موسكو– افتتح في موسكو، الثلاثاء، المنتدى الدولي العاشر "قراءات بريماكوف" تحت شعار "روسيا في السياق عالمي"، حيث يناقش المشاركون ظهور نظام عالمي جديد ودور مجموعة بريكس في تشكيل هيكل اقتصادي عالمي جديد، وتأثير الأزمات المعاصرة على الملامح المستقبلية للأمن الأوروبي، وآليات التفاعل بين دول أوراسيا الكبرى، والعالم النووي المتعدد المراكز، وكذلك دور الثقافة في العلاقات الدولية.

ويشارك في المنتدى -الذي يستمر ليومين- يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وقسطنطين كوساتشيف نائب رئيس مجلس الاتحاد في روسيا، وخبراء روس وأجانب في مجال الأمن الدولي والسياسة والاقتصاد العالميين، وممثلو منظمات عامة.

ومن بين المشاركين الأجانب في المنتدى:

كارل بيلت، وزير خارجية السويد السابق (1999-2001). ألكسندر كواسنيفسكي، رئيس بولندا السابق (1995-2005). ميكولاش دزوريندا، وزير خارجية سلوفاكيا السابق (2010-2012). فولفغانغ إيشينغر، رئيس مؤتمر ميونخ للأمن. فولفغانغ شوسيل، المستشار الاتحادي السابق للنمسا (2000-2007). وخافيير سولانا، الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي (1995-1999) والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي (1999-2009). لا حل من دون روسيا

وفي كلمة له أمام المنتدى، أكد يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي أنه "من المستحيل حل الصراع في أوكرانيا من دون روسيا"، مضيفا أن "هذه هي النتيجة الوحيدة لمؤتمر سويسرا حول أوكرانيا"، وقال "لقد طرحنا على الطاولة خيارا، إذا كان ثَم استعداد لقبوله، فإنه سيسمح بوقف الأعمال العدائية على الفور".

ولفت إلى أن مقترحات السلام التي طرحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "ستفتح الفرصة لإنهاء المواجهة المسلحة وتحويلها إلى قناة سياسية ودبلوماسية"، وعقّب قائلا "لكن الغرب لا يسمعنا ويعتزم القتال حتى آخر أوكراني".

وكان المؤتمر الذي أشار إليه المسؤول الروسي قد انعقد في مدينة بورغنشتوك بسويسرا في الفترة من 15 إلى 16 من يونيو/حزيران الجاري، وشاركت فيه 90 دولة، وتمت عقب المؤتمر صياغة بيان، لكن 11 دولة لم توقع عليه، وهي أرمينيا والبحرين والبرازيل والهند وإندونيسيا وليبيا والمكسيك والسعودية وجنوب أفريقيا وتايلند والإمارات، قبل أن يقوم العراق والأردن ورواندا في وقت لاحق بسحب التوقيعات.

وزير الخارجية سيرغي لافروف يشارك في المنتدى إلى جانب شخصيات بارزة أخرى (الصحافة الروسية) نظام عالمي بديل

وصف قسطنطين كوساتشيف -نائب رئيس مجلس الاتحاد في روسيا- في كلمته أسباب الأزمة مع أوكرانيا بأنها تكمن في "رغبة كييف المهووسة -خلافا للمبادئ الدستورية- في عدم الحصول على الاستقلال، بل في الانضمام إلى الكتلة العسكرية لحلف شمال الأطلسي (ناتو)"، الأمر الذي أدى إلى ظهور الأزمة الحالية، إلى جانب عدد من الأزمات الأخرى التي لا تقل أهمية عن ذلك، حسب قوله.

وتحدث كوساتشيف عن النظام العالمي البديل قائلا: "اليوم، مطلوب منا جميعا ليس فقط التقاط صور تذكارية، بل تطوير خط سلوك إستراتيجي في سياق جديد"

فمن وجهة نظره، يرى أن الأحداث الجارية حاليا والسعي نحو تشكيل نظام عالمي جديد لم تحدث تغييرا في مشهد العالم فحسب، بل باتت تشكل نقطة تحول تاريخي، تمكن مقارنتها في الحجم بنقطتي التحول السابقتين في القرن العشرين، وهي مرحلة ما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وما بعد نهاية الحرب الباردة.

شخصية المؤتمر

انطلق منتدى "قراءات بريماكوف" لأول مرة عام 2015، واعتُبر منصة دولية لمناقشة سيناريوهات تطوير العلاقات الدولية والتحديات في مجال الأمن الدولي، فضلا عن طرح نماذج جديدة للتفاعل بين موضوعات السياسة العالمية.

وسمي المنتدى بهذا الاسم نسبة إلى السياسي والدبلوماسي والمستشرق يفغيني بريماكوف، المدرج في تاريخ السياسة السوفياتية والروسية، الذي توفي عام 2015، ويوصف بـ"هنري كيسنجر الروسي".

ولد بريماكوف في كييف، ودرس في القسم العربي بمعهد موسكو للدراسات الشرقية عام 1953، وأكمل دراساته العليا في كلية الاقتصاد بجامعة موسكو الحكومية، وأصبح كاتب عمود للدول الآسيوية والأفريقية في صحيفة "برافدا" منذ ديسمبر/كانون الأول 1962.

ومن عام 1965 إلى 1969، عمل مراسلا للصحيفة في الشرق الأوسط، حيث كان مقر مكتبها في القاهرة، والتقى خلال هذه السنوات عديدا من السياسيين والشخصيات البارزة في الشرق الأوسط، ومن بينهم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ووزير الخارجية العراقي السابق طارق عزيز، ومؤسس الحزب الديمقراطي الكردستاني مصطفى البارزاني، والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وغيرهم.

وشغل بريماكوف أعلى المناصب الحكومية، بينها رئيس مجلس اتحاد السوفيات الأعلى (البرلمان)، ورئيس جهاز المخابرات المركزية في الاتحاد السوفياتي السابق، ومدير جهاز المخابرات الخارجية الروسية، ووزير الخارجية، ورئيس الوزراء.

ترأس بريماكوف في مرحلة لاحقة معهد الاستشراق، وفي فترة السبعينيات والثمانينيات تقلد مناصب مهمة في أكاديمية العلوم السوفياتية، وعمل مستشارا غير معلن في الشؤون الشرق أوسطية، إذ كان يتحدث العربية بطلاقة، وتنبأ قبل وفاته بأن اللغات الأجنبية الواعدة للدراسة والانتشار ستكون الصينية والعربية والهندية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

عام على التمرد.. أين فاغنر من المشهد الروسي بعد رحيل قائدها بريغوجين؟

موسكو- قبل نحو عام واحد، وتحديدا في 24 يونيو/حزيران 2023، حبست روسيا والعالم أنفاسهما وهما يتابعان عملية التمرد التي أعلنها قائد مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين.

ففي ليلة هذا اليوم، دخل طابور من مدرعات ودبابات وناقلات جنود تابعة لهذه الشركة العسكرية الخاصة إلى مدينة روستوف كبرى مدن جنوب غرب روسيا، وذلك بعد أن اتهم بريغوجين وزيرَ الدفاع سيرغي شويغو بحرمان مقاتلي المجموعة -عمدا- من الذخيرة والدعم وبشن قوات الجيش هجوما بالصواريخ ضدها.

وسيطرت فاغنر على المدينة لمدة يوم تقريبا ثم بدأت زحفها نحو فورونيغ التي سيطرت عليها هي الأخرى، مواصلة بعد ذلك التقدم صوب العاصمة موسكو.

نهاية سريعة

بدا أن البلاد كانت على وشك حرب أهلية. ولكن مساء اليوم نفسه، انتهى التمرد بشكل سريع ومفاجئ إثر وساطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو تضمنت توقف "فاغنر" عن التقدم تجاه موسكو مقابل ضمانات أمنية. ونتيجة لذلك، توجه بريغوجين وجزء من قواته إلى بيلاروسيا فيما بدا وكأنه نتيجة -كذلك- للتوصل إلى حل وسط مع السلطات.

وبعد شهرين من هذه الأحداث، وتحديدا في 23 أغسطس/آب 2023، تحطمت طائرة بريغوجين الذي لُقب لوقت طويل بـ"طباخ الرئيس فلاديمير بوتين" رفقة قادة آخرين في فاغنر في منطقة تفير شمال موسكو ولم ينج أي من الركاب.

ومنذ ذلك الحين، وقعت أحداث عديدة غيرت بشكل جذري، ليس فقط من هيكلية المجموعة ومصيرها، بل ومن ميزان القوى في النخبة العسكرية الروسية، إذ تطورت مصائرها في تلك الدراما بشكل مختلف. ففي حين احتفظ البعض بمناصبهم، اختفى آخرون إلى الأبد من المشهد.

ويعتبر كثير من المعلقين العسكريين أن تمرد بريغوجين شكل "شرارة" الإقالات والاستقالات والاعتقالات داخل المؤسسة العسكرية التي شهدتها روسيا بعد إعادة انتخاب بوتين رئيسا للبلاد في مارس/آذار الماضي.

كما لم تعد فاغنر موجودة بالشكل الذي كانت عليه في الأصل. فقد بقي جزء صغير منها تحت جناح وزارة الدفاع، وانضم جزء آخر يقوده بافل (نجل بريغوجين) إلى الحرس الوطني (روسغفارديا). وتشير وصية بريغوجين، المؤرخة عام 2023، إلى أن جميع الممتلكات التي كان يتحكم بها يجب أن تذهب إلى بافل الذي كان مقاتلا بالمجموعة لكنه لم يكن جزءا من دائرة القادة.

مصير غامض

وحتى اليوم، ما زال مصير بقية عناصر المجموعة غير واضح بشكل كامل. فهناك جزء قد توجه، بعد عملية التمرد الفاشلة بأيام، إلى معسكرات في بيلاروسيا، بينما توجه جزء آخر إلى أفريقيا. كما توزعت أجزاء أخرى منها -وبأعداد متباينة- بين قوات "أخمات" (أحمد) و"ريدوت" و"أربات" وغيرها.

وفي الآونة الأخيرة، وبالتوازي مع تجنيد جنود متعاقدين في القوات الروسية للمشاركة بالعملية العسكرية في أوكرانيا، يمكن مصادفة كذلك دعوات للانضمام إلى صفوف ما يسمى فيلق أفريقيا.

وليس سرا أن فاغنر كانت موجودة منذ فترة طويلة في قارة أفريقيا، لكن الأحداث التي أدت إلى "ذوبانها" في تشكيلات أخرى جعلت عملية التجنيد العسكري تتم حصرا من خلال وزارة الدفاع الروسية.

وهذا ما يفسر سرعة البدء بتشكيل الفيلق الأفريقي لحل المهام واسعة النطاق والمعقدة خارج الحدود الروسية، والتي أوضح بيان الوزارة أنها "لمساعدة الدول الأفريقية ذات السيادة في مواجهة النفوذ الاستعماري الجديد للغرب الذي يقوض قاعدة مواردها، وتعزيز التعاون المتساوي بين موسكو وهذه البلدان".

وعلى ضوء التطورات المتعلقة بإعادة فرز عناصر فاغنر ضمن تشكيلات عسكرية أخرى، جاء تشكيل "الفيلق الأفريقي" ليحل مكان هياكل فاغنر العاملة في القارة.

سد الفراغ

ووفق تصريحات صحفية نُشرت نهاية العام الماضي لمصادر مطلعة ومقربة من وزارة الدفاع، فإن عملية نشر هذه القوات قد بدأت في 5 دول هي: بوركينا فاسو، ليبيا، مالي، جمهورية أفريقيا الوسطى، النيجر. ومن المقرر أن تنتهي خلال صيف العام الحالي. وسيكون الفيلق تابعا بشكل مباشر لوزارة الدفاع وسيشرف عليه العقيد يونس بك يفكوروف نائب الوزير.

يُذكر أن أول مرة جرى فيها الحديث عن احتمال وصول وحدات عسكرية روسية إلى بوركينا فاسو كانت منتصف عام 2022. ولكن في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، اتهم رئيس غانا المجاورة نانا أكوفو أدو السلطات الجديدة في واغادوغو بدعوة فاغنر إلى البلاد، على غرار ما حدث في مالي.

وردا على ذلك، استدعت سلطات بوركينا فاسو السفير الغاني للاحتجاج على هذه التصريحات، كما استدعت رئيس بعثتها الدبلوماسية في غانا للتشاور، لكنها لم تؤكد ولم تنف -رسميا- وجود مقاتلين من الشركات العسكرية الخاصة الروسية بالبلاد أو نية استدعائهم.

ومع ذلك، تم الإعلان عن وصول الوحدة الأولى من الفيلق الأفريقي (100 جندي) إلى بوركينا فاسو في 24 يناير/كانون الثاني من العام الحالي عبر قناة تليغرام الرسمية التابعة للفيلق، مع الإشارة إلى أنه سيتم في وقت لاحق انضمام 200 جندي آخر إليهم.

ويأتي ذلك بعدما بعد تخلت جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو عما يمكن وصفه بنظام "الرعاية العسكرية" الفرنسية الذي تم إنشاؤه في عهد القائد العسكري الفرنسي شارل ديغول في جميع أنحاء المستعمرات الفرنسية السابقة.

وأمام احتمال قيام بلدان أخرى غرب أفريقيا بخطوات مشابهة، فمن المرجح أن تصبح موسكو أكثر حماسة لـ"سد الفراغ" من خلال القوات التابعة لها بالقارة، والتي كانت مجموعة فاغنر أول من باشر بها.

مقالات مشابهة

  • نائب رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود وزارة الرياضة خلال منتدى (بسواعد الشباب تبنى الأمم)
  • بوغدانوف والجعفري يبحثان تعزيز التعاون السوري الروسي متعدد الأوجه
  • بعد محاولة الانقلاب في بوليفيا.. لافروف يؤكد دعم موسكو للرئيس آرسي
  • عام على التمرد.. أين فاغنر من المشهد الروسي بعد رحيل قائدها بريغوجين؟
  • ريابكوف: روسيا لا تستبعد خفض التمثيل الدبلوماسي مع دول الغرب
  • موسكو تؤكد.. محاولة هزيمة روسيا فشلت
  • طلاب جامعة الأزهر يشاركون في منتدى وزارة الشباب والرياضة التثقيفي
  • لافروف: سياسة موسكو الخارجية «غير صدامية» وتحظى بدعم أغلب دول العالم
  • إيران توقع مذكرة تفاهم مع موسكو لاستيراد الغاز من روسيا
  • طهران توقع مذكرة تفاهم مع موسكو لاستيراد الغاز من روسيا