واشنطن- لأول مرة في التاريخ الأميركي، سيقف رئيسان لكل منهما سجل حكم يمتد لـ4 سنوات جنبا إلى جنب على منصة المناظرة.

وقد تكون المواجهة المرتقبة يوم الخميس بين الرئيس الديمقراطي جو بايدن والرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب أكثر المناظرات الرئاسية أهمية منذ عقود.

ويسعى بايدن بشدة إلى الحصول على ثقة الناخبين، وسط مخاوف بشأن عمره وقدراته الذهنية وقيادته للسياسات الخارجية والداخلية الرئيسية، في حين يصعد ترامب إلى المسرح مفعما بالثقة، على الرغم من أنه مدان بارتكاب جرائم جنائية.

وعن أهمية المناظرة، صرح المدير السابق للحزب الجمهوري بولاية ميشيغان ساوول أزنوزيس، في حديث للجزيرة نت أن "المناظرة تتيح الفرصة للمرشحين لإظهار فطنتهما وصحتهما العقلية والجسدية للناخبين الأميركيين".

ويضيف أن الكثيرين يشعرون "بالقلق إزاء قدرات بايدن الذهنية، ويحاول الديمقراطيون الإيحاء بأن ترامب قد تكون لديه قضايا مماثلة. ويمكن أن تكون هذه المناظرة هي العامل الحاسم في هذا الشأن".

بايدن (يمين) وترامب في أول مناظرة مباشرة بينهما عام 2020 (الفرنسية) بين 2020 و2024

قبل 4 سنوات، اعتبر الكثير من المعلقين أن المناظرة الرئاسية الأولى بين الرئيس آنذاك ترامب والمرشح الديمقراطي بايدن، والتي جرت في 29 سبتمبر/أيلول 2020، كانت "مروعة"، واعتبروها يوما سيئا للديمقراطية الأميركية.

ورأى المعلقون أن ما شهدته المناظرة الرئاسية كان مهينا لمنصب الرئيس الأميركي وللقيم الليبرالية التي تنادي بها الولايات المتحدة، خصوصا أن مئات الملايين تابعوا المناظرة حول العالم.

وانتهى المراقبون إلى عدم فوز أي مرشح بالمناظرة، حيث خيّم تبادل الاتهامات والهجمات الشخصية على الجدل بين المرشحين، الجمهوري والديمقراطي، في المناظرة.

وأظهرت المناظرة نموذجا متدنيا من النقاش والتواصل بين المرشحين، في وقت لم يوفرا أي إجابات شافية عن أسئلة المحاور في شبكة فوكس كريس والاس، والذي انتقل لاحقا لشبكة "سي إن إن".

وقبل 4 سنوات، كان النقاش الأوسع حول سجل ترامب في الحكم، وكيفية مواجهة تفشي وباء "كوفيد-19″، أما مناظرة الغد فسيتم التركيز فيها على سجل بايدن في الحكم، والذي يميزه ارتفاع نسب التضخم وانهيار منظومة الهجرة عبر الحدود الجنوبية مع المكسيك، وتورط الولايات المتحدة ولعبها دورا كبيرا في حربين الأولى بأوكرانيا والثانية بقطاع غزة، وهو ما ترك الأميركيين منقسمين بصورة غير مسبوقة حول القضايا الخارجية.

ويقول أزنوزيس "إنه وعلى الرغم من أن الأمر مستبعد، فإنه إذا فشل تماما أي من المرشحين، سيكون هناك على الأقل بعض الفرص لاستبدالهما في مؤتمراتهما العامة المقبلة. هذه حالة فريدة من نوعها حيث يتم إجراء المناظرة قبل أن يتم ترشيحهما من مؤتمرات حزبيهما العامة".

شعبية منخفضة

وتعد المناظرة الرئاسية المرتقبة خطوة مهمة مع احتدام المعركة الانتخابية في أجواء متوترة وغير مسبوقة وحالة استقطاب عميقة لم يشهدها التاريخ الأميركي من قبل.

ويزيد من أهمية هذه المناظرة رفض أكثر من نصف الأميركيين المرشحين الرئاسيين لأسباب مختلفة، إلا أنهم لا يملكون خيارات أخرى مع انعدام أي فرص لمرشحي الأحزاب الأخرى أو المرشحين المستقلين.

وأشار أزنوزيس إلى أنه "يجب على بايدن أن يظهر أن صحته وقدراته الذهنية تؤهله للحكم 4 سنوات إضافية (..)، في حين يجب على ترامب أن يظهر أنه بديل عملي مناسب لبايدن، وعليه أن يحاول إحراج خصمه وإظهار ضعفه دون أن يبدو مترصدا أو متنمرا".

وعلى الرغم من تفوق ترامب في أغلب استطلاعات الرأي خاصة في الولايات السبع المتأرجحة، فإن شعبية كلا المرشحين منخفضة مقارنة بأي مرشحين رئاسيين على مدار التاريخ الأميركي.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة رويترز أن شعبية الرئيس بايدن انخفضت إلى أدنى مستوى لها الشهر الماضي منذ بدء حكمه. وأظهر الاستطلاع أن 36% فقط من الأميركيين يوافقون على أداء بايدن الوظيفي كرئيس، بعد أن كانت نسبتهم 38% في أبريل/نيسان الماضي. في الوقت ذاته، وصلت نسبة شعبية ترامب إلى 45% بين الناخبين.

وبالرغم من تحسن المؤشرات الاقتصادية المختلفة، لا يشعر أغلب الأميركيين بتحسن الأوضاع الاقتصادية في عهد بايدن بسبب ارتفاع الأسعار وارتفاع تكاليف الاقتراض.

وأدى إلغاء المحكمة العليا للحق الدستوري في الإجهاض قبل عامين إلى فتح انقسام أيديولوجي وديني حول الحقوق الإنجابية التي يخطط بايدن لاستغلالها ضد ترامب. لكن بايدن يواجه تحديات بنفس القدر بسبب أزمة الهجرة على الحدود الجنوبية.

العالم أيضا ينتظر

ويتعدى الاهتمام بالمناظرات الولايات المتحدة والناخب الأميركي، مع ترقب الرأي العام العالمي للقضايا الرئيسية في مشهد الانتخابات الأميركية. ويعد فوز ترامب بالانتخابات خبرا جيدا لروسيا ممثلة برئيسها فلاديمير بوتين.

وتعهدت حملة ترامب بالعمل على وقف الحرب في أوكرانيا عن طريق طرح مبادرة صارمة لروسيا وأوكرانيا تدفع بانتهاء القتال والتوصل لحلول وسط بين الطرفين.

في حين تنظر أوروبا بخوف لاحتمال فوز ترامب لعدم إيمانه بقيمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) للمصالح الأميركية، وهذا يضعه على النقيض من الرئيس بايدن الذي نجح في قيادة الحلف متحدا ضد التدخل الروسي في أوكرانيا.

كما أن حرب إسرائيل على قطاع غزة، والتي تهدد باستمرار الغليان الشبابي داخل الولايات المتحدة، تشكل نقطة ضعف مؤلمة للرئيس بايدن.

ويعد التشدد تجاه العلاقات مع الصين من القضايا النادرة، التي يجمع عليها المرشحان الرئاسيان، بغض النظر عن أسباب ومبررات كل منهما لاتخاذ هذه السياسة تجاه المنافس الأكبر للولايات المتحدة، إذ استمر بايدن في التشدد تجاه العملاق الآسيوي عسكريا ودبلوماسيا واقتصاديا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

سوريا.. القضية الأكثر خطورة بين أردوغان وترامب

أنقرة (زمان التركية) – مع تولي دونالد ترامب اليوم مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، تتجه الأنظار إلى السياسات التي سينتهجها خلال ولايته الجديدة تجاه التطورات الساخنة بالشرق الأوسط.

ولعل واحدة من أكثر القضايا خطورة التي يمكن أن “تعطل أجندة ترامب” هي التطورات المحتملة في سوريا، حيث
أن أنقرة تريد تصفية وحدات حماية الشعب العمود الفقري في قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، التي تصنفها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الإرهابي في سوريا.

ويرى أردوغان في سيطرة جبهة تحرير الشام، التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع تركيا، على الحكم في سوريا وإعادة انتخاب ترامب، الذي سبق وأن أعرب عن رغبته في سحب الجنود الأمريكان من سوريا، فرصة للتحرك.

لكن، هل سيسحب ترامب، الذي أعرب عن رغبته في عدم التعامل مع حروب الشرق الأوسط، حقًا القوات الأمريكية من سوريا؟

في إجابته عن هذا السؤال، أكد جونول تول، مدير مركز الدراسات التركية في معهد دراسات الشرق الأوسط ومقره واشنطن، أن ترامب يولي اهتماما كبيرا لصورة “القائدة الذي أنهى الحروب” مفيدا أنه سيرغب في تعزيز هذه الصورة بالانسحاب من سوريا وفي حال حدوث ذلك فمن المحتمل أن تفتح صفحة جديدة في العلاقات الأمريكية التركية.

وأوضح تول أن رؤية أردوغان لسوريا تتماشى بالفعل مع رغبات ترامب غير أن العلاقات بين لابلدين مبنية على أرض هشة وهو ما يستوجب الحذر قائلا: “عندما ينسحب ترامب من سوريا، سيريد أن يقول” لقد جمعت تركيا 10 آلاف جندي إضافي وستحمي تركيا السجون التي يحتجز فيها داعش. انظر، أنا الزعيم الذي أعاد الجندي الأمريكي إلى الوطن” لكن لا يمكن لقوات سوريا الديمقراطية والإدارة في دمشق الاتفاق بعد الانسحاب. وإذا قامت تركيا بعملية، فستتغير الأمور، لأن أصوات “أردوغان يهاجم الأكراد في سوريا” ستسمع في مجلس الشيوخ وفي هذه المرحلة، لن يكون من المنطقي أن يصف ترامب الرئيس أردوغان بأنه “صديق”.

وتلقى أردوغان الأربعاء الماضي تحذيرًا ناقدًا بشأن سوريا من ماركو روبيو، الذي رشحه ترامب لمنصب وزير الخارجية.

وأكد روبيو أنهم يريدون الاستقرار في سوريا وأن الدعم لقوات سوريا الديمقراطية سيستمر أثناء الإجابة على أسئلة أعضاء مجلس الشيوخ خلال جلسة الموافقة على ترشحه بالكونغرس الأمريكي قائلا: “إن هناك وقف إطلاق نار حساس للغاية فيما يتعلق بالأكراد في المنطقة، “من المهم الحفاظ على ذلك. أعتقد أنه من المهم إعطاء الرئيس أردوغان رسالة مبكرة عبر هذه الجلسة مفادها أنه لا ينبغي أن يرى تغيير السلطة في الولايات المتحدة فرصة لانتهاك الاتفاقيات القائمة “.

في هذا الشأن، يؤكد تول أن الصيغة التي طرحتها تركيا لتصفية وحدات حماية الشعب لم تكن جديدة وأنه تمت محاولة القيام بذلك أيضًا بوساطة روسيا قائلا: “ان موقف الأكراد المطالب حماية هيكلهم المستقل هو الذي أعاق هذه المفاوضات. كانت الولايات المتحدة هي التي أعطت وحدات حماية الشعب هذا التشجيع، وكانت هناك أيضًا مناطق عملوا فيها مع روسيا ونظام الأسد. الآن رحل النظام وروسيا. وإذا غادرت الولايات المتحدة سوريا، فإن وحدات حماية الشعب ستضعف لدرجة أنها ستضطر إلى تقديم تنازلات. الأكراد يريدون حكم فدرالي، لكن هناك حكومة في دمشق لا تريدها. لذا هناك عقدة عالقة. من أجل حل هذه المشكلة، يحتاج الأكراد إلى الانخراط بطريقة ما والتخلي عن الطلب على الحكم الفدرالي. سيكون انسحاب الولايات المتحدة هو الذي سيحل هذه العقدة، وسيتعين على الأكراد إعادة النظر في مطالبهم في المعادلة الجديدة التي ستظهر”.

هل تسفر سياسة أردوغان تجاه سوريا عن تحديات جديدة؟

يرى آرون شتاين، رئيس معهد أبحاث السياسة الخارجية، أن خطاب تركيا حول قوات سوريا الديمقراطية لا يعكس سياسة حقيقية قائلا: “يقول وزير الخارجية التركية هاكان فيدان إنه يجب نزع سلاح قوات سوريا الديمقراطية ويجب أن يعود المقاتلون الأجانب إلى بلدانهم، وربما يمكن دمج الأجزاء العربية من تحالف قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري. معظم المقاتلين الأجانب من تركيا. هل تريدهم أنقرة حقًا أن يعودوا إلى ديارهم ؟ ما نعرفه هو أنه يريدهم موتى. يبدو أن هناك الكثير والكثير من المساحة الملغومة بين السياسة والخطاب، لدرجة أنه لا يبدو أن لديها سياسة حقًا باستثناء قتل أكبر عدد ممكن منها في العراق. ولكي نكون منصفين، ينبغي القول إن الكثير من العالم يعامل مقاتلي داعش في سوريا بطريقة مماثلة، لذلك تتصرف أنقرة في الواقع وفقًا للمعايير العالمية الحالية”.

وأشار شتاين إلى أن الشرق الأوسط لم يعد من أولويات الولايات المتحدة وأن أردوغان الرغب في أن يكون أكثر نشاطا في سوريا يمكنه أن يفعل ذلك قائلا: “لكن يجب أن نفهم الوضع الحالي في سوريا جيدا. ما هو على المحك هنا هو أن الدولة المنهارة يحكمها الآن فرع سابق للقاعدة. ينظر الكثيرون في الولايات المتحدة إلى هذا بتشكك كبير. لست مقتنعا بأن جبهة تحرير الشام قادرة على السيطرة على كل سوريا. قد تضطر أنقرة إلى التعامل مع العواقب المحتملة لهذا وهى احتمالية ألا تفرض جميع مصالحها على حليفها وأن ترث التحديات الأمنية التي من المحتمل أن تنتج عن هذا”.

Tags: الأزمة السوريةالتطوريات في سورياالعلاقات التركية الأمريكيةجبهة تحرير الشامدونالد ترامبرجب طيب أردوغانقوات سوريا الديمقراطيةوحدات حماية الشعب الكردية

مقالات مشابهة

  • واشنطن بوست: العفو الذي أصدره بايدن وترامب تقويض لسيادة القانون
  • بايدن يودع الرئاسة بعفو استباقي وترامب يبدأ ولايته الثانية بقرارات حاسمة
  • بايدن يغادر البيت الأبيض وترامب يودعه.. شاهد
  • باحث: واشنطن فقدت مصداقيتها في عهد بايدن وترامب سيعيد المسارات لطبيعتها
  • باحث سياسي: إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن هشة وضعيفة
  • بايدن وترامب يصلان مبنى الكابيتول لبدء مراسم التنصيب
  • باحث سياسي: واشنطن فقدت مصداقيتها في عهد بايدن.. وترامب سيعيد المسارات لطبيعتها
  • بين الوحدة والانقسام.. بايدن يغادر وترامب يبدأ عهده الجديد
  • قائمة المرشحين لتولي مناصب عليا في إدارة ترامب الثانية
  • سوريا.. القضية الأكثر خطورة بين أردوغان وترامب