المؤمنون في اليمن وأقطار الإسلام يُحيون مناسبة الغدير.. والبوصلة نحو فلسطين
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
خطابات السيد القائد تفتح باب إصلاح الأمة وتؤسس لمرحلة ما بعد استعادة فلسطين
الثورة / إبراهيم الوادعي
على امتداد الوطن اليمني وفي أكثر من مائة وستين ساحة أحيا اليمنيون مناسبة الغدير الثامن عشر من ذي الحجة يوم أعلن رسول الله محمد – صلى عليه وآله وسلم – بأمر من الله، الإمام عليا وصيا على المؤمنين من بعده ووليا وواليا عليهم.
تمر ذكرى الغدير في اليمن وفي أقطار إسلامية عادة وسط اهتمام محلي وإسلامي ينبع من جهود الإصلاح داخل الأمة والتي ترى تيارات فيها أهمية العودة إلى منابع الخطأ الذي قسم الأمة وأوجد الفروقات والشقوق داخلها وأين يكمن الخطأ من الصحيح، بعد أن فشلت نظريات الترميم والقفز على الماضي في إصلاح الحاضر لكون الخطأ مس بالأساس الذي ينبني عليه قناعة وعقيدة المسلم رغم تسليم مختلف التيارات الإسلامية بحقيقة الواقعة وما صدر عنها من نصوص نبوية، إلا أن التفسيرات ذهبت مناح شتى لمصالح هنا وهناك، وشكلت انقساما ثابتا تخف حدته بين طائفة وأخرى.
وتحت مرقاب دولي احتفل اليمنيون هذا العام بمناسبة الغدير التي يحيونها جيلا بعد جيل، فالبلد الذي يواجه العالم لأجل غزة، صارت كل أحداثه واهتماماته محل دراسة العالم ونظرياته، وهذا الشعب أعاد في أهم محطات العقيدة لدى شعبه تأكيد ثبات البوصلة نحو فلسطين، وهو يمنع بالتنسيق مع محور المقاومة بكل ما يستطيع هزيمة المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس والتي قد لا تشاطره تفسيره للغدير.
ووسط متغيرات عصفت بالأمة الإسلامية بل والعالم، أمام ما يجري في غزة من أهوال ومجازر وإبادة يهودية للشعب الفلسطيني صاحب الأرض والحق والتاريخي، لم تعرف البشرية مثيلا لها أو سجلت ذاكرة التاريخ شبيها لما يحدث في غزة الجغرافية المصغرة والاكتظاظ السكاني الكبير، يتحدث اليمنيون على امتداد الساحات عن كون غزة برزخا بين الإيمان والنفاق داخل الأمة وعلى مستوى البشرية جمعاء، وبكونها “علي العصر” وقسيمة أهل الجنة والنار.
الصورة التي خرجت من طهران لقادة محور الجهاد والمقاومة غداة تشييع الرئيس الشهيد إبراهيم رئيسي ورفاقه، بما تحمله من تنوع فكري داخل الأمة تجمعهم وتوحدهم فلسطين، يؤدي إلى نتيجة مهمة، عجز عنها المسلمون منذ قرون.
حزب الله فتح معركة واسعة في شمال فلسطين المحتلة ويستعد كما اليمن لاحتمالية حرب شاملة مع العدو الصهيوني، نصرة لغزة دون مَنّ ولا انتظار مقابل، بل الإسلام الجامع هو ما حرك الجميع في محور الجهاد والمقاومة يؤكد قادته جميعا من اليمن إلى العراق إلى لبنان فطهران التي تحملت في سبيل فلسطين الكثير منذ الإمام الخميني وحتى اليوم ولم تحد عن تلك المبادئ قيد أنملة بشهادة قادة المقاومة الفلسطينية .
فرضت غزة بل نجحت في إعادة خلط المشهد وسحب البساط من أيدي تيارات تحكمت فكريا في اتجاهات الاقتراب والتباعد داخل طوائف الأمة الإسلامية، وهذه التيارات ظهر خذلانها جليا لفلسطين أمام هول المجازر التي يرتكبها الصهاينة ورغم كون تلك التيارات الفكرية على تماس جغرافي مع غزة والضفة.
تحت راية طوفان الأقصى انتظمت تيارات كان يرى لها تباعدا وفقا لتفسيرات ما بعد واقعة الغدير، هي تقاتل جميعها سنة وشيعة كتفا بكتف في مواجهة إسرائيل بدءا من داخل غزة ووصولا إلى كل جبهات الإسناد.
صلابة غزة وصمودها اليوم كما يهزم عدو الأمة عسكريا ويفت في عضد بقائه، فهي تواصل توحيد الأمة الإسلامية وتذويب الحواجز الطائفية والفكرية التي عمقها الغرب حفاظا على إسرائيل ودعما لممالك وحكومات أظهرت جولة المواجهة في غزة بجلاء أنها في الحلف الأمريكي ولم ترمي بحجر عبر الحدود على إسرائيل.
ومن نافل القول: إن صمود غزة حتى اليوم يرجع في جزء كبير منه بعد الله سبحانه وشجاعة أبناء فلسطين إلى العمل الدؤوب الذي قدمه قادة كبار في محور الجهاد والمقاومة على رأسهم الحاج قاسم سليماني وعماد مغنية ” الشيعيان” وآخرون لم يكشف عنهم، سلحوا ودعموا ودربوا فصائل المقاومة الفلسطينية على اختلافها فكريا.
وسيذكر التاريخ أن يد عليّ التي رفعها النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خم لم تخذل الإسلام يوما ولم تغب عن قضاياه حاضرا، ولم تنجر يوما إلى قضايا صغيرة لتجد فيها عذرا تتنصل فيها عن مسؤوليات كبرى وفي المقدمة فلسطين ونصرة المستضعفين من أبناء الإسلام والبشر أينما كانوا، حيث يقول الإمام علي “الإنسان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق”.
إن محطة طوفان وما أحاط به من متغيرات يتطلب العودة الجادة وإقفال كافة الثغرات التي وجد فيها العدو اليهودي على امتداد التاريخ مدخلا لتفريق الأمة وتثبيطها عن الجهاد ونصرة المستضعفين فيها، حتى رأينا مشهد الفلسطيني يُقتل على جانب الحدود وأخاه المصري يحمل سلاحا ولا يحركه، يراه يواجه الدبابة ولا يرمي معه بحجر، يرى أخاه يموت من الجوع وهو لا يجرؤ أن يفتح معبرا دون إذن أمريكي ويدخل له الطعام، وذلك أمر من الأهمية بمكان متى وضعت المعركة أوزارها.
خطابات السيد القائد على امتداد المواجهة مع العدو الإسرائيلي في غزة كل أسبوع، يحمل ذلك البعد وهم إعادة الأمة إلى مجدها العالمي ولا يكتفي فقط باستعادة فلسطين، بما يعينه ذلك من معالجة يعالج تلك الظواهر الأليمة في تخلي الأمة عن غزة رغم جوار البعض وثراء البعض الآخر وقوة آخرين، وتسبب بذلك حكومات عميلة وفكراً مدسوساً استندت عليه للتضليل.
وبالعودة إلى اليمن فقد أثبت أنه محط الوفاء للإسلام المحمدي في كل الأزمنة والمراحل، وحين استنصرت غزة ذهب إلى المواجهة بدون أي حسابات ورفض كل المغريات رغم فاقته وألمه وفتك الحصار لـ10 سنوات به، وهو جدير ويملك المؤهلات للعب دور تصحيح وضع الأمة داخليا، إذ لا يمكن لأمة منقسمة على نفسها أن تتبوأ الصدارة بين الأمم .
لقد أطلق طوفان الأقصى بالتزامن مع المعركة العسكرية لتحرير فلسطين، معركة فكرية هي من الأهمية بمكان، فلن تنام الصهيونية عن فلسطين إن خسرتها، واستعادة الأقصى باتت قريبة بمعطيات مادية.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: على امتداد فی غزة
إقرأ أيضاً:
ما قصة ساحة فلسطين التي أصبحت أزمة وصراعا سياسيا بالدانمارك؟
يقول ناشطون دانماركيون إن تسمية الطرق والميادين في كوبنهاغن تتم عادة من دون الكثير من الضجة أو حتى جذب انتباه الجمهور، ولن يكتشف معظم المواطنين أن طريقا أو ساحة تمت إعادة تسميتها إلا عندما تظهر علامة جديدة على زاوية الشارع.
لكن ما حدث مع منطقة نوربرو (شمال غربي العاصمة كوبنهاغن) كان مختلفا تماما، وشهدت بلدية المنطقة فصولا من الجدل والإثارة التي استمرت على مدى أكثر من عام ونصف العام حتى حانت ساحة الحسم وصدر قرار بتسمية المنطقة "ساحة فلسطين".
بدأت القصة في المجلس البلدي لمدينة كوبنهاغن عندما تقدمت 4 أحزاب (القائمة الموحدة، والشعب الاشتراكي، والبديل، والراديكالي اليساري) وكلها داعمة للقضية الفلسطينية بطلب، من أجل تسمية ساحة في منطقة نوربرو باسم "ساحة فلسطين"، وكان ذلك في أغسطس/آب 2023.
لكن قبل مناقشة الطلب بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فطلبت أحزاب المعارضة تأجيل البت في المقترح، بحجة أن ذلك قد يثير جدلا وأزمات سياسية في ظل "الصراع المستمر بين إسرائيل وفلسطين".
ولم يتوقف الجدل هنا، إذ تقدمت أحزاب اليسار بشكوى للهيئة العليا للمراقبة بشأن القضية، واستندت هذه الأحزاب إلى أن صراعات السياسة الخارجية لا يمكن للمجالس المحلية التعامل معها، ولذلك قررت الهيئة المضي قدما في مشروع تسمية الساحة.
إعلانوتصاعدت القضية أكثر عندما تحول الملف إلى بلدية كوبنهاغن من أجل الاستشارة الفنية في أكتوبر/تشرين الأول 2024، وتلقت البلدية 162 استفسارا حول التسمية، وكانت أغلبها (153) إيجابية، ولم تتلق إلا 9 اعتراضات فقط لتسمية المنطقة المعنية، ولذلك قررت لجنة التكنولوجيا والبيئة الموافقة على مقترح "ساحة فلسطين".
والخميس الماضي، صوتت الأغلبية في مجلس بلدية كوبنهاغن لصالح تسمية "ساحة فلسطين" بموافقة 29 صوتا من أصل 55 عضوا، وصدر القرار بالموافقة على التسمية التي ستدخل حيز التنفيذ في الأول من أبريل/نيسان القادم.
خلافات سياسية
وقد يمثل الجدل المصاحب لمقترح التسمية هذا انعكاسا لطبيعة الصراع بين الأحزاب المحلية في كوبنهاغن، وكذلك الحساسية السياسية المحيطة بالقضية الفلسطينية.
لذلك يقول كاشف أحمد العضو في الحزب الراديكالي اليساري، وهو أحد الأحزاب التي قدمت مقترح التسمية، "إننا واجهنا عدة أطراف حاولت تعطيل عملية التسمية، أو تدفعنا للتراجع عن قرارنا"، متذرعة بأن التسمية تتعلق بالسياسة الخارجية وستثير الجدل ويجب رفضها.
وأضاف أحمد -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن منطقة الساحة يسكنها أفراد متعددو الثقافات والعرقيات، وبعضهم من خلفيات شرق أوسطية، و"ساحة فلسطين" ستوفر حضورا واعترافا بهذه المجتمعات وإسهاماتها في الحياة الثقافية في كوبنهاغن، كما "ستعزز الحوار ومناقشة المواضيع الشائكة بدل تجاهلها وصولا لمصالحة مجتمعية وفهم مشترك".
وأشار عضو الحزب الراديكالي إلى أن "ساحة فلسطين" ستكون رمزا للسلام والاعتراف بالفلسطينيين في كوبنهاغن، و"ستشجع على النقاشات والحوار بشأن السلام والعدالة والتعايش، حيث يمكن للهويات المختلفة أن تتفاعل معا وتحترم التاريخ المغاير لدى كل منها".
رمزية سياسية
ربما لا تشغل الساحة التي يدور الحديث عنها مساحة كبيرة من الأرض، أو قد تكون مجرد ساحة مثل غيرها من الساحات ضمن بلدية المدينة الكبيرة، لكنها لدى الناشطين في الدانمارك تمثل رمزية سياسية ذات دلالات مؤثرة، خاصة في هذا التوقيت.
إعلانولهذا يقول عيسى طه نائب رئيس المنتدى الفلسطيني في الدانمارك إن هناك صراعا حقيقيا حول من يتصدر المشهد ويمثل الرأي العام هنا في كوبنهاغن، وذلك عبر ما تسمى "حرب السرديات"، لا سيما أن الدعم المقدم للقضية الفلسطينية بعد الإبادة الجماعية على قطاع غزة وفلسطين في ازدياد، وشمل جوانب عدة مثل العمل القضائي والحقوقي والإغاثي والنقابي والطبي والشعبي والسياسي.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، أضاف طه أن القرار في حد ذاته له دلالات رمزية سياسية، ويمثل صفعة لكل من يناصر الاحتلال ويدعي أن الدانمارك ومؤسساتها الحكومية وغير الحكومية تدعم الاحتلال الإسرائيلي، "بينما الواقع يقول عكس ذلك ولدينا 3 منظمات غير حكومية (أمنستي وأوكسفام وأكشن إيد) رفعت قضية على الحكومة الدانماركية لتصديرها السلاح لإسرائيل.
ويشرح نائب رئيس المنتدى الفلسطيني التركيبة السياسية في الدانمارك بأن الأحزاب التي تبنت مشروع "ساحة فلسطين" تمثل أغلبية في بلدية مدينة كوبنهاغن، وهي كلها داعمة للحق الفلسطيني. بينما الحكومة الدانماركية تتألف من أحزاب اليمين والوسط واليسار، وهي أحزاب مناصرة للاحتلال الإسرائيلي.
ولعل هذا ما يفسر العديد من المبادرات التي تثبت أن الشارع الدانماركي له رأي مختلف عما يقوله السياسيون، ومشروع التسمية هذا يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، ولعله جزء من الدور التراكمي الذي يصب في خدمة القضية الفلسطينية، حسب ما قاله عيسى طه.
الدعم الشعبي
والاختلاف السياسي الذي أشار إليه عيسى طه سابقا، يضرب عليه مثالا الناشط والإعلامي الدانماركي نيلز بريك بأنهم قدموا العام الماضي مقترحا شعبيًا للاعتراف بخطر الإبادة الجماعية في غزة، ولكن أقل من 7% فقط من أعضاء البرلمان صوّتوا لصالحه. مؤكدا "أن هناك دعمًا أكبر في كوبنهاغن لحقوق الإنسان والحرية والعدالة لجميع الناس، بما في ذلك الفلسطينيون، ولهذا السبب لدينا ساحة فلسطين في كوبنهاغن اليوم".
إعلانوأضاف بريك -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن الحركة المؤيدة لفلسطين في كوبنهاغن "شاركت في مظاهرات كل أسبوع تقريبا على مدى أكثر من عام في جميع أنواع الطقس". مبينا أن هذا الحراك الشعبي أسهم في تهيئة المناخ السياسي الذي وافق على أن تكون هناك ساحة في كوبنهاغن تسمى ساحة فلسطين.
وأشار بريك إلى أن الحركة المؤيدة لفلسطين بذلت جهدًا كبيرًا في انتقاد الإعلام عندما كان يحرّف الأحداث أو يعتمد فقط على الرواية الإسرائيلية ودعايتها ونشرها الأكاذيب. قائلا "إننا فعلنا ما بوسعنا لضمان وصول أكبر قدر ممكن من الحقيقة إلى عامة الناس، وبالطبع الحقيقة التي تخدم القضية الفلسطينية".