو.. حريق في مطار بيروت الدولي
  • بالصور والفيديو... حريق في مطار بيروت
  • كيف يمكن لترامب أن يكون صانع سلام؟
  • ماذا تعني دلالات استعداد روسيا لإعادة إعمار سوريا؟
  • حساب المواطن.. ماذا تعني حالة الدفعة "مرفوضة"؟
  • تقرير: إسرائيل تشكو من تمويل إيران لحزب الله بحقائب من النقود عبر مطار بيروت
  • التلدين بالهيدروجين تسجل رقما قياسيا جديدا.. ماذا تعني هذه التقنية؟
  • جيش الاحتلال يهدد بضرب مطار بيروت في هذه الحالة
  • قبل يوم من الاصطدام المميت بواشنطن.. تقرير يورد تفاصيل مثيرة