الجزيرة:
2025-03-04@15:20:49 GMT

سبل وقف العدوان على غزة

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

سبل وقف العدوان على غزة

تتجلّى في مشهد حرب الإبادة التي تشنّ على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أوجه متعددة، منسجمة أحيانًا ومتناقضة إلى حدّ اللامعقول أحيانًا أخرى. يجتمع في ذات المشهد مأساة إنسانية لم يعرفها الشعب الفلسطيني من قبل، سوى في بعض جوانب نكبة 1948م، حيث تجاوز عدد الشهداء والجرحى الـ 120 ألفًا، وتجرّع كل مواطن في غزة آلامًا لم يعهدها فلسطيني من قبل.

دمّر ما يزيد على 70% من العمران في القطاع، وأبيدت بشكل كامل قطاعات الخدمة العامة: الصحية، والتعليمية، والدفاع المدني.

في الوجه الآخر للمشهد، تنتصب البطولة بأبلغ ما لها من معانٍ. يجسد رجال المقاومة الفلسطينية كل معاني القوة والصلابة والتحدي وقهر الظروف غير المواتية دومًا، مستلهمين كل ما عرفت أمتهم وشعبهم من معاني التضحية والفداء والاستبسال في مواجهة العدوان. يقف الشعب الفلسطيني شامخًا صامدًا محتسبًا ومحتضنًا مقاومته، ومشاركًا لها في رسم مشهد يفتخر به كل فلسطيني، بل وكل إنسان حر وشريف في هذه المعمورة.

في ذات المشهد، يقف الجيش الذي طالما اعتقد بأنه لا يقهر، وبأنه قادر على إنجاز أهدافه بشكل سريع وحاسم، عاجزًا عن تحقيق أيّ من أهدافه المعلنة. يتعزز الشعور بأنه يغرق في رمال غزة ويهيم في أزقة مدنها ومخيماتها دون قدرة على السيطرة على أيّ منها أو إظهار صورة نصر. لا يفلح سوى في التدمير والقتل والتخريب، فيما قيادته السياسية متشاكسة وعاجزة هي الأخرى عن بلورة مخرج أو خارطة طريق. تتنازعها الرغبة في إنهاء حرب ألحقت ضررًا بالغًا بمكانتها وصورتها على كل الصعد، والخوف من إغلاق المشهد على صورة الفشل وعدم تحقيق الأهداف.

جهود دولية دون جدوى

بُذلت جهود كثيرة على صعد مختلفة لوقف هذا العدوان ولجم آلة القتل الإسرائيلية. على الصعيد القانوني والحقوقي، تحرّكت جهات ودول مختلفة، في مقدمتها دولة جنوب أفريقيا، وأثمر حراكها في محكمة العدل الدولية، وكذلك في المحكمة الجنائية الدولية، وفي عدد من المحاكم المحلية لبعض الدول. وعلى المستوى الدبلوماسي، تحرّكت لجنة وزراء الخارجية المنبثقة عن القمة المشتركة غير العادية للجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، بالإضافة لجهود عدد من الدول الشقيقة والصديقة للشعب الفلسطيني، وبالذات الجزائر وروسيا والصين.

صدر قراران عن مجلس الأمن يدعوان لوقف الحرب، واعترف عدد من الدول بدولة فلسطين، ووضع الجيش الإسرائيلي على القائمة السوداء في الأمم المتحدة كجيش قاتل للأطفال. كل ذلك الجهد وغيره على المستوى الدولي الرسمي لم يفلح أيضًا في وقف العدوان ولجم تغول الاحتلال.

في مسار آخر رعته، وبكل أسف، الولايات المتحدة، الراعي الحصري المنحاز دومًا وغير النزيه للمفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، بذل الوسطاء، خاصة القطريين والمصريين، جهودًا متواصلة، على أمل وقف العدوان. من خلال اتفاق بين الطرفين، كانت اتفاقيات باريس: الأولى، والثانية، والثالثة، ولكنها كلها لم تنجح حتى اللحظة في وقف العدوان عبر اتفاق يفضي لوقف الحرب وانسحاب قوات الاحتلال بشكل كامل من قطاع غزة وصفقة تبادل للأسرى، وذلك لتنصّل الاحتلال وتهرّبه من تطبيقها، رغم الموافقة الأميركية أكثر من مرّة عليها.

تعنّت إسرائيلي مدعوم

يستند رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في موقفه المتعنت والرافض لأي اتفاق يفضي لوقف الحرب، إلى عدة أمور.

أولها: الموقف المتماسك للحكومة المتطرفة التي يرأسها وضمان أغلبية مستقرة في الكنيست الإسرائيلي. استمرار دعم غالبية الجمهور في الكيان لهذه الحرب، وعدم تنامي الاحتجاجات الشعبية الرافضة لها، أو عدم قدرة الأحزاب والقيادات السياسية والعسكرية الرافضة للحرب على التأثير على الجمهور. ففي استطلاع لمعهد بيو الأميركي نُشر الشهر الماضي، يعتقد 67% من الإسرائيليين بأن دولتهم ستحقق أهدافها من الحرب.

خلاصة المشهد اليوم، صمود شعبي، ومقاومة عصية على الانكسار ومسنودة من جبهات تضامن في لبنان واليمن. يقابله عناد صهيوني، وجهود دولية غير مؤثرة، ودعم أميركي غير محدود. استمرار هذه الصيغة دون تغيير يعني استمرار الحرب وغياب أفق نهايتها

أضف إلى ذلك أنه لم يتحقق أي من الأهداف المعلنة للحرب، مما يعني، من وجهة نظرهم، أنها يجب أن تستمر لتحقيق تلك الأهداف، والمتمثلة في القضاء على حماس، وتحرير الأسرى الإسرائيليين، وضمان عدم تكرار هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول مرة أخرى.

الأمر الثاني: هو الدعم الأميركي المفتوح والمضمون لإسرائيل بمعزل عن موقف الإدارة الأميركية أو الرئيس بايدن. فقد بات من الواضح أن النفوذ الكبير لجماعات الضغط والمصالح والشخصيات الصهيونية في الولايات المتحدة، يجعل الإدارة عاجزة عن تمرير رؤيتها، إذا ما كانت حقًا مختلفة عن رؤية نتنياهو، وفرضها على حكومة الاحتلال. فالولايات المتحدة مع إسرائيل في كل الأوقات والأحوال وبمعزل عمن يسكن البيت الأبيض.

ثالثًا: الضعف العربي والإسلامي والدولي وعدم القدرة على ممارسة الضغط الكافي بوسائله المختلفة، لفرض وقف إطلاق النار. فلولا حالات محدودة تمكّنت من الإفلات من الهيمنة الأميركية، مثل: إيران، واليمن، ولبنان، وجنوب أفريقيا، وبعض الدول الإسلامية، والأوروبية، لَبدَا المشهد قاتمًا إلى حد الاختناق، ولفقد العالم الأمل في أي تغيير مستقبلي في المشهد الدولي.

فواعل قادرة على وقف العدوان

خلاصة المشهد اليوم، صمود وبطولة فلسطينية، ومقاومة عصية على الانكسار ومسنودة من جبهات التضامن في لبنان، واليمن. يقابل ذلك عنادٌ وتعنّت صهيوني، ومحدودية تأثير للجهود الدولية، ودعم أميركي غير محدود وغير مرتبط بموقف ساكن البيت الأبيض. استمرار هذه الصيغة دون تغيير يعني استمرار الحرب وعدم وجود أفق واضح لنهايتها. بقراءة متأنية لمكونات المشهد المختلفة يمكن التوقف عند بعض المكونات التي يمكن أن تحدث تأثيرًا حقيقيًا في مسار المعركة.

جهدها بالأساس ينبغي أن يتركز في الضغط على الجبهة الداخلية للاحتلال بمكوناته المختلفة: السياسية، والعسكرية، والاقتصادية لإحداث تغيير في مواقفها. ومصدره يمكن أن يكون أحد الأطراف الآتية:

أولًا: تحوّل جدي في الضفة الغربية وانخراط حقيقي شعبي ومقاوم في المواجهة مع الاحتلال. هذا التحوّل هو ما عبّرت الولايات المتحدة الأميركية والأجهزة الأمنية في إسرائيل عن خشيتها منه منذ بداية الحرب. عملت الولايات المتحدة، وبكل أسف، على الحيلولة دونه، فقد عملت بشكل مكثف مع السلطة الفلسطينية في رام الله والأجهزة الأمنية للاحتلال لضمان الاستمرار في الهدوء في جبهة الضفة.
رغم المواجهات التي لم تتوقف، وبالذات في شمال الضفة الغربية، والتي استشهد فيها مئات الفلسطينيين خلال الثمانية أشهر الماضية، فإن مشاركة الضفة حتى اللحظة لم تكن فعالة بالقدر الذي يساهم في لجم العدوان الصهيوني على غزة. يدرك الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية أن نتائج الحرب في غزة ستنعكس عليه بشكل مباشر وأسرع من المتوقع. وهو منحاز بشكل كبير للمقاومة ومشروعها ولطوفان الأقصى وتداعياته المختلفة، وهو ما أظهرته استطلاعات الرأي المتكررة خلال الحرب.
كما أنه لا يعوِّل على قيادة السلطة وسلوكها السياسي، ولكنه في ذات الوقت لم يتمكن حتى اللحظة من الإفلات من قبضة وقيود أوسلو وسلطتها. ثانيًا: تطور في أداء حزب الله وزيادة ملحوظة في الضغط على الاحتلال وجبهته الداخلية. المستوى الحالي من الاشتباك مع الاحتلال في الجهة الشمالية، جبهة حزب الله، رغم ما يولده من ضغط على الاحتلال بمستويات ومجالات مختلفة، لا يبدو كافيًا لوقف العدوان على غزة. الانتقال بهذا الاشتباك إلى مستويات مختلفة، رغم ما يحمله من أخطار، أمر ضروري ولا مفرّ منه.
من خلال رفع وتيرة المعركة وصولًا إلى الاستعداد لخوض الحرب لمساندة الشعب الفلسطيني في غزة، سيكون حزب الله قد سجّل موقفًا تاريخيًا سيكون له ما بعده، وسينقل الحزب إلى مكانة مختلفة على مستوى الشعوب العربية والإسلامية. كما أنه سيقطع الطريق، وبالحد الأدنى سيضعف إمكانية، أن يكون هو الهدف التالي لعدوان الاحتلال وحلفائه. فرفع مستوى المواجهة وإظهار قدر عالٍ من التحدي والإرادة في المواجهة قد يقود إلى ردع الإسرائيلي وحليفه الأميركي. ثالثًا: تحول في الأداء السياسي لقيادة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير ابتداءً، ثم للقوى المؤثرة في العالمين العربي والإسلامي. يشكل الموقف والسلوك السياسي، لقيادة السلطة بالذات، نقطة ضعف أساسية في المشهد. بل إنه من العوامل الهامة التي تطيل أمدَ المعركة، وتوفر الذرائع للاحتلال وداعميه للاستمرار في العدوان، بحجة تحدي اليوم التالي للمعركة وإدارة القطاع والشأن الفلسطينيّ.
إنّ تغيير الموقف والسلوك السياسي لقيادة السلطة بوصفها الطرف الذي يمثّل الفلسطينيين في المؤسّسات الدولية والإقليمية أمرٌ في غاية الأهمية، وهو ما ينبغي العمل عليه من قِبل كل القوى الفلسطينية. لعلَّ مبادرة عقد مؤتمر وطني التي يتم العمل عليها من قبل بعض النخب والتجمعات الفلسطينية إحدى الأدوات التي يمكن أن تؤثر في المشهد.
إحداث تغيير على موقف وشكل القيادة السياسية الفلسطينية هو واجب الفلسطينيين قبل غيرهم، وهو مدخل مهم للضغط من أجل تغيير وتطوير الموقف العربي والإسلامي. لا بدّ للقوى والتجمعات الفلسطينية من بذل كل الجهد واستخدام كل الوسائل لإحداث هذا التغيير؛ لأن إدارة معركة بهذا الحجم والتصدي للتحديات والفرص الناجمة عنها يحتاج لقيادة "رسمية" منسجمة وملتحمة مع شعبها ومعبّرة عن الأداء الميداني والصمود الاستثنائي.

سيتبادر إلى الذهن أن هذه التحولات والتطورات التي لم تحدث خلال الأشهر التسعة الماضية لن تحدث في المستقبل القريب، وأن من لديه القدرة أو الإرادة لتقديم المزيد قد فعل. انتظار التغيير لدى هذه الأطراف هو تفكير رغائبي وحالم، وقد يبدو من يفكّر بهذه الطريقة موضوعيًا أو محقًا، لكن الواقعية والموضوعية أيضًا تشير إلى أن الواقع معقّد وصعب ويحمل الكثير من المخاطر على مختلف الأطراف، بما فيها الاحتلال والولايات المتحدة.

تحوّل أو تطوّر محدود في أحد العوامل أو لدى أحد الفواعل قد يغيّر المعادلة وموازين القوى. ليس بالضرورة أن تكون المواقف المعلنة هي الحقيقية، بل هي غالبًا ليست كذلك. الادعاء بأن الاحتلال يتهيأ لحرب في الشمال، وأن نتنياهو مصرٌّ على تحقيق أهدافه من الحرب كما أعلنها في الأيام الأولى للمعركة، هو غالبًا جزء من الإدارة الإعلاميّة والسياسية للمعركة، وغير معبّر عن حقيقة الموقف.

إذا لم يكن كذلك، فذلك يعني أننا أمام حكومة تشبه إلى حد كبير الأنظمة الإجرامية المريضة، التي لا تتعامل إلا مع النصر المطلق أو الهزيمة المطلقة. أثبت التاريخ أنّ الحكومات الدوغمائية والفاشية لا تتوقف إلا بالهزيمة المطلقة، وبعد فوات الأوان. هذا ما يجب العمل عليه بكل الوسائل ومن كل الأطراف المؤمنة بحقّ الشعب الفلسطيني في الحياة والتحرّر والعيش بكرامة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الشعب الفلسطینی فی الولایات المتحدة وقف العدوان

إقرأ أيضاً:

مرقص في إفطار تكريمي لإعلاميين شاركوا في تغطية العدوان: شجاعتكم وسام على صدر الوطن

أقيم إفطار تكريمي لإعلاميين شاركوا في تغطية العدوان على لبنان، في مطعم Olive Beirut–  في فندق الحبتور- سن الفيل، بدعوة من الإعلامي محمد برجي، وصاحبي المطعم خالد غياض ونجله جلال غياض، برعاية وزير الإعلام الدكتور بول مرقص وفي حضور وزير الإعلام السابق المهندس زياد المكاري.

بداية رحبت الإعلامية رنا أسطيح، بالحضور موجهة "لفتة شكر وتقدير ووفاء لكل المراسلين والمراسلات والأطقم الصحافية الذين رغم الحرب وتحت القصف والعدوان، بقوا في الميدان وأدوا رسالتهم بكل شجاعة وتفان وعرّضوا حياتهم للخطر، كي تعيش الحقيقة ويبقى الصوت مسموعاً".

وشددت على أن "التغطية ما زالت مستمرّة في زمن الهدوء كما في زمن الحروب، في وقت الهدنة أو على خطوط النار بوجود صحافيين وصحافيات بذلوا تضحيات لا توصَف، في سبيل نقل الحقيقة وإيصال الصوت والصورة".

وأشارت إلى أن "رسائل المراسلين والمراسلات على الهواء من خلف خطوط النار هي الشعلة التي وعّت الضمير العالمي والجمرة التي قلّبت تحركات شعبية ومسيرات بالآلاف في كل شوارع العالم تنديداً بالمجازر ومطالبةً بالحقيقة".

واستذكرت عصام عبد الله، ربيع معماري، فرح عمر، هادي السيد، كامل كركي، حسين صفا، محمد غضبون، محمد بيطار، علي الهادي ياسين، وسام قاسم، غسان نجار، محمد رضا، زينب غصن، سكينة كوثراني وعلي حسن عاشور "الذين استشهدوا من أجل الكلمة والحقيقة".


ثم القى محمد الجنون كلمة باسم الإعلاميين أكد فيها أن "رسالة الإعلام لا تعرف الاندثار"، وقال:"مهما حاولوا قتلنا وترهيبنا، سنبقى أسياد الكلام بإصرار".  

أضاف:"رسالتنا دائماً هي أن نكون مع الوطن، أن نكون مؤمنين بالدولة التي تصون حقوقنا، فهي ملاذنا وشعارنا وكلامنا وأصلنا، ولن نحيدَ عن درب الحقيقة مهما كانت المآسي وسنبقى شاهدين على كل تفصيل، وسننقلُ الحقّ بقوة وحماس".  

ختم:"سنراقب ونتابع، ونحمي لبنان بأقلامنا وانتمائنا، لأننا سنبقى الشهود على الحقيقة دائماً وأبداً، وسنبقى سلطة رابعة ما كانت يوماً خانعة ولا خاضعة ولا خادعة والدليل على ذلك كان في الجنوب".  


من جهتها شددت ابنة الجنوب الإعلامية رابعة الزيات على أن "تزامن شهر رمضان مع الصوم الكبير مناسبة للتفكير في هذه الوحدة من أجل بناء وطن لأننا أصبحنا بحاجة للقاء وليس للفراق".

وقالت: "الصحافيون خلال العدوان الإسرائيلي على كل لبنان، كانوا ينقلون الصورة بإنسانيتهم وأخلاقهم والتزامهم المهني، في ظروف صعبة، وأظهروا كيف يصنع المراسل رأياً عاماً وكيف ينقل الحقيقة ويمارس دوره بأخلاقية".

وأشارت إلى "أننا اليوم في حال انقسام كبيرة، فالعدوان على لبنان لم يوحد اللبنانيين، وكان هناك انقسام اعلامي شديد حوله، ولكن على الرغم من هذا الانقسام، كان الزملاء في جميع الوسائل الإعلامية يؤدون واجبهم بكل أمانة ومهنية وصدق".

وقالت:"في ظل حال الانقسام في البلد دوركم ليس على الشاشات بل أيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الحياة لتقريب وجهات النظر واحترام الاختلاف وعدم إدانة بعضنا على خلفياتنا السياسية من أجل بناء وطن، ونحن اليوم في فرصة حقيقية لبناء الوطن والاعلام هو الأساس في هذا البناء".


ثم كانت كلمة للمكاري عايد فيها الحضور بحلول رمضان والصوم، وتوجه فيها الى الاعلاميين قائلا:"خضنا معارك كثيرة معا لكن قدرنا أننا أتينا في ظرف سيّئ ومأسوي وفي زمن حرب استشهد فيها إعلاميات واعلاميون بالإضافة إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوفهم ايضا".  

أضاف:"منذ تسلمي وزارة الاعلام اعتبرت اننا فريق واحد على الرغم من التباينات للأسف بين اللبنانيين لكننا نعتبر ذلك تنوعا ننفرد به عن غيرنا لذلك يجب أن نتغنى به ونحميه. عند اندلاع الحرب كنت أول مسؤول حكومي زار بلدة مارون الراس في 13 تشرين الأول 2023 واتشرف بذلك، والتقيت الصحافيين هناك، ويومها قلت إن اللبنانيين لا يريدون حرباً إنما اذا فرضت علينا، فيجب أن نكون موحدين، وقلت للإعلاميين إن للحرب وسيلتين: الحرب العسكرية والحرب الإعلامية التي لا تقل أهمية عن العسكرية، وكان أهم مطلب أن ننقل بكل موضوعية ما كان يحصل من دون عواطف. وهنا أنوه بكل الإعلام اللبناني على الرغم من الانتقادات والانقسامات الحادة، وأقول إنكم رفعتم اسم لبنان باحترافيتكم وموضوعيتكم، في وقت كان السياسيون منقسمين على بعضهم، كان الصحافيون اللبنانيون من وسائل مختلفة يستشهدون. فهذا هو الدرس الذي يجب أن يعيه السياسيون في لبنان، وهو أنه يمكننا أن نكون موحدين".

وتوجه المكاري إلى الوزير مرقص بالقول:"لو طُلب مني أن اختار وزيراً للاعلام من بعدي لكنت اخترتك بالتأكيد. تركنا لك أمانة غالية جداً، عملنا وصمدنا كثيراً كي نصل إلى ما وصلنا اليه، وكما بعد كل حرب هناك مخلفات وألغام، لن أتكلم عنها لكن أقول لك إن الإعلام يستحق أن تحميه إلى أبعد الحدود، وان تتحدى كل الناس والطوائف والمذاهب والمراجع كلها من أجل ذلك وستكون انت الرابح".

ختم:" من أجل حماية الإعلاميين، تركنا مشروعاً بأمانتك هو قانون الإعلام، فهو كفيل أن ينظم كل هذه البيئة وانا أكيد أنك ستستمر في هذا النهج وأتمنى إقراره خلال فترة توليك الوزارة".


في الختام القى الوزير مرقص كلمة قال فيها:"سندعم الإعلاميين بقوة الحق لأنهم أصحاب حق وقضاياهم قضايا حق، كما سندعمهم بالقانون والنظام والعدالة والإنصاف الذي يستحقه كثير من فئات العاملين في المرئي والمسموع".

أضاف:" جلت اليوم في أقسام وغرف تلفزيون لبنان الذي  يستحق أن يكون مضيئًا أكثر مما هو عليه، كذلك الأمر في أقسام عدة من مديريات ودوائر وزارة الإعلام، وفي كل مرة أجول في أرجاء الوزارة والتلفزيون، أرى كم هو مهم تدعيم الإعلام اللبناني الذي يضم طاقات زاخرة بحاجة إلى الإضاءة والدعم والإنصاف. لذلك أعدكم بأن أعمل حتى النهاية وأمضي كل وقتي في خدمة الإعلام والإعلاميين".

تابع:"الإعلام مرآة الواقع، في السلم كما في الحرب. لعلّ الفارق الوحيد، أنّ هذه المرآة تشظّت في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، وعلى رغم ذلك حافظت على صفاء الرؤية ونقاء الصورة. 11 إعلامياً شهيداً وثمانية جرحى منذ تشرين الأول 2023 حتى توقف الاعتداءات، كانوا رسُلَ الحق وشهوداً على قضية وطن لا يستسلم ولا يموت. واذا كان كل إعلامي يترسّل في مهنته حتى حدود الاستماتة والشهادة، فإنه يسترسل في تفانيه، أصالة عن نفسه ونيابة عن الآخرين، كل الآخرين. ولولا الترسّل والاسترسال، لما أمكن نقل الخبر من مكان الحدث الأكثر سخونة وخطورة، ولما أمكن توثيق استشهاد 163 من كوادر القطاع الصحي، وألفين و593 مواطناً، وإصابة 12 ألفاً و119 بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، فضلاً عن أكثر من مليون و400 ألف نازح داخل الأراضي اللبنانية وإلى خارج الحدود. كلها كانت حصيلة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، ونتيجة متابعة دؤوبة ولحظوية من عدسات لا تنام وأقلام لا تنكسر وهمم لا تفتر رغم الترهيب الإسرائيلي المُخالف للقانون الدولي الإنساني وكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي من غير المقبول ألا تُطرح مجدداً على بساط البحث لإجراء جردة حقيقية لما تبقى من نصوص أصبحت ميتة وهي بحاجة لإحيائها مجدداً وفقاً لآليات مُلزمة للدول كي تحترم حقوق الإنسان، وذلك بحاجة إلى ضغطكم لأن ما حصل لا يُستهان به ويجب التوقف عنده والاتعاظ منه من أجل إعادة التفكير في كل هذه الأدبيات التي لم تعد صالحة في عصرنا الحاضر".

أضاف:"هذا هو إعلامنا وهؤلاء هم إعلاميّونا، أصوات الحقيقة في زمن الضلال، وأقلام الحق في وقت الظلم، وعيون العقل أيام التّيه والغشاوة. من شجاعة عصام العبدالله استمدّ العالم بأساً، ومن إقدام فرح عُمر التمس نخوة وحماسة، ومن دماء زملاء آخرين كثر وجروحهم الغائرة استجمعنا قوانا وعقدنا العزم على متابعة المشوار حتى آخر مراحله المعمّدة بالدم والحبر على امتداد الوطن. قدَر الإعلامي كقدَر الجنديّ في المعركة، ومهمّتهما واحدة: بندقيّة تفكّر وعقل يقاتل. بندقية الإعلامي قلمُه، وسلاح الجنديّ وطنيّته".

ختم: "لن أطيلَ الكلام ولن أخطبَ في إعلاميين تعوّدوا أن يكتبوا ويتكلّموا ليسمع الآخرون ويفهموا قضايا الحق والحرية والكرامة. عطاءاتكم في الحرب تتحدث عنكم، وشجاعتكم وسام على صدر الوطن وصدورنا جميعاً. رحم الله الشهداء الإعلاميين وشفى الجرحى وحفظ لنا لبناننا الحبيب".

مقالات مشابهة

  • «الرئيس السيسي»: مصر تعكف على تدريب الكوادر الفلسطينية الأمنية التي ستتولى الأمن في غزة
  • مرقص في إفطار تكريمي لإعلاميين شاركوا في تغطية العدوان: شجاعتكم وسام على صدر الوطن
  • السودان يجدد دعمه وتأييده للقضية الفلسطينية
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • الخارجية الفلسطينية تدين التحريض الصهيوني على استئناف العدوان والتهجير القسري
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • زيلينسكي: وجود ضمانات أمنية فعالة تجعل عودة العدوان الروسي مستحيلة
  • إنفوغراف.. المشهد "البشع" في المكتب البيضاوي يشغل العالم
  • رئيس البرازيل ينتقد مشادة ترامب وزيلينسكي ويصفها بـ"المشهد البشع"
  • بالفيديو.. عيترون الجنوبية تودع شهداءها بين ركام الحرب