إبراهيم جعفر
نسيجٌ قصصيٌّ-فلسفي
شياطينُ الجّسدِ وملائكتُهُ وصوتُ الفكرةِ و"الإنسانُ الإنسانْ"

صوتُ الفكرةِ يرتطمُ بطينِ الآخرينَ فيرتدُّ صدىً، يباباً، ويعودُ لصَدَفَتِهِ القديمةِ حيثُ يمارسُ هوايتهُ الرائعةَ- في حريقِ ذهولِها الجّميلِ- في مجادلةِ ذاتِهِ إذ لم يُطق معدن الآخرين، معدن طين الجّسدِ معهُ صيرا.

لم تُطقْ فضّةُ الجّسدِ مع نقاءِ ذهبِ الفكرةِ صبرا.

يعودُ هو لطينه فيكونُ الاشتهاءُ:- آهٍ يا ذاتَ النّهدينِ المغرورينِ في تعاليهما كسماءِ الجّمرِ، كالشّهوةِ في احتدامِ عنفها البدائي. يا لهذا الجّسد-الوثن..! يعودُ الجّسدُ إلهاً كما كانَ في بدءِ الخليقةْ..

آهِ يا ذاتِ الشفتين اللتين تؤججان شبقَ شياطينِ الجسدِ المجنونة:- شيطانُ الجسد الأكبرُ يقفزُ من فمهِ، تنفرجُ الشفتانُ عن سيلِ الكلماتِ المجنونةِ في عنف:- أشتهيكَ وأعبدُ وثنك الجميل يا إلهي.. يا جسداً يلقيني في طرقاتٍ منفيّةْ- بعيداً عن مدنِ الآخرينَ وجهمتها العاديّة- يرتسمُ الكونُ-الداخلُ منّي ذهولاً تُنكِرُهُ فضيلة الآخر في عقلانيتها المتجهمة.. يرتسمُ الداخلُ منّي شيطاناً يمجّدُ الجّسدَ الجّميلْ:- "لكَ الفناءُ والذّهولُ فيكَ وبكَ، فخُذْ منّي صفاءَ الخَلقِ وهبنِيْ إيّاهُ نزقاً قُدُسيّاً، هبني إيّاهُ شيقاً قُدُسيّاً..!"

أهواكَ يا جسدَ استيقاظِ ذهولي وغياب الآخرين-العقل، يا شيطانيَ المقدّسْ..!

ملائكةُ الجسدِ الكبرى و"الإنسان الإنسان" يهتفون:- نهواكِ با رحمَ الخليقةِ، يا مبدعةَ كائناتِ الحزنِ والغثيانِ والعدم، ويا مُبدعةَ كائناتِ الأغاني-الطّهرِ التي تُدثّرُنا بجمرِ عشقِكِ (فنهبَ عيثونَكِ طُهرَ غرامِنا) ونكونُ متدثّرينَ، لكنّا لا نقُمْ فنُنْذِرْ.. فلغتثنا الآنَ الحبُّ، عقيقُ الفجرِ، غناءُ الطّيرِ وعشقُ سياحتهِ حالماً في بهاءِ سمائهِ. في هذا الزمانِ الذي فينا، في زماننا الجّوّانيِّ لا تكن اللغةُ-الإنذارُ، اللّغةُ القاصرةُ ربَّ الدّاخلِ فينا، بل ربُّ الداخلِ فينا اللغة-الحبُّ، اللغةُ الأولى في الملكوت، في المقرِّ حيثُ كانت الأرواحُ في نقائها وفي حضورها البهيِّ حيثُ طينةُ الجّسدِ كان تاريخُها الغيابْ.

لكن يُولدُ زبدُ الشّبقِ الطّينيِّ، يعلنُ صبوةَ مجدهِ، يحترقُ "الإنسانُ الإنسانُ" بصبوةِ مجدِهِ وتكونُ سلطةُ شياطينِ الجّسدِ المجنونةِ، تكونُ سلطةُ الخطأِ الجميلِ، يكونُ جسدُها، الشّفتانُ والنّهدانُ مِحرابَ غِوايةٍ، تسقطُ العيونُ-مجدُ الإلهِ والقُدسُ ويكونُ همسُ سرّهِ-الإثمِ الجميلِ أنْ:- أهواكَ يا جسدَ استيقاظِ ذهولي وغياب الآخرينَ-العقلِ يا شيطانيَ المقدّسْ..!.. ويعودُ الجّسدُ إلهاً كما كانَ في بدءِ الخليقةْ..!

وصوتُ الفكرةِ يرتطمُ بطينِ الآخرينَ ويرتدُّ صدىً يباباً، يعودُ لصَدَفَتِهِ القديمةِ، يعودُ لوحدته القديمةِ حيثُ يُمارسُ هوايتهُ الرّائعةَ في مجادلةِ ذاتِهِ إذ لم يُطقْ معدنُ الآخرينَ، مِعدنُ طينِ الجّسدِ معهُ صيرا. لم تُطِقْ فضّةُ الجّسدِ مع نقاءِ ذهبِ الفِكرةِ صَبْرَا..

نهار الإثنين 22/9/1980.
السودان- جامعة الخرطوم- المكتبة الرئيسية.
إبراهيم جعفر.

* من مسودة مجموعتي القصصية المسماة "كيف أنام وفي دمي هذي العقارب".
khalifa618@yahoo.co.uk  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

مؤسسة الصالح تواصل توزيع المساعدات الرمضانية للأسر اليمنية في مصر للعام الخامس على التوالي

لليوم الثاني على التوالي، تواصل مؤسسة الصالح الخيرية توزيع المساعدات الرمضانية المقدمة للأسر اليمنية المقيمة في جمهورية مصر العربية، وذلك في إطار جهودها الإنسانية للعام الخامس على التوالي.

 

وقدمت المؤسسة هذا العام 38 طناً من المواد الغذائية، مستهدفةً نحو 7,200 أسرة يمنية نازحة وأشد احتياجًا.

 

وتوزعت لجان الصرف عبر عدة نقاط رئيسية، منها المدرسة اليمنية الحديثة بمنطقة الهرم، والتي استهدفت سكان فيصل والهرم والمنيل وأكتوبر، ومدرسة العروبة بالدقي، التي غطت مناطق الدقي والمهندسين وأرض اللواء، إلى جانب توزيع المساعدات في عدة محافظات مصرية، منها الإسكندرية وأسيوط.

 

تأتي هذه الأعمال وغيرها من الأنشطة التي تخص المؤسسة بتوجيهات شخصية من الأخ أحمد علي عبد الله صالح، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الصالح، بهدف تخفيف جزء من الأعباء والالتزامات التي يواجهها المقيمون، حيث تعد المؤسسة شريكًا أساسيًا في التنمية، وتفقد احتياجات اليمنيين، وإعادة إحياء التكافل الاجتماعي في الداخل والخارج.

 

وأكدت المؤسسة أن هذه الجهود تأتي استمرارًا لدورها في التخفيف من الأعباء التي يواجهها اليمنيون في الخارج، وتعزيز قيم التكافل الاجتماعي، مشددةً على التزامها بمواصلة تقديم الدعم الإنساني لليمنيين في الداخل والخارج.

مقالات مشابهة

  • رزق الفكرة
  • إسرائيل تعتقل 2 من فلسطينيي الداخل بزعم تخطيطهما لإطلاق نار بالقدس
  • رحلة عبد الشافي الأخيرة إلى الداخل
  • أسعار معدن الذهب في الدول العرب
  • مؤسسة الصالح تواصل توزيع المساعدات الرمضانية للأسر اليمنية في مصر للعام الخامس على التوالي
  • “الإنسانية أقوى من الكراهية”: دعوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمكافحة كراهية الإسلام 
  • “الوطنية لحقوق الإنسان” تشارك في الاجتماع السنوي للمؤسسات الوطنية بجنيف
  • من أهم ما يحتاجه الإنسان “نعمة الهداية”.. {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ}[الشعراء:78-79].
  • العمل في إسبوع.. فُرص عمل في الداخل والخارج.. وصرف 2.6 مليون جنيه لأسر عمالة غير منتظمة ضحايا حوادث
  • حياد لبنان الإيجابي عن حروب الآخرين يحتاج إلى توحيد سياسته الخارجية