حذر باحث اقتصادي مصري من أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي في بلاده، بالتزامن مع حرارة الصيف الحارقة، ربما تدفع الناخبين إلى مقاطعة واسعة لانتخابات الرئاسة المقررة في عام 2024؛ جراء شعورهم بـ"الإحباط وخيبة الأمل"، بحسب تحليل في موقع "ذا كرادل" (The Cradle).

الموقع تابع، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أنه مع ارتفاع الدين الخارجي إلى ما يزيد عن 162 مليار دولار، وتأثير نقص العملة الأجنبية على الواردات وخدمة الدين، أعطت الحكومة المصرية الأولوية لتصدير الغاز الطبيعي على حساب استخدامه في توليد الكهرباء وتوفير حل لانقطاع التيار.

وفي مؤتمر صحفي عقده مؤخرا في مدينة العلمين الجديدة، أقر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أخيرا بوجود "أزمة كهرباء". ومع ذلك، تصاعد الإحباط العام، على الرغم من محاولات وسائل الإعلام الحكومية التقليل من أهمية القضية، وفقا للموقع.

واستدرك: "لكن بدلا من تقديم حلول فورية، أعلنت الحكومة عن خطة لخفض أحمال الكهرباء حتى نهاية أغسطس/ آب الجاري، زاعمة أن ذلك سيعالج ما قالت إنه زيادة استهلاك من جانب المواطنين.

اقرأ أيضاً

من مصر إلى إيران.. التغير المناخي يفاقم أزمة الكهرباء بالشرق الأوسط

الأسباب الحقيقية

وعن الأسباب الحقيقية لأزمة الكهرباء، قال خبير الاقتصاد المصري محمد رمضان إن "كل شئ بدأ في منتصف 2022، عندما بدأت مصر تعاني من نقص حاد في العملة الأجنبية، مما أدى إلى أزمة اقتصادية، ودفع الحكومة إلى تصدير فوائض الغاز بكميات أكبر في محاولة للحصول على العملة الأجنبية، بالإضافة إلى ترشيد الاستهلاك المنزلي".

واعتبر أن الأسباب هي "ضبابية الاقتصاد مع الانهيار القياسي في قيمة العملة المحلية، وارتفاع التضخم، وندرة العملة الأجنبية، وارتفاع سقف الدين وخدمته، إلى جانب عدم استعداد الدولة للتعامل مع ارتفاع درجات الحرارة، مما أظهر عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة التقلبات المناخية المتوقعة منذ فترة طويلة".

رمضان تابع أن "انخفاض أسعار الغاز العالمية أدى إلى ظهور مشاكل أخرى، ففي البداية كانت حصة مصر من الغاز المستخرج من حقل ظهر كافية للاستهلاك المحلي، بينما كانت تُصدر الغاز القادم من إسرائيل بسبب ارتفاع سعره. لكن مع بداية الأزمة الاقتصادية في مصر وحاجة الدول الغربية للغاز، تم اتخاذ قرار سياسي بتوجيه أكبر كمية من الغاز إلى التصدير وترشيد الاستهلاك المحلي".

وسلط الباحث الاقتصادي، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إلهامي الميرغني، الضوء أيضا على الأسباب الجذرية للمشكلة، فخلافا لحديث الحكومة عن زيادة استهلاك المواطنين، اعتبر الميرغني أن "الأزمة ناتجة عن سوء التخطيط والإدارة واستبعاد الخبراء في عملية اتخاذ القرار".

وأردف أن "الأزمة الحقيقية تتمثل في انعدام الشفافية والصدق بين الحكومة وشعبها، مصحوبة بتصريحات استفزازية تؤجج مشاعر المواطنين.. للأسف، كشفت الأزمة أكاذيب يعيشها الشعب".

وزاد بأن "رئيس الوزراء أعلن بوقاحة أن الكهرباء لن تنقطع عن العلمين الجديدة والساحل الشمالي، منتجع الأثرياء، بينما لا تصل الكهرباء إلى مئات القرى في الريف لأكثر من أربع ساعات يوميا".

واستطرد: "الكهرباء مقطوعة عن المصانع، لكنها متوفرة في المولات (المركز التجارية) والمنتجعات السياحية بحجة أن السياحة مصدر دخل لمصر. وهذه كذبة أخرى لرئيس الوزراء لأن صافي رصيد السياحة لا يتجاوز 6.2 دولار مليار دولار، بينما تبلغ تحويلات المصريين العاملين بالخارج 32 مليار دولار.. نحن نعيش في ظل الطبقية والفساد وسوء الإدارة".

اقرأ أيضاً

بلومبرج: انقطاعات الكهرباء انتكاسة تواجه مصر التي تباهت بفائض الإنتاج

فساد وسوء إدارة 

رمضان شاطر الميرغني مشاعره، بتأكيد أن "الفساد وسوء الإدارة هما لب المشكلة.. وقد أعلنت الحكومة في أغسطس/ آب 2022 عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء وتقليص الوقود اللازم لمحطات التوليد لصالح التصدير للاستفادة من ارتفاع أسعار الغاز عقب الحرب الروسية الأوكرانية (متواصلة منذ 24 فبراير/ شباط 2022)".

وأردف رمضان أنه "خلال هذه الفترة حدث انسحاب غير عادل من حقل ظهر للغاز في البحر المتوسط وضغط على الشركة المنتجة، إيني الإيطالية، لتسريع عملية الإنتاج للاستفادة من ارتفاع الأسعار الذي قد يكون سببا في مشاكل الحقل (أحاديث عن تسرب مياه إلى الحقل تنفي الحكومة صحتها)".

ووصف الميرغني ما حدث في قطاع الكهرباء بأنه "فساد وسوء إدارة وهدر للأصول والموارد، فوزارة الكهرباء حصلت على قروض بمليارات الدولارات، وعندما جاء موعد السداد رفعت الأسعار على المستهلكين وطرحت محطات جديدة للبيع لسداد الديون".

و"مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، تهدد أزمة الكهرباء بزعزعة المشهد السياسي في مصر، إذ يشعر المواطنون بالإحباط وخيبة الأمل، ولا يرون بدائل قابلة للتطبيق بين الأحزاب أو القادة"، بحسب الموقع.

وحذر الميرغني من "ظاهرة خطيرة، إذ قد يمتنع الناس عن المشاركة في الانتخابات جملة وتفصيلا بسبب انعدام الأمل في التغيير".

ويتولى الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة منذ انتخابات 2014 ويحق له، بموجب تعديلات دستورية دفع بها، الترشح في الانتخابات المقبلة في ظل أزمة اقتصادية حادة ومتفاقمة تعاني منها مصر.

و"تسبب إعطاء الحكومة الأولوية لصادرات الغاز على حساب احتياجات المصريين الملحة في معاناة وخيبة أمل وإحباط، وبالتالي، فإن أزمة الكهرباء في مصر ليست مجرد قضية زيادة الاستهلاك، بل هي تتويج لسياسات مضللة وفساد واستياء سياسي"، وفقا للموقع.

اقرأ أيضاً

بتغريدة.. نجيب ساويرس يسخر من انقطاعات الكهرباء في مصر وردود أفعال

المصدر | ذا كرادل- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر كهرباء أزمة ظلام غاز سوء إدارة انتخابات العملة الأجنبیة أزمة الکهرباء فی مصر

إقرأ أيضاً:

انخفاض للإنتاج وارتفاع الطلب.. كيف تواجه مصر أزمة الطاقة في 2025؟

تسعى مصر  إلى تعزيز علاقاتها مع كبرى شركات الطاقة العالمية، حيث تعمل حالياً على إجراء محادثات، مع عدّة شركات دولية، بينها أمريكية، لعقد اتفاقيات طويلة الأجل، بغية شراء الغاز الطبيعي المسال، وتجنّب التقلبات العالمية في السوق الفورية الأكثر تكلفة.

وبحسب وكالة "رويترز" قالت ثلاثة مصادر، إنّ: "مصر تجري محادثات مع شركات أمريكية وشركات أجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال، عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في إطار سعيها إلى تجنب الشراء من السوق الفورية الأكثر تكلفة لتلبية الطلب على الطاقة".

إثر ذلك، عادت مصر إلى وضع المستورد الصافي للغاز الطبيعي، إذ اشترت عشرات الشحنات خلال العام الجاري، وتخلّت عن خطتها للتحول إلى مورد لأوروبا، وسط انخفاض حاد في إنتاج الغاز المحلي.


وأشارت بيانات "مبادرة بيانات المنظمات المشتركة" (جودي) إلى: "تراجع إمدادات الغاز الطبيعي المحلية في أيلول/ سبتمبر  إلى أدنى مستوى، خلال سبع سنوات، ويرجع ذلك إلى انخفاض الإنتاج وزيادة استهلاك الطاقة".

كذلك، تشير بيانات شركة الاستشارات "إنرجي أسبكتس" إلى: "توقعات بانخفاض إنتاج الغاز المحلي 22.5 في المئة إضافية بحلول نهاية 2028". وفي الوقت نفسه، يتوقع محللون زيادة استهلاك الطاقة في البلاد 39 في المئة، على مدى العقد المقبل.

وقال مصدر بالقطاع، إن "وزارة (البترول) تسعى إلى توفير إمدادات لثلاث أو أربع سنوات، لتجنّب الزيادات المفاجئة في الأسعار. وترغب أيضا في الاتفاق على شروط مرنة، أملا في العثور على إمدادات غاز في وقت قريب أو عدم الحاجة إلى إمدادات كبيرة".

وقال مصدران تجاريان، إنّ: "القاهرة تجري محادثات بشكل أساسي مع شركات في الولايات المتحدة وشركات تتولى تجميع وبيع الإنتاج من شركات أمريكية، نظرا لمرونتها مقارنة بالمنتجين الآخرين". فيما طلبت المصادر الثلاثة عدم ذكر أسمائها.


وقالت مصادر تجارية، في تشرين الأول /أكتوبر  إنّ: "مصر من المتوقع أن تجري مناقصة لشراء ما يصل إلى 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال، لتغطية الطلب في الربع الأول من 2025". ودفعت مصر علاوة تتراوح بين دولار ودولارين مقابل مشتريات من الغاز المسال، حصلت عليها في وقت سابق من العام الجاري.

وارتفعت أسعار الغاز المسال في السوق الفورية مؤخرا، إلى ما يقرب من 14.50 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية من نحو 12 دولارا، حينما بدأت القاهرة طرح مناقصات للشراء؛ ما يرفع تكلفة الشحنات الجديدة، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة في النقد الأجنبي.

وقال المصدر الأول، إنّ: "مصر تعكف على تجهيز البنية التحتية اللازمة لاستيراد الغاز المسال في العين السخنة والإسكندرية". فيما أفادت شركة "كبلر" لتحليل البيانات، الشهر الماضي، بأن مصر من المتوقع أن تضع وحدة عائمة ثانية للتخزين وإعادة التغويز في أوائل العام المقبل.

وأظهرت بيانات تتبع السفن من "كبلر" أنه منذ أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر ، حوّلت أربع شحنات من الغاز الطبيعي المسال مسارها من مصر إلى أوروبا.


من جهته، قال وزير البترول، كريم بدوي، الاثنين. إنّ: "إنتاج الغاز شهد زيادة 200 مليون قدم مكعبة بحلول  تشرين الأول/ أكتوبر الماضي". مضيفا أنه "يأمل في إضافة 420 مليون قدم مكعبة يوميا بحلول العام المقبل، من حقلي ظهر وريفين، وهما اثنان من الامتيازات الرئيسية في مصر".

وعلاوة على الزيادة المحتملة في الإنتاج، قال المصدر الأول إنّ: "درجات الحرارة الأقل عن المتوقع، قد ساهمت في تقليل استهلاك الطاقة وحجم الهدر عبر شبكة التوزيع".

مقالات مشابهة

  • شرطة الكهرباء تحرر 5269 مخالفة سرقة تيار خلال 24 ساعة
  • هل من أزمة محروقات؟
  • البيوضي: نتائج انتخابات مصراتة تؤكد الحاجة لتغيير الحكومة
  • شرطة الكهرباء تضبط 6540 قضية سرقة تيار خلال 24 ساعة
  • كهرباء الشارقة تنفذ مشروعات لتطوير شبكة الكهرباء في المنطقة الوسطى
  • انخفاض للإنتاج وارتفاع الطلب.. كيف تواجه مصر أزمة الطاقة في 2025؟
  • تطور عاجل في أزمة كهرباء مع نادي الزمالك.. ما القصة؟
  • المشاركة في انتخابات 2010 (—)
  • أخنوش: الحكومة تدعم المقاولات الصناعية بالرغم من ارتفاع كلفة إنتاج الكهرباء
  • الرئيس الصومالي يهنئ عبدالرحمن عرو بفوزه في انتخابات الرئاسة بصوماليالاند