الثورة / وكالات

في الوقت الذي تكشف فيه وسائل إعلام إسرائيلية عن خسائر فادحة تفوق الأرقام الرسمية من قتلى وجرحى في صفوف جيش الاحتلال، يبدو أن الحرب على غزة تفرض ثمناً باهظاً ليس في الأرواح والإصابات الجسدية فقط، بل كذلك في الاضطرابات النفسية بين الجنود، الذين باتوا يعانون من ميول انتحارية.
وتؤكّد المصادر الطبية الإسرائيلية أنّ جنود الاحتلال الذين أصيبوا في معارك غزة يعانون من صدمات نفسية صعبة وكوابيس مزعجة من هول مشاهد الحرب.


ونقل موقع “والا” العبري ، عن عائلات الجنود قولهم “إنّ شراسة المقاومة الفلسطينية سببت صدمات واضطرابات للجنود العائدين من غزة”.
وحسب تقارير عبرية، فإن المستشفيات تحقن الجنود المصدومين نفسياً بمواد مخدرة ليتمكنوا من النوم.

إحصائيات صادمة
كشفت تقارير صحيفة عبرية عن ارتفاع عدد الجنود المعاقين الذين تلقوا العلاج في أقسام إعادة التأهيل التابعة لوزارة الدفاع، إلى 70 ألف جندي، منذ احتلال فلسطين في العام 1948م، بعد انضمام 8663 جريحاً منذ اندلاع الحرب الحالية في 7 أكتوبر الماضي.
وأشارت القناة السابعة الإسرائيلية إلى أن 35% من المصابين يعالجون من أمراض نفسية، في حين أظهر تحليل أجراه مختصون أن حوالي 40% من الجرحى الذين سيتم إدخالهم إلى المستشفى بحلول نهاية العام قد يواجهون أمراضا نفسية متباينة، بما في ذلك القلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة وصعوبات التكيف والتواصل.
ونقلت صحيفة “جيروسالم بوست” أنّ أكثر من 10 آلاف جندي احتياط طلبوا تلقي خدمات الصحة العقلية.
وفي فبراير الماضي، قرّر قسم التأهيل في جيش الإحتلال تشكيل فرق من أطباء نفسيين وممرضين قادرين على التعامل مع الميول الانتحارية، من أجل إجراء تقييم للجنود الذين يعانون اضطرابات نفسية، وفقاً لصحيفة “يديعوت أحرونوت”.
وجاءت تلك الخطوة بعدما كشفت صحيفة “هآرتس” أنّ 10 ضباط وجنود إسرائيليين انتحروا منذ بداية الحرب، في حين أفادت الإذاعة الإسرائيلية قبل أيام بانتحار جندي آخر بعد تلقيه أمراً بالعودة للخدمة العسكرية في غزة.
الجندي إليران مزراحي انتحر بسبب استدعائه للقتال مرة أخرى وهو يعاني اضطرابات نفسية
وفي منتصف مارس الماضي، أقرّ جيش الاحتلال بمواجهة “أكبر مشكلة للصحة النفسية” منذ عام 1973م، حيث أوضح حينها أن نحو 1700 جندي خضعوا للعلاج النفسي، وأن 85% منهم عادوا للخدمة.
ووفقاً لصحيفة هآرتس، فقد سرّح الجيش الإسرائيلي في مطلع العام الجاري 90 جندياً من الخدمة بسبب “مشكلات نفسية”.

كارثة نفسية
تشير الكاتبة أسيل الزغول إلى أنّه منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، يستخدم الإسرائيليون عبارات لها امتدادات صارخة في علم النفس لتوصيف معاناتهم، مثل: “أمّة تحت الصدمة” أو “أكبر أزمة نفسية تمرّ بها إسرائيل” أو “كارثة نفسية تعصف بالإسرائيليين”.
وترى الكاتبة أنّ هذه الخطابات النفسية تشير إلى وجود أزمة نفسية تعصف بالإسرائيليين، ومن جهة أخرى، فهي تستدم للاستعطاف الدّولي للفاجعة النفسية، إذ إنّ منظور الصدمة النفسية يشكّل مدخلاً سهلاً إلى استعطاف العقل الجَمعي الغربي المهووس بثقافة الضحايا وثقافة المصدومين نفسيّاً، ويُحوّل الإسرائيليين من جماعة مُحتلّة إلى جماعة بشرية مليئة بالعواطف الإنسانية.
ووفقاً للكاتبة، إذا كان 30.000 جندي عسكري قد عرضوا على خدمات الصحّة النفسية، فهذا يعني أنّ لدينا ما يُقارب 5.400 جُندي إسرائيلي قد توقّفوا عن الخدمة العسكرية حتّى إشعارٍ آخر، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ اضطراب ما بعد الصدمة عادةً ما يحتاج إلى علاج مُدّته في المتوسّط 6 أشهر متواصلة.

اضطرابات سلوكية
تحمل الصدمات النفسية نزعات تدميرية وسلوكيات عدوانية غير مُبرّرة في كثير من الأحيان، وتشير الكاتبة أسيل هنا إلى المقطع الذي انتشر لأحد الجنود الإسرائيليين وهو يُقدِم على أعمال تخريبية في أحد المحال التجارية المهجّر أصحابها في قطاع غزّة، حيث يظهر جليّاً الطابع الصبياني في تصرّفات الجندي وفي تخريبه لألعاب الأطفال وتكسيرها.
وتضيف الكاتبة: بشكلٍ عام تتجسّد أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بهيئات مختلفة، فمن الشائع أن يعود الجنود من خدماتهم العسكرية محمّلين بعقدهم النفسية وصدمات المعارك التي تظهر على هيئة تصرّفات عدوانية غير مُبرّرة، تتوجّه في كثير من الأحيان نحو الأشياء والحيوانات الأليفة وحتّى أفراد أُسَرهم من زوجات وأبناء، بحسب تقارير موثّقة.
وتشير إلى أنّه وفقاً لبعض الشهادات، فإنّ كثيراً من الإسرائيليين لا يستطيعون منع أنفسهم من مشاهدة مقاطع الفيديو التي ترعبهم، وهو أحد الأعراض المحتملة للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة.
وتؤكّد الكاتبة أنّه من الناحية العلمية، يُمكِن للمشاهدة المتكرّرة للوقائع المرعبة والصادمة أن تُنتِج حالة صدمة نفسية لدى أشخاص لم يحضروا واقعة الحدث الصادمة عياناً، لكنّهم شاهدوها بكثرة عن بُعد، وتُسمّى هذه الحالة الصدمة الثانوية أو الصدمة بالإنابة.

اضطراب ما بعد الصدمة
بعد عودته من القتال في قطاع غزة، أدلى جندي إسرائيلي باعترافات صادمة أمام جلسة في الكنيست، في ديسمبر الماضي، كاشفاً عن أنّه “يتبول على نفسه من الرعب ليلاً”.
وقال الجندي “أفيخاي ليفي”، الذي انسحب من معارك غزة: “أتخيل الآن أنّ قذائف (آر بي جي) تطير فوق رأسي.. وأتخيل نفسي داخل الجرافة وأقاتل وأشم رائحة الجثث”.
وأضاف: “أتبول على نفسي خلال نومي من الخوف.. ولا أتمكّن من النوم حتى أشرب زجاجة كحول”، محمّلاً مسؤولية ما حصل له ولرفاقه للحكومة الإسرائيلية.
وتابع: “أجمع الجرحى بيدي هاتين أين أنتم؟ تتكلمون عن المعاقين الجدد، في الوقت الذي يوجد فيها معاقون هنا.. أنا أتكلم عن نفسي، تمّ التخلي عني”.
وفي الشهر ذاته، نشرت صحيفة هآرتس تقريراً وصفت فيه حادثة وقعت في أحد المنتجعات العلاجية والترويحية التابعة لجيش الاحتلال في عسقلان.
ووفقاً للصحيفة، فقد استيقظ جندي تابع للواء المظليّين مذعوراً من أحد الكوابيس المرعبة التي تطارده من أشباح المُقاومة، ليستلّ سلاحه ويبدأ إطلاق النّار على أصدقائه الموجودين معه، متسبّباً في جروح طفيفة، قبل أن يتمكّن زملاؤه من إعادته إلى وعيه واحتواء الموقف.
والمثير للاهتمام هنا، هو أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي قرّر عدم فتح تحقيق في القضية، متذرّعاً بالظروف الصحّية والنفسية الخاصّة بالجنود، إذ أنّ إبعادهم إلى المنتجع الترويحي جاء عقب تضخّم الضغوط النفسية لديهم نتيجة تعرّضهم لاشتباكات عدّة في قطاع غزّة.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

إصابات وإنهاك.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعاني نقصا كبيرا في الجنود

كشفت عدد من التقارير الإعلامية، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، بات يعاني من نقص يوصف بـ"الحاد" في عدد الجنود، حيث يقدّر النقص بحوالي 25,000 و50,000 جندي وجندية؛ وذلك في خضم عدوانه الدموي المستمر على كامل قطاع غزة، في ضرب عرض الحائط لكافة القوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

وفي هذا السياق، أشار تقرير لصحيفة "هاندلسبلات" الألمانية، أن "الخبراء، قدّروا بشكل خاطئ الاحتياجات البشرية للجيش، حيث لم يتوقّعوا اندلاع النزاعات العسكرية على جبهتين في وقت واحد، غزة ولبنان". 

وقال يوهانان بن يعقوب، وهو المتحدث السابق باسم الجيش في لقاء مع الصحيفة الألمانية، أنه أنه "منذ السابع من أكتوبر، سقط ما لا يقل عن 665 جنديا وجندية، وأصيب 1500 آخرون، بعضهم بإصابات خطيرة"؛ فيما تم تمديد فترة خدمة جنود الاحتياط، إذ سيتم إلزامهم بالخدمة لمدة 90 يوما، بزيادة 60 يوما عن الفترة السابقة؛ كما سيتم تمديد فترة خدمة الجيش النظامي من سنتين ونصف إلى ثلاث سنوات.

إلى ذلك، تعتزم حكومة الاحتلال الإسرائيلي انطلاق العمل بقانون جديد، ينص على "تأخير سن التقاعد لجنود الاحتياط". حيث يقترح "رفع سن الإعفاء من خدمة الاحتياط من 40 إلى 41 عاما للجنود، ومن 45 إلى 46 عاما للضباط".

كذلك، أشارت عدد من التقارير الإعلامية، المحكمة العليا قد قرّرت بالإجماع، خلال هذا الأسبوع، أنه يمكن لحكومة الاحتلال الإسرائيلية، استدعاء طلاب المعاهد الدينية اليهودية الأرثوذكسية المتشددين للخدمة العسكرية؛ حيث كانت القوانين السابقة تعفي الشبان الذين يدرسون في معاهد دينية بدوام كامل من الخدمة العسكرية؛ غير أن هذا الاستثناء القانوني قد انتهى الآن.


وسوف يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي، في خطوة أولى، بتجنيد 3000 من الأرثوذكس. فيما شددت النائب العام، غالي بهاراف-ميارا، على أن "هذه الخطوة لا تضمن توزيعا عادلًا للعبء على المجتمع بأكمله"؛ وطالبت وزارة الدفاع بـ"وضع خطة من أجل زيادة هذا العدد، واتخاذ الخطوات اللازمة لتعظيم إمكانيات التجنيد".

تجدر الإشارة إلى أنه خلال عام 2023، تم إعفاء أكثر من 60,000 شاب من المجتمع الأرثوذكسي المتشدد من الخدمة العسكرية. وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد قلّصت في السنوات الماضية من عدد جنودها النظاميين والاحتياط، غير أنها اليوم باتت تبحث عن أي حل متاح لزيادة العدد.

وقال مدير مركز بيغن- السادات للدراسات الإستراتيجية في جامعة بار-إيلان العبرية، إيتان شامير، "الحرب الحالية أثبتت أن الجيش ارتكب خطأ كبير"، وذلك في إشارته إلى "تسريح حوالي 170,000 جندي من الاحتياط لأن قيادة الجيش قررت أنهم لم يعودوا بحاجة إليهم، في وقت سابق".


وتابع: "لم يتم تقليص الأعداد فحسب، بل تم كذلك خفض ميزانيات التدريب بشكل كبير. لم يكن من المصادفة أن يتطلب الجيش ما يقرب من ثلاثة أسابيع من التدريب، قبل أن يتمكّن من شنّ هجوم بري في الحرب الحالية".

وكانت عدد من وسائل إعلام عبرية، قد نشرت خبر انتحار جندي إسرائيلي، عقب تلقّيه أمرا بالعودة للخدمة العسكرية في قطاع غزة، بعد أن كان قد قضى فيها 78 يوما خلال الحرب. فيما أكد موقع "واللا" العبري أنه "انتحر جندي الاحتياط إليران مزراحي، الجمعة الماضي، بعد معاناته من اضطراب ما بعد الصدمة، وهو أب لأربعة أطفال، بينهم اثنان مصابان بطيف التوحد".

وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية، قد قالت، في وقت سابق، إن 9 ضباط وجنود قد انتحروا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، عدد منهم انتحر خلال المعارك في مستوطنات غلاف غزة المحاصر. وكذلك أقر جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال منتصف آذار/ مارس الماضي، أنه يُواجه المشكلة الكبرى في الصحة النفسية منذ عام 1973، وذلك على خلفية العمليات التي تشنّها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، على جيش الاحتلال منذ طوفان الأقصى.


وكانت تحقيقات إسرائيلية كشفت عن حالة من التذمر الحاد في أوساط جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي، بسبب طول مدة خدمتهم، وذلك بعد مضي نحو 9 أشهر على بدء حرب غزة.

ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يشن الاحتلال حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 123 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

بموازاة ذلك، ومنذ 8 أكتوبر الماضي، تتبادل فصائل فلسطينية ولبنانية في لبنان بينها "حزب الله" مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا، أسفر عن مئات بين قتيل وجريح معظمهم في الجانب اللبناني.

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته بالشجاعية والمقاومة تستهدف تجمعات لجنود الاحتلال
  • المقاومة اللبنانية تستهدف‏ ‏تجمعاً لجنود العدو الصهيوني في محيط مثلث الطيحات
  • المقاومة اللبنانية تستهدف‏ ‏تجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي في محيط مثلث الطيحات
  • إصابات وقتلى: جيش الاحتلال يواجه أزمة غير مسبوقة في الجنود
  • العدو الصهيوني يعترف بمصرع جندي في معارك غزة
  • إصابات وإنهاك.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعاني نقصا كبيرا في الجنود
  • جيش العدو يعترف رسمياً بمصرع قائد فريق قناصة وإصابة 16 جنديًا بكمين المقاومة في جنين
  • حزب الله يستهدف مباني لجنود الاحتلال في 3 مستوطنات إسرائيلية واشتعال النيران فيها (فيديو)
  • فصائل فلسطينية: قصفنا بالهاون تمركزات لجنود وآليات الاحتلال بعدد من المحاور في رفح جنوب غزة
  • مدربة صحة نفسية تشدد على ضرورة بناء مساحة من الثقة بين الآباء والأبناء