موقع 24:
2025-03-17@09:28:25 GMT

ما هو سرّ البحر الأسود في حرب أوكرانيا؟

تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT

ما هو سرّ البحر الأسود في حرب أوكرانيا؟

في أبريل (نيسان) الماضي، وبعد أقل من شهرين من غزو الرئيس بوتين لأوكرانيا، سجَّلت كييف نصراً دعائيّاً كبيراً، على حد وصف محرر "ذا تايمز" بيتر كونرادي، عندما أغرقت السفينة موسكفا التي تُعدُّ أبرز سفن أسطول البحر الأسود الروسي المُستقر قبالة الساحل جنوب أوديسا.

تحولت سماواته أيضاً إلى منطقة اشتباكات محتملة


والآن، وبينما يواجه الهجوم الأوكراني المُضاد براً مقاومةً روسية أقوى من المتوقع، تحوَّلَ الاهتمام مجدداً إلى البحر الأسود بعد الضربات العسكرية الجريئة التي شنتها كييف واستخدمت فيها طائرات مُسيرة وأخرى بحرية.


وقال كونرادي في "ذا تايمز": "حققت كييف نجاحاً كبيراً في وقتٍ مبكر من يوم الجمعة الماضي عندما ضربت إحدى طائراتها البحرية المُسيرة سفينةً حربية روسية في ميناء نوفوروسيسك، حيث تستقر قاعدة بحرية على البحر الأسود شرق شبه جزيرة القرم وعلى بُعد مئات الأميال من الأراضي الأوكرانية". أكبر إنجاز بحري أوكراني

ولم يتضح بعد الحجم الكامل للأضرار، وفق التحليل، غير أن هناك ترحيباً بما عُدَّ أعظم الإنجازات الأوكرانية بحراً منذ الهجوم على الطراد الروسي موسكفا، رغم أن سلاح البحرية في أوكرانيا زعمَ أنه لا علاقة له بالهجوم، وهو الأمر المُستبعد، حسب التحليل.

 

Battle of the Black Sea is changing the war — and the talks to end ithttps://t.co/AqusjKIWUh

— Gareth Wallace (@garethrwallace) August 6, 2023


في وقت مبكر أمس، بدا أن الأوكرانيين قد وجَّهوا ضربة أخرى، إذ انطلقت طائرة مُسيرة مُحمَّلَة بـ 450 كيلوغراماً من المتفجرات لاستهداف ناقلة نفط روسية يُعتقَد أنها تحمل الوقود للجيش الروسي أثناء مرورها تحت جسر مضيق كيرتش الذي يربط شبه جزيرة القرم بروسيا.
وأعلنَ فاسيل ماليوك، رئيس جهاز الأمن الأوكراني، مسؤوليته عن الواقعة، وقال إن قوات بلاده ستُهاجم أي سفينة تدعم الجهود الحربية الروسية.
وجاء نصرا أوكرانيا بعد المحاولة التي زعمت موسكو فشلها الثلاثاء الماضي وأقدمَت عليها قوات كييف إذ شنت هجوماً على سفينتين روسيتين في البحر جنوب غرب سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم.
وردّت روسيا في اليوم التالي بشن هجوم بطائرة مُسيرة على منشآت الحبوب في منطقة أوديسا، مما تسبب في اندلاع حريق مهول وأضرار جسيمة.

السر وراء أهمية البحر الأسود

ما السرُّ وراء أهمية البحر الأسود الآن؟ يتساءل معد التحليل ويقول: يبدو أن تصعيد كييف للهجمات على أهداف روسية في البحر الأسود كان نتيجة انسحاب الكرملين الشهر الماضي من اتفاق يضمن المرور الآمن للسفن المُصدِّرَة للحبوب من أوكرانيا.
ويزعم مسؤولون أوكرانيون أن 200 ألف طن من الحبوب المُخصصة للتصدير أصابها الدمار منذ ذلك الحين في هجمات بطائرات مُسيرة على أوديسا وميكولايف وعلى البحر الأسود وريني وإزمائيل وعلى نهر الدانوب.

 

Kyiv’s stepping-up of attacks on Russian targets in the Black Sea appears to have been triggered by the Kremlin’s withdrawal last month from a deal guaranteeing safe passage to ships exporting grain from Ukraine https://t.co/TeA7Cxra9B

— The Times and The Sunday Times (@thetimes) August 6, 2023


وتزامناً مع الهجوم الأخير الذي شنته أوكرانيا، فقد أثبتت أن بوسعها مهاجمة أي سفينة من أسطول البحر الأسود الروسي، بغض النظر عن المسافة التي تفصلها عنها، بحسب تصريح رومان سفيتان المحلل العسكري الأوكراني لوكالة "أسوشيتد برس".
وظلَّ البحر الأسود يتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة منذ قرون، وتحديداً منذ أن كان شرياناً حيويّاً للتجارة لليونان القديمة وروما. وفي الحرب العالمية الأولى، قُتِلَ آلاف الجنود البريطانيون في معركة غاليبولي على يد العثمانيين الذين سعوا إلى تأمين المضائق العثمانية التي تُعدُّ مدخلاً إلى البحر الأسود من البحر الأبيض المتوسط.
وتأكدت الأهمية الاستراتيجية للبحر الأسود بعد أيام من الغزو الروسي لأوكرانيا عندما استغلت تركيا سلطاتها بموجب اتفاقية مونتيرو لعام 1936 لإغلاق المضائق بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود أمام السفن الحربية للبلدان التي لا تملك موانئ في البحر الأسود.

مسرح صراعات ومنطقة اشتبكات والبحر الأسود نفسه ليس وحده مسرحاً للصراعات ، وإنما تحولت سماواته أيضاً إلى منطقة اشتباكات محتملة. ففي مارس (آذار) الماضي، اعترضت مقاتلة روسية من طراز Su-27 طريق طائرة أمريكية مُسيرة من طراز MQ-9 Reaper أثناء تحليقها فوق البحر الأسود وألحقت بها أضراراً جسيمة، فتحطمت وسقطت في البحر.
وفيما يتعلق بالأسلحة البحرية التقليدية، يبدو أن كييف لديها فرصة محدودة أمام غريمتها. فأسطول البحر الأسود الروسي قوامه نحو 50 سفينة حربية وسبع غواصات وعدد كبير من سفن الدعم، مقارنةً بأوكرانيا التي فقدت أكثر من 80% من أصولها البحرية نتيجة ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في عام 2014.
وانقلبَ الوضع بسبب استخدام أوكرانيا المُتزايد للطائرات البحرية المُسيرة التي ابتكرها مهندسوها منذ بداية الغزو الروسي. فقد وصفَ مراسل لشبكة "سي إن إن" حصلَ على الإذن بالاطلاع على موقع سري لتطوير تلك الطائرات البحرية المسيرة الطائرة بأنها "أشبه بقارب صغير عريض" يعمل باستخدام وحدة تحكم متعددة الشاشات يمكن أن تُوضَع داخل حقيبة سوداء طويلة.
اجتماع جدة
ورجّح التحليل أن يُراقب الحرب المُستعرة في البحر الأسود عن كثب كبار المسؤولين من 40 دولة ممن حضروا اجتماع عطلة نهاية الأسبوع الذي بدأ في ميناء جدة السعودي أمس لمناقشة سبل إنهاء الحرب.
وتَعْقِد أوكرانيا الآمال على أن يفضي الاجتماع إلى قمة سلام يلتئم فيها شمل قادة العالم خريف العام الجاري، على أن تستند تلك القمة إلى صيغة كييف للسلام المكونة من 10 نقاط لإنهاء الصراع.
ووفق التحليل، خابَ أمل الحكومة الأوكرانية بسبب تردد كثير من الدول النامية في انتقاد الغزو الروسي، ولو أن هناك مؤشرات على أن هذا الوضع يمكن أن يتغير نتيجة التبعات الاقتصادية المدمرة لقرار بوتين الانسحاب من اتفاقية الحبوب.
جدير بالذكر أن موسكو ترفض صيغة أوكرانيا للسلام وليس لها أي تمثيل في اجتماع جدة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية البحر الأسود جزیرة القرم فی البحر م سیرة

إقرأ أيضاً:

لولاها لسقطت في أسبوعين.. أسلحة أميركا التي يهدد ترامب بمنعها عن أوكرانيا

ترامب: لم تكونوا وحدكم. لقد منحناكم -عبر رئيسنا الأحمق- 350 مليار دولار، نحن زودناكم بالمعدات العسكرية… لولا دعمنا العسكري، لكانت الحرب قد حُسمت في غضون أسبوعين.

زيلينسكي: خلال ثلاثة أيام… سمعت ذلك من بوتين، خلال ثلاثة أيام.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الاستقلال أو الفناء.. هل يمكن لأوروبا مواجهة التحولات الأميريكية الجديدة؟list 2 of 2شرخ في جدار الغرب.. الطلاق بين الولايات المتحدة وأوروباend of list

ترامب: وربما أقل.

قد يصلح الحوار السابق لمقدمة خيالية نبدأ بها هذا التقرير، لكن -كما شاهد العالم أجمع- هذا الحوار السابق حدث فعلًا بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، داخل البيت الأبيض في اليوم الأخير من شهر فبراير/شباط الماضي.

لا يخفى على أحد حجم المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا في حربها ضد روسيا.

لكن، ما مدى ونوعية تلك المساعدات الأميركية العسكرية فعلًا؟ وما الذي يقصده ترامب حينما يتحدث بثقة شديدة عن أن أوكرانيا لم تكن لتصمد أسبوعين؟ ما أنواع الأسلحة الأميركية التي صنعت الفَرْق وحافظت على بقاء أوكرانيا على قيد الحياة في الحرب بعد مرور ثلاث سنوات كاملة؟ وهل يمكن لأوروبا تعويض تلك الأسلحة بعد أن قرر دونالد ترامب إيقاف المساعدات العسكرية عن أوكرانيا؟

صواريخ جافلين المضادة للدبابات

في الأيام الأولى للحرب، اندفعت الأرتال المدرعة الروسية إلى داخل أوكرانيا، لكنها واجهت فِرَقًا من المشاة الأوكرانيين المسلّحين بصواريخ موجَّهة مضادة للدبابات محمولة على الكتف، وكان أبرزها صاروخ "جافلين" (FGM-148) الأميركي الصنع، الذي سرعان ما اكتسب سمعته المرعبة في أرض المعركة.

إعلان

يمتاز صاروخ "جافلين" بمسار هجوم من الأعلى وبباحث تصويري متطور يسمح له بضرب الدبابات في أضعف مواضع دروعها. وأظهرت مقاطع مصوّرة من أرض المعركة جنودًا أوكرانيين يستخدمون صواريخ "جافلين" لنصب كمائن للدبابات والآليات المدرّعة، مما خلّف أثرًا مدمرًا على الأرتال الروسية.

يبلغ وزن صاروخ "جافلين" 22 كيلوغرامًا تقريبًا، وقد زُوّد على مر السنين بإلكترونيات متطورة عززت دقته وكفاءته. يعتمد الصاروخ على وحدة إطلاق القيادة، إذ يحدد المشغّل الهدف ويوجه الصاروخ قبل إطلاقه.

وبعد الإطلاق، يُقذف الصاروخ بآلية زنبركية إلى الأعلى، ثم يشتعل محركه لينطلق نحو هدفه بسرعة تصل إلى 140 مترًا في الثانية، معتمدا على باحث يعمل بالأشعة تحت الحمراء لتوجيهه بدقة نحو نقطة إصابة الهدف. ويملك الصاروخ نظام التوجيه "أطلق وانسَ" (Fire&Forget)، الذي يتيح للجنود إطلاقه ثم تغيير موقعهم فورًا لتفادي أي ردّ.

الصاروخ مجهز بشحنتين متفجرتين، تنفجر الشحنة الأولى عند الاصطدام، بعد أن يتفاعل معها الدرع المتفجر للدبابة، فتفتح المجال أمام الشحنة الثانية لاختراق الدرع الرئيسي للدبابة.

وتتمتع رؤوسه الحربية بقدرة اختراق تتراوح بين 60 و80 سنتيمترا من الفولاذ؛ مما يجعله سلاحا مدمرًا للدروع الثقيلة. يمتلك الصاروخ مدى فعالًا يتجاوز 2.4 كيلومتر، لكنه يحتاج إلى مسافة 65 مترا للتسلح بعد الإطلاق.

حصلت أوكرانيا على صواريخ "جافلين" الأميركية بأعداد كبيرة، إذ تشير التقديرات إلى نقل نحو ثلث المخزون الأميركي من هذه الصواريخ -أي ما يعادل 5000 صاروخ- إلى أوكرانيا خلال الأشهر الأولى من الحرب. سمح التدفق الكبير من هذه الأسلحة المضادة للدبابات بعرقلة وإبطاء الهجمات المدرعة الروسية الأولى حول كييف ومدن أوكرانيا الأخرى.

صورة نشرتها صفحة القيادة العامة لهيئة الأركان الأوكرانية على فيسبوك لعمليات تدريب على إطلاق صواريخ جافلين الأمريكية المضادة للدروع. (مواقع التواصل) صواريخ ستينغر للدفاع الجوي

منذ اندلاع الحرب في فبراير/شباط عام 2022، هدد تفوّق موسكو في سلاح الطيران والصواريخ المتطورة بإنهاء الحرب فعلًا في غضون أسبوعين.

إعلان

ومع ذلك، حاولت أوكرانيا منع روسيا من تحقيق التفوق الجوي، ويرجع الفضل في ذلك غالبا إلى الدفاعات الجوية الأرضية القوية والفعّالة، التي وصلت إلى الجيش الأوكراني عبر المساعدات العسكرية الأميركية.

وربما كانت أبرزها صواريخ ستينغر (FIM-92) الأميركية، وهي منظومات دفاع جوي مضادة للطائرات محمولة على الكتف، كانت أساسية في منظومات الدفاع الجوي الأوكراني القصير المدى. بحلول مايو/أيار عام 2022، كانت الولايات المتحدة والناتو قد زوّدا أوكرانيا بأكثر من 1400 صاروخ ستينغر، وقد أثبتت تلك الصواريخ سريعًا قيمتها في ساحة المعركة.

صُمّمت منظومة "ستينغر" ليُطلق الصاروخ من الكتف؛ مما يتيح للجنود التعامل مع التهديدات الجوية القصيرة المدى دون الحاجة إلى معدات ثقيلة. وهو يزن نحو 15 كيلوغرامًا، ويصل مداه إلى 4.8 كيلومترات، وارتفاعه إلى 3.8 كيلومترات.

يستخدم الصاروخ نظام توجيه يعمل بالأشعة تحت الحمراء، ليتمكن من تتبع حرارة عوادم محركات الطائرات المستهدفة، وتوجد نسخة متطورة منه توجّه بالليزر.

استهدفت الفرق الأوكرانية، مستخدمة صواريخ ستينغر، إسقاط المروحيات الهجومية والطائرات الروسية التي تحلّق على ارتفاعات منخفضة خلال الأسابيع الافتتاحية للحرب.

وبحسب بعض التحليلات لخسائر القوات الروسية، فإن جزءًا كبيرًا من الطائرات القتالية الروسية التي أُسقطت كان بسبب منظومات صواريخ سام للدفاع الجوي ومنظومات الصواريخ المحمولة على الكتف ومنها صواريخ ستينغر.

منحت هذه الصواريخ أوكرانيا قدرة فعّالة على حرمان الروس من السيطرة الجوية على الارتفاعات المنخفضة؛ مما أجبر الطيارين الروس على التحليق على ارتفاعات أعلى، وهو ما يقلّل من الفعالية الجوية، والمخاطرة بالتعرض للاستهداف.

منظومات الدفاع الصاروخي

مع انتقال روسيا إلى القصف البعيد المدى، عبر إطلاق صواريخ كروز وصواريخ باليستية والمسيّرات الهجومية على المدن الأوكرانية، ردّت الولايات المتحدة وحلفاؤها بتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي أكثر تطورًا للتهديدات على الارتفاعات المتوسطة والعالية.

إعلان

كان من أبرزها منظومة صواريخ سام النرويجية المتقدمة (NASAMS)، وهي منظومة تُطور بصورة مشتركة بين الولايات المتحدة والنرويج. وصلت بطاريات منظومة الدفاع الصاروخي إلى أوكرانيا في أواخر عام 2022، ونُشرت للدفاع عن كييف وغيرها من الأهداف الحيوية في البلاد.

وخلال الأسابيع الأولى من تشغيلها، حققت المنظومة نسبة نجاح وصلت إلى 100% في اعتراض الصواريخ الروسية، وفقًا لوزير الدفاع الأميركي السابق لويد أوستن.

تتميز منظومة صواريخ سام النرويجية المتقدمة بقدرتها على الاستجابة السريعة والقدرة على الاشتباك مع تهديدات متعددة في الوقت نفسه. تحتوي كل منصة إطلاق على ستة صواريخ جاهزة، ويمكن دمج ما يصل إلى 12 منصة إطلاق؛ مما يتيح للمنظومة إمكانية إطلاق 72 صاروخًا.

الصاروخ الأساسي للمنظومة هو "إيه آي إم-120 أمرام" (AIM-120 AMRAAM)، ويتراوح مداه عندما يُطلق من الأرض بين 15 و25 كيلومترًا حسب نوع النسخة.

وفّرت هذه المنظومة درع حماية ضد التهديدات الجوية الروسية التي استهدفت البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا، وقد استخدمها الجيش الأوكراني لإسقاط صواريخ كروز مثل صاروخ "خا-101" (KH-101) والطائرات المسيّرة؛ مما حدّ بصورة واضحة من أضرار حملة القصف الاستراتيجي الروسية.

منظومة صواريخ سام النرويجية (مواقع التواصل)

وفي أبريل/نيسان عام 2023، سلّمت الولايات المتحدة لأوكرانيا منظومة الدفاع الصاروخي "باتريوت"، التي تُعدّ من أشهر منظومات الدفاع الجوي في العالم، وطُوِّرت بالأصل بهدف إسقاط الطائرات ثم جرى تعديلها لاحقا لتشمل التصدي للصواريخ الباليستية التكتيكية.

تُستخدم المنظومة لمواجهة التهديدات الجوية القصيرة والمتوسطة المدى، وتُعد عنصرا أساسيا في منظومات الدفاع الصاروخي لعدة دول من حلفاء الولايات المتحدة، وتشتهر بأنها جزء أساسي من شبكة الدفاع الجوي لحلف الناتو، وتوفر الحماية للمنشآت العسكرية والمدنية على حد سواء.

إعلان

اشتهرت أيضا منظومة "باتريوت" بدورها في حرب الخليج عام 1991، إذ برزت فعاليتها في اعتراض صواريخ "سكود" الباليستية التكتيكية. ومنذ ذلك الحين خضعت المنظومة لتحديثات عديدة لمواكبة التهديدات الجوية الأخطر، وشملت تحديثات في اكتشاف الأهداف بالرادار، ويَستخدم الإصدار الأحدث، المعروف باسم "باك-3 (PAC-3)"، نهج "الاصطدام للتدمير"، كما هو الحال في منظومة "ثاد" الأميركية الأكثر تطورًا.

بعد فترة وجيزة من نشرها، حققت أوكرانيا إنجازًا لافتًا تمثل في استخدام بطارية باتريوت لإسقاط صاروخ روسي فرط صوتي من طراز "كنجال"، وهو صاروخ لم يسبق للمنظومة اعتراضه.

ففي مايو/أيار عام 2023، أطلقت القوات الروسية صاروخ "كنجال" الباليستي باتجاه كييف. رصدت رادارات منظومة باتريوت ذلك الصاروخ، ثم اعترضته صواريخها؛ مما أثبت قدرتها في مواجهة أحد أكثر الأسلحة الروسية تطورًا وسرعة.

وفي إحدى الحالات، اشتبكت بطارية باتريوت يديرها الأوكرانيون مع مقاتلة روسية من طراز "سوخوي سو-34" ودمرتها من مسافة تقارب 160 كيلومترًا. وسرعان ما أصبحت منظومة باتريوت محورًا رئيسيًّا في شبكة الدفاع الجوي المتعدد الطبقات لأوكرانيا.

ومع أن المدن الأوكرانية لا تزال تتعرض لضربات صاروخية روسية قاتلة، فإن معدلات الاعتراض تحسّنت بصورة ملحوظة. والأهم أن الإمدادات النوعية الأميركية للدفاع الجوي الأوكراني صعّبت من مهمة الجيش الروسي؛ مما أجبر موسكو على اعتماد ضربات بعيدة المدى مكلفة ويمكن اعتراضها غالبًا.

المدفعية وأنظمة الصواريخ

في مواجهة روسيا التي تمتلك بطاريات مدفعية ضخمة، كانت أوكرانيا بحاجة ماسّة إلى قوة نارية بعيدة المدى. زوّدت الولايات المتحدة أوكرانيا بأنظمة مدفعية وصواريخ ثقيلة أصبحت من أكثر الأسلحة تأثيرًا في ساحة المعركة.

في أبريل/نيسان عام 2022، بدأت واشنطن تسليم مدافع الهاوتزر "إم 777" المقطورة من عيار 155 ملم، التي أضافت تطورًا نوعيًّا مقارنة بالمدافع السوفياتية القديمة التي اعتمد عليها الجيش الأوكراني.

إعلان

وقدمت واشنطن أكثر من 100 مدفع هاوتزر "إم 777″، إلى جانب كميات قذائف ضخمة من العيار ذاته. ووفقًا للبنتاغون، أحدثت تلك المدافع البعيدة المدى أثرًا ملموسًا في ساحة المعركة فور دخولها الخدمة.

بفضل مدى تلك المدافع، الذي يصل إلى نحو 25 كيلومترًا، مع الذخيرة القياسية ودقتها العالية، تمكّن سلاح المدفعية الأوكراني من ضرب المواقع الروسية مع البقاء خارج نطاق معظم مدفعية الجيش الروسي.

وبحلول مايو/أيار عام 2022، بدأت القوات الأوكرانية، المسلّحة بتلك المدافع، تنفيذ هجمات مضادة في بعض المناطق؛ مما ساهم في دفع القوات الروسية إلى التراجع في دونباس وشمال خاركيف.

لكن ظهر التأثير الأقوى مع إدخال راجمة الصواريخ "هيمارس إم 142" (HIMARS M142)؛ في يونيو/حزيران عام 2022، حين وصلت أول دفعة من صواريخ "هيمارس" إلى أوكرانيا لاستخدامها في الجبهة بمنطقة دونباس شرقي أوكرانيا.

ومع وصولها إلى البلاد، بدأت القوات الأوكرانية فورًا استخدامها لتدمير أهداف روسية عالية القيمة خلف الخطوط الأمامية، مثل مخازن الذخيرة ومستودعات الوقود ومراكز القيادة ومحاور السكك الحديدية والجسور الحيوية.

مثلا، خلال صيف عام 2022، استخدمت أوكرانيا منظومة "هيمارس" لتدمير عشرات مخازن الذخيرة الروسية في دونباس والمناطق الجنوبية المحتلة. وخلّفت هذه الضربات انفجارات هائلة دمرت الإمدادات الحيوية للقوات الروسية؛ مما أجبرها على نقل مخازن الذخيرة إلى مواقع أبعد عن الجبهة، وبالتالي تقليل كثافة نيران المدفعية الروسية.

تُصنّف منظومة "هيمارس" على أنها وحدة سلاح متنقلة يمكنها إطلاق عدّة صواريخ دقيقة التوجيه في وقت واحد. تحمل الراجمة الواحدة 6 صواريخ موجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" بمدى يقارب ضعف مدافع الهاوتزر "إم 777″، ويمكن إعادة تحميلها في غضون دقيقة بطاقم صغير فقط.

إعلان

النسخة الجديدة للمنظومة الصاروخية "هيمارس 60" (HIMARS 60) المُرسلة إلى كييف تتميز بأنها أخف وزنا وأكثر رشاقة، ومثبتة على عجلات ليسهل نقلها دون عناء.

صورة التُقطت لمنظومة هيمارس الصاروخية الأميركية في أوكرانيا عام 2023 (غيتي)

كما أنها مزودة بجراب كبير قادر على حمل صاروخ تكتيكي من نوع "أتاكمز" (ATACMS) الذي يبلغ مداه 300 كيلومتر.

صواريخ أتاكمز الباليستية

في أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، سمحت الولايات المتحدة لأوكرانيا باستخدام صواريخ "أتاكمز" الباليستية التكتيكية البعيدة المدى. أطلقت أوكرانيا هذه الصواريخ على أهداف في العمق الروسي؛ مما أدى إلى تدمير أسطول من المروحيات القتالية الروسية، ومستودعات ذخيرة في عمق المناطق المحتلة.

إذ أفادت التقارير الأوكرانية بأن الضربة التي استهدفت مطاري لوهانسك وبريانسك دمرت تسع مروحيات روسية ومستودع ذخيرة وبطارية دفاع جوي.

وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 نقلت وكالات أنباء روسية، عن وزارة الدفاع في موسكو، أن أوكرانيا شنّت هجوما على منطقة بريانسك الحدودية بستة صواريخ بعيدة المدى من طراز أتاكمز أميركية الصنع.

وأضافت الوزارة أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية اعترضت خمسة من الصواريخ ودمرت السادس، مؤكدة أن حطام أحد الصواريخ سقط على منشأة عسكرية في المنطقة؛ مما تسبب في اندلاع حريق. واتهمت الولايات المتحدة بالمشاركة في هذا الهجوم وتوعدت "برد مناسب وملموس".

يبلغ طول صاروخ "أتاكمز" 3.98 أمتار، وقطره 61 سنتيمترا، ويتراوح وزن رأسه الحربي بين 160 و560 كيلوغراما، وتقارب تكلفته 1.5 مليون دولار أميركي. وهو مُصمم لمهاجمة الأهداف القيّمة لقوات الصف الخلفي، مثل المطارات ومواقع صواريخ أرض-جو، وقوات المدفعية ومناطق الإمداد ومجموعات القيادة.

وتزوّد صواريخ "أتاكمز" بعدد كبير من ذخائر "إم 74″، وهي كرة تُلفّ بجدار مجزأ ومحاط بغلاف فولاذي. وتعد الذخائر المستخدمة في "أتاكمز" فعالة في تدمير المنشآت مثل المطارات ومنشآت الدعم، وبعض معدات الاتصال ومعدات الإطلاق.

إعلان

وتستخدم أنظمة "أتاكمز" الوقود الصلب أو الجاف مصدرا للطاقة، ويمكن إطلاقها من مصادر متحركة، مثل راجمات الصواريخ من طراز "هيمارس".

حرب دون واشنطن

بعد التحركات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، والمشادة الكلامية التي جرت بينه وبين الرئيس الأوكراني في البيت الأبيض، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين أن إدارة الرئيس دونالد ترامب قررت وقف تمويل مبيعات أسلحة جديدة لأوكرانيا.

وبرغم أن غياب الدعم الأميركي سيشكل ضربة موجعة للأوكرانيين، خاصة مع توقف وصول الأسلحة النوعية، فإن الرئيس الأوكراني زيلينسكي وخبراء عسكريين يرون أن أوكرانيا، مدعومة بحلفائها الأوروبيين، ستتمكن من الصمود والقتال لأشهر قادمة، كما أشارت إليه صحيفة بوليتيكو الأميركية.

وقال دميترو كوليبا، وزير الخارجية الأوكراني السابق، للصحيفة: "أقوى سلاح يمتلكه ترامب ضد أوكرانيا هو التهديد بقطع الإمدادات العسكرية. في رأيي، لدينا ستة أشهر قبل أن نشعر فعليًّا بتداعيات هذا القرار على الخطوط الأمامية".

عمومًا، لولا المساعدات العسكرية الضخمة من الحلفاء، لكانت أوكرانيا قد انهارت فعلًا منذ فترة طويلة في مواجهة الجيش الروسي.

تظهر بيانات معهد كيل الألماني أن الولايات المتحدة أنفقت نحو 64 مليار يورو على المساعدات العسكرية لأوكرانيا منذ فبراير/شباط عام 2022 وحتى نهاية عام 2024، في حين بلغ إجمالي مساهمات أوروبا العسكرية -بما في ذلك المملكة المتحدة والنرويج- نحو 62 مليار يورو.

وقد خُصصت غالبية هذه الأموال لتزويد أوكرانيا بالأسلحة والذخيرة من المخزونات الغربية المتاحة، بجانب الإنتاج الجديد لهذه الأسلحة. كما يظهر توجه متزايد من بعض الدول لعقد صفقات مباشرة مع شركات السلاح الأوكرانية، كما تشير إليه صحيفة بوليتيكو.

وفي عام 2023، زودت أوروبا أوكرانيا بمليون قذيفة مدفعية، برغم أن العملية شهدت تأخيرات استمرت لأشهر. أما هذا العام، فالهدف هو إرسال 1.5 مليون قذيفة إضافية. من جانبها، أرسلت الولايات المتحدة أكثر من 3 ملايين قذيفة مدفعية من عيار 155 ملم إلى أوكرانيا منذ بداية الحرب.

إذن يطرح هذا السؤال نفسه بقوة: ماذا سيحدث لأوكرانيا إذا توقفت المساعدات العسكرية الأميركية؟

إعلان

غياب الدعم الأميركي لن يعني خسارة كييف لنصف ترسانتها العسكرية فحسب، بل سيجردها أيضًا من أكثر أسلحتها فاعلية، وفقًا لبعض الخبراء العسكريين.

بالطبع، يمكن أن تستبدل ببعض المعدات العسكرية الأميركية أخرى أوروبية، كما أن أوكرانيا تحصل على مقاتلات "إف-16" من الدول الأوروبية، إلا أن منظومات الدفاع الجوي المتطورة مثل منظومة "باتريوت" لا تزال دون بديل أوروبي مكافئ، برغم امتلاك أوروبا لمنظومات قوية مثل "أستر 30 سامب/تي" ومنظومة صواريخ سام النرويجية المتقدمة.

يرى وزير الخارجية الليتواني كيستوتيس بودريس أن بعض المعدات العسكرية لا يمكن لأوروبا تعويضها، مشيرًا إلى منظومات الدفاع الجوي وبعض الذخائر البعيدة المدى، موضحًا أن الدول الأوروبية تعمل على إيجاد الحلول، لكن لا توجد بدائل مباشرة أو حلول سريعة.

أكد الرئيس الأوكراني زيلينسكي أن بلاده زادت إنتاجها المحلي من الأسلحة، إذ تصنع حاليا 30% من احتياجاتها، لكن هذا لا يكفي. كما أن الشراكات مع الدول الأوروبية لتطوير الإنتاج المحلي ستستغرق سنوات قبل أن تؤتي ثمارها.

على الجانب الآخر، يرى فرانسوا هيسبورغ، من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، أن أوروبا قادرة ماليًّا على تعويض الدعم الأميركي، لكنها قد لا تملك الإرادة السياسية لتنفيذ هذا الأمر، لافتًا النظر إلى أن الدعم المالي الأميركي لأوكرانيا أقل بكثير من الأصول الروسية المجمدة، التي تبلغ 183 مليار يورو، والمحتجزة لدى شركة "يوروكلير" في بلجيكا.

فهل نشهد قريبًا تحوّلًا جذريًّا في الموقف الأوروبي؟ وهل تستطيع القارة العجوز سد الفجوة التي ستخلفها واشنطن؟ الأيام المقبلة وحدها قد تحمل لنا الإجابة.

مقالات مشابهة

  • نائب وزير الخارجية الروسي يوضح الهدف من الشائعات حول نشر قوات أجنبية في أوكرانيا
  • ويتكوف: موسكو وواشنطن تبحثان إمكانية الوصول إلى موانئ البحر الأسود
  • مستشار ترامب: التسوية في أوكرانيا تتضمن تنازل كييف عن بعض الأراضي
  • لولاها لسقطت في أسبوعين.. أسلحة أميركا التي يهدد ترامب بمنعها عن أوكرانيا
  • تركيا.. تحذير من كارثة طبيعية في منطقة البحر الأسود
  • أوكرانيا تسجل 81 اشتباكا قتاليا على طول الخطوط الأمامية مع الجيش الروسي
  • الدفاع الروسية تعلن إسقاط 3 مسيرات أوكرانية فوق البحر الأسود ومنطقة بريانسك
  • الدفاع الروسية: إسقاط 3 مسيرات أوكرانية فوق البحر الأسود ومنطقة بريانسك
  • ترامب يطلبالرحمة لجنود أوكرانيا وبوتين يشترط استسلام كييف
  • ترامب: موقف الجيش الروسي في حصاره لقوات كييف في كورسك قوي للغاية