1
قالت بلطفٍ وقبّلت رأسي:
- الحقّ أني لستُ كباقي الزوجات؛ وأحيانا أجهد تفكيري كيلا أنفق سُدى كوبيكا واحدا من مالك... سوف تكّد وتعمل، وأنا أيضا سأعمل معك...
أجبتها بامتنان:
- شكرا عزيزتي، لو تعرفين معزتك عندي! آه لو تعرفين! اشعلي المصباح!
هزّت رأسها معاتبة:
- إنك لا تعتني بنفسك... ليس بوسعك توصيل الكهرباء وتظل تعمل على الكيروسين.
- سنوصلها بالطبع، وأقترح عليك أن تمري غدا على المحطة... أبلغيهم أنه...
فردت بحدّةٍ:
- يقول لي المحطة! فلتجرب أن تذهب إلى المحطة! سيمنحونك كهربائيين سكارى ليشبعونك ضربا... يا لك من أحمق!... هل تتذكر أنيسيا التي خدمت عندنا؟
- كلّا...
- طبعا لا تتذكر، فما هَمّ الأزواج بشغل المنازل! أنيسيا هذه لديها زوج يفهم في توصيل الكهرباء، رجل طيب ولن يأخذ أكثر من ثلاثة روبلات... بينما تريدنا أنت أن نجلب كهربائيين! إني أقدّر عملك ولا أريد أبدا أن تُنفق نقودك سدى... اكتب، اكتب! سأدعوه إذن، ها؟
أومأت برأسي:
- فليأتِ، على أن يتمّ كل شيء بأسرع وقت!
- ولا تهتمّ، اكتب عزيزي، اكتب!
ومرّة أخرى قبّلَت رأسي.
2
كأي امرئ مثابر، لم يشأ زوج أنيسيا رفض العمل، فجاءنا في صبيحة اليوم التالي. أَدخلوه إلى مكتبي في حوالي التاسعة، وبأدب هزّني من كتفي ثم انتظر حتى أفتح عيني ليسأل عن المطلوبِ.
سألني وهو يجوب الغرفة بناظريه:
- كم عدد اللمبات المطلوبة؟
- الكثير منها... في كلّ مكان – أجبت على مضض، منزعجا من إفساد نومي.
فقال وهو يدير رأسه بصورة مبهمة:
- هكذا إذن، مسألة كهرباء! إن الإضاءة لشيء عظيم...
بعد بضع دقائق سحب إلى الغرفة سُلما مزدوجا قذرا، فما إن اتخذ وضعيته المريحة عليه حتى شرع في دق السقف بمطرقة كبيرة.
- لماذا تفعل هذا؟ - سألت باستحياء، شاعرا بوجوب التخلي تماما عن كلّ محاولة للنوم.
نظر إليّ زوج أنيسيا مذهولا:
- تقول لماذا! إنها كهرباء... فما أدراك، لعلني أنوي وضع خطّاف هنا!
بعد أن ضرب السقف عدة مرّاتٍ، ضربات واثقة، وأسقط قطعة جبس معتبرة، طلب أن يُؤتى إليه بالخادمة.
- هل قمتم بوضع توصيلات هنا من قبل؟ - سأل من فوق – ربما فعل أحدهم هذا مسبقا؟
فردّت الخادمة متحرجة:
- إني مستجدّة، ولكن السيدة تعرف.
- فلتستدعيها إذن، سيدتك هذه! – ثم أضاف وهو ينظر نحوي: بمعنى زوجتك... هل يوجد لديكم أطفال؟
- كلّا - أجبته دون اهتمام.
- سيأتون... وسيحدث هذا قريبا- ثم سأل زوجتي التي دلفت الغرفة: ألم توصلوا أسلاكا من قبل؟ ربما تكون هناك توصيلات قديمة يجب اقتلاعها! هكذا هُم دائما، يدفنون الأسلاك ثم علينا أن نجدها...
- كلا، لم نوصّل شيئا - ابتسمتْ متأسفة - قُم بتوصيلها أيها الطيب وسندفع لك.
فتفضّل زوج أنيسيا بالردّ:
- وما الجدوى من عملٍ دونما أجر! أمّا هنا، فحتى مصباح كيروسين يتطلب توصيلا.
عند مغادرة زوجتي، غمز لي من الأعلى وأرخى المطرقة.
- هذه سيدة بحق، أمّا التي كنت معها في الشقة 12 فلن يرضى بها حتى عامل مثلي... حسنا، سأذهب الآن، لقد حان موعد الغداء.
اضطررتُ أثناء غيابه إلى رفض استقبال شخصٍ أحتاجُهُ، فحالُ الأرضيةِ وقد تغطت بالجبس، بالسلم الغريب الذي وقف في وسطها، لم يكن مشجعا لدخول الغرفة.
أطال زوج أنيسيا نوبة غدائه، وأعترفُ أنني ظننت في الساعات الأولى من غيابه أنه استنكر عدم توصيل الكهرباء من قبل، فقرر الانصراف نهائيا.
عاد مجددا في المساء منشرح الصدر وتعامل مع عمله بشيء من المرح. قال مبررا غيابه:
تأخرت قليلا؛ مستأجرون جدد كانوا ينتقلون فساعدتهم في حمل خِزانة... نقدوني بخمسين، البخلاء...
صعد على هيكله، وبطريقة ممنهجة راح ينتزع الجبس من السقف.
سألني باحترام:
- هل لديكم لفّافة؟ أشتهي أن أدخن. - فرفعت يدي عن العمل ومددت له بلفّافةٍ.
- شكرا جزيلا- سحب نفسا وبازدراء انتزع من السقف ما يشبه المسمار. - نعم، إنهم بخلاء، فلدى المُستأجرين هؤلاء، برغم اختلافهم، مثال واحد: ينادونك ثم يُحمّلونك كالجحش، وعند الدفع لا شيء.
شعرت بالتحرج من كلامه وقلت كمن يتحمل ذنبا:
- لا تقلق فسوف ندفع لك، بل بإمكاني أن أدفع مسبقا.
- ما هذا الكلام يا رجل! لست قلقا فيما يخصكم. كما أني أعرف خادمتكم وقد طمأنتني. قالت: إنكم تقتصدون في الطعام، ولكنكم تدفعون للأجراء... - جرّ نفسا من اللفافة - تبغٌ ممتاز.
فيما يتعلق بجعل الغرفة غير صالحة لشيء، فقد استوفى السقف كل ما عنده؛ لقد بلغ التقشيرُ فيه حتى العوارض، وكما يبدو فإن زوج أنيسيا ينوي توصيل الكهرباء عبر نظامٍ من الكابلات العميقة. نظر بإعجابٍ إلى موضع الحَفرِ ثم نزل واتجه إلى الحائط.
- من هنا ستمر الأسلاك يا سيدي – ثم أردف حين وجدني متبلدا أمام إيضاحاته – أقول الأسلاك، فمن غيرها لا وجود لكهرباء، ولا يمكنك تركيب اللمبة في الحائط.
اقترب من الحائط، وبحركة حذرة دسّ اصبعه تحت ورق الحائط وجذبه. من تحت القطعة الممزقة، ظهرت بقعة رمادية باهتة لا تتناغم كثيرا ولون الأثاث.
- يا لهذا الشيء! – تبسّم زوج أنيسيا ساخرا – ورق جدران، ما إن تلمسه حتى يتمزق! ولكنهم السادة، لا يبقون شيئا إلّا ويشتروه! لقد صرفتَ على شيءٍ تافهٍ يا سيدي... مجرد ورق...
بعد دقائق قليلة اعتلى زوج أنيسيا السرير بحذائه وجعل يغرس مسمارا محدودبا في عضادة الباب.
قال وهو يستدير جهتي:
- إني أفعل هذا لأجلي... سأثبّت حبلا لأحمي نفسي... ثلاثة روبلات شيء ورأسي شيء آخر... سأقع وسيتحطم رأسي...
ألقيت نظرة جانبية على الشق الذي فغر في العضادة وقلت بانكسار:
- حسنا، بإمكانك أن تدّق هناك.
بعد أن قام بتثبيت المسمار، قاس المسافة إلى السقف بيده وقال: إنه سيذهب ليتعشى.
- سأضطرّ للعودة غدا، ولكن لا تحركوا السلّم وإلّا فسيتوجب وضعه مجددا ... ليس للسلّم أيدٍ ليتهجم على أحدٍ فدعوه وشأنه.
- لا بأس، لا بأس – وأضفت بتردد – أرجو منك فقط أن تكنس الغرفة...
فأفادني بعطف:
- لا يستحق الأمر ذلك، سأعود غدا وأدنس المكان ثانية، إنها الكهرباء بعد كلّ شيء...
3
لم يأتِ زوج أنيسيا في الغد. جاءت أليسيا نفسها وطلبت روبلا على الحساب.
أسرّت للطبّاخة قائلة:
- إنه بخير وعافية؛ سيكمل نومه ويحضر. وكما يقول: «لن يحترقون بسبب غيابي».
وبالمقابل فقد حضر في اليوم اللاحق أبكر من ذي قبل وكان مُقطّبا، فبدا أنه قد عقد عزمه على إتمام العمل. سألني بتجهم، ملقيا المطرقة على الأرض.
- هل قطعت نومكم؟ المعذرة إذن.
فأجبته مستنكرا:
- لماذا لم تأت بالأمس؟
- الأمس! لماذا الأمس... الأمس ليس اليوم – ردّ بشكلٍ ملتبسٍ – سأنهي العمل اليوم، إنه شيءٌ معقد.
- وهل ستنهيه في آخر الأمر؟ - تمتمتُ محبطا – لقد ضقت ذرعا.
فأومأ برأسه قائلا:
- وأنا سئمت أيضا! والحق أنني دُفِعت إلى هذا العمل دفعا، تماما مثلما تُدفع السكين إلى الرقبة...
- أنت كهربائيٌّ ولذلك استدعيناك...
- ولماذا لم تستدعون كهربائيا بحق – صرخ زوج أنيسيا – كان عليكم أن تستدعوا أحدهم ما دمتم معجبون بهم هكذا... والحال إنهم قاعدون بلا عمل.
- ماذا تقصد بلماذا؟ - تزحزحت عن السرير – ولكن، هل تفهم حقا في توصيل الكهرباء؟
- شيءٌ تافه... لقد لويت الأسلاك من قبل وغرست المسامير... لا فرق عندي أن أعلّق جرسا أو مصباحا.
سألته بصوتٍ مرتعشٍ:
- ولكن أنت، هل أنت كهربائيّ؟
- أنا؟
- نعم، أنت...
- أنا نجار... كما أنقل الأثاث حيثما توفر ذلك... كأي أجيرٍ بحاجة للأكل والشرب... يُنادونني فألبي النداء.
- والتوصيل... توصيل الكهرباء – قفزت عن السرير – هل تفهم فيه؟ هل سبق لك أن فعلت ذلك؟ توصيل الكهرباء؟
- كلا – أجاب بهدوء – ولكن، ما هو الصعب في هذا، أو تظن أنه أمرٌ عظيم؟ ما هنالك إلّا أن تغرس المسمار وتركّب الزر... إن الكهرباء تعمل بنفسها وليس كالكيروسين...
قلت متمالكا نفسي:
- اغرب من هنا... إلى الشيطان... هل تسمع؟
بصمت جمع زوج أنيسيا المعدات، نظر إليّ بعطفٍ وابتسم:
- كله بسبب الحريم... أنيسيا وخادمتكم. «اذهب! اذهب!» قالتا لي:«لست صغيرا وستقوى على ذلك!» وقد كانت أليسيا تخرج مع أحد الكهربائيين فراقبته لكي... ولكن... ربما لديك خزانة تريد دهنها؟ حسنا، أنا ذاهب... ومنكم المعذرة...
4
بعد ساعتين كان أربعة من الكهربائيين يلهون في غرفتي. تحركوا حول الطاولة وأسقطوا الكتب من الرفوف وتناقلوا أخبار العمل فيما بينهم.
- تعال يا عزيزي! - دعتني زوجتي بلطفٍ إلى الغرفة المجاورة – كما ترى يا عزيزي، ويا أحمقي الصغير، أنت تكدح يوميا ثم تبذّر أموالك، فما الضير لو أعطيت زوج أليسيا ثلاثة روبلات بدلا من أن تستدعي كهربائيين جدد!
قلت بهدوء:
- عزيزتي، زوج أنيسيا نجار... هل تفهمين، نجااار!
فأجابت بغضب:
- مستحيل! كيف هذا! يا له من وغد!
أخذت تذرع الغرفة محتدمة ثم وقفت تطبّل بأصابعها على حافة النافذة؛ التفتت إليّ وقالت بلوعة:
- أتعلم أنه وغد حقيقي. لقد دعوته الأسبوع الماضي لإصلاح السرير، فخلع ساقه ونزع المرتبة، بعدها طلب المغفرة... «أنا آسف سيدتي» يقول لي «أيُّ نجارٍ أنا! ولكن، لو كان يلزمكم توصيل الكهرباء فيمكنكم إبلاغي عبر أنيسيا وسآتي»... وكما تعلم فأنا لست كباقي الزوجات ولا أحب أن أنفق كوبيكا زائدا من أموالِك.
أركادي بوخوف كاتب روسي ساخر (1889-1937).
أحمد م الرحبي كاتب ومترجم عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: توصیل الکهرباء من قبل
إقرأ أيضاً:
سلام يعد حكومة نُخب واختصاصيين وتمثيل.. ميقاتي: استنساخ لحكومات سابقة ولكن لننتظر
يمضي الرئيس المكلف نواف سلام في اعداد التركيبة الحكومية العتيدة بأمل إنجازها قبل 27 كانون الثاني الحالي ولكن من دون الجزم بأن ولادتها قبل هذا الموعد باتت مؤكدة. ذلك أن المعلومات الأكيدة تشير إلى أن معظم التسريبات الجارية إعلامياً وسياسياً حول التركيبة العتيدة تفتقر إلى الدقة والحقائق وأن الرئيس المكلف ما دام لم يزر بعد منذ أيام قصر بعبدا لاطلاع رئيس الجمهورية جوزف عون على ما يمكن اعتباره التصور الأولي، فإن ذلك يعني أنه ماضٍ في مهمته ولم يستكمل الصيغة الأولية للتشكيلة.
وذكرت" النهار": ان المعلومات تؤكد أن اجتماعات سلام اتسعت في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة في كل الاتجاهات لبت العدد الأكبر من الحقائب والأسماء، وأن الامر ليس بالسهولة التي ساد الحديث عنها، بل إن اتساع رقعة الاستيزار وشموليتها تحتّم التروي لأن معيار حكومة من النخب والاختصاصيين وغير الحزبيين، وفي الوقت نفسه أخذ معيار التمثيل النيابي في الاعتبار، يجعل المهمة دقيقة. وفي انعكاس لهذه المعايير ترددت في الساعات الأخيرة تسريبات ولو غير مثبتة منها اسم الوزير السابق غسان سلامة أو بول سالم لحقيبة الخارجية والمال للنائب السابق ياسين جابر والداخلية لمحمد عالم والدفاع لعميد متقاعد والاقتصاد لصالح عامر بساط.
وكتبت" نداء الوطن": يتصرف ثنائي "حركة أمل" و"حزب الله" في المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة على قاعدة "عرف الحبيب مقامه فتدلّل". ويمعن الأخير في هذا السلوك نتيجة إبقاء رئيس الحكومة المكلف نواف سلام اتصالاته بعيداً من الأضواء ما يتيح لـ"الثنائي" أن يشيع ما يوافق مصالحه في الربع الساعة الأخير للتأليف.
ونقلت عن أوساط سياسية مواكبة لعملية التأليف أن الأمور متجهة نحو محاولة استيعاب "الثنائي الشيعي" تحت عناوين مختلفة. لكن أوساط معارضة تنظر إلى بعض هذه العناوين بحذر كبير. فالتفاوض بين "الخليلين" (علي حسن خليل وحسين خليل) كأنه في بعض جوانبه كتابة للبيان الوزاري قبل أوانه. وهذه الأوساط بقدر ما تثق بالرئيس المكلف لا تخفي خشيتها من الانطباع السائد لناحية الانقلاب في الأدوار، حيث المطلوب أن يتقدم "الثنائي" إلى مربع المرحلة الجديدة التي يمثلها جوزاف عون ونواف سلام لا أن تعود الأمور إلى الوراء.
وفي موضوع وزارة المال مثلاً أكدت هذه الأوساط معارضتها لما يسمى بالتوقيع الثالث.
وأضافت "توقيع وزير المالية نوعان: توقيع لأخذ العلم أي "باراف". وإذا كان المرسوم يتضمن أعباء مالية يمكن للوزير إبداء الرأي من زاوية مالية، لكن لا يمكنه وقف المرسوم".
وحذر مصدر معارض آخر من الانزلاق إلى حفرة أعدها الثنائي تحصر القرار 1701 بجنوب نهر الليطاني. ووصف المصدر هذه المقولة بأنها محاولة لتحضير نسخة جديدة من "اتفاق القاهرة" الذي شرّع السلاح الفلسطيني عام 1969، وتحت ستار المقاومة في الجنوب انتشر السلاح الفلسطيني في كل لبنان وأصبح له قوة سياسية تأتي برؤساء حكومات حيناً وتجبرهم على الاستقالة في أحيان أخرى. وفي مسألة "الثلث المعطل" لا ضمانة تبعد شبحه، فالثلث قد تتغير أطرافه تبعاً للمصالح والظروف، وتالياً نظرية "الكل في الحكومة" أفضل توليفة لنشهد "أثلاثاً معطلة" على أكثر من مفترق.
ونبه المصدر إلى أن تنامي سلوك الثنائي هذا يهدد صدقية العهد الجديد ويسلبه الإنجازات التي اكتسبها حتى الآن. وقال "إن كل الآفاق مفتوحة كي ينهض لبنان من خلال تكريس حق الدولة بامتلاك السلاح والحصول على الدعم الدولي والعربي الذي يلاقي متطلبات إعادة الإعمار ووضع لبنان على سكة التعافي الاقتصادي والمالي، ولكن هذا الزخم أصبح مهدداً إن لم يبادر الموقف الرسمي إلى هجمة مرتدة". وتخوفت مصادر من احتمال أن يتأخر دخان التشكيلة الأبيض بحسب ما يرغب الرئيس عون إذا تعنت "الثنائي" في شروط حصوله على الحقائب الأخرى أسوة باشتراطه الاحتفاظ بوزارة المال.
وذكرت “البناء” أن الرئيس المكلف قطع شوطاً مهما في عملية التأليف وبات الإطار العام للحكومة وهيكلها وشكلها واضحاً، وقد تم حسم أنها حكومة تكنوسياسية من 24 وزيراً يمثلون أوسع مروحة من الكتل النيابية لكن من خارج الأحزاب واختصاصيين من ذوي الكفاءة والنزاهة والخبرة مع اعتماد مبدأ فصل النيابة على الوزارة والابتعاد عن الأسماء الاستفزازية التي تشكل امتداداً للحقبات السابقة، كاشفة أن لا عقد أساسية تواجه التأليف، لا سيما أن التوتر الذي رافق تسمية الرئيس المكلف قد زال، وتم بناء الثقة بين الثنائي حركة أمل وحزب الله والرئيس المكلف ما مهد الأجواء لإطلاق حوار شامل وجدي بين الثنائي وسلام والتفاهم على خطوط عريضة وعلى ملفات أساسية تشكل هواجس الثنائي للمرحلة المقبلة، ما يسهل وفق المصادر تشكيل الحكومة وقد تبصر النور نهاية الأسبوع الحالي أو مطلع الأسبوع المقبل كحد أقصى، إذا ما سارت الأمور على السكة الصحيحة. ووفق أوساط سياسية فإن لقاءات متتالية حصلت بين ممثلين عن الثنائي والرئيس سلام اتسمت بالإيجابية وسيكون هناك لقاءات أخرى حتى ولادة الحكومة.
ووفق المعلومات، فإن الرئيس المكلف حسم توزيع الحقائق السيادية الأربع وهو قيد إنهاء الحقائب الخدمية بالتشاور مع الكتل النيابية، ومن المتوقع أن يزور بعبدا للقاء رئيس الجمهورية للتشاور معه في التشكيلة الحكومية العتيدة.
وأكد رئيس الجمهورية جوزف عون أمس، أن "تشكيل الحكومة في أسرع وقت يعطي إشارة إيجابية للخارج بأن لبنان بات على السكة الصحيحة"، معيداً التأكيد أن "على الجميع أن يكونوا على قدر المسؤولية ومن لا يستطيع تحمل المسؤولية يجب الا يكون في سدتها". وإذ دعا إلى "تضافر الجهود لصالح المصلحة العامة"، اعتبر أن "لبنان يكبر بجميع أبنائه لأي طائفة انتموا، مشدداً على تحفيز الطاقات في لبنان المقيم كما في بلاد الانتشار لتكون في خدمته".
وفي احتفال تكريمي لوزراء حكومة تصريف الأعمال أمس في السرايا، أكد الرئيس نجيب ميقاتي "أن عقد المؤسسات الدستورية استكمل بوصول العماد جوزف عون إلى الرئاسة الذي أراح اللبنانيين جميعاً وأفرح الدول الصديقة وفتح الآمال أمام الاستثمارات، متمنيا لفخامته عهداً ميموناً يستعيد فيه لبنان دوره الريادي".
وشدد على أن "الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام شخصية وطنية ودولية مرموقة ذات بُعد حقوقي وديبلوماسي يعتز بها الوطن"، متمنياً لدولته "كلّ النجاح في مسيرة النهوض والإنقاذ وكلّ الخير وتشكيل حكومة على مستوى المرحلة مع كامل استعدادنا لدعم مسيرته الوطنيّة".
وفي حديث الى " المؤسسة اللبنانية للارسال" ليلا قال رئيس الحكومة إن التوقعات تشير إلى أن تشكيل الحكومة الجديدة سيحصل خلال هذا الأسبوع وعلى الأرجح في نهايته.
قال: "لا اتوقع أنّه ستكون هناك عراقيل في موضوع البيان الوزاري".
تابع: "حتّى الآن أرى في تشكيل الحكومة استنساخاً لحكومات سابقة لكن يجب أن ننتظر ونرى"، معتبراً أن "لا أرى أن هناك عراقيل من قبل "الثنائي الشيعي" على صعيد تشكيل الحكومة والرئيس نبيه بري قال إن "البلد بدو يمشي".