يسأل كثيرون عن علاقة الأردن بأي حرب قد تقع ضد لبنان، خصوصا أن البعض يعتقد أن لبنان بعيد، ولا توثر أي حرب ضده في حال انزلقت المنطقة نحو التصعيد خلال الفترة المقبلة.
من حيث المبدأ تؤثر أي حرب إسرائيلية ضد لبنان على الأردن بشكل مباشر، وربما بشكل أخطر من الحرب في قطاع غزة، وفي حرب 2006 ضد لبنان، كان الأردن مثلا يتوقع موجات هجرة لبنانية إلى الأردن حيث وصل فعليا أعداد ليست قليلة آنذاك ثم عادت إلى لبنان بعد أن توقفت الحرب، وكانت تلك ثاني موجة هجرة لبنانية، حيث سبقتها موجة خلال أحداث الحرب الأهلية على لبنان، والقصة هنا ترتبط أصلا بسماح الأردن للبنانيين بدخول الأردن دون تأشيرات، ولكون الأردن أيضا، صيغة وسطى للبنانيين وأكثر سهولة ومرونة في حالات الحروب، مقارنة بالهجرة إلى قبرص أو أوروبا، أو الولايات المتحدة التي تضع عراقيل على دخول اللبنانيين، أقلها الحاجة إلى تأشيرات ضمن شروط محددة، ومشددة أيضا.
لكن مخاوف الأردن من حرب لبنان المحتملة لا تتركز على الهواجس من موجات هجرة محتملة، بشكل رئيسي، لأن الحرب قد تؤدي إلى تمدد النار في كل الإقليم، وهذا يعني دخول قوى عراقية وإيرانية وسورية ولبنانية وفلسطينية إلى الحرب من باب الشراكة مع حزب الله، بما سيؤدي إلى إطلاق أعداد مهولة جدا من المسيرات والصواريخ من هذه المناطق حيث يقع الأردن جغرافيا في المنتصف، وهذا يعني أن سماء الأردن ستكون ساحة اشتباكات وإطلاق صواريخ ورد على الإطلاق، بما يعنيه ذلك من كلف سياسية وأمنية وعسكرية واجتماعية.
مخاوف الأردن أيضا بشأن الحرب على لبنان ترتبط بالحريق الكبير في كل الإقليم، خصوصا، أن تطبيق السيناريو الإسرائيلي من حيث توجيه ضربة عسكرية كبرى يعني وجود رد لبناني بقوة كبيرة، ودخول أطراف ثانية شريكة مع حزب الله، بما يعني في المحصلة التأثير على الملاحة في البحر الأحمر، من خلال جبهة الحوثيين، والتأثير على تدفق النفط، وتأمينه، وعلى السلع وأسعارها، وصولا إلى الأدوية، دون أن ننسى هنا احتمالات المواجهة المباشرة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأطراف المعسكر الإيراني في أعلى حالات الرد على كل المشهد، وما يتعلق بالخلايا الكامنة الموزعة في دول كثيرة، حتى ساعة الصفر المحددة، وهذا ملف آخر.
في سياق متزامن قد لا يغيب ملف الضفة الغربية المجاورة للأردن، عن تأثيرات مجمل المشهد مع العمليات الإجرامية اليومية داخل الضفة الغربية، والخطط لضم الضفة الغربية، وإذا كانت إسرائيل تتورط اليوم مع أكثر من جبهة، فإن الترابط بين كل هذه الجبهات يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، خصوصا، إذا تم التخلي عما يسميه البعض " قواعد الحرب والصراع".
هذه القراءة الخطيرة لتأثيرات أي حرب مفتوحة مع لبنان، ليست مبالغة، وآخر ما ينتظره الأردن اليوم هو اشتعال الحرب في لبنان، والمقارنة مع سقوف حرب 2006 غير دقيقة، لان حرب 2006 بقيت محصورة إلى حد كبير داخل لبنان، فيما التورط في حرب كبرى ضد لبنان هذه المرة، يعني إشعال كل المنطقة، كون الإستراتيجيات الإسرائيلية تقوم على مبدأ التخلص من الأخطار كليا، وليس التعايش معها جزئيا، وهذا ماشهدناه هذه المرة في قطاع غزة.
فئات كثيرة من اللبنانيين لا تريد الحرب أصلا، وكل هذه الأطراف لها حساباتها، وعلاقاتها العربية والدولية، وهي تضغط داخل لبنان، وعبر علاقاتها الخارجية من أجل تجنب سيناريو الحرب، فيما إسرائيل ذاتها التي قبلت بمبدأ التعايش مع وجود قوة حزب الله في لبنان، قد تتخلى مضطرة عن هذا التعايش مع الخطر، نحو السعي لإنهاء الخطر كليا، عبر هذه الحرب، التي قد تفضل قوى كثيرة محلية وعربية وإقليمية، عدم التورط فيها، والوصول إلى صيغة مخففة للتعايش الإسرائيلي الجزئي مع قوة حزب الله، من خلال تسوية، تضمن تحقيق بعض الشروط.
ما ينطبق من أخطار على الأردن في حال انفجرت الحرب في لبنان، ينطبق بالتأكيد على دول ثانية، لكن الكلف هنا أعلى، بسبب وضع الأردن وخواصره المرهقة بكل جواره، وملفاته الصعبة، ومشاكله الاقتصادية، بحيث ستكون هذه الحرب إذا وقعت أكبر امتحان لقدرتنا على النجاة وسط إقليم يحترق.
الغد الأردنية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه لبنان الإيراني العراق إيران الاردن لبنان احتلال مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة من هنا وهناك مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ضد لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
خبير مالي:إيقاف نافذة بيع العملة لن تؤثر على سعر صرف الدولار
آخر تحديث: 25 دجنبر 2024 - 10:15 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- علق المختص في الشأن المالي والمصرفي علاء الفهد، اليوم ، على تأثير إيقاف “المنصة” من قبل البنك المركزي على الأسواق خلال المرحلة المقبلة.وقال الفهد، في حديث صحفي، ان “عمل البنك المركزي العراقي خلال الفترة السابقة بخطة من خلال مزاد بيع العملة بالمرحلة الأولى ثم انشاء المنصة الالكترونية والعمل المكثف على إيجاد طرق مراسلة ما بين المصارف المحلية والمصارف الأجنبية التي لدينا علاقات تجارية معها ونتاجها في التحويلات الخارجية، ولهذا اعلن البنك منذ فترة ان نهاية السنة الحالية سيتم إيقاف المنصة وتكون هناك بنوك مراسلة بشكل مباشر”.وبين ان “هذا امر طبيعي فكل البنوك المركزية في العالم مهمتها الحفاظ على السياسة النقدية وليس بيع العملة، فلا يوجد أي بنك مركزي في العالم يبيع العملة ويتوسط في بيع وشراء العملة، فهذا العمل من اختصاص ومسؤولية المصارف وشركات الصرافة، وهذا الامر صحيح وهو تحدي كبير حتى تكون العلاقات تجارية مصرفية مباشرة وفق مراقبة من قبل البنك المركزي العراقي”.وأضاف ان “إيقاف المنصة لن تؤثر على الأسواق المحلية من سعر صرف الدولار، لكن هناك من يحاول من يبث شائعات بان هذه الخطوة سوف تغير من سعر الصرف، فبيع الدولار نفسه الذي كان يبيعه البنك المركزي العراقي عبر المنصة، سيتم بيعه الى المصارف والمصارف التي لها علاقات مع المصارف الأجنبية حتى يكون التحويل مباشر وفق تعاملات الكترونية ومراقبة، ولهذا الوضع تحت السيطرة ولا يوجد أي تخوف من تأثير الأسواق”.