بعض الحقائق التاريخية في الصراع مع اليهود
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
نشأ الكيان الصهيوني بأساليب خارجة عن إطار القوانين والأعراف الدولية، وعن الأساليب المعتادة في نشأة الأوطان، وساعدته على ذلك الدول الاستعمارية الكبرى وذلك لتماثل المناهج المعتمدة من قبل تلك القوى، إبادة السكان الأصليين والإحلال بدلاً عنهم، كما حدث في تأسيس أمريكا من إبادة للهنود الحمر والاستيلاء على أرضهم وممتلكاتهم، لكن الصهاينة يدَّعون أن لهم حقاً تاريخياً في فلسطين، مع أن فلسطين سكنها العرب منذ القدم، وحررها الإسلام من التبعية وأعادها للمسلمين، فقبل الإسلام سكنها الكنعانيون والمصريون والفلسطينيون والكنعانيون الفينيقيون، والآشوريون والبابليون، وتعرضت للاحتلال من قبل الإسرائيليين لمدة (50) عاماً، والفرس (207) أعوام، واليونانيين (262) عاماً، والرومانيين (700) عام، وبعد الإسلام استمر المسلمون مسيطرين عليها لأكثر من (781) عاماً، وتحت الخلافة العثمانية أكثر من (401) عام، واستولى عليها الصليبيون لأكثر من (192) سنة، وبريطانيا (31) سنة، والآن إسرائيل التي تدَّعي أنها الأحق بها، مع أن سيطرتها في مجمل سنوات التاريخ القريب والبعيد لا تتجاوز (50) سنة، فكيف يستقيم القول: إن اليهود عادوا إلى المكان الذي خرجوا منه، مع أنهم جاءوا من بلدان عاشوا فيها وولدوا.
رؤساء الكيان الصهيوني
توالى على رئاسة الكيان الصهيوني حتى الآن (15) رئيساً، ووفقاً لأماكن ميلادهم تأتي روسيا في المقدمة –خاصة أوكرانيا- بخمسة رؤساء (موشي شاريت، ليفي اشكول، جولدا مائير، إسحاق رابين، آيهود أولمرت) وبيلاروسيا في المرتبة الثانية بثلاثة رؤساء (ايفال الون، مناحيم بيجين، ارئيل شارون)، وبوليندا في المرتبة الثالثة بأربعة (ديفيد بن جوريون، إسحاق شامير، شمعون بيريز، بنيامين نتنياهو)، وتأتي الدول التالية بواحد ليتوانيا (ايهود باراك)، أمريكا (نقتالي بينيت صربيا (بائير ليبيد)، وتنص غالبية دساتير دول العالم على أن يكون الرئيس من مواليدها، وبعض الدساتير تحرم الشخص غير المولود من الترشح للرئاسة، إلا قوانين إسرائيل فهي تشترط أن يكون رئيسها من أم وأب يهوديين.
فلسطين الأرض الإسلامية
كانت فلسطين جزءاً من إقليم الشام الذي يتكون من سوريا والأردن وفلسطين ولبنان تحت سلطة الخلافة الإسلامية العثمانية، رفض الخليفة عبدالحميد كل العروض اليهودية والاستعمارية من بريطانيا وغيرها السماح لليهود الاستيطان فيها مقابل عروض مالية وسياسية مغرية، وقال: «إن فلسطين أرض وقف إسلامي لا يجوز لي التنازل عنها»، عمل اليهود والحلفاء على الإطاحة به لرفضه، وأعطت بريطانيا وعد (بلفور) لليهود وهي بعد لم تكن تسيطر على فلسطين، حيث كان عدد سكان فلسطين –آنذاك- 1917م (750) ألف نسمة، (700) ألف منهم مسلمون وعرب، وقلة مسيحية، وكان (30) ألفاً يهوداً عرباً اعتنقوا الديانة اليهودية، وكان عدد قليل من المستوطنين القادمين من أوروبا بتشجيع السلطات الاستعمارية تحت ذريعة زيارة الأماكن المقدسة، العرب والمسلمون يملكون (90 %) من الأراضي، واليهود (2.5 %)، والباقي أملاك عامة للدولة، وأوقاف إسلامية ومسيحية ويهودية، استعان البريطانيون بالعرب والمسلمين بدعوى التحرر من الاحتلال العثماني ودخلوا فلسطين وسوريا بجيش ضباطه انجليز، وجنوده من المسلمين، ولما وصل قائد الجيش (اللنبي) إلى دمشق ذهب إلى قبر صلاح الدين وركله بقدمه وقال: «ها قد عدنا يا صلاح الدين»، لم يفهم العرب حقيقة تلك العبارة واستمروا في الولاء لبريطانيا والقتال تحت رايتها، ولما حان إنجاز الوعود أوفت بوعدها لليهود ونكثت عهدها للعرب شعوباً وحكاماً، والفضل في كل ذلك راجع إلى فكرة القوميات التي زرعها الاستعمار لتحطيم وحدة العرب والسلمين.. سفير أمريكا في إسرائيل سابقاً اعتراف بقوله: «زرعنا فكرة القومية..»، ومن خلالها غرس المعلمون أفكاراً أمريكية، وربما الأفكار الأكثر تأثيراً كانت القومية والاستقلال، وتلك الأفكار تسللت من خلال الطبقات المتعلمة أولاً، وكثير منها عبر نصارى الشرق الأوسط، ووصلت إلى الجيش، ويؤكد أن الجامعات الأمريكية التي أنشئت في بيروت والقاهرة وتركيا تقوم بدورها في نشر هذه الأفكار، (وهناك رابط مباشر بين التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط، وبروز فكرة القومية العربية) حتى أنهم (العرب) استخدموا مصطلح جورج انطونيوس: «النضال من أجل الاستقلال للدول العربية خلال القرن العشرين».
تكاملت جهود بريطانيا مع دول الحلفاء، وأثمر عن ذلك الاستيلاء على فلسطين بالمساحة التي يحددونها، حيث نص صك الانتداب: «لما كانت دول الحلفاء الكبرى قد وافقت على أن يعهد بإدارة فلسطين التي كانت تابعة فيما مضى للمملكة العثمانية بالحدود التي تعينها تلك الدول…»، وطالما أن وعد بلفور صادر عن بريطانيا فهي الأجدر بالانتداب حتى تكمل المشوار، وتمكن اليهود من الاستيلاء على فلسطين، في سابقة إجرامية خطيرة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، أن يتم تقرير مصير شعب بناءً على رغبات دول أخرى، على حساب مواطنيه وأهله.
حلفاء الإنشاء والرعاية والحماية
كانت بريطانيا هي القوة العظمى المهيمنة والمسيطرة وانهارت وخلفتها أمريكا، فإذا كانت الأولى قد أرست دعائم وجود الصهاينة، فإن الاستمرار والحماية تقوم بهما أمريكا والحلفاء، وإذا كان الإنشاء خلافاً لميثاق الأمم المتحدة والعهود والمواثيق الدولية، فإن حماية الإجرام الصهيوني وإهدار الشرعية الدولية مسؤولية أمريكا والحلفاء إمداداً بالسلاح والمال والدعم السياسي والاقتصادي أيضاً، فبإمكان أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها إلغاء الإجماع الدولي بواسطة الفيتو لأي قرار يدين إجرام اليهود، أو يشير إليهم باتهام، أو يحملهم المسؤولية عن مجازر الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، فمن تحرك لفصل تيمور الشرقية عن اندونيسيا، وتدمير العراق لأنه اعتدى على الكويت تنفيذاً لقراراته دون قرارات الشرعية الدولية، هو ذاته الذي يمرغ القرارات الدولية في الوحل ويجعلها مسخرة لا تساوي الحبر الذي كتبت به.
ومع أن تلك حقائق يدركها الجميع من سكان ودول العالم شرقه وغربه، شماله وجنوبه، إلا أن الغريب والأنكى أن تظل الحكومات والأنظمة العربية والإسلامية تناشد تلك الدول (أمريكا، ودول الغرب عموماً) بالعمل على حل المشكلة الفلسطينية، وممارسة الضغط والتأديب للحكومات اليهودية المتعاقبة، وإن كان الأمر يدل بجلاء على عملية الترابط والتناغم والانسجام بين الصنائع التي أوجدها الاستعمار ودعمها لتكون في سدة الحكم سواء بواسطة القوة، أو بواسطة الاستيلاء باستخدام المال والنفوذ بغض النظر عن أشكال الحكم، أو توجهه أو صبغته، وبالتالي فلولا ذلك التكامل والانسجام بين عوامل الداخل والخارج، لما كان لليهود وجود، ولما تم تشريد أكثر من خمسة ملايين إنسان دون وطنهم.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
المغرب.. مطالب بالتحقيق في كلفة دعم استيراد المواشي
الرباط – في خضم الجدل المتصاعد بالمغرب حول كلفة دعم استيراد المواشي وشفافية هذا الدعم، تقدّمت فرق الأغلبية البرلمانية بطلب لتنظيم مهمة استطلاعية للوقوف على مدى نجاعة البرامج والإجراءات الحكومية الموجهة لاستيراد الأبقار والأغنام واللحوم، ومدى مساهمتها في حماية القدرة الشرائية للمواطنين.
وجاءت هذه الخطوة بعد يومين فقط من إعلان فرق المعارضة البرلمانية عن مبادرة لتشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق بشأن مختلف أشكال الدعم الحكومي الموجه لاستيراد وتربية المواشي، وسط تضارب الأرقام بشأن حجم المستفيدين وكلفة الدعم.
أرقام متضاربةوأشعل وزير التجهيز والماء والأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة فتيل الجدل بعد أن اتهم مستوردي الأغنام بتحقيق أرباح ضخمة وغير أخلاقية على حساب الدعم العمومي، مقدرا أرباحهم بـ13 مليار درهم (حوالي 1.3 مليار دولار).
ودعم زميله في الحزب وزير التجارة والصناعة رياض مزور هذه التصريحات، وأشار إلى أن عدد المستوردين لا يتجاوز 18 فردا، مما يثير شبهة احتكار، ملوحا بكشف أسمائهم مستقبلا.
في المقابل، نفى رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب وقيادي في حزب الأحرار قائد الائتلاف الحكومي، هذه الأرقام مؤكدا أن عدد المستوردين بلغ 100، وأن كلفة الدعم لم تتجاوز 300 مليون درهم (30 مليون دولار).
إعلانوفي محاولة لتبديد التضارب، أعلنت وزارة الفلاحة أن كلفة دعم استيراد الأغنام الموجهة لعيد الأضحى خلال عامي 2023 و2024 بلغت 437 مليون درهم (حوالي 43.7 مليون دولار)، شملت 875 ألف رأس و156 مستوردا. لكنها لم تكشف عن الكلفة الإجمالية لباقي عمليات الاستيراد خارج هذه المناسبة.
وتصاعدت الاتهامات بعد طلب الأغلبية تشكيل مهمة استطلاعية بدلا من لجنة تقصي حقائق، إذ اتهم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (معارضة) نبيل بنعبد الله الحكومة بـ"المكر" السياسي، مشيرا إلى أن مبادرة المعارضة بمجلس النواب إلى الدعوة لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق كان يفترض أن تواجه بروح إيجابية، طالما أن الهدف هو الوصول إلى الحقيقة.
وفي خضم هذا التراشق، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس أن اختيار الآلية الرقابية المناسبة يبقى من اختصاص البرلمان ولا دخل للحكومة فيه، مشددا على أن علاقة الحكومة بالمؤسسة التشريعية مبنية على التوازن والتعاون كما نص الدستور.
وقال النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية (معارضة) عبد الصمد حيكر إن الدعم العمومي الموجه لاستيراد المواشي لم يُحقق أهدافه المعلنة، سواء في التحكم في الأسعار أو حماية القدرة الشرائية للمواطنين أو الحفاظ على القطيع الوطني، بل تحوّل إلى مصدر أرباح طائلة لفئة محدودة، دون أثر ملموس على السوق.
وأكد حيكر، في حديث للجزيرة نت، أن المعطيات الرسمية تُشير إلى أن 10.7% فقط من المتقدمين بطلبات الاستيراد استفادوا وقاموا فعليا باستيراد الأبقار أو الأغنام مستفيدين من الامتيازات المقررة، كما أن 40% من الشركات المستفيدة فعليا لا علاقة لها أصلا بقطاع اللحوم أو المواشي، إذ تم إنشاؤها خصيصا بعد الإعلان عن العملية أو غيّرت نشاطها للغرض ذاته.
إعلانوأوضح أن الأرقام التي بحوزته مستمدة من وثائق رسمية صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية، وتم توزيعها على النواب خلال مناقشة مشروع قانون مالية 2025.
وتكشف هذه الأرقام -وفق المتحدث- "عن دعم مباشر بقيمة 500 درهم (50 دولارا) عن كل رأس غنم بمناسبة عيد الاضحى، فضلا عن تكاليف ضريبية كبيرة نتيجة الإعفاء من الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد، لتصل الكلفة الإجمالية إلى أزيد من 13 مليار درهم (1.3 مليار دولار) إلى حدود أكتوبر/تشرين الأول 2024″، مشيرا إلى أن عمليات الاستيراد تضاعفت منذ ذلك الحين، مما يؤشر على أن كلفتها قد تفوق 20 مليار درهم (نحو ملياري دولار).
وفيما يخص التضارب الواضح في الأرقام والتصريحات، تحدث البرلماني عبد الصمد حيكر عن الحاجة إلى تحقيق شفاف وجاد، وفق وصفه.
ويرى الخبير الاقتصادي رشيد ساري أن الجدل حول تضارب الأرقام يُخفي إشكالا أعمق يتعلق بـ"الريع والفساد وغياب الحكامة" وفق وصفه، مؤكدا أن "السجال لا يجب أن ينحصر فقط فيما إذا كانت المبالغ المصروفة ملايين أو ملايير، بل يجب التوجه نحو الأسئلة الجوهرية: من استفاد من العملية؟ وفق أي معايير تم قبول ملفات المستوردين؟ ولماذا لم ينعكس هذا الدعم على الأسعار في السوق؟".
وأوضح الخبير للجزيرة نت أن جزءا من التضارب في الأرقام مردّه إلى الخلط بين عمليتين مختلفتين، الأولى تتعلق باستيراد الأغنام المخصصة لعيد الأضحى خلال عامي 2023 و2024 والتي استفاد فيها المستوردون من دعم مباشر وإعفاءات جمركية؛ والثانية تخص عملية استيراد عامة للمواشي واللحوم الحمراء بهدف تزويد السوق وتخفيض الأسعار.
“للي ما ف كرشو عجينة ما عندو علاش يخاف”. بمعنى أن الحكومة إذا كانت فعلاً متأكدةً من أن دعمها لمستوردي المواشي لا يشوبُـــــهُ أيُّ اختلال، فلماذا تتهربُ من لجنة تقصي الحقائق!؟ إنَّ اللجنة مثل اسمها تماماً، لا تهدف سوى إلى الحقيقة. فلماذا تخاف الحكومةُ من الحقيقة!؟ pic.twitter.com/eQVhzAnvwW
— PPS - حزب التقدم والاشتراكية (@PPSofficiel) April 10, 2025
إعلان بين الاستطلاع والتقصيوبالنظر إلى خطورة وتعقد هذا الملف، يرى عبد الصمد حيكر أن تشكيل مهمة استطلاعية بالبرلمان لا يتناسب مع التطلعات الشعبية لكشف الحقائق وإحالة المخالفين على القضاء في حالة وجود قرائن على تورط أي كان في شبهة المس بالمال العام من دون وجه حق وتبديده.
وقال "المهمة الاستطلاعية آلية محدودة، تنبثق عن إحدى اللجان البرلمانية الدائمة ولا تملك صلاحيات ذات إلزامية قوية، حيث يمكن للمسؤولين تجاهل حضور أشغالها دون أية تبعات قانونية، كما أنها لا تتيح الاستماع للفاعلين في القطاع الخاص، رغم أن الموضوع المطروح، وهو استيراد المواشي، يخص مستوردين ينتمون إلى هذا القطاع".
في المقابل، أوضح أن لجنة تقصي الحقائق، المنصوص عليها دستوريا، تتمتع بصلاحيات واسعة، إذ تتيح الاستماع لأي طرف والحصول على الوثائق بالقوة القانونية، كما أن امتناع أي شخص عن التعاون معها يُعرضه للمساءلة الجنائية.
وقال "تقرير لجنة التقصي يمكن أن يُحال على القضاء في حال الكشف عن مخالفات، وهو ما لا توفره المهمة الاستطلاعية التي لا تُفضي إلا إلى توصيات غير ملزمة".
وأضاف "نحن أمام ملف فيه شبهات احتكار وتبديد أموال عمومية وتحقيق أرباح غير مشروعة لعدد محدود من المستوردين، مما يستدعي محاسبة حقيقية، خاصة وأن المتضرر ليس المواطن فقط، بل أيضا الاقتصاد الوطني وقطاع تربية الماشية ككل".
أما رشيد ساري فيرى أن ما يثير القلق هو أن "الاختلالات التي رافقت هذه العملية انطلقت منذ سنة 2023، ولكن إثارتها بصوت مرتفع لم تتم إلا مؤخرا، وخصوصا من داخل مكونات الأغلبية الحكومية نفسها، مما يطرح احتمال أن يكون الموضوع بدأ يُستثمر في إطار حملة انتخابية مبكرة".
ودعا إلى تدخل مجلس المنافسة كما فعل سابقا في ملف أسعار المحروقات، قائلا "إذا ظل الملف محصورا في سجالات بين الحكومة والمعارضة، فسنكون أمام قضية تُوظف سياسيا بدل أن تُعالج مؤسساتيا وفق مقاربة شفافة ومحاسباتية".
إعلان