سواليف:
2025-04-23@05:00:41 GMT

صالون منير

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

صالون منير

#مصعب البدور
زمان الشباب الذي نتعلق بكل شيء له فيه علقة يعني بنترتح فيه بس هو مش راضي
ونندمج بتفاصيله الباقية في أرض الواقع أو الغافية في طيات الذاكرة، عندما للتو أجر حقائب الاغتراب عائدا إلى حنايا الوطن هنا في تفاصيل الانحناءات وبين ارتفاعاتٍ وانخفاضاتٍ في شوارع إربد عابرا إيدون متجها إلى صمد، حينها كنت أغلقت دفاتر البحرين بشَعْر طويييل ولحية لا يجمعها وِفاقٌ شَعْراتها معلنةً الحرب بينها، كان لا بد لي من أحلق شعري وكنت جوار أمي في المقعد الخلفي أنظر إلى الشارع المسترسل في صعوده، أناوش شقيقي الأكبر بكر بعض النكات تارة وأستمع إلى أقوال والدي تارة وعقلي يقول تفقد صالون الحلاقة المعتاد لتهذب مظهرك الذي يبدو كمظهر دب أسود جائع كسا وجهه النحيل الشعر المتطاير.


مررت أخيرا بالصالون وإذا به مزدحم، فلم أطلب النزول إليه، لأنني إن كنت مؤمنا بوعورة تضاريس الشكل عندما أنظر في المرآة لكنني لا أؤمن بالمزاحمة، لا أزاحم أحدا في شيء أترك كل ما ازدحمت الرؤوس حوله أو فيه.
انقضت موجة الترحاب وسرعان ما تحولت من الأخ القادم من غربتي المُحْتَفَل به إلى ذلك الأخ الذي يثلّث الدفعة الأخيرة من صغار العائلة لأبوح لكم نحن لا نحسن فنّ الاحتفال لا تخبروا أحدا فشددت رحلة جديدة إلى صالون الحلاقة، الذي سبقت شتائم المزدحمين به إلى أذني، فانعطفت عن أدراجه متحولا إلى الرصيف في الطرف الآخر من الطريق، واسترسلت ماشيا حتى وجدتني أحول الاتجاه عند دوار العيادات في آخر إيدون مستمرا بالسير مستذكرا كل ما كان يدور حولي في هذه الشوارع انتظار الباص، وطابور المخبز وحلّة المدرسة.
وعندما لَحَظْتُ تزايد الحركة أدركت أني وصلت إشارة النسيم _ دوار النسيم سابقا_ وقفت لأنتظر أول باص يعود بي إلى القرية بكل تأكيد القرية لن تهرب لكن الشعور الداخلي بالاستغناء عن الحلاقة جعلني أشعر بالفشل، وأي فشل أكبر من أن تفشل بتهذيب مظهرك، خاصة أنني لا أحسن تهذيب اللحية أو الشعر.
أدرت ظهري للحاضر وسرحت في الذاكرة وإذا بذاكرتي تسخر مني: أنت تقف أمام صالون منير.
قررت الدخول: وإذا بالصالون مزدحم أيضا لكنه مزين بالهدوء والحوارات الودية، الصالون يديره منير ويعمل معه شقيقه، قررت أن أتخذ قرار يغير مسيرتي أن أغير الحلاق، وجلست مع المنتظرين كلهم يعرفون بعضهم بعضا، وأنا الجديد، سمعت شابا يردد: ما بقدر أحكي هالكلمة هون، منير بزعل.
ليبتسم منير: لأنه حرام وعيب.
ولأول مرة أستمتع بالانتظار منير وعثمان يتحدثان بلباقة يحللان كل شيء ويبذلان كل طاقتهما لإسعاد الزبون.
الرقي الأخلاقي الذي احتواه صالون منير بثنائيه الرائع منير وعثمان علامة فارقة ستبقى موجودة في زاويته من الجهة الجنوبية. لم يمض وقت طويل حتى صرت زبونا ثابتا عندهم وقد شاركني في هذا شقيقي أحمد رغم معاييره المعقدة لمظهره، لكن منير المبتسم دوما كان يناضل حتى اللحظة الأخيرة ليقدم له أفضل خدمة يرجوها _ صراحة الله يعين أي حدا يحلق له لأنه من جماعة الزاوية تسعين_ اليوم وبعد أعوام وجدتني على كرسي منير في ذات المكان وذات الهدوء وذات الكياسة والذوق.

*نترتح: نتمسك

#ناي_الحياة/ مذكرات شاب في الأربعين #مصعب_البدور مقالات ذات صلة رصيف الخيانة 2024/06/25

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

أية أسرار احتواها "الصندوق الأبيض" الذي تسلمه البابا من سلفه؟

أية أسرار احتواها "الصندوق الأبيض" الذي تسلمه البابا من سلفه؟

مقالات مشابهة

  • أية أسرار احتواها "الصندوق الأبيض" الذي تسلمه البابا من سلفه؟
  • أبو خابصها ظاهرة بنكهة عراقية .. في سطور
  • وزير التجارة يأمر بتشديد الرقابة على صالونات الحلاقة والتجميل
  • البابا الذي عشق كرة القدم: من هو لاعبه المفضّل؟
  • أسما شريف منير عن جيل الشباب: احترامهم الحقيقي لفنّهم سر نجاحهم
  • فَمَا ٱسۡطَـٰعُوۤا۟ أَن یَهزموهُ، وَمَا ٱسۡتَطَـٰعُوا۟ لَهُ هدماً !!
  • علامات المؤمن الصادق وصفاته.. تعرف عليها
  • إنذار صحي.. سلاح فتاك في الهواء الذي نتنفسه
  • علي جمعة: من أراد النجاح فليطلبه بالله.. والتوكل عليه سر الطمأنينة وتحقيق المقاصد
  • الخراب الذي طال الكنائس بالخرطوم بأيدي الدعامة