مؤشر الدولار والبيانات الاقتصادية الأميركية يرسمان مسار الذهب
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةتباينت أسعار الذهب هبوطاً وصعوداً خلال الأيام القليلة الماضية، ما جدد التساؤلات حول مصير المعدن الأصفر وقدرته على مواصلة الصعود، بعد أن سجل طفرات سعرية هائلة خلال الفترة الماضية.
وأجمع خبراء استطلعت «الاتحاد» آراءهم على أن مؤشر الدولار والبيانات المالية الأميركية سيظلان المحددين الأساسيين لأسعار الذهب على المديين البعيد والمتوسط.
وقالوا: «إن هناك عدداً من العوامل التي أثرت إيجاباً على أسعار الذهب، وأهمها تراجع الدولار الأميركي، وزيادة احتمالات تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة، والتي تزيد الإقبال على الذهب كملاذ آمن».
وأشاروا إلى أنه في المقابل هناك عدد من العوامل التي ضغطت على أسعار المعدن الأصفر، ومنها نتائج مؤشر مديري المشتريات المركب الأميركي الذي تصدره وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال، والتي جاءت أفضل من التوقعات، إضافة إلى التوقعات بأن أسعار الفائدة ستظل أعلى لفترة أطول، وارتفاع الدولار الأميركي في حال توسع وقوة النشاط الاقتصادي والتجاري، لافتين إلى أن مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي والذي يعد مقياساً للتضخم في الولايات المتحدة، وبالتالي تحديد متى وكم سيخفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة هذا العام، وكذلك التوقعات باستمرار الطلب على الذهب من قبل البنوك المركزية، ستكون من أهم العوامل التي سترسم مسار أسعار الذهب في الفترة المقبلة.
توقعات فنية
وتفصيلاً، حدد محمد حشاد، كبير استراتيجيي الأسواق في «نور كابيتال» التوقعات الفنية لأسعار الذهب، فقال: «إن سعر الذهب يشهد حالياً ارتفاعاً ويخضع لاختبار مستوى عند 2330 دولاراً للأوقية، ولكن يظل الانحياز العام للسعر سلبياً، ويشير إلى احتمال انخفاض إضافي للمعدن الثمين».
وأضاف أن مستوى 2300 دولار للأوقية يمثل مستوى الدعم التالي لزوج الذهب الدولار الأميركي، وفي حال اختراق هذا المستوى، يرجح انخفاض السعر أكثر إلى 2277 دولاراً، وهو أدنى مستوى سُجل في 3 مايو، ثم إلى 2222 دولاراً، وهو أعلى مستوى في 21 مارس، منوهاً أن الأسعار قد تستهدف خسائر أكبر مستوى بين مستوى 2170 دولاراً و2160 دولاراً.
وأكد حشاد أنه على الجانب الآخر، إذا استعاد الذهب مستوى 2350 دولاراً، فسوف يكشف عن مستويات مقاومة رئيسية إضافية، بما في ذلك أعلى مستوى للدورة في 7 يونيو عند 2387 دولاراً، مع تحديات محتملة باتجاه مستوى 2400 دولار. وأشار إلى أن سعر الذهب يستفيد من تراجع الدولار الأميركي، حيث ارتفع بنسبة 0.45% على الرغم من استقرار عوائد سندات الخزانة الأميركية. وذكر أن المستثمرين يراقبون عن كثب بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي التي ستصدر قريباً، وهو المؤشر المفضل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي للتضخم، حيث من المتوقع صدور البيانات قريباً، ويتابعها المستثمرون باهتمام نظراً لإمكانية تأثيرها على توقعات خفض أسعار الفائدة، مبيناً أن أداة مراقبة الاحتياطي الفيدرالي تشير الآن إلى ارتفاع احتمالية خفض أسعار الفائدة في سبتمبر إلى 66% مقارنة بـ 59.5% سابقاً، وهو ما أدى إلى انخفاض مؤشر الدولار الأميركي.
وأفاد حشاد بأن سعر الذهب تعافى من الانخفاض الذي حدث يوم الجمعة الماضي بسبب تراجع الدولار الأميركي، وواصل الارتفاع يوم الاثنين، ويتم تداول الذهب حالياً عند مستوى 2331 دولاراً للأونصة. وقال: «إن الانخفاض الذي حدث في سعر الذهب جاء بعد أن أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال زيادة في مؤشر مخرجات مؤشر مديري المشتريات المركب الأميركي إلى أعلى مستوى تم تسجيله منذ أبريل 2022، بسبب زيادة التوظيف وانخفاض ضغوط الأسعار، وبحيث جاءت بيانات المؤشر أعلى من المتوقع، ما يشير إلى أن التضخم وأسعار الفائدة سيظلان أعلى لفترة أطول، وتالياً تسبب ذلك في انخفاض الذهب وتداوله حول 2330 دولاراً يوم الجمعة الماضي، بانخفاض 1.14%»، منوهاً بأن المستثمرين الذين يبحثون عن ملاذ آمن سيتجهون إلى الذهب مع تراجع الإقبال على المخاطرة.
ارتفاع الدولار
ومن جهتها، ترى رانيا جول، محلل أسواق الشرق الأوسط في «إكس أس دوت كوم»، أن سعر الذهب حاول الارتفاع مرتداً من مستويات بالقرب من 2315 دولاراً خلال تعاملات يوم الاثنين، ويتداول حالياً عند 2325 دولاراً، نظراً للتصحيح الحادث في سعر الدولار الأميركي، وسط توقعات قوية بأن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة مرتين هذا العام، في ظل تراجع الضغوط التضخمية في الولايات المتحدة، معربة عن اعتقادها بأن سعر الذهب بدأ تصحيحاً صاعداً متواضعاً عندما ارتد بالقرب من 2315 دولاراً بعد انخفاض حاد يوم الجمعة، وبعد أن واجه سعر الذهب عمليات بيع مكثفة، تزامناً مع ارتفاع الدولار الأميركي، حيث أظهر التقرير الأولي لمؤشر مديري المشتريات العالمي من ستاندرد آند بورز لشهر يونيو أن النشاط الاقتصادي توسع بشكل غير متوقع وبوتيرة أسرع.
وأشارت جول إلى أن تقرير مؤشر مديري المشتريات (PMI) الأميركي المتفائل أدى بشكل مفاجئ إلى ارتفاع الدولار الأميركي، ما جعل الذهب مكلفاً أكثر لحاملي العملات الأجنبية ويتسبب بالضغط سلباً على الأسعار. وتوقعت أن يركز المستثمرون خلال الأسبوع الحالي بشدة على بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول ومؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي لشهر مايو، حيث تعد بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، والذي سيوفر إشارات جديدة حول متى وكم سيخفض البنك المركزي الفيدرالي أسعار الفائدة هذا العام.
وأوضحت أن تصاعد التوترات الجيوسياسية يمكن أن يؤدي إلى الحد من الاتجاه الهابط الحالي لسعر الذهب، مختتمة بالتأكيد على أنه في العموم سيبقى المؤثر الرئيسي والمحرك الأساسي لأسعار الذهب هو مؤشر الدولار والبيانات الأميركية في المديين البعيد والمتوسط.
شهية المخاطرة
بدوره، أفاد دانيال تقي الدين، الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة «بي دي سويس»، بأن أسعار الذهب واصلت الصعود في الأسبوع الماضي، مستفيدة من البيانات الاقتصادية الأميركية المخيبة للآمال التي صدرت يوم الخميس.
وأشار تقي الدين إلى أن ارتفاع حدة التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، قد يزيد من الطلب على الذهب كملاذ آمن.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الذهب أسعار الذهب الدولار الأميركي الولايات المتحدة مؤشر مدیری المشتریات الدولار الأمیرکی أسعار الفائدة مؤشر الدولار أن سعر الذهب أسعار الذهب إلى أن
إقرأ أيضاً:
الاحتياطي الفدرالي الأميركي: التعريفات الجمركية قد تغذي التضخم
أكد رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول أن تأثير التعريفات الجمركية التي تعتزم إدارة دونالد ترامب فرضها على التضخم لم يتضح بعد، مشيرا إلى ضرورة مراقبة عدة عوامل لتحديد مدى تأثير هذه الرسوم على الأسعار على المدى الطويل.
وقال باول خلال جلسة أسئلة وأجوبة في منتدى الأعمال بجامعة شيكاغو بوث في نيويورك "في الحالة البسيطة، إذا كنا نعلم أنها خطوة لمرة واحدة، فإن المنهج الاقتصادي التقليدي يشير إلى عدم الحاجة لاستجابة فورية من الفدرالي عبر تشديد السياسة النقدية".
لكنه شدد على ضرورة متابعة عدة عوامل قبل اتخاذ أي قرارات "إذا تحولت إلى سلسلة من الزيادات المتكررة، وإذا كانت كبيرة فإن ذلك سيكون مؤثرًا، وما يهم حقًا هو مدى تأثيرها على توقعات التضخم طويلة الأجل".
التعريفات السابقة لم تكن تضخميةوأوضح باول أن الإجراءات التجارية التي اتخذها ترامب خلال ولايته الأولى لم تؤدِ إلى تضخم، بل تسببت في تباطؤ النمو العالمي، مما دفع الفدرالي إلى خفض أسعار الفائدة آنذاك.
وجاءت تصريحات باول بعد أسبوع من التذبذب الحاد في الأسواق المالية، حيث فرض ترامب تعريفات جمركية بنسبة 25% على واردات كندا والمكسيك، قبل أن يؤجل تطبيقها حتى أبريل/نيسان المقبل. ومع ذلك، أشار الرئيس الأميركي إلى إمكانية تسريع تنفيذ تعريفات إضافية على واردات أخرى.
إعلانوتتناقض رؤية باول مع تصريحات وزير الخزانة سكوت بيسنت الذي قلل من تأثير التعريفات على التضخم، مشيرًا إلى أن أي ارتفاع في الأسعار سيكون "مؤقتًا وغير مستدام".
وأضاف بيسنت "لا يوجد شيء أكثر انتقالية من التعريفات إذا كانت مجرد تعديلات سعرية لمرة واحدة" مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات لن تؤدي إلى تضخم مستدام.
لكن تصريحات باول -بحسب رويترز- تعكس قلق الفدرالي من إمكانية حدوث صراع بينه وبين إدارة الرئيس، خاصة إذا ما استمر ترامب في تطبيق تعريفات واسعة النطاق على الواردات التي تصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات.
الفدرالي يتمهلوأكد باول أن الفدرالي سيحتاج إلى تقييم التأثير الصافي لجميع سياسات ترامب الاقتصادية، بما في ذلك التغييرات التنظيمية التي يعتبرها بيسنت محركة للنمو وكابحة للتضخم.
وفي ظل عدم وضوح الصورة الكاملة، قال باول إنه لا يوجد داعٍ للاستعجال في خفض أسعار الفائدة، خاصة أن معدل التضخم لا يزال أعلى بقليل من هدف الفدرالي البالغ 2%.
وأضاف "الإدارة الجديدة تعمل على تنفيذ تغييرات كبيرة في السياسة الاقتصادية. ولا تزال حالة عدم اليقين مرتفعة بشأن تأثير هذه التغييرات، ونحن بحاجة إلى التركيز على التمييز بين الإشارات الحقيقية والضوضاء المؤقتة مع تطور الأوضاع".
وفي أعقاب هذه التصريحات، ارتفعت الأسواق المالية بعد أن قلصت المؤشرات الرئيسية خسائرها في جلسة الجمعة.
أسواق المال تتفاعل بحذروبعد تصريحات الوزير الأميركي، عزز المستثمرون توقعاتهم بأن الفدرالي سيبدأ في خفض أسعار الفائدة بحلول يونيو/حزيران، مع احتمال تنفيذ 3 تخفيضات بمقدار 0.25% لكل منها قبل نهاية العام.
وكتب كريشنا غوه نائب رئيس مؤسسة "إيفركور" في مذكرة تحليلية أن "تصريحات باول تمنح الأسواق المتوترة بعض الطمأنينة بشأن النمو، بينما تحمل في طياتها نبرة متحفظة بشأن السياسة النقدية".
إعلانكما أشار إلى أن باول استشهد بتجربة عام 2019 عندما خفض الفدرالي أسعار الفائدة 3 مرات بسبب تأثير الحروب التجارية على النمو، مما يعزز احتمال تبني الفدرالي موقفًا مرنًا تجاه تأثيرات التعريفات الجديدة.
وضع غير مستقرورغم القلق المتزايد بشأن التضخم، شدد رئيس الاحتياطي الفدرالي على أن الاقتصاد الأميركي "لا يزال في وضع جيد" مشيرًا إلى استمرار تحقيق مكاسب في سوق العمل.
ووفقًا لبيانات الحكومة، أضاف الاقتصاد الأميركي 151 ألف وظيفة في فبراير/شباط، بينما بلغ متوسط الوظائف المضافة منذ سبتمبر/أيلول 191 ألف وظيفة شهريًا.
ومن المتوقع أن يبقي الفدرالي أسعار الفائدة مستقرة في نطاق 4.25% – 4.50% خلال اجتماعه المقبل يوم 18-19 مارس/آذار، حيث سيتم تحديث التوقعات الاقتصادية الرسمية لتقييم تأثير سياسات ترامب الاقتصادية على التضخم والتوظيف والنمو الاقتصادي.