في الثالث من مايو 2024، عندما أكدت الولايات المتحدة وجود قوات أمن روسية في نفس القاعدة الجوية التي توجد بها قوات أمريكية في النيجر، نشرت قناة “تليغرام” الشهيرة المقربة من الكرملين رسالة ذات دلالة غير خافية تحتوي على مقطع صوتي للأغنية الشهيرة لموسيقى الروك السوفيتية في الثمانينيات “باي باي أمريكا”. بعد ذلك بوقت قصير، اتفق المسؤولون الأمريكيون والمجلس العسكري الحاكم في النيجر على انسحاب تدريجي للقوات الأمريكية من النيجر، وعلى أية حال كان انسحاب القوات العسكرية الغربية من منطقة الساحل مصحوباً بتوسع النفوذ الروسي، وبالفعل حققت روسيا ميزة فعلية في السباق الجيوسياسي في منطقة الساحل، واكتسبت حلفاء مخلصين، وإن كانت دولهم تعاني من وضع الهشاشة، وتسعى موسكو إلى توسيع نطاق نفوذها عالمياً، وإيجاد أسواق تصدير جديدة والوصول إلى الموارد الطبيعية، ولعل إفريقيا تمثل فرصة مثالية لتنفيذ هذه الأهداف الروسية.

فمن الناحية الواقعية شهد تقسيم إفريقيا من حيث مناطق النفوذ الخارجية دخول مصطلح “الروسوفونية” تأسياً بمجموعات الفرنكوفونية والأنجلوفونية، ويشير المصطلح الجديد إلى الدول الأكثر ميلاً إلى روسيا، وهو الاسم الذي يُطلق على المنطقة الشاسعة المعرضة للانقلابات، والتي تمتد عبر القارة من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر.

وقد حظي توسع النفوذ العسكري الروسي في إفريقيا وحشد التأييد الإفريقي لتحالف “البريكس بلس” باهتمام وقلق كبيرين من القوى العالمية المتنافسة، ولاسيما الدول الغربية، ويشير الوجود المتزايد للقوات العسكرية الروسية في العديد من الدول الإفريقية إلى تحرك استراتيجي من جانب موسكو لملء الفراغ الأمني الذي خلفه النفوذ المتضائل للدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية. ويسعى هذا المقال إلى التركيز على التغلغل الروسي المتزايد في إفريقيا، مع الإشارة إلى الأهداف الاستراتيجية، ونطاق أنشطته، وتداعيات ذلك كله على الاستقرار الإقليمي والعالمي.

الأهداف الاستراتيجية:

إن توسع روسيا في إفريقيا ليس مناورة مفاجئة، بل هو جهد محسوب لإعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي لصالحها في إطار التحالف مع دول الجنوب العالمي من أجل وضع قواعد نظام عالمي جديد أكثر عدالة وتوازناً، وربما يتمثل الهدف الأساسي لروسيا في استغلال الثغرات في السياسة الأمنية التي خلفتها الدول الغربية؛ بهدف تغيير ميزان القوى تدريجياً، وخلافاً للنهج الغربي، الذي يؤكد غالباً الشراكات طويلة الأمد في ظل مشروطية سياسية تنطوي على مبادئ النيوليبرالية، فإن الاستراتيجية الروسية تركز على المكاسب الفورية والمزايا التكتيكية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وإعلاء مبدأ السيادة الوطنية للشركاء، ويسمح هذا النهج لروسيا بتثبيت وجودها ونفوذها بسرعة، وإنشاء حزام من التعاون العسكري يمتد من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر.

من جهة أخرى فإن روسيا، في تنافسها مع العالم الليبرالي على تأسيس الخطاب المهيمن -إلى جانب الوسائل العسكرية للقوة- تستخدم القوة الناعمة، وتستفيد من جاذبية القيم غير الليبرالية لتشكيل تحالفات فعالة في السياسة الخارجية، وتقويض مصداقية المؤسسات الدولية، وإعادة تشكيل النظام العالمي، وهنا تحدد الروايات الاستراتيجية الروسية الأهداف السياسية للحكومة الروسية، وتقدم روسيا رؤيتها لنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب -عالم مقسم بين القوى الكبرى- إذ تمتلك موسكو سلطة تحديد أنماط التعاون والشراكة مع عالم الجنوب ومنه إفريقيا.

وبعيداً عن الجوانب العسكرية وأمن الطاقة، تسعى موسكو أن يكون نموذجها جذاباً للدول الإفريقية، ويسهم في التنمية الاقتصادية لموسكو نفسها، وعليه تسعى روسيا إلى تطوير الفرص الثنائية للشراكة التكنولوجية التي تُعد محركاً للتنمية في سياق الثورة الصناعية الرابعة، وحافزاً لخلق تحالفات استراتيجية جديدة، وفي ظل الخبرات السابقة منذ العهد السوفيتي، يمكن أن ينمو الطلب على التقنيات الروسية في إفريقيا بشكل كبير؛ لأن روسيا لديها كفاءات عالية في تلك المجالات الأكثر طلباً اليوم في القارة الإفريقية.

إن نقل التقنيات الروسية، فضلاً عن التعاون في المجال العلمي، لا يفيد روسيا فقط من حيث الصورة، بل يقدم موسكو كقوة تسهم في التنمية المتقدمة لإفريقيا وتعزيز سيادتها الاقتصادية، إنه يسمح لروسيا بتأسيس “روسوفونية” جديدة من خلال حل مشكلة التغلب على التخلف التكنولوجي وتدريب الموظفين المؤهلين الذين سيتقنون ويروجون للحلول التكنولوجية الروسية على وجه التحديد، بالإضافة إلى ذلك، تحظى روسيا “بأرضية اختبار” واسعة لمعالجة وتحسين تقنياتها، التي يطلبها الشباب الأفارقة الذين يتزايد عددهم بسرعة، وسوق ضخمة للسلع والخدمات الروسية عالية التقنية، والتي تُعد ضرورية للغاية للكثيرين من الأفارقة، وعلى أية حال فإن الكرملين عازم على توسيع وجوده في إفريقيا، إذ إن الموارد الطبيعية للقارة، وأصواتها الـ54 في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقربها من أوروبا، من شأنها أن توفر لروسيا حليفاً مهماً وموقعاً استراتيجياً يمكن من خلاله تطويق خصمها الأوروبي.

الحزام الروسي الجديد:

تتعدد الأنشطة العسكرية الروسية في إفريقيا ويتسع نطاقها بشكل تدريجي. ففي بوركينا فاسو ومالي، شاركت القوات الروسية بنشاط؛ إذ قدمت المساعدة العسكرية وأقامت علاقات تعاون، وفي النيجر، هناك علامات على التعاون العسكري الذي يزداد رسوخاً، وتشير الاجتماعات السياسية رفيعة المستوى في تشاد إلى تعميق العلاقة مع زيارة الرئيس ديبي لموسكو مطلع 2024، وتمتلك روسيا وجوداً أمنياً قد يصل إلى حد بناء قاعدة للفيلق الإفريقي في جمهورية إفريقيا الوسطى. كما يعود تاريخ التدخل الروسي في ليبيا إلى عام 2016، إذ أدت دوراً مهماً في الصراع الدائر. وعلى أية حال اتجهت البلدان عبر منطقة الساحل، وهي المنطقة الممتدة من السنغال إلى البحر الأحمر، نحو روسيا للحصول على المساعدة الأمنية في السنوات الأخيرة في مواجهة عدم الاستقرار الإقليمي المتزايد. فعلى سبيل المثال، دعمت قوات الفيلق الإفريقي -فاغنر سابقاً- القوات المسلحة في بوركينا فاسو ومالي في حربهما ضد الجماعات المتمردة.

واليوم تعمل روسيا على مضاعفة تركيزها على المنطقة من خلال إحكام قبضتها على العديد من دول الساحل والبحث عن شركاء جدد في مناطق أبعد، وهي استراتيجية قد تضعها في مواجهة قوى عالمية أخرى، وقد تكون ساحة المعركة التالية هي الدول الساحلية في غرب إفريقيا، ويلاحظ أن المصالح الاستراتيجية لروسيا في ساحل غرب إفريقيا تركز على تأمين اتفاقيات عسكرية ودبلوماسية واقتصادية مع زعماء الدول في هذه المنطقة مقابل الوصول الاستراتيجي إلى المحيط الأطلسي، ويشبه هذا النهج الوجود العسكري للولايات المتحدة في جيبوتي؛ إذ يمنح معسكر ليمونيه في جيبوتي، الولايات المتحدة سيطرة استراتيجية على مناطق المحيط الهندي، وقناة السويس.

وفي ظل التجاذبات الجيوستراتيجية الهشة في الساحل الإفريقي بمعناه الواسع، كشف مساعد القائد العام للجيش السوداني ياسر العطا، في 25 مايو 2024، عن موافقة حكومته على اتفاق وقعه النظام السابق عام 2019؛ لإنشاء مركز لوجستي للبحرية الروسية في ميناء بورتسودان على البحر الأحمر، وبالفعل توجه وفد سوداني برئاسة مالك عقار إلى موسكو؛ لبحث التعاون العسكري والاقتصادي بما في ذلك مشروعات التعدين والزراعة، ومن المنتظر أن يوقع على الاتفاقية النهائية للقاعدة البحرية رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان. ويوضح هذا النطاق الواسع من الأنشطة النهج الشامل الذي تتبعه روسيا في تأمين مصالحها في جميع أنحاء القارة، ولاسيما منطقة الحزام الإفريقي. فمن خلال تقديم الدعم العسكري وإقامة التحالفات مع الدول الإفريقية، تضع روسيا نفسها فاعلاً رئيسياً في ديناميكيات الأمن الإقليمي، وهذا لا يعزز نفوذها الجيوسياسي فحسب، بل يمكّنها أيضاً من موازنة النفوذ الغربي في هذه الدول.

عواقب محتملة:

يلاحظ المتابع للشؤون الإفريقية وجود حركة شعبوية مناهضة للغرب ذات طبيعة عضوية -حتى لو غذتها جزئياً الروايات الصينية والروسية واستغلتها المجالس العسكرية الحاكمة في الدول الإفريقية- وتركز هذه الحركة على مظالم طويلة الأمد مع القوى الاستعمارية الغربية السابقة، وأيضاً على الحرمان من الحقوق والتهميش الاقتصادي والسياسي، وتُفقد الدول الغربية والولايات المتحدة نفوذها في إفريقيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى الفشل في التصدي للإرهاب على مدى عقدين من الزمان، ولعل السؤال الذي يطرحه كثير من الأفارقة هو لماذا يوجد الغرب أو الفرنسيون في المنطقة؛ إذا كنا لا نزال نعاني من نفس المشكلات؟ بل إنها قد تفاقمت بالفعل!

لقد اعتمدت القوى الغربية إلى حد كبير على مقاربات العسكرة والترتيبات الأمنية مع الدول الإفريقية في منطقة الساحل، وفشلت في تركيز الاهتمام على نهج التنمية المستدامة وهو ما خلق “فراغاً” في السلطة في جميع أنحاء القارة.

وعليه فإن النفوذ الروسي المتنامي في إفريقيا يحمل في طياته عواقب كبيرة على الاستقرار الإقليمي والعالمي. بالنسبة للدول الإفريقية، يمكن أن يعني التدخل الروسي المتزايد الوصول إلى موارد عسكرية جديدة والتدريب؛ مما قد يعزز قدراتها الأمنية الداخلية، ومع ذلك، فإن هذا يثير أيضاً مخاوف بشأن التأثير طويل المدى في الحكم والسيادة وديناميكيات القوة الإقليمية. فعلى سبيل المثال، يدل نشر الفيلق الإفريقي، وهو قوة عسكرية تسيطر عليها الدولة، على تحول استراتيجي في النهج الذي تتبناه روسيا في التعامل مع النفوذ العسكري في إفريقيا، وعلى عكس شركة فاغنر العسكرية الخاصة، يخضع الفيلق الإفريقي مباشرة للدولة الروسية؛ مما يضمن قدراً أكبر من السيطرة والتنسيق، وكان أول انتشار مؤكد له في بوركينا فاسو؛ حيث يدعم الحكومة العسكرية لإبراهيم تراوري، ويعتقد أن قوات هذا الفيلق حلت محل فاغنر في ليبيا، ومن المتوقع إجراء عمليات نشر مستقبلية في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر، وربما يطرح ذلك تساؤلات بشأن الحوكمة وقضايا المساءلة والنفوذ الاقتصادي؛ إذ تكمل موسكو وجودها العسكري بأدوات اقتصادية، بما في ذلك مبيعات الطاقة والأسلحة، لتعميق نفوذها في القارة.

وبالنسبة للغرب فإن الوجود الروسي المتنامي يمثل تحدياً مباشراً لمناطق نفوذه التقليدية. فالتمركز الاستراتيجي للقوات الروسية على طول الممرات الجغرافية الرئيسية من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر؛ يهدد بتقويض الجهود الغربية للحفاظ على الاستقرار وتعزيز الحكم الديمقراطي في إفريقيا، وقد يؤدي هذا التحول إلى زيادة المنافسة والتوتر بين القوى العالمية؛ إذ تتنافس على النفوذ على موارد القارة ومواقعها الاستراتيجية، ومع ذلك، تواجه المنطقة تحديات كبيرة من الجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية، والتي اخترقت الدول الساحلية مثل: بنين وغانا وتوغو. فعلى سبيل المثال، في بنين، تضاعفت الهجمات الجهادية ضد المدنيين ثلاث مرات تقريباً في عام 2023، من أكثر من 30 حادثاً إلى ما يقرب من 80 حادثاً، ورداً على ذلك، تحاول الولايات المتحدة إنشاء قواعد عسكرية للطائرات من دون طيار على طول ساحل غرب إفريقيا؛ للحد من انتشار هذه الجماعات المتطرفة، ومع ذلك، أكد الجنرال مايكل لانجلي أمام مجلس الشيوخ الأمريكي في 16 مارس، أن الحرب الإعلامية الروسية أدت إلى تقليص نفوذ الولايات المتحدة في إفريقيا بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

علاوة على ذلك، فإن النهج الروسي، الذي يعطي الأولوية للمزايا التكتيكية المباشرة، قد يسهم في دورة من التبعية والصراع داخل الدول الإفريقية، وقد يؤدي ذلك إلى تفاقم القضايا القائمة مثل: عدم الاستقرار السياسي، والصعوبات الاقتصادية، والاضطرابات الاجتماعية؛ مما يجعل تحقيق التنمية المستدامة والسلام أكثر صعوبة بالنسبة لهذه البلدان. ولا أدل على ذلك من التقارب الروسي الحاصل مع مجلس السيادة في السودان؛ وهو ما يدفع بالبلاد إلى خطر التقسيم وتكرار السيناريو السوري مع حصول روسيا على قاعدة عسكرية تطل على البحر الأحمر، ولعل ذلك يؤكد للأفارقة أن العلاقات الدولية تحكمها لغة المصالح، وأن مهمة إصلاح البيت تقع على قاطنيه كما أكد الاقتصادي النيجيري الأشهر كلود أيك؛ أي أن المشكلات الإفريقية تتطلب حلولاً إفريقية.

في الختام، يمثل النفوذ العسكري الروسي واسع النطاق في إفريقيا تحولاً كبيراً في المشهد الجيوسياسي للقارة، ومن خلال التركيز الاستراتيجي على ملء الفراغ الأمني الذي خلفه الغرب، تعمل روسيا تدريجياً على إنشاء حزام من الوجود العسكري يمتد من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر، ويطرح هذا الانتقال من التحالفات الغربية إلى التحالفات الشرقية في منطقة الساحل تساؤلات حول مستقبل الأمن الإقليمي وإدارة الموارد الوطنية. ويظل من غير المؤكد ما إذا كان هذا التحول سيخفف من عنف الجماعات الجهادية المتطرفة الذي أدى إلى زعزعة استقرار المنطقة لسنوات، وبينما يتراجع الغرب على ما يبدو، ويتبنى دوراً أكثر سلبية، فإنه يراقب منطقة الساحل الإفريقي وهي تمضي قدماً في هذا الواقع الجيوسياسي الجديد؛ مما قد يؤدي إلى فترة من الاضطرابات المستمرة وإعادة الصياغة الجيوستراتيجية لمنطقة الساحل الإفريقي الكبير.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الدول الإفریقیة منطقة الساحل الروسیة فی فی إفریقیا روسیا فی من خلال

إقرأ أيضاً:

وزراء: الشراكة مع إفريقيا الوسطى فرصة جديدة للنمو الاقتصادي

دبي: «الخليج»

وقّعت دولة الإمارات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع جمهورية إفريقيا الوسطى، بهدف تعزيز التجارة والاستثمارات بين البلدين، ودعم سلاسل التوريد، وتطوير مجالات التعاون في القطاعات الحيوية، وذلك في إطار سعيها لتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي مع مختلف دول العالم. وأشاد وزراء ومسؤولون بأهمية الاتفاقية، مؤكدين أنها تعكس رؤية القيادة الرشيدة لتعزيز الشراكات الدولية، وتوفير فرص جديدة للنمو الاقتصادي، وستساهم في دعم القطاع الخاص، وفتح أسواق جديدة أمام الشركات الوطنية، إضافة إلى تعزيز الأمن الغذائي والتعاون في مجالات البنية التحتية والطاقة.
أكد محمد بن هادي الحسيني، وزير دولة للشؤون المالية، أن برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة يؤدي دوراً جوهرياً في تعزيز الاقتصاد الوطني، إذ يساهم في رفع قيمة التجارة الخارجية إلى مستويات قياسية، وتعزيز نمو الصادرات، مما ينعكس إيجاباً على الوضع المالي للدولة، ويرفع من الإنتاجية الاقتصادية.
وأوضح أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع إفريقيا الوسطى تعد دليلاً على الالتزام باغتنام الفرص أينما وجدت، والسعي إلى إقامة شراكات في القطاعات الاستراتيجية التي تمتلك القدرة على تحقيق ازدهار طويل الأجل وسط اقتصاد عالمي دائم التغير.
سوق واعدة 
قال سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية إن إفريقيا تمثل سوقاً واعدة ذات إمكانات كبيرة لدولة الإمارات، خاصة في ظل السعي لاستكشاف فرص التعاون مع الحكومات لتعزيز مشاريع الطاقة المتجددة، وضمان توفير إمدادات كهرباء مستقرة ونظيفة تدعم القطاعات الصناعية والزراعية والمجتمعات المحلية.
وأضاف أن الاتفاقية مع إفريقيا الوسطى، تلعب دوراً محورياً في تحقيق هذا الهدف، حيث تفتح المجال أمام المستثمرين الإماراتيين للعمل عن قرب مع القطاع الحكومي، ليس فقط لزيادة إنتاج الطاقة، بل أيضاً لتطوير وتوسيع الشبكة الوطنية لتعزيز إمكانية الوصول إلى الكهرباء.
انفتاح اقتصادي 
أكد عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، أن الاتفاقية الشراكة تعد محطة مهمة لتعزيز جهود دولة الإمارات في مواصلة الانفتاح الاقتصادي على العالم وبناء الشراكات المثمرة مع الأسواق البارزة إقليمياً ودولياً، وترسيخ مكانتها كشريك عالمي ومركز جاذب ومؤثر، بما يتماشى مع رؤية «نحن الإمارات 2031».
وأضاف أن إفريقيا تعد شريكاً اقتصادياً مهماً لدولة الإمارات، وتتمتع بفرص استثمارية واعدة في العديد من المجالات الاقتصادية الحيوية، وموارد طبيعية وفيرة، لذلك تساهم هذه الشراكة الجديدة في تحقيق المزيد من المكاسب الاقتصادية المتبادلة، وتعزيز دمج الخبرات الإماراتية في قطاع الموارد والخدمات اللوجستية مع القدرات الزراعية والتعدينية في إفريقيا الوسطى.
خطوة محورية 
أكدت الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحّاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، أن الاتفاقية خطوة محورية ضمن جهودنا الوطنية لدعم التنمية المستدامة في البلدان الصديقة، مع تركيز خاص على القارة الأفريقية.
ولفتت إلى أنه بالنظر إلى أن 70% من القوى العاملة في جمهورية إفريقيا الوسطى تعتمد على الزراعة، ندرك أهمية تعزيز إنتاجية المحاصيل، وتحسين الوصول إلى الأسمدة، وتطوير أنظمة الري، ليس فقط لدعم الناتج المحلي الإجمالي ولكن أيضاً لتمكين المجتمعات المحلية وتحقيق الاستدامة الاقتصادية.
الشركاء التجاريون 
قال الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، إن استمرار دولة الإمارات في توسيع شبكة شركائها التجاريين في جميع أنحاء العالم أمر أساسي لضمان تحقيق الأهداف الطموحة لرؤية «نحن الإمارات 2031»، التي تسعى إلى زيادة قيمة التجارة غير النفطية إلى 4 تريليونات درهم وتعزيز الصادرات إلى ما يزيد على 800 مليار درهم.
وذكر أن جمهورية إفريقيا الوسطى تشكل إضافة مهمة لبرنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة ومن شأن الاتفاقية الجديدة توطيد العلاقات المزدهرة بين بلدينا، ففي عام 2024، بلغت التجارة غير النفطية بيننا 251.7 مليون دولار، بزيادة نسبتها 75% على العام السابق، ونتوقع تحقيق نمو مماثل في ظل تعزيز وصولنا إلى أسواق جمهورية إفريقيا الوسطى وتطوير الشراكات بين مجتمعي الأعمال بالجانبين، لتطوير ممر تجاري واستثماري جديد مع قلب قارة إفريقيا.
توطيد التعاون 
قال أحمد بن علي الصايغ، وزير دولة بوزارة الخارجية، إن توطيد التعاون الدولي يشكل جوهر أجندة التجارة الخارجية لدولة الإمارات، إذ تعتبر الدولة التجارة أداة حيوية لزيادة عملية التواصل الإيجابي مع الشعوب وتحقيق النمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن إفريقيا الوسطى تعد شريكاً مثالياً نظراً لما تتمتع به من قدرات طبيعية تؤهلها لتحقيق معدلات نمو عالية ومستقبل أكثر ازدهاراً.
فيما أكد خالد محمد بالعمى، محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، إن اتفاقية الشراكة مع إفريقيا الوسطى تأتي انسجاماً مع رؤية القيادة الرشيدة في توسيع نطاق الشراكات الاقتصادية والتجارية مع الأسواق الناشئة ذات الإمكانات الواعدة حول العالم، باعتبار أن الشراكة ركيزة أساسية للنمو المستدام، وتعزيز التنمية الاقتصادية، وترسيخ تنافسية الدولة على المستويين الإقليمي والعالمي.
منافع متبادلة 
أكد أحمد عبدالله بن لاحج الفلاسي مدير عام الجمارك وأمن المنافذ بالهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ، أن الاتفاقية تعكس التزام الإمارات بتعزيز التعاون التجاري مع الأسواق الواعدة، بما يحقق منافع متبادلة ويدعم الأهداف الاستراتيجية للدولة.
وقال إن هذه الاتفاقية خطوة أساسية لتعزيز سلاسل التوريد العالمية، خصوصاً في مجال الأمن الغذائي، الذي يعد إحدى أولوياتنا الاستراتيجية، كما أننا نتطلع إلى التعاون الوثيق مع شركائنا لتبسيط الإجراءات الجمركية وتحقيق أقصى استفادة للطرفين من هذه الاتفاقية، بما يرسّخ مكانة الإمارات كمحور رئيسي في التجارة العالمية.
إضافة قيّمة 
أكد عبدالله محمد البسطي، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة دبي، أن الاتفاقية تمثل خطوة نوعية ضمن استراتيجية الدولة لتعزيز تجارتها الخارجية في مختلف المناطق الاقتصادية الحيوية، مشيراً إلى أن الشراكة مع إفريقيا الوسطى، بما تمتلكه من إمكانات اقتصادية وموارد طبيعية غنية، تصب في مصلحة البلدين، كما تشكّل إضافة قيّمة إلى شبكة الشراكات التجارية الواعدة لدولة الإمارات. وأضاف أنه من موقعها كمركز اقتصادي ولوجستي ومالي عالمي، تلتزم دبي بتوسيع نطاق التعاون مع إفريقيا الوسطى في مختلف القطاعات، حيث توفر هذه الاتفاقية فرصاً واسعة للقطاع الخاص، لاسيما للمستثمرين، لاستكشاف مجالات تعاون تضمن نمواً طويل الأمد وتعزز بناء القدرات الاقتصادية الحيوية في الدولة الواقعة في قلب القارة الإفريقية.

 

مقالات مشابهة

  • مصر في المقدمة.. روسيا تزيد إمداداتها الزراعية إلى إفريقيا
  • رمز الوحدة الإفريقية..كيف صُممت قاعة إفريقيا في إثيوبيا لاستقبال عصر جديد؟
  • مسؤولة في “هيومن رايتس ووتش”: اليمنيون في طليعة المدافعين عن فلسطين
  • “حزام الأمن البحري” .. مناورات بحرية مشتركة بين روسيا وإيران والصين
  • وزراء خارجية الدول الأعضاء في “التعاون الإسلامي” يؤكدون رفضهم المطلق لتهجير الشعب الفلسطيني
  • زيلينسكي: الضربات الجديدة تُظهر أن “أهداف روسيا لم تتغيّر” في أوكرانيا
  • وزراء: الشراكة مع إفريقيا الوسطى فرصة جديدة للنمو الاقتصادي
  • خبراء لـ«الاتحاد»: أوكرانيا مطالبة بالحياد العسكري لسلام دائم مع روسيا
  • المغرب مقرا لأول مكتب إقليمي لمؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص في إفريقيا
  • الصين تتعهد بدعم الدول الإفريقية في تسريع تنميتها الاقتصادية