أوليفييه دوزون يكتب: إلى أين ذاهبون؟.. «جمعية الانقلابيين فى الساحل الإفريقى» فى قمة نشاطها!
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
فى ٢ أغسطس ٢٠٢٣، فى مطار ديورى حمانى فى نيامى، كانت معظم الأنظار لا تزال مركزة على آخر طائرة إيرباص A٣٣٠ متجهة إلى باريس لإعادة المقيمين الفرنسيين من النيجر. فى نفس اليوم، أقلعت طائرة اتصال صغيرة من نيامى وعلى متنها العديد من الضباط المسئولين عن العمل ووضعوا فى المدار تعزيزًا للتعاون مع مالى وبوركينا.
إنها صداقة حقيقية للانقلابيين فى الساحل الأفريقى ومع ذلك، فإن المجلس العسكرى النيجيرى يعمل منذ عدة أيام وبكل تقدير، على تقوية علاقاته مع باماكو وواجادوجو. تم الكشف عن هذا من قبل موقع أفريكا انتيليجنس ومن المفهوم أنه إذا كانت القنوات الرسمية موجودة منذ ٢٦ يوليو ٢٠٢٣، فقد بدأت الاتصالات الأولى فى الأيام التى سبقت الانقلاب الشهير فى النيجر.
ويعلم الجميع أن الجنرال ساليفو مودى، الرجل الثانى فى المجلس العسكرى فى النيجر، قد أُقيل فى أبريل ٢٠٢٣. والتقى فى ٢ أغسطس ٢٠٢٣ بدوره، مع السلطات فى مالى، بما فى ذلك رئيس المرحلة الانتقالية، العقيد أسيمى جوتا، فى فترة ما بعد الظهر، توقف فى واجادوجو، حيث استقبله الرئيس إبراهيم تراورى.
وأعلن هذان البلدان الساحليان، اللذان تحت سيطرة المجلس العسكرى منذ الانقلابات فى ٢٠٢١ و٢٠٢٢، بسرعة كبيرة «تضامنهما» مع المجلس العسكرى الانتقالى فى النيجر. وفى بيان مشترك فى ٣١ يوليو ٢٠٢٣، حذرت الحكومات من أن أى تدخل عسكرى فى النيجر لاستعادة النظام الدستورى سيكون بمثابة «إعلان حرب» على واجادوجو وباماكو.
وهذا الاجتماع فى مالى هو فى الواقع مجموعة من القرائن التى تتعارض بالتأكيد مع حقيقة أن الانقلابيين فى النيجر يسعون للحصول على دعم دولة أفريقية تدعمها روسيا»، يعلق إليان بيلتيير، مراسل داكار فى نيويورك تايمز ومع ذلك، فى الوقت نفسه، وصل وفد من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) إلى نيامى للتفاوض مع الانقلابيين على عودة الرئيس محمد بازوم إلى السلطة، الذى أطيح به فى ٢٦ يوليو ٢٠٢٣.
تظل المنظمة الإقليمية «الخيار الأخير المطروح على الطاولة، والملاذ الأخير، وعملية الفرصة الأخيرة» وعلينا أن نظهر أننا لا نباح فقط، بل يمكننا أيضًا العض «. انتقد عبدالفتاح موسى مفوض الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا المسئول عن الشئون السياسية والأمن، حسبما نقلته قناة الجزيرة.
ومنحت المنظمة الإقليمية الانقلابيين حتى ٧ أغسطس ٢٠٢٣ إما عادة السلطة إلى رئيس النيجر وإما اللجوء إلى «القوة"! وفى هذا السياق، فإن الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التى تلعب على مصداقيتها فى هذه الأيام، ناهيك عن بقائها، تصطدم بكل العقبات من خلال الجمع بين التهديد باستخدام القوة والعقوبات الاقتصادية والمالية ضد الانقلابيين فى نيامي».
فى الوقت الحالى، من الواضح أنه فى ٤ أغسطس ٢٠٢٣، عادت بعثة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا خالية الوفاض من نيامى.. لقد كانت رحلة من أجل لا شيء! غادرت عاصمة النيجر دون أن تلتقى إما بالجنرال عبد الرحمن التشيانى أو الرئيس المخلوع الذى لا يزال مختطفًا من قبل المجلس العسكرى محمد بازوم.
هكذا حافظ زعيم الانقلابيين، الجنرال عبدالرحمن التشيانى، على الضغط، واثقًا من حقوقه: قال فى خطابه المتلفز فى ٢ أغسطس إن المجلس العسكرى «يرفض هذه العقوبات بشكل جماعى ويرفض الاستسلام لأى تهديد ومن أى مكان يأتى.. نحن نرفض أى تدخل فى الشؤون الداخلية للنيجر».
على الجانب المقابل، لم يتم استبعاد المجتمع الدولى، لأنه مثل الاتحاد الأوروبى والبنك الدولى، أوقف مساعداته، بينما أمرت الإيكواس بفرض حصار اقتصادى على النيجر. وفى غضون ذلك، كانت نيجيريا، التى يمكنها أن تتباهى بتزويد جارتها بـ٧٠٪ من الكهرباء، قد أخذت زمام المبادرة لقطع إمدادات الطاقة عنها!
فى هذا السياق، نشير بكل سرور إلى أن المبلغ الإجمالى للمساعدات الثنائية لصالح النيجر، البلد الذى يبلغ عدد سكانه ٢٦.٢ مليون نسمة، كان ١.٨ مليار دولار فى عام ٢٠٢١، وفقًا لآخر الأرقام التى جمعتها منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، وهو أكبر دعم يقدم دولة فى غرب إفريقيا بعد نيجيريا (٣.٥ مليار دولار).
بالنسبة لصحيفة «واشنطن بوست»: «هذه علامة على أن الآمال فى رؤية الرئيس المنتخب يستعيد السلطة تتضاءل»، على الرغم من الضغوط الدولية وبذلت وزارة الخارجية والبنتاجون جهودًا كبيرة لإقناع الجيش النيجيرى، الذى لا يزال موقفه غير مؤكد، بالضغط على الانقلابيين لعكس مسارهم، ولكن دون جدوى».
فيما قالت ماريا فلاديميروفنا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية: «نعتقد أن التهديد باستخدام القوة ضد دولة ذات سيادة لن يساعد فى نزع فتيل التوترات».
لكن هناك المزيد، يدعو رئيس النيجر المنتخب، محمد بازوم، المحتجز من قبل المجلس العسكرى منذ ٢٦ يوليو ٢٠٢٣، إلى المساعدة. فى عمود نُشر فى ٣ أغسطس ٢٠٢٣، فى أعمدة صحيفة واشنطن بوست، حذر بازوم المجتمع الدولى من العواقب «المدمرة» للعالم المتمثل فى الانقلاب الذى دبر فى نيامى.. وفى هذا السياق، شدد بازوم على أن منطقة الساحل هذه يمكن - من خلال نفوذ مرتزقة فاجنر - أن تخضع لـ «النفوذ الروسي».
معلومات عن الكاتب:
أوليفييه دوزون.. مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى. من أهم مؤلفاته: «القرصنة البحرية اليوم»، و«ماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟» و«الهند تواجه مصيرها».. يتناول فى مقاله، «تحالف» الانقلابيين فى الساحل الأفريقى.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: نيامي الاقتصادیة لدول غرب أفریقیا یولیو ٢٠٢٣ أغسطس ٢٠٢٣
إقرأ أيضاً:
الصحافة المتخصصة.. الي أين نحن ذاهبون؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهدت الندوة الأولى لشعبة صحفي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التي انعقدت على هامش معرض ومؤتمر Cairo ICT 2024، نقاشات حيوية حول مستقبل الصحافة المتخصصة، لكنها سلطت الضوء أيضًا على تحديات هيكلية تعرقل هذا المجال.
جاءت النقاشات لتؤكد ما يعرفه الجميع بالفعل: الصحافة المتخصصة في مصر لا تزال تبحث عن موطئ قدم ثابت في مواجهة مشكلات بنيوية مثل نقص المعلومات وتأثير شبكات التواصل الاجتماعي.
فيما أدار الزميل الصحفي خالد البرماوي النقاشات بمهارة، وطرح موضوعات هامة مثل تأثير وسائل التواصل الاجتماعي ونقص المعلومات.
إلا انه أكد أن الصحافة المتخصصة تواجه تحديات كبيرة لمواكبة النمو المتسارع في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وطرح سؤالًا محوريًا: هل المشهد الحالي للصحافة المتخصصة هو نتيجة تقصير في التكيف مع المتغيرات، أم أنه انعكاس لأزمة أعمق تتعلق بفقدان المصداقية والفعالية؟
خلال الندوة تكررت الانتقادات الموجهة إلى منصات التواصل الاجتماعي باعتبارها مصدرًا رئيسيًا للأخبار الزائفة والمعلومات غير الدقيقة وهو ما أشار إليه الدكتور خالد شريف، مساعد وزير الاتصالات للبنية التحتية سابقًا، مؤكداُ انها تمثل تهديدًا للصحافة المتخصصة منذ عام 2011، لكنها ليست السبب الوحيد لتراجعها.
فالتحدي الحقيقي يكمن في قدرة الصحافة على تقديم محتوى موثوق ومميز يتجاوز السطحية التي تروج لها تلك المنصات.
ومن وجهة نظري أن الاعتماد المفرط على لوم وسائل التواصل الاجتماعي يغفل حقيقة أن جزءًا كبيرًا من المسؤولية يقع على عاتق المؤسسات الإعلامية نفسها، التي لم تستثمر بشكل كافٍ في التدريب والتطوير لمواكبة التحولات الرقمية.
ورغم النقاشات العميقة التي شهدتها الندوة، إلا أن غياب الحلول الواضحة يثير القلق. فالصحافة المتخصصة، كما أوضح المتحدثون، تُبنى على ثلاثة أعمدة رئيسية هي: السرعة، الانتشار، والمصداقية. ومع ذلك، فإن الأداء الحالي يشير إلى عجز واضح عن تحقيق هذا التوازن، مما يضع الصحافة أمام خيارين: إما التكيف مع الواقع الجديد بطرق مبتكرة، أو المخاطرة بفقدان دورها الأساسي في تشكيل الرأي العام.
في النهاية وجب القول إن مستقبل الصحافة المتخصصة لن يُبنى على الشكوى من سرعة تطور منصات التواصل الاجتماعي أو نقص المعلومات، بل على قدرتها على التكيف مع العصر الرقمي وإعادة تعريف نفسها كصوت موثوق في عالم مليء بالضجيج.