زهير عثمان حمد

إنها لحظة مؤلمة عندما ترى بلدك، أهلك ومدينتك تتهاوى أمام عينيك في مشاهد تفيض بالدمار والقتل والجراح. السودان اليوم يقف على حافة الانهيار، حيث النزوح والحرمان هما الواقع اليومي للكثيرين. لا مأوى لهم ولا طعام، فقط أمل يتلاشى بين أصوات المدافع وصراخ الأبرياء.

واقع مرير

سنار، المدينة التي كانت يوماً ما رمزاً للتعايش والسلام، سقطت اليوم تحت وطأة الحرب التي لا ترحم.

لا جيش يحمي، ولا مقاومة تنبض بالحياة. العسكر يرفضون التفاوض، متشبثين بمواقفهم، فيما تتهاوى مدن أخرى واحدة تلو الأخرى. المستنفرون، بحجم الواقع، غير قادرين على مواجهة حجم الدمار. أما الأحزاب، فهي خارج الزمان والمكان، بعيدة عن هموم الشعب ومعاناته.

حرب شبه أهلية

هذه الحرب ليست مجرد صراع على السلطة، بل هي شبه أهلية، تتقاطع فيها أجندات متعددة، محلية ودولية. عيون الطامعين تتطلع إلى ثروات السودان الظاهرة والباطنة. الذهب هنا والنفط هناك، مياه عذبة وأراضٍ خصبة مغرية، وأخرى تنتج أكثر من 80% من إنتاج العالم من الصمغ العربي. في وقت يشكو فيه العالم من تناقص الثروات المائية والغذائية، يظل السودان غنياً بموارده، ولكنه فقير في إدارتها.

إدارة فاشلة

الخطيئة الكبرى للسودان تكمن في فشله الذريع في إدارة موارده وثرواته. ثراء في الموارد يقابله فقر في الاستغلال، ما يترك البلاد تحت رحمة الصراعات والدمار. الوطنية الكاذبة والبطولات الفارغة تسيطر على المشهد، حيث يتلاعب السارقون بكل شيء، من دقيق القمح إلى شرف الأمة.

أشباح الماضي

تتحكم في السودان أشباح تنتمي إلى الماضي، نفس الأيادي التي حكمت السودان بالأمس وقسمته إلى شطرين، وأشعلت نار الفتنة في دارفور. المطلوب هو أن يبقى السودان منشغلاً بصراعاته الداخلية، في وقت تعزز فيه الأيدي الخفية نيران الفتنة كلما كادت أن تخمد.
دعوة إلى العقلانية

على العسكر أن يكونوا عقلاء ويطلبوا العفو عن جرائمهم، ويسعوا إلى تحقيق السلام. نحن شعب يستحق العيش الكريم، والسلام الذي ينشده كل سوداني. يجب أن يتخلوا عن الذاتية والعدمية، وأن يتذكروا أن القصاص قادم، حتى وإن طال الزمن.

سقوط سنار هو سقوط لهيبة الدولة، وانهيار لما تبقى من أمل في مستقبل مشرق. إنها معارك هوائية من أجل السلطة، تدمر حياة الناس وتدمر الوطن. لا يمكن للسودان أن يستمر على هذا النحو، فالمستقبل يتطلب شجاعة في الاعتراف بالأخطاء، وإرادة في بناء السلام. السودان يستحق أفضل من هذا، وأبناؤه يستحقون حياة كريمة وآمنة.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

حاتم باشات: إعادة المختطفين من السودان رسالة بعدم تخلي مصر عن أبنائها

أشاد اللواء حاتم باشات عضو حزب الجبهة الوطنية، قنصل مصر الأسبق بالسودان بنجاح أجهزة الدولة المصرية في تأمين عودة المختطفين المصريين من السودان بسلام، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وأكد باشات - في تصريح اليوم -أن هذا النجاح يبعث برسالة قوية مفادها أن مصر لا تتخلى عن أبنائها مهما كانت الظروف والتحديات، مشددًا على أن القيادة السياسية تضع أمن وسلامة المواطنين على رأس أولوياتها مشيرا إلى التنسيق  والتعاون الكبير بين الأجهزة المعنية في مصر مع نظيرتها بالسودان من أجل تحرير المختطفين ونقلهم من مناطق الاشتباكات بوسط الخرطوم إلى مدينة بورسودان.

التعامل بالسودان

وأشار إلى أن مؤسسات الدولة تعاملت مع الأزمة باحترافية عالية، مما أسفر عن إعادة أبنائنا بسلام إلى أرض الوطن وأضاف أن هذه ليست المرة الأولى التي تنجح فيها أجهزة الدولة في إعادة مواطنيها من مناطق الصراع، مما يعكس كفاءة مؤسسات الدولة وجاهزيتها للتعامل مع كافة الأزمات داخليًا وخارجيًا.

ودعا باشات إلى مواصلة الجهود لدعم استقرار السودان الشقيق، والعمل على وقف التصعيد والحفاظ على أمن وسلامة المواطنين، مؤكدًا أن مصر تواصل دورها التاريخي في دعم استقرار السودان ومساندة الشعب السوداني في هذه المرحلة الصعبة.

مقالات مشابهة

  • أوروبا في مواجهة ترامب جحيم نووي.. رؤية الرئيس الأمريكي الاستعمارية تجعل مشاهد أفلام الحرب حقيقة واقعة
  • محافظ الاسكندرية يشدد على ضرورة إزالة البناء المخالف وفرض هيبة الدولة
  • أشباح مخيفة تطارد السكان.. ماذا يحدث فى هذه القرية؟
  • نازحات في يومهِنّ!!
  • مسؤول سوداني: النساء يمثلن 98% من الأسر التي تعاني أوضاعًا قاسية
  • المرأة العمانية في السلطة القضائية
  • دولة القانون
  • حاتم باشات: إعادة المختطفين من السودان رسالة بعدم تخلي مصر عن أبنائها
  • إطلاق نار على هليكوبتر أممية في السودان يسفر عن سقوط قتلى
  • معالم في طريق استقرار الحكم في السودان (5-10)