قال الضابط المستقيل من وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية هاريسون مان إن الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة ما كانت لتستمر إلى اليوم لولا الدعم الأميركي غير المحدود، مؤكدا أن جنودا أميركيين يقاتلون الآن دفاعا عن إسرائيل.

وكان مان يعمل مساعدا لمدير مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وكالة الاستخبارات الدفاعية، وتقدم باستقالته في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعدما تأكد من أن الحملة الإسرائيلية على غزة تستهدف التدمير والتخريب والتطهير العرقي للفلسطينيين بشكل كامل.

وأشار الضابط الأميركي المستقيل -في مقابلة مع الجزيرة- إلى أن كثيرا من الضباط ورجال الاستخبارات لديهم الشعور نفسه الذي دفعه للاستقالة، لكنه أكد أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "غير مهتمة بتعديل هذا الدعم غير المشروط واللانهائي لإسرائيل".

وقال مان "لقد شعرت بأن كل يوم أذهب فيه إلى مكتبي هو مساهمة في قتل الفلسطينيين، مما دفعني للاستقالة"، مضيفا "كوني كنت مساعدا لمدير المركز الإقليمي للشرق الأوسط، فقد كنت مطلعا على المناقشات الأميركية بشأن مواصلة دعم إسرائيل عسكريا واستخباريا، وأدركت أن هذا الدعم لن يتغير".

وأوضح أنه كان يعمل في مكتب يمثل جزءا من دعم إسرائيل استخباريا، وأنه كان خائفا من تقديم الاستقالة من رد فعل زملائه في الجيش والاستخبارات، لكنه أكد أن رد الفعل كان مفاجئا وأنه وجد كثيرا من التعاطف والتفهم.

وأكد مان أن كثيرين في مجتمع الاستخبارات والجيش يتصلون به للحصول على النصيحة، لأنهم "يشعرون بنفس شعوره تجاه الحرب، التي ما كانت لتستمر لولا مساعدة واشنطن العسكرية".

واشنطن متمسكة بمواصلة الحرب

وأضاف "لولا أميركا لنفدت ذخيرة إسرائيل وصواريخها، واستمرار الحرب حتى الآن سببه دعم واشنطن العسكري والاستخباري، خصوصا مسألة نشر القوات الأميركية في المنطقة، لا سيما في البحر الأحمر"، مضيفا "الآن، هناك جنود أميركيون يقاتلون دفاعا عن إسرائيل، وهذا هو ما أطال أمد الحرب".

ورغم أن استقالته "لم يكن لها تأثير على مستوى القيادة الوطنية الأميركية"، كما قال، فإن مان أكد أن "نقاشا يدور حاليا في الاستخبارات الدفاعية، لأن المسؤولين الكبار انتبهوا لهذا التصرف".

وأضاف الضابط المستقيل: "لقد حدث تغيير صغير في الثقافة المهنية للمكتب الذي كنت أعمل به.. هذا التغير ربما لن يوقف الحرب، لكنه يمثل تقدما على كل حال".

"تفكير أميركا خطأ"

وعن الإنكار الأميركي للوضع في غزة، قال مان "أعتقد أن هذا الإنكار سببه غياب الإرادة الحقيقية للضغط على إسرائيل، وأيضا عدم وجود إبداع في السياسة الخارجية الأميركية"، مضيفا أن "كثيرين من المسؤولين عن ملف الشرق الأوسط في وزارة الخارجية كانوا يعملون في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب".

وعزا الضابط الأميركي المستقيل ما وصفها بـ"الكارثة الإنسانية في غزة وخطر اندلاع حرب أكبر بين إسرائيل وحزب الله اللبناني" إلى شيوع فكرة أن القضية الفلسطينية لم تعد مهمة وأن بالإمكان تجاهلها.

وأضاف أن "هذا التفكير هو ما يحرك كل خطط التطبيع بالمنطقة، وهو الذي يجعل البعض في واشنطن مقتنعا بإمكانية التوصل لهدنة بين حزب الله وإسرائيل دون وقف الحرب في غزة".

وأكد مان أن "كل المعلومات الاستخبارية اللازمة لوقف الحرب متاحة، لكن التفكير الأميركي خطأ".

وعن زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الحالية لواشنطن والحفاوة التي قوبل بها، أكد مان أن غالانت ليس صاحب قرار في إسرائيل وأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو المسؤول عن كل شيء في النهاية.

وختم بالقول "ما يحدث هو نوع من الضجة، لكنه لا يعكس الموقف الحقيقي من الحرب، والانتقادات التي يوجهها بعض المسؤولين الأميركيين لا تعني أن واشنطن غيرت موقفها الأساسي المتمثل في مواصلة دعم هذه الحرب".

وأضاف "نتنياهو سيلقي خطابا أمام الكونغرس الأميركي الشهر المقبل، فكيف لوزير دفاعه أن يتجاوزه بأي شكل من الأشكال".

وفي مايو/أيار الماضي، نشر هاريسون مان استقالته على موقع "لينكد إن" وقال فيها إنه شعر بالأذى المعنوي الناجم عن الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل في حربها على غزة والأضرار التي أصابت الفلسطينيين من قتل وتجويع بسبب ذلك الدعم.

وقال مان أيضا إنه شعر بالذنب والخجل من المشاركة في السياسة الأميركية التي أسهمت في قتل الفلسطينيين وإن ما يحدث في غزة هو تطهير تستخدم فيه إسرائيل الأسلحة الأميركية بشكل شبه مؤكد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی غزة

إقرأ أيضاً:

شهادات جنود الاحتلال تكشف عن توجه متعمد لارتكاب جرائم الحرب في غزة

منذ بدايات العدوان الإسرائيلي على غزة قبل أربعة عشر شهرا، والمنظمات الحقوقية الدولية تتحدث عن ارتكاب الاحتلال لجرائم حرب عن سابق إصرار وتعمد ضد الفلسطينيين، الأمر الذي دفع، بجانب اعتبارات أخرى، لإصدار محكمة العدل الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه المقال يوآف غالانت.

في حين تتحدث منظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية عن زيادة مطردة في عدد شهادات الجنود حول انتهاكات حقوق الإنسان في غزة، مع زيادة خطورتها، وكأن هناك توجه رسمي حكومي وعسكري لتوسيع رقعة الضحايا الفلسطينيين في القطاع.

مراسل موقع زمن إسرائيل، تاني غولدشتاين٬ أكد أنه "خلال الحرب الحالية في غزة، حدثت زيادة كبيرة في عدد الجنود الذين اتصلوا بمنظمة كسر الصمت، وقدموا أدلة على انتهاكات حقوق الإنسان، والإضرار بالمدنيين، بما فيها ارتكاب جرائم حرب".


غياب الكوابح
ونقل عن نائب رئيس المنظمة إيتان روم، وهو رائد في الاحتياط، وقائد سرية في الدفاع الجوي، وحصل على وسام الخدمة المتميزة لرئيس الأركان، قوله إن "خطورة الأدلة التي تم تلقيها عن هذه الجرائم آخذة في التزايد، حيث اتصل بنا الجنود منذ الأسبوع الأول من الحرب، حتى قبل الغزو البري لغزة، وكلها أكدت أن جيش الاحتلال يعمل في غزة دون كوابح وقيود على تعليمات إطلاق النار، واستخدامها الفعلي".

وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "شهادات الجنود كشفت عن قفزة خطيرة إلى حد كبير في الانتهاكات التي يرتكبها الجيش في غزة، وشهد الجنود بأنهم كانوا حاضرين فيها، لاسيما أولئك الضحايا الفلسطينيين نتيجة تسوية سلاح الجو لمباني بالأرض، رغم أنها تضم مئات المدنيين، بزعم أنه اكتشف عنصرا من حماس، حتى لو كان غير مسلح، كما يطلق الجنود النار على المدنيين في المناطق التي يصفها بـ"الآمنة"، دون أن يكون هناك تهديد على حياتهم".

وكشف أن "الجنود شهدوا أمام المنظمة حول استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية، حيث يأخذون الأولاد والبالغين والمسنّين، ويدخلونهم إلى نفق أو مبنى خطير، يجبرونهم على خلع ملابسهم، ويرسلونهم للداخل مكبلي الأيدي، ومعهم كاميرا، ويعلم الجنود أنهم ليسوا مسلحين، لأنه حتى بالنسبة للمشتبه بهم، فهذا غير أخلاقي".

وأضاف "ويتعارض مع القانون الدولي والإسرائيلي والمحكمة العليا، رغم أنه يمكنه جلب الكلاب والروبوتات، مع أن أحد تفسيرات الجيش أن الكثير من الكلاب أصيبت، مما يؤكد أن استخدام الفلسطينيين دروعا بشرية بدل الكلاب يظهر أن الجيش لم يعد يرى قيمة في حياتهم".


الدروع البشرية
وأكد أن "استخدام الجنود للفلسطينيين دروعا بشرية خلال حربه في غزة ممارسة شائعة، حيث يأمرونهم بدخول المباني التي يشتبه بتفخيخها، فإذا كانت هناك عبوات فستنفجر فيهم هم، وليس الجنود، وقال لهم أحد الضباط: "لا تفكروا في القانون الدولي، فكروا في حياتكم، فهي أكثر أهمية"، مما جعل منها ممارسة روتينية واسعة النطاق، ومنظمة بدعم لوجستي، وبمعرفة قادة الجيش".

ووصف الطريقة بـ"إرسال الفلسطينيين داخل المواقع المفخخة، مكبلي الأيدي، وكاميرات مثبتة على أجسادهم، ورغم كثرة الشكاوى من المنظمات الدولية حول هذا السلوك المشين، فلم يعلن الجيش حتى الآن عن إجراء أي فحص، ولا عن نتائجه، لاسيما الشهادات التي أوردتها صحف هآرتس ونيويورك تايمز وسي إن إن".

وأكد الجنود للمنظمة أنه "رغم أن إطلاق سراح المختطفين يعتبر هدفا مركزيا للحرب، لكن من النادر أن نسمع عن أعمال ملموسة ومخطط لها ترتبط ارتباطًا مباشرًا بهم، مقابل اكتفاء الجيش باستمرار الضغط العسكري على حماس بما يشجع على إطلاق سراحهم، وهو كلام لذرّ الرماد في العيون، فجميع الجنود الذين تحدثوا إلينا قالوا إن التعليمات التي تلقوها بإطلاق النار لم تخص المختطفين، وهذا يكشف الحقيقة المروعة المتمثلة بأن النشاط العسكري قتل بشكل مباشر وغير مباشر عدداً منهم أكبر مما أدى لإطلاق سراحهم".


وأوضح أنه "وفقا للأدلة التي جمعتها المنظمة، فقد زادت انتهاكات حقوق الفلسطينيين خلال الحرب في الضفة الغربية أيضا، وإلى حدّ كبير، حيث تم طرد تجمعات سكانية بأكملها من أراضيهم ومنازلهم بسبب عنف الجيش وتهديدات المستوطنين من حيث النطاق والشدة، وظهر واضحا أن الجيش ليس مهتماً بإيقافها، لأنه في كثير من حالات عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، تم تسجيل وجود جنود في المكان، حيث تم استخدامهم فعليًا كحراس أمن للمستوطنين المتجولين بالزي الرسمي والأسلحة".

وأشار إلى أن "الغارات الجوية أصبحت شائعة في الضفة الغربية، بما يلحقه من دمار في القرى ومخيمات اللاجئين، وتتوافق شهادات الجنود مع العدد الهائل من الجرحى والقتلى فيها".

الإصابات العقلية والنفسية
وأكد أن "العديد من الجنود والمجندات الذين أدلوا بشهاداتهم عن الحرب للمنظمة عن الصعوبات والصدمات التي مروا بها، سواء بسبب ما كان مطلوبًا منهم القيام بالانتهاكات بأنفسهم، أو المشاهد التي تعرضوا لها، مما خلق لديهم العديد من الصدمات، والإصابات العقلية والأذى النفسي، والصعوبات الأخلاقية، مؤكدين عدم رغبة الحكومة بالانخراط في حل سياسي يتيح لهم حياة آمنة في المستقبل، وإعطاء الأولوية لحياتهم بشكل عام، وحياة المختطفين بشكل خاص، وهذه الأمور تؤثر على الجنود، وتزيد من صعوبة حالتهم".


واعترف أن "بعض الجنود الذين قدموا شهادات عن جرائم الجيش في غزة توقفوا عن الخدمة العسكرية، وآخرين هددوا بأنهم لن يحضروا في الاستدعاء القادم لصفوف الاحتياط، لأنهم أيقنوا أن خدمتهم العسكرية ليست مرتبطة بما حصل في هجوم السابع من أكتوبر".

كما أكد المدير التنفيذي السابق للمنظمة، أفنير غافريهو، أن "العدد الهائل من الخسائر الإسرائيلية في غزة أثرت علينا، لأنه بعد عام وشهرين من الحرب تولدت لدينا قناعات بأنها أصبحت زائدة عن الحاجة، وقد كان ينبغي أن تنتهي منذ وقت طويل، وكان من الممكن، بل وينبغي، أن يعود المختطفون لديارهم منذ وقت طويل، ويتوقف سفك الدماء".

مقالات مشابهة

  • الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان
  • ميقاتي يؤكد التزام لبنان بـ1701 ويشكر بايدن على الدعم الأميركي
  • شهادات جنود الاحتلال تكشف عن توجه متعمد لارتكاب جرائم الحرب في غزة
  • روسيا تُقصف بالصواريخ الأميركية وبوتين يهدّد بالنووي... هل يسير العالم فعلاً إلى الحرب العالمية الثالثة؟
  • صحف عالمية: إسرائيل تقتل صحفيين بسلاح أميركي والجنائية تزيد انقسام الغرب
  • مسؤول أميركي: مفاوضات هوكستين بين إسرائيل ولبنان تقترب من التوصل لاتفاق
  • نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي في إسرائيل تزامنا مع مفاوضات الهدنة مع لبنان
  • مسؤول أميركي: إسرائيل ولبنان وافقا على شروط التسوية
  • بمشاركة مصر.. وقف الحرب في لبنان وغزة يتصدر اجتماعات مجموعة السبع بإيطاليا
  • خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة