معارك بين الجيش السوداني والدعم السريع على أبواب سنار
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
دارت معارك واشتباكات عنيفة، الثلاثاء بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على بوابات مدينة سنار تركزت عند منطقة “كبري العرب” على بعد كيلومترات من المدخل الرئيس إلى مدينة سنار، وسط هلع وشائعات بسقوط المدينة في يد “الدعم السريع”..
التغيير:(وكالات)
بعد يوم واحد من إعلان بسط سيطرتها على منطقة جبل موية، على الطريق الحيوي الرابط بين ولايتي النيل الأبيض وسنار، ووسط هلع ومخاوف من تكرار سيناريو سقوط ودمدني المفاجئ شنت قوات الدعم السريع مساء أمس الثلاثاء 25 يونيو الحالي، هجوماً مباغتاً على مدينة سنار في الجزء الجنوبي وسط السودان.
اشتباكات بمدخل المدينة
ودارت معارك واشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع على بوابات المدينة تركزت عند منطقة “كبري العرب” على بعد كيلومترات من منطقة (سنار التقاطع) المدخل الرئيس إلى المدينة، وسط هلع وشائعات بسقوط المدينة في يد “الدعم السريع”، دفعت المواطنين إلى الخروج من منازلهم تأهباً للنزوح.
وذكرت مصادر عسكرية أن الجيش تمكن من صد ووقف محاولة الميليشيا للتقدم إلى داخل مدينة سنار، فيما لا تزال المعارك مستمرة، لكن القوات المهاجمة بدأت بالتراجع.
وكانت قوات الدعم السريع أعلنت أخيراً سيطرتها على منطقة جبل موية الواقعة غربي مدينة سنار، على بعد 40 كيلومتراً منها.
زعزعة وبلبلة
وأصدرت لجنة أمن ولاية سنار برئاسة الوالي المكلف توفيق محمد علي، بياناً أكدت فيه استقرار الأوضاع بالمدينة عقب تصدي الجيش عصر يوم الثلاثاء 25 يونيو، لمحاولة التفاف فاشلة قامت بها مجموعة من 7 عربات قتالية من قوات “الدعم السريع” لتخفيف الضغط على قواتها في جبل موية.
وأشار بيان تلاه الوالي المكلف إلى أن “هدف العملية كان إثارة البلبلة وعدم الاستقرار وسط المواطنين بإطلاق تلك المجموعة ثلاث طلقات مدفعية على بعض أحياء المدينة لإرباك حياة المواطنين، مؤكداً أن “الجيش والمقاومة الشعبية طاردت أفراد تلك المجموعة وقتلتهم جمعياً”، مستهجناً ما وصفها بـ “الشائعات المغرضة والمسمومة بسقوط المدينة”.
وقال رئيس المقاومة الشعبية بسنار مصطفى شوقي إن “الهجوم تم دحره والمدينة ما تزال صامدة بعد تصدي الجيش والمقاومة للهجوم الغادر”.
رسائل طمأنينة
وبث شوقي رسائل صوتية من داخل مدينة سنار، لطمأنة المواطنين اللذين أصابهم الهلع نتيجة الشائعات بدخول قوات الدعم السريع إلى المدينة، وبدأوا مغادرة منازلهم والاستعداد للنزوح منها.
وأكد المتحدث باسم “المقاومة الشعبية” عمار حسن، الموجود داخل مدينة سنار، أن “المدينة آمنة ومستقرة، وقوات الجيش لا تزال مرابطة، بعدما تراجعت قوات الدعم السريع”.
وغرد حسن، على حسابه بمنصة “إكس”، “ستظل سنار عصية على هذه الميليشيا المتمردة، التي أجبرها الجيش على التقهقر، وهي تجرجر أذيال الهزيمة والخيبة تاركة أشلاءها وجثث مرتزقتها الهالكين”.
وتابع حسن، “قواتكم المسلحة والمرابطون والرماة على الجبل لم يغادروا أماكنهم أو يتراجعوا، القوات تقاتل بثبات وفدائية والعدو في تراجع وتقهقر والنصر حليفنا وموعدنا إن شاء الله”.
هلع وتوجس
وأفاد مواطنون بأن معارك عنيفة تدور بين الجيش والدعم السريع في منطقة “سنار التقاطع” على مشارف مدخل للمدينة الرئيس، وأن أصوات الرصاص والمناوشات سُمعت من اتجاه حي القلعة في المدينة، مما سبّب حالة من الذعر وسط المواطنين المتوجسين أصلاً منذ متابعتهم لأنباء سيطرة الدعم السريع على منطقة جبل موية على طريق “ربك – سنار” الرابط بين ولايتي النيل الأبيض وسنار قبل يوم واحد.
وأشارت مصادر ولائية إلى أن مجموعة من قوات “المليشيا” كانت قد تسلقت جبل موية، وجبل سقدي، ما زالت تقوم بعمليات قصف من هناك، يسعى الجيش لمطاردتها وطردها من داخل تلك الجبال بغرض تأمين طريق ربك – سنار قبل فتحه أمام حركة المرور.
واتهمت المصادر من أسمتها بالخلايا النائمة ببث الرعب وسط المواطنين عبر شائعات كاذبة بسقوط المدينة، تزامنت مع محاولة القوة المهاجمة الدخول إلى المدينة.
وكانت قوات الدعم السريع أصدرت بياناً أكدت فيه سيطرتها على منطقة “جبل مويه” على امتداد ولايتي سنار والنيل الأبيض، واستلام 57 عربة وحرق 12 ومقتل وأسر مئات الجنود. وأضاف بيان الناطق الرسمي للدعم السريع، بأنهم تمكنوا خلال معركتين من بسط سيطرتهم التامة على المنطقة. وقال “كبدت قواتنا العدو خسائر فادحة بلغت أكثر من 300 قتيل، وتم استلام 37 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري، إضافة إلى تدمير 7 مركبات قتالية”.
وتابع البيان أن القوات تصدت لهجوم معاكس من الجيش من ناحية مدينة سنار، وطاردت قواته حتى المدخل الغربي للمدينة.
الهجوم على سنار يكشف اعتزام قوات الدعم السريع التوسع أكثر في الوسط الجنوبي الغربي للبلاد، بعد أن تمكنت من بسط سيطرتها على معظم أنحاء ولاية الجزيرة
هيمنة وانفتاح
وقال الباحث العسكري، إسماعيل يوسف، إنه “في حال كسب الدعم السريع معركة سنار، فإن ذلك سيفتح أمامه الأبواب نحو مدينة سنجة ومناطق جنوب إقليم النيل الأزرق حتى الحدود الإثيوبية، ومن ثم الولايات الشرقية، لا سيما القضارف المحادة لإثيوبيا شرقاً. كما أن سقوط سنار سيعقد مهمة الجيش وخططه الخاصة بتحرير ولاية الجزيرة، فضلاً عن عزل ولاية النيل الأبيض عن شرق السودان؛ وبالتالي انقطاع تواصلها مع الحكومة المركزية في بورتسودان”.
وأوضح يوسف أن “الهجوم على سنار يكشف اعتزام قوات الدعم السريع التوسع أكثر في الوسط الجنوبي الغربي للبلاد، بعد أن تمكنت من بسط سيطرتها على معظم أنحاء ولاية الجزيرة، والهيمنة على كامل المحاور الرابطة للبلاد، ومن ثم الانفتاح على الحدود الشرقية مع إثيوبيا شرقاً وجنوب السودان من جهة الجنوب”. واستبعد المتحدث ذاته أن تسقط مدينة سنار بذات سيناريو ود مدني لجهة الدرس الذي وعته قوات الجيش بجانب تعزيزاتها واستعداداتها المبكرة لمثل هذا الهجوم، لافتاً إلى أنه “في حال تمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة فعلياً على مدينة سنار، فإن ذلك سيقضي على أي آمال في نجاح الموسم الزراعي المقبل، ويعزز احتمالات المجاعة، فضلاً عن أنه سيضع أكثر من مليوني شخص هم تعداد سكان الولاية، في مواجهة مصير مظلم في ظل ما درجت عليه تلك القوات من عمليات استباحة وانتهاكات ما زالت مستمرة في ولاية الجزيرة المجاورة”.
حلقة الوصل
وتقع مدينة سنار في الجزء الجنوبي من وسط السودان، وتعتبر حلقة الوصل الرئيسة التي تربط بين عدد من المدن الاستراتيجية في شرق وغرب البلاد وجنوبها لوقوعها على الطريق الرئيس الرابط بين مدينة سنار وعدد من المدن في ولاية النيل الأبيض، كما تشكل عمقاً مهماً لمناطق ولايات كردفان.
كما تقع في منطقة حيوية تضم مشاريع زراعية وإنتاجية شاسعة المساحة في مناطق الدالي والمزموم، والتي وفقاً لمراقبين، ستضيق السيطرة عليها الخناق على عدد من المدن، وعلى الفرق العسكرية الرئيسة في سنار وولاية النيل الأزرق المتاخمة، كما تعني التحكم بالمثلث الذي يضم مدن الدويم وكوستي والمناقل.
تاريخ السلطنة
تاريخياً تعد مملكة سنار، أو السلطنة الزرقاء، أو الدولة السنارية، أو مملكة الفونج، التي يطلق على رعاياها لقب “السنانير”، أول دولة عربية إسلامية في السودان، بعد انتشار الإسلام واللغة العربية. وامتد سلطانها ونفوذها لأكثر من ثلاثة قرون، وتربع على حكمها سلسلة حكام أقوياء من أمثال عبد الله جماع وعمارة دنقس، وقد أسسا أقوى حلف كنموذج يحتذى في الوحدة الوطنية.
واهتم ملوك سنار بالعلم، حيث أقاموا “رواق السنارية” في الأزهر الشريف بالقاهرة، من أجل طلاب مملكة سنار المبتعثين إلى هناك وشجعوا هجرة علماء الدين الإسلامي إلى السودان، للدعوة ونشر العلم، وتبلورت فيها الثقافة الأفرو-عربية.
واندلعت الحرب السودانية بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي، في الخرطوم، لكن نيرانها سرعان ما تمددت إلى إقليم دارفور، وولايتي الجزيرة وسنار وسط البلاد، ثم جنوب كردفان وإقليم النيل الأزرق وتخوم ولاية نهر النيل، مهددةً بجر البلاد إلى أتون حرب أهلية طويلة وشاملة قد تزعزع استقرار المنطقة بأكملها.
وتسببت الحرب بخسائر بشرية ومادية متعاظمة وموجة نزوح وتشريد ملايين المواطنين، هي الأكبر في العالم، بجانب ما خلفته من أزمة إنسانية كارثية ومجاعة تهدد أكثر من نصف السودانيين باتوا في حاجة ماسة إلى معونات غذائية عاجلة.
نقلاً عن انبدندنت عربية
الوسومجبل موية حرب الجيش والدعم السريع ولاية سنارالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: جبل موية حرب الجيش والدعم السريع ولاية سنار قوات الدعم السریع الدعم السریع على ولایة الجزیرة النیل الأبیض سیطرتها على مدینة سنار بین الجیش على منطقة جبل مویة أکثر من
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة من الدعم السريع
أعلن الجيش السوداني، يوم السبت، استعادة مدينة سنجة الرابطة بين ولايتي سنار والنيل الأزرق الحدودية، من قوات الدعم السريع.
ونشر الجيش مقاطع فيديو يقول فيها إنه استعاد السيطرة على مقر قيادته وكامل أجزاء المدينة.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، كانت المنطقة تعتبر ملاذا آمنا للنازحين من الخرطوم والجزيرة في وسط البلاد، لكن منذ أكثر من 7 أشهر تشهد المنطقة عمليات قتالية عنيفة ظلت سجالا بين الطرفين وسط تقارير عن انتهاكات كبيرة ارتكبت في حق المدنيين.
ومنذ اندلاع الاشتباكات فيها في يونيو الماضي شهدت المدينة حركة نزوح كبيرة للسكان في اتجاه الجنوب نحو ولايتي النيل الأزرق والقضارف، حيث تشير تقديرات إلى نزوح أكثر من 80 في المئة من السكان.
وخلال الأشهر الأربع الماضية تعقدت الأوضاع الميدانية أكثر في المنطقة في ظل هشاشة أمنية كبيرة، ما أدى إلى إغلاق معظم الطرق التي استخدمها السكان للخروج من سنجة.
وأثارت المعارك العنيفة في محور ولايتي سنار والنيل الأزرق الواقعتان جنوب شرق البلاد تساؤلات حول أهمية هذا المحور والتبعات السياسية والعسكرية التي قد تترتب على الواقع الجديد الذي أحدثته المعارك الأخيرة.
وتربط المنطقة التي تضم مدنا مثل سنجة وسنار والدمازين بين 4 ولايات حيوية في وسط وغرب السودان، كما تبعد مدينة الدمازين على مسافة 100 كيلومترا من الحدود مع أثيوبيا، كما ترتبط المنطقة بحدود مباشرة مع دولة جنوب السودان التي انفصلت عن السودان في العام 2011.
ومن الناحية العسكرية، تشكل المنطقة خط امداد لوجستي مهم لربط القوات الموجودة بوسط البلاد بالحاميات الموجودة هناك.
وتعتبر المنطقة واحدة من أغنى المناطق بالبلاد وتضم مشاريع زراعية وانتاجية شاسعة المساحة، من بينها مشروع السوكي الزراعي، وعدد من المشاريع الكبرى.
وتضم أيضا خزاني الروصيرص وسنار اللذان يسهمان بنحو 52 في المئة من الإمداد الكهربائي في البلاد ويتحكمان في قنوات الري الرئيسية التي يعتمد عليها مشروع الجزيرة وهو أكبر مشروع على مستوى العالم يروى بنظام الري الانسيابي ويقع على مساحة 2.3 مليون فدان.
وتضم المنطقة أيضا محمية الدندر التي تعتبر اكبر محمية طبيعية في أفريقيا وتمتد على مساحة 10 آلاف كيلومتر مربع، وتعتبر المنطقة موطنا لأكبر الغابات في السودان حيث تشكل أكثر من 80 في المئة من مساحات غابات البلاد.